Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خصخصة وبيع الممتلكات العامة يواجهان معارضة في العراق

خبراء يدعون الحكومة إلى إيجاد خطط بديلة تنقذ البلاد من الانهيار الاقتصادي

وافقت الحكومة العراقية على بيع محطتي الرملية وشط البصرة إلى شركة كار (أ ف ب)

طريق الحكومة العراقية إلى خصخصة وبيع بعض الشركات والأراضي والممتلكات العامة، التي لا تحقق أرباحاً وتكبدها خسائر سنوية، ستكون صعبة في ظل مواجهة معارضة كبيرة من جهات سياسية ومجتمعية ترفض أي مساس بتوجه الدولة الريعي، فهذه الجهات التي تعّودت تشغيل العاطلين من العمل في القطاع العام كوسيلة للحصول على أصوات بعض الناخبين، وتتقاسم المناصب منذ سقوط نظام صدام حسين، ترفض أية تغييرات توقعها في حرج مع جمهورها الانتخابي والسياسي، كما أنها ستعمل على استغلال عدم شفافية الحكومة العراقية في توجهاتها لإصلاح الاقتصاد وإفشال الجهود في شأن اتخاذ قرارات جريئة تحوّل مسار الاقتصاد الخطير، وتجعل ورقتها البيضاء واقعاً على الأرض.

والورقة البيضاء هي ورقة الإصلاح التي طرحتها وزارة المالية قبل أشهر عدة وحظيت بدعم سياسي داخلي ودولي لتطبيقها لإنقاذ البلاد من انهيار اقتصادي قادم، في ظل ديون متراكمة وتراجع سعر النفط بشكل لا يسد فاتورة تراوح بين 45 و50 تريليون دينار عراقي (35 مليار دولار)، تمثل رواتب ملايين الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بالرعاية الاجتماعية والسجناء السياسيين.

ومع أن الحكومة العراقية خصصت فقرة خاصة في الموازنة تبيح بيع عقارات الدولة وبعض الشركات الخاسرة وغيرها، إلا أن جسّ النبض الحقيقي لردود الأفعال السياسية والاجتماعية المعارضة لهذا التوجه كان واضحاً من خلال تسريب وثيقة حكومية تشير إلى بيع محطات كهرباء في محافظة البصرة إلى شركة "كار" العراقية لإدارتها، في مقابل إنشاء محطات كهرباء بدلاً منها في أماكن أخرى من البلاد.

خطوة خطيرة

ويقول رئيس لجنة النفط والطاقة في مجلس النواب العراقي هيبت الحلبوسي إن "كتاباً من وزارة الكهرباء موقعاً من قبل وزيرها بتاريخ 20 يناير (كانون الثاني) يتضمن الإشارة إلى موافقة رئيس الوزراء على مقترح بيع محطتي الرملية وشط البصرة إلى شركة كار، وعدم اعتراض الوزارة على البيع"، واصفاً ذلك بـ "السابقة الخطيرة".

وبين الحلبوسي أن "هذه المحطات، إضافة إلى محطة العمارة، قدرت الدائرة الفنية في الوزارة الكلفة التخمينية لتحويلها من الدورة البسيطة إلى المركبة بـ 1.3 مليار دولار، لإضافة 1591 ميغاواط للشبكة، لكن إصرار وزارة الكهرباء على إحالتها إلى شركة كار وربان السفينة بعقد استثماري، لتشتري لاحقاً الإنتاج منها بـ47 دولاراً للميغاواط، أي ما قيمته 9.8 مليار دولار خلال 15 سنة، تحت ذريعة غياب التخصيصات، سيفتح الباب واسعاً للفساد الإداري الذي يستشري في الوزارة بسبب هذه المشاريع".

رفض الخصخصة

الرفض البرلماني لم يقف عند قضية الكهرباء، بل حذّر من أية محاولة لبيع أصول الدولة المالية وأراضيها الزراعية وخصخصة قطاعات النفط والغاز والقطاع المصرفي. ويقول النائب عن كتلة النهج الوطني جمال المحمداوي، إن بيع أصول الدولة المالية يمثل تهديداً للاقتصاد الوطني في ظل عمل حكومة مرحلية، موكداً أنه مرفوض في الوقت الحالي.

ويضيف المحمداوي، في بيان، أن مجلس النواب يرفض بيع الأراضي الزراعية المملوكة للدولة، ويرفض أيضاً مادة وضعت في الموازنة تسمح بخصخصة شاملة للقطاعات المملوكة للدولة كالنفط والغاز والقطاع المصرفي الحكومي والبنى التحتية للكهرباء والصحة وغيرها.

الفساد يصعّب الخطوة

من جانبه، يستغرب النائب عن تحالف الفتح عبدالأمير التعيبان قيام دولة مثل العراق، ينخرها الفساد، ببيع أصولها ومرافقها الحيوية، وفق موازنة 2021 في مادتها الـ (60).

ويضيف التعيبان، عبر تغريدة على "تويتر"، أن "الدولة القوية هي التي تعزز احتياطها النقدي وتستثمر ممتلكاتها بطريقة تدعم اقتصادها وتعزز إيراداتها ولا تفرط بمقدراتها".

غير مقنعة

ويعتقد عدد من النواب أن حجج الحكومة لبيع أصول الدولة المالية وممتلكاتها غير مقنعة، داعين إياها إلى إيجاد بدائل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب مازن الفيلي أن هذه الخطوة الحكومية غبر مبررة، لاسيما أن استثمارها سيجلب نفعاً أكبر من بيعها.

ويضيف الفيلي أنه "من غير المبرر بيع مباني وأراضي الدولة التي أنفقت عليها مليارات الدولارات، بخاصة أن العراق يعاني الفساد الإداري والمالي في أغلب مؤسساته الحكومية، ومن ضمنها العقود الجارية".

ويعتقد أن المستفيدين من بيع أصول الدولة هم الجهات المتنفذة، بينما الخاسر هو الشعب العراقي، مرجحاً أن يكون هناك رفضاً نيابياً لهذا التوجه، لاسيما أن ذريعة سد العجز غير مقنعة، وبالإمكان تعظيم الإيرادات وتقليل النفقات للحصول على واردات إضافية.

حلول أخرى

وربما يكون استثمار هذه الموجودات بشراكات اقتصادية هو الحل الأفضل خلال المرحلة الحالية، بدلاً من بيع ممتلكات الدولة بحسب متخصصين في الاقتصاد العراقي.

ويرى رئيس مؤسسة المستقبل للدراسات الاقتصادية منار العبيدي أن الحل الأمثل هو استثمار هذه الموجودات وعدم بيعها، ويضيف أن "فشل الدولة في إدارة الموجودات لا يعني عدم فائدتها، إذ يمكن طرح بعضها للاستثمار"، معتبراً أن الفقرة المذكورة من الموازنة ستسمح ببيع كثير من العقارات ذات القيمة المرتفعة أو القليلة.

لجان تقويم

ويدعو العبيدي إلى تشكيل لجنة أو إقرار قانون للاستفادة من موجودات الدولة العراقية أو طرحها للاستثمار أو تشكيل شركات مساهمة عامة تدخل في سوق الأوراق المالية، فضلاً عن تحديد الأصول والعقارات غير المجدية فنياً لوضع آليات من وزارة التخطيط لبيعها.

ويؤكد أن وضع فقرة مطاطية يعد باباً من أبواب الفساد الذي يبنى على عدم وجود تفاصيل، لافتاً إلى أن بعض الأصول يمكن أن تحول إلى نشاط آخر، مثل القصور الرئاسية التي بالإمكان استثمارها كمتاحف أو فنادق.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد