Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مارجوري تايلور غرين... هي مشكلة أكبر مما يعتقد الحزب الجمهوري

إن الاعتقاد بأن الانتخابات قد سُرقت من الفائزين الحقيقيين بها هو شيء ولكن التخيّل الصريح بشأن إعدام الأعداء السياسيين هو شيء آخر تماماً

تعتبر مارجوري تايلور غرين الرمز الأول لنظريات المؤامرة التي "تستهدف" الرئيس الأميركي السابق ترمب (غيتي)

ماذا يمكنك أن تقول حقاً عن مارجوري تايلور غرين؟

ولمن لا يعرفون هذه القصة، فإن غرين سيدة من حزب المحافظين لها من العمر 46 سنة، انتُخبت في نوفمبر (تشرين الثاني) ممثلة لدائرة الكونغرس الرابعة عشرة في جورجيا والتي تغطي رقعة من الأراضي الواقعة في شمال غربي الولاية.

لربما سمعتم أن هذه السيدة تحب دونالد ترمب، وتعارض الإجهاض، وهي من عتاة المؤيدين لحقوق حيازة السلاح، وقالت في أعقاب انتخابها العام الماضي إنها تعتزم الاستمرار في "جر الحزب إلى اليمين".

وغرين تدعم أيضاً شتى أنواع نظريات المؤامرة التي يؤمن بها كثيرون من اليمينيين، وفي طليعة هذه النظريات تلك التي باتت تُعرف باسم "كْيُو أنُونْ" التي تمثل الاعتقاد الراسخ كما يبدو بأن الديمقراطيين في واشنطن دي سي، يشرفون فعلاً على حلقة واسعة للاستغلال الجنسي للأطفال وأن ترمب وحده هو من يحاربهم.

قد يكون من المغري إسقاط غرين من الحساب وتجاهلها كما لو كانت مجرد شخص آخر غريب الأطوار، من النوع الذي يظهر في النظام السياسي الأميركي بشكل متكرر إلى حد ما. (ولو جمعتم أسماء السياسيين الأميركيين ممن أنكروا وجود تغير مناخي في هذه السنوات القليلة الماضية، وذلك حتى في الوقت الذي كانت صفائح الجليد تذوب، فإن قائمتكم ستطول كثيراً).

غير أن هذه السيدة أشد خطورة بكثير من هؤلاء. ففي أعقاب وقوع أعمال الشغب في مبنى الكابيتول الأميركي التي جرت بتحريض من ترمب، وتمخضت عن سقوط خمسة قتلى، وصفت غرين، وأيضاً لورين بوبيرت، تلك الأحداث بأنها كانت عبارة عن "لحظة 1776"، علماً أن الأخيرة سيدة من ولاية من كولورادو انتُخبت أخيراً أيضاً كعضو في مجلس النواب.

وقد كشفت شبكة "سي سي أن" الآن أن معاينة صفحة غرين الخاصة على منصة "فيسبوك" قد أظهرت أنها كانت تعبر في 2018 و 2019 عن تأييدها لفكرة إعدام السياسيين البارزين في الحزب الديمقراطي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووجدت الشبكة أن غرين "أعجبت" في يناير (كانون الثاني) 2019 بتعليق جاء فيه أن "إطلاق رصاصة على الرأس سيكون أسرع" طريقة لإزاحة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب من منصبها. وفي أمثلة أخرى، أعربت عن إعجابها بتعليقات حول إعدام عملاء في مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين قالت إنهم كانوا جزءاً من "الدولة العميقة" ويعملون ضد ترمب.

وأصدرت غرين بياناً للإشارة إلى أنه كان بوسع أشخاص آخرين  الوصول إلى حساباتها على وسائط التواصل الاجتماعي، جاء فيه أنه "كان لدي على امتداد سنوات، فرق من الأشخاص الذين أداروا صفحاتي". وأضافت "جرى الإعجاب بالعديد من المنشورات. وتمت مشاركة العديد من المنشورات. ولم يكن ذلك يعبر دائماً عن آرائي".

