Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تخوف من انزلاق أمني يلجم حراك الجزائر... والجنرال "توفيق" في قفص الاتهام

معلومات تفيد بأن الذين اقتحموا الحرم الجامعي بتلك الطريقة ليسوا من جهاز الشرطة، بل على الأرجح يتبعون جهاز الاستخبارات

تأهب الشرطة الجزائرية أثناء تجمع للمتظاهرين في العاصمة الجزائر (أ.ف.ب)

أثارت تصريحات قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، بشأن إعطاء توجيهات صارمة لحماية المتظاهرين، عدداً من التساؤلات وفتحت أبواب التشكيك في المواجهات التي حدثت خلال مسيرة الجمعة الثامنة في العاصمة الجزائر. وما زاد في ضبابية الجهة التي تأمر باستعمال العنف، خروج الناطق الرسمي للحكومة حسان رابحي، بتصريحات تنفي وقوف الجهاز التنفيذي بقيادة نور الدين بدوي، خلف الأوامر بقمع المتظاهرين.

القمع يتوسع والمخاوف تتزايد
يتخوف الجزائريون من انزلاق أمني يَلجُم حراكهم، بعدما بدأت مظاهر العنف تتوسع منذ العاشر من أبريل (نسيان) 2019، حين استخدمت قوات مكافحة الشغب العنف في التعاطي مع مسيرة الطلبة، ثم تصاعد الأمر مع مسيرات الجمعة الثامنة، التي عرفت قمعاً أكثر حدة، نتيجة استخدام القنابل المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي وخراطيم المياه، ولم يتوقف القمع عند هذا الحد، بل انتقل الى اعتقالات وممارسات صدمت الجزائريين، بعد خلع ملابس أربع متظاهرات في أحد مراكز شرطة العاصمة، لتُختتم باقتحام أفراد فرقة البحث والتحرّي الحرم الجامعي، كلية الحقوق، واعتقال عدد من الطلبة، وهذا ما أثار استياء الجزائريين الذين اعتبروها ممارسات تهدف الى تخويف الطلبة الذين يشكلون أساس الحراك الشعبي.


وفي خضم هذا القمع الممارس ضد الحراك الشعبي السلمي، يؤكد قائد أركان الجيش أنه "انطلاقاً من متانة الثقة التي تربط الشعب بجيشه، أسدينا تعليمات واضحة لا لبس فيها لحماية المواطنