فتح إعلان الهلال الأحمر الجزائري الاستعداد لتلقيح المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة ضد فيروس كورونا، نقاشات حول تشكيك أطراف في السعي لتجريب اللقاح على هذه الفئة، بينما اعتبرت جهات أن الوضع المالي للبلاد لا يسمح بمثل هذه الممارسات، فيما ردت أخرى بأنه إنسانياً وأمنياً يتوجب إدماج الأفارقة المهاجرين في حملة التلقيح.
تصريحات تثير جدلاً
لم تمض 48 ساعة منذ بدء عملية تلقيح الجزائريين ضد فيروس كورونا من خلال جرعات "سبوتنيك في" الروسي، حتى خرجت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس، بتصريحات تؤكد مساعي هيئتها مع وزارة الصحة إلى تمكين المهاجرين الأفارقة من التلقيح، الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة بين مرحب ورافض ومشكّك.
وشددت بن حبيلس على أن الوضعية الصحية للمهاجرين الأفارقة بالجزائر تحسنت كثيراً بعد التكفل بهم من طرف الهلال الأحمر، إذ تم تمكينهم من مستلزمات الوقاية ضد فيروس كورونا، من كمامات وسوائل مطهرة، مع إخضاع عدد منهم للتحاليل.
الأمن الصحي
وأوضح أستاذ العلاقات الدولية المهتم بالشأن الأفريقي، مبروك كاهي، أن الأمن الصحي منظومة متكاملة تشمل كل من يقيم على أرض الوطن، ولا يمكن التمييز بين المواطنين والرعايا الأجانب، سواء كانوا مقيمين بطريقة شرعية أم مهاجرين غير قانونيين.
وقال إن تلقيح المهاجرين غير الشرعيين يدخل ضمن الأمن الصحي الكلي وهو واجب قانوني، فأي رعية أجنبية موجودة على التراب الجزائري بصفة شرعية أو غير شرعية، هي تحت حماية قوانين الجمهورية، مبرزاً أن تلقيحهم يجنبهم التمييز العنصري، لأن النظرة القانونية والصحية أهم من الشائعات المتداولة.
وتابع كاهي أن أي مهاجر يرفض التلقيح سيكون عرضة للترحيل لأنه مسّ قوانين الجمهورية، "فهؤلاء المهاجرون غير الشرعيين تعطيهم الدولة وثيقة أمنية تسهل تنقلاتهم مرفقة بدفتر تلقيح"، مشدداً على أن الرافضين لتلقيح المهاجرين يعبرون عن رأيهم، لأن مسؤولية الحماية القانونية للمهاجرين تقع على الدولة لا على الرافضين. وأردف أنه على الإعلام أن يلعب دوره في شرح مقصد الدولة من عملية تلقيح المهاجرين، وهو حماية المجتمع الجزائري، وختم أنه "إذا كنا نخشى خطر الوافدين ونغلق الحدود، فإنه من باب أولى تحصين جميع الموجودين على أرض الوطن ضد خطر كورونا بتلقيحهم".
تبديد مخاوف وترحيب
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولتبديد المخاوف ووضع حد للجدل "غير الواقعي"، أبرزت سعيدة بن حبيلس أن الهلال الأحمر الجزائري وجه مراسلة إلى الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر الدولي للحصول على جرعات من اللقاح المضاد لكورونا لفائدة المهاجرين الأفارقة الموجودين بالجزائر، لتفادي تفشي العدوى بينهم، وقالت إن الهلال الأحمر الجزائري تلقى وعوداً بتوفير كمية من اللقاح للمهاجرين الأفارقة، إذا ما تحصّل على هبة من طرف بعض المختبرات.
وفي السياق، اعتبر الإعلامي المهتم بالشأن السياسي، عبدالرحيم خلدون، في تصريح صحافي، أن من الطبيعي جداً أن تقوم الجزائر بتلقيح الرعايا الأجانب غير الشرعيين، وقال إن مثل هذه التدابير تتخذ بشكل طبيعي لمنع انتشار الوباء، وكذا للقضاء عليه، ومن غير المعقول ترك المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة من دون تلقيح وهم يعيشون على أرض الجزائر ووسط الشعب الجزائري، مشيراً إلى أنه يمكن في حال عدم تلقيحهم أن يسهموا في استمرار انتشار الوباء، معتبراً أن الجزائر معروفة بكرمها ووقوفها إلى جانب الضعفاء في مختلف المواقف والمحطات الإنسانية.
انتقاد وتحذير
على العكس، انتقد الناشط السياسي جمال صالحي خطوة الهلال الأحمر الجزائري واعتبر أنها في غير توقيتها بسبب الأزمة الاقتصادية التي تضرب الجزائر وتمنع تبديد الأموال، موضحاً أنه كان من الأجدر إنهاء عملية تلقيح الجزائريين ثم التفكير في المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة ومساعدة الأشقاء في تونس.
كما حذّر الحقوقي عبدالمجيد وراني من اتخاذ المهاجرين غير الشرعيين فئران تجارب، وقال إن هناك حديثاً عن لجوء بعض المختبرات الدولية إلى المهاجرين لتجريب اللقاحات، وعليه فإن تصريحات الهلال الأحمر الجزائري بخصوص الاستعداد لتلقيح الأفارقة المقيمين في البلاد فتح أبواب الشكوك حول استهداف المختبرات الطبية الروسية تجريب لقاح "سبوتنيك" على هؤلاء المهاجرين.
مجهودات جبارة
وتعاني الجزائر موجة انتقادات من منظمات حقوقية دولية، تعتبر أن الجزائر لا تحترم قوانين اللجوء والهجرة، في حين تقوم السلطات بمجهودات تصفها بالجبارة من أجل تنظيم الهجرة غير الشرعية ومحاربة شبكات الاتجار بالبشر، على الرغم من أن 44 جنسية أفريقية تعبر نحو الجزائر التي كانت إلى وقت قريب منطقة عبور ثم تحولت إلى بلد إقامة.
وأكد وزير الداخلية كمال بلجود خلال مناسبات عدة أن عمليات ترحيل الأفارقة إلى بلدانهم تجري وفقاً للمعايير الدولية، وفي ظل احترام كامل لحقوق المهاجرين، مشيراً إلى أن السلطات تسعى إلى تقليص عدد المهاجرين السريين.
وأوضح الوزير أن الجزائر اتخذت تدابير عدة للحد من الهجرة السرية، إذ جرى التحكم في ممرات المهاجرين السريين، ومكافحة شبكات الهجرة والاتجار بالبشر، عبر إقامة حواجز في مختلف شبكات الطرق الحدودية التي يسلكها المهربون، ومصادرة وسائل النقل وتسليط عقوبات مشددة على الناقلين إلى الجزائر.