Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا عن إقبال البريطانيين على انتقاد المدرسين في الجائحة؟

الحاجة ماسة إلى الإصلاح والتغيير في سلوك المجتمع لكي يعوض أطفالنا ما فاتهم ويعيدوا تعلم ما خسروه خلال أزمة كورونا

يجب الكف عن توجيه النقد اللاذع إلى العاملين في قطاع التعليم (غيتي)

هذا السؤال موجه للأهل: هل ترد في بالكم ليلة الجمعة خاطرة تقول "وأخيراً، انتهى دوام المدرسة" قبل أن تحتسوا كمية كبيرة من مشروب مصنوع إما من الحبوب أو العنب ويحتوي على مادة الإيثانول؟ ربما تعلمتم التركيبة الكيميائية لهذا العنصر الأسبوع الماضي؟

هل تستيقظون يوم السبت وتفكرون، لن أعترض أبداً لو أرادوا قضاء النهار بأكمله ملتصقين بجهاز إكس بوكس/ بلاي ستايشن/ نينتندو سويتش (احذفوا الكلمة المناسبة)؟ سأشعر بالذنب، لكنه أحياناً السبيل الوحيد (إلى الراحة).

لو كان هذا ما تفعلون وهذه حالكم هذا فلن أحكم عليكم. فقد مررنا بهذه المرحلة أيضاً.

إن التعليم المنزلي جحيم. تتخلل الأيام الطويلة في الحجر فورات غضب منتظمة (مترافقة) مع/ أو نوبات دموع، حتى بينما يجري التعليم عن بعد.

الشعور بالتعاسة يحمل الناس على التوجه إلى من يعانون مثلهم، ويبدو أنه يجمع بين الكثير كما يتضح من المنشورات التي يكتبها على وسائل التواصل الاجتماعي أهل منهكون على هذا الشكل.

والسؤال التالي ينطبق على البعض منهم فحسب. الآن وقد أدركتم صعوبة تعليم الأطفال، لماذا تلقون الحجارة على الناس الذين عليهم التعامل ليس مع طفل واحد أو طفلين أو ربما ثلاثة أطفال، بل مع ثلاثين طفلاً؟ وربما أكثر بعد، نظراً لنقص تمويل المدارس الحكومية التي يمسك بمقاليد إدارتها (مسؤولون) كان لأهلهم القدرة المادية كي يتبنوا خياراً مختلفاً عن (زج أطفالهم في مؤسسات)التعليم الحكومي.

 وصل الهجوم الموجه لمهنة التعليم إلى درجة دفعت بمدير مدرسة في لندن هذا الأسبوع إلى كتابة رسالة يصف فيها طريقة قيام بعض الأهل  في مدرسة وودريدج الأساسية في منطقة نورث فينشلي "باستغلال" منصات التعليم عن بعد من أجل توجيه "نصائح نقدية للغاية إلى المعلمين حول طريقة تأدية وظائفهم بالشكل الصحيح".

لا يصعب تبيان السبب. آخر ما يحتاج إليه أستاذ حصل على مؤهلاته مؤخراً وراكم ديناً بالآلاف بعد أربع سنوات في الجامعة، هو التعامل مع شخص يتعامل بفوقية، سواء أكان خبير علاقات عامة أو مصرفياً أو إعلامياً يتصرف كأنه مفتش متوسط في "إدارة معايير التعليم وخدمات ومهارات الأطفال" (أوفستيد Ofsted).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ختم ناظر المدرسة كولين داولاند رسالته بتحد "هل يمكنني أن أحث أولئك الأهل الذين باتوا يعتبرون أنفسهم خبراء في التعليم، أن يلتحقوا بتدريب المعلمين في أقرب وقت يناسبهم، نظراً لنقص المعلمين الدائم وبما أن العديد منهم سيتخلى عن هذه المهنة باعتقادي بعد هذا العام".

أشك في أن يلبي كثيرون هذه الدعوة. كما يقول المثل، أكثر الأهل  جعجعة هم ذوو العقول الأكثر فراغاً، وهي عقول فارغة لدرجة تجعلها عاجزة عن التعاطي مع متطلبات شهادة التعليم، يتبعها جدول العمل المرهق الذي يواجهه الأساتذة الجدد مقابل مبلغ من المال أقل بكثير مما يجنونه حالياً.