وأضافت غرين أن منشورات على "فيسبوك" تعود إلى "مستخدمين عشوائيين" كانت تُستعمل "لمحاولة إلغائي وإسكات صوتي" (علماً أنه حين طلب مراسل يعمل لدى صحيفة "اندبندنت" تعليقاً منها جاء الرد: "لا نتحدث لوسائل إعلام أجنبية. شكراً").

تمر الولايات المتحدة بأوقات متوترة وصعبة. فقد توفي ما يزيد على 426 ألف شخص بسبب فيروس كورونا، كما فقد الملايين وظائفهم. في هذه الأثناء، هناك الملايين ممن يؤمنون بمزاعم ترمب الكاذبة بأن الانتخابات قد تعرضت للتزوير وأنه هو الفائز الشرعي بها وليس الرئيس جو بايدن.

إن البعض مقتنعون بذلك وينتابهم غضب عارم بسببه، الأمر الذي جعلهم مستعدين للمجازفة بحياتهم من خلال اجتياح (مبنى الكابيتول) الهيئة التشريعية الأميركية (وتضم مجلسي الشيوخ والنواب) أثناء عقدها اجتماعاً مشتركاً في الكونغرس للتصديق على فوز بايدن بالمجمع الانتخابي.  

وفي مناسبات أخرى، شاهدنا قوة وسائط التواصل الاجتماعي التي تجلت في إرسال الناس في رحلات طويلة بالسيارات لتتبع خيوط بعض نظريات المؤامرة الجامحة. ففي 2016، قاد شخص سيارته من ولاية نورث كارولينا إلى مطعم للبيتزا اسمه "كوميت بينغ بونغ" يقع في ضواحي واشنطن دي سي، معتقداً أنه كان عبارة عن محطة لشبكة من كبار الأشخاص الذين يعتدون جنسياً على الأطفال. وأطلق هذا الرجل الرصاص على المطعم، ما أجبر موظفيه وزبائنه أيضاً على الركض في عجل بحثاً عن سبل للنجاة بحياتهم.

من جانبه، أعرب كيفن مكارثي، وهو زعيم الجمهوريين في مجلس النواب، عن قلقه لسماع ما ورد من منشورات على صفحة غرين في "فيسبوك". وأعلن مارك بيندار، المتحدث باسم مكارثي، بعدما جرى تداول التقارير بشأن الموضوع أن "هذه التعليقات مزعجة للغاية، ويخطط مكارثي للتحدث إلى عضوة الكونغرس (غرين) بشأنها".

ورأى بعضهم أن تعليقات غرين قد تمثل "خطاً مفرطاً في البعد" يشبه ذاك الذي أدى في نهاية المطاف إلى سقوط  ستيف كينغ، وهو عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية أيوا الذي تم تجريده في 2019 من مسؤولياته المتعلقة باللجان البرلمانية، وذلك بعدما طرح سؤالاً علنياً عن سبب اعتبار مصطلحات مثل "القومية البيضاء" و"تفوق البيض" هذه الأيام بأنها "مسيئة". وخسر في العام التالي أمام منافس جمهوري في الانتخابات التمهيدية، وباءت محاولته للفوز بمقعد في المجلس للمرة العاشرة بالفشل.

مع ذلك، هل من الجيد بما فيه الكفاية أن يعتزم مكارثي ببساطة "إجراء محادثة" مع غرين؟ وما فائدة ذلك؟  يبدو موقفه غير مؤكد، بينما يستعد الحزب الجمهوري لإعادة ترتيب أوراقه في أعقاب هزيمة ترمب.

والواقع أن المشكلة الحقيقية أعمق من ذلك بكثير، كما أنها أكثر صعوبة من أن تُعالج بشكل ناجع.

لقد سُمح للتضليل ونظريات المؤامرة أن تتحول إلى دملة متقيحة على امتداد عقود في بيئة إعلامية  تفتقر إلى أي ضوابط وتوازنات حقيقية، وإلى ضرورة التزام الحقيقة.

وظف دونالد ترمب ذلك بمهارة لصالحه، كما فعلت مارجوري غرين.

© The Independent

المزيد من آراء