Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غضب في الشارع التونسي بعد تصريحات الغنوشي بشأن "رمزية الرئيس"

مراقبون يصفون ما قاله بـ "الانقلاب" وحركة النهضة تنفي وجود خلافات مع قيس سعيد

رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي  (أ ف ب)

على غير عادته التي يحرص عليها بشكل كبير منذ سنوات، أصبح مهتماً بأناقته ولباسه وبربطة العنق المتناسبة مع بدلته الرسمية، خرج رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في تسجيل فيديو نشرته إحدى الإذاعات المحلية، ليتحدث بشكل تغلب عليه الانفعالية من دون أن يهتم ببعض التفاصيل الصغيرة، مثل ترتيب وضع الكاميرا وتنظيم جلوسه، ما أعطى انطباعاً بأن رئيس مجلس النواب كان منزعجاً، وأراد إيصال رسائل سريعة وعاجلة لرئيس الجمهورية قيس سعيد، وللمشهد السياسي يعلن فيه أن تجربة النظام السياسي الذي تم اختياره بعد انتخابات المجلس التأسيسي وأسس لدستور 2014 المرتكز على النظام البرلماني المعدل فشل وانتهى.

دور رمزي لرئيس الدولة

ظهر على راشد الغنوشي في الفيديو الغضب من رفض رئيس الجمهورية أداء بعض الوزراء اليمين الدستورية، بسبب اتهامهم بقضايا فساد وتضارب مصالح، مشيراً إلى أن النظام في تونس برلماني، واصفاً في جملة أثارت كثيراً من الردود عليها، دور رئيس الدولة بأنه "رمزي وليس إنشائياً"، وموضوع الحكم ومجلس الوزراء يعود إلى الحزب الحاكم ولرئيس الحكومة، معتبراً أن المرحلة تعيش صعوبات المزج بين النظامين البرلماني والرئاسي، والنتيجة التي سنصل إليها ضرورة إقامة نظام برلماني كامل، في فصل حقيقي بين السلطات، والسلطة التنفيذية كلها بيد واحدة هي سلطة الحزب الفائز في الانتخابات الذي يقدم رئيساً للوزراء.

"انقلاب" على الدستور

في أول تعليق على تصريحات راشد الغنوشي قال محسن مرزوق، رئيس حزب مشروع تونس، "إن ما قاله راشد الغنوشي عن دور رئيس الجمهورية بصرف النظر عن شخصه، هو تعبير صادق عن فكره الانقلابي العميق، وما قاله عن ضرورة إرساء النظام البرلماني الكامل، هو تعبير أصدق عن رغبة الإخوان في هذا النظام، لأنه يفكك الدولة الوطنية التي يكرهونها ويمزقها، وكل من يدافع عن النظام البرلماني التام يدافع عن المصلحة الإستراتيجية للإخوان".

ومن جهته اعتبر عبيد البريكي، رئيس حزب تونس إلى الأمام، التصريحات "انقلاباً على رئيس انتخبه ما يقارب 3 ملايين، بينما يعتبر شرعيته رمزية، في وقت أن الغنوشي منتخب من بضعة آلاف، ويريد أن يصبح مصدر الشرعية، هذا هو الغنوشي الداعم الرئيس لحكومة شرعية".

كما عبر القيادي في حزب تحيا تونس وعضو مجلس النواب مصطفى بن أحمد، عن استغرابه من تصريحات الغنوشي ووصفها بـ"المجانبة للصواب لأنه نسي أو تناسى أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وله الحق في رئاسة مجلس الوزراء، وحسب الفصل 72 هو الضامن الوحيد للدستور، مؤكداً أن الغنوشي تجاوز حدوده بمثل هذه التصريحات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تغيير الدستور بين الآليات والإمكانات

وعلق أستاذ القانون في الجامعة التونسية جوهر بن مبارك بقوله، إن تعديل الدستور وتغيير النظام السياسي من دون وجود المحكمة الدستورية هو "مجرد مهاترة سياسية" لأنها هي التي تقر مبدأ التعديل ومن دون هذه المحكمة لا يمكن الحديث عن تغييره، وتعديله أيضاً يحتاج إلى تصويت في مجلس النواب بأغلبية الثلثين، وهذا يحتاج إلى توافق سياسي واسع وكبير والتناقضات والخلافات بين الكتل السياسية حول رؤيتها لهذا التحوير تجعل منه مستحيلاً، واصفاً تصريحات الغنوشي بأنها مناورات سياسية ومحاولة للخروج من المأزق الذي تسبب فيه منح مجلس النواب الثقة لحكومة تضم عدداً من الوزراء المشتبه في تورطهم بقضايا فساد وتضارب مصالح، ورفض رئيس الجمهورية أداءهم اليمين الدستورية أمامه، ما يجعل من ممارستهم لمهامهم في باب الاستحالة، وكل طرف يحاول إلقاء المسؤولية على السلطة الأخرى، ويسعى للخروج من المأزق بتحميل الدستور مسؤولية إخفاق الطبقة السياسية.