أتذكر جيداً مظهر زوجتي وقد أصبحت أشبه بالأموات الأحياء عند منتصف السنة الأولى لعملها، وأشك في أن يكون الأمر قد تغير كثيراً، ولكنها عملت خلال شطر كبير من العام. فالأساتذة الذين يعملون بضمير لا يحصلون على عطلة الـ13 أسبوعاً التي يتخيل بعض الأهل أنهم يتمتعون بها، لكن مع أن وجود بضعة تافهين يعذبون الأساتذة الجدد يكفي، هناك مجموعات منظمة أسوأ بعد.

ومنهم مجموعة "نحن لأجلهم" (أس فور ذيم UsForThem). وهي تدفع باتجاه إلقاء الأساتذة ومساعدي الصفوف وغيرهم من الموظفين في بؤر الفيروس التي يمكن أن تتحول إليها المدارس بسهولة. كانت تجربة أولادي دليلاً ملموساً على هذا الموضوع وقد أخطرتنا النشرات الإعلامية بظهور حالات جديدة يومياً.

وتعمل هذه المجموعة على الترويج لرفض ارتداء الكمامات، وهو ما سيفاقم المخاطر التي سيتعرض إليها الأساتذة. وقد نجحت، وفقاً للتقارير، بترتيب مواعيد مع موظفي وزارة التربية بمساعدة أحد أعضاء جماعة الضغط التابع لحزب المحافظين. هذا ما يتعارض مع آراء مجموعة "أهل متحدون ضد المدارس غير الآمنة" (Parents United Against Unsafe Schools) التي، على الرغم من كونها مجموعة أكبر بكثير، لم تتمكن من ترتيب موعد في وايتهول (حي الدوائر الحكومية البريطانية وسط لندن).

تبدو حكومة بوريس جونسون في أفضل الظروف أشبه بسلسلة أضواء عيد الميلاد الزرقاء العالقة وسط انقطاع التيار الكهربائي، لكن مصباح وزير التربية غافين ويليامسون كسر قبل أن تضاء السلسلة حتى. إن استمرار وجود هذا الوزير السيئ الحظ في موقعه يعبر كثيراً عن أولويات رئيس الوزراء.

أنا أرغب، كما يرغب الجميع، في أن تعيد المدارس فتح أبوابها. وفيما نحن محظوظون بما فيه الكفاية كي يكون لدينا موارد تكنولوجية ومعلوماتية كثيرة، على خلاف أطفال من خلفيات أقل حظاً يكادون لا يتعلمون أبداً في الوقت الحالي، يعاني ابننا من اضطراب التوحد بأداء وظيفي عالٍ وهو يعتمد على الروتين والنظام الذي توفره المدرسة. وهذا يجعل حاجتنا ملحة.

إنما يسرني القول إنه فيما يريد ولداي العودة إلى المدرسة كذلك، فهما يقدران أساتذتهما ولا يريدان تعريضهم للخطر مثلنا تماماً.

عندما يعود الأطفال إلى مقاعد الدراسة، سيحتاجون إلى أساتذة كي يعلموهم. هذا ما يقلقني. تعاني مهنة التعليم أزمة استقطاب موظفين منذ أبعد ما يمكنني أن أتذكر. وهذا ما يفسر السيل المتواصل للدعايات المجملة التي تنشرها وزارة التربية.

والاعتقاد أن الأزمة الاقتصادية ستحسن هذا الوضع هو تغاضٍ رهيب عن الحقيقة. يشاع أن الآلاف من بينهم يفكرون بالاستقالة حتى لو أصبحوا عاطلين عن العمل. وقد يبحث بعضهم عن عمل في الخارج، حيث إن مهاراتهم مطلوبة.

إن إشراف الحكومة على التهجم على المعلمين كأنه هواية وطنية، وتعاملها مع المجموعات هامشية وعدم استعدادها للاستماع إلى أصوات منطقية أكثر بما فيها النقابات العمالية، سيفاقم الوضع سوءاً.

عندما يتسنى للأهل المتذمرين الذين قصدهم السيد داونلاند أن يفكروا في رسالته، قد يرغبون في تحويل هجومهم باتجاه السيد ويليامسون وأصدقائه، هذا إن رغبوا في تفادي إما قاعات فصول دراسية فارغة أو غرف مليئة بخمسين طالباً في كل درس. إن انضم إليهم الأهل الداعمون أكثر، قد يؤسس ذلك لحركة إصلاحية. صارت الحاجة ماسة للإصلاح والتغيير في سلوك المجتمع لكي يعوض أطفالنا ما فاتهم ويعيدوا تعلم ما خسروه.

© The Independent

المزيد من تحلیل