وأضاف بن مبارك، أن الحديث عن تعديل ليس جديداً، فكلما أخفقت السلطة السياسية في الاستجابة لمطالب الشعب، كلما تحمل الدستور المسؤولية ليصبح النص هو السيء، وليست الممارسات السياسية في إدارة شؤون الحكم.

تصريحات الغنوشي ليست لخلق أزمة

وحول وصف تصريحات راشد الغنوشي بأنها تعقد العلاقة مع رئيس الجمهورية وتصعد الأزمة، أوضح القيادي في حركة النهضة النائب محمد القوماني، أن ما سمي أزمة أداء اليمين هي نقطة إضافية في علاقة غير صحية بين رأسي السلطة التنفيذية، وما قاله رئيس مجلس النواب يأتي في إطار حوار عام، وأن الأزمة المتعلقة في أداء اليمين هي جزء مما سماه الغنوشي صعوبة المزج بين نظامين برلماني ورئاسي، وهذا خلق مشكلة وربما في المقبل سيكون هناك تغيير من أجل التحول نحو النظام البرلماني، الذي يبدو الأنسب لواقع تونس السياسي، واصفاً الغنوشي بأنه شخصية رصينة لا تبحث عن صناعة الأزمات، بل يحاول حل المشاكل، نافياً أن يكون هدف تصريحات الغنوشي استفزازاً الرئيس.

ونفت حركة النهضة التونسية، الإثنين، وجود خلافات بين الغنوشي وسعيد. وقالت الناطقة باسم "مجلس الشورى النهضة" سناء المرسني، وفقاً لما أوردته وسائل إعلام: "لسنا في خلاف مع السيد رئيس الجمهورية ونحن ندعو للتفاعل الإيجابي بين مؤسسات الدولة". 

اعتراف بعجز منظومة 14 يناير

تصريحات الغنوشي أعادت الحديث مرة أخرى عن دور حركة النهضة وحلفائها في وضع الدستور، الذي وصفه المحلل السياسي إبراهيم الوسلاتي بأنه اعتراف بفشل مرحلة السنوات العشر كاملة، بما في ذلك اعتراف بفشل دستور 2014، والنظام السياسي الذي تم اختياره نظام هجين لا رئاسي ولا برلماني، يمكّن رئيس الجمهورية من أن يتم انتخابه من طرف الشعب، له أكبر شعبية وانتخبه ما يقارب ثلاثة ملايين ناخب، بينما النواب في مجلس الشعب البالغ عددهم 217 نائباً انتخبهم مجتمعين أقل من مليوني صوت، وهو اختار رئيس حكومتين، ويُصدر الأوامر لتعيين الوزراء ويؤدون أمامه اليمين الدستورية، وبالتالي موقعه ليس رمزياً.

حوار مهتز شكلاً ومضموناً

الحوار شكل وما زال مادة كبيرة للسياسيين والإعلاميين لتقييمه والرد عليه وتحليل مضمونه، وبحسب الأكاديمي شوقي العلوي، فإن هذا الفيديو يطرح جملة من التساؤلات حيث ظهر رئيس مجلس النواب الغنوشي في ملابس لم يتعود التونسيون أن يشاهدوا حوارات له بهذا الشكل، وربما يشير إلى أن هذا الخروج المتعجل مساء يوم السبت بداية العطلة الأسبوعية يعكس أن هناك أمراً ما عجل بالخروج، لإيصال هذه الرسائل لرئيس الجمهورية، واصفاً تصريحاته بأنها تحمل الجديد، فللمرة الأولى يصف الغنوشي حزبه حركة النهضة "بالحزب الحاكم"، أي أن هناك حزباً حاكماً واحداً في البلد، ونبرة صوته كان فيها نوع من التهديد عند حديثه عن مهام رئيس الجمهورية ودوره.

وأضاف العلوي، أنه خلال هذه المداخلة كان واضحاً انزعاجه من رفض رئيس الجمهورية لأداء الوزراء الجدد القسم أمامه، لكن تمسك الرئيس أربك كل مشاريع السيطرة على مفاصل الحكم، كما أن التحركات والاحتجاجات الشعبية التي تشهدها تونس ضد سياسة الحكومة التي تشكل حركة النهضة وحلفاؤها حزامها السياسي، وكل ذلك يظهر أن الغنوشي يشعر بضغط كبير وتحديات أكبر بات واضحاً أنها سببت له كثيراً من التوتر والانزعاج.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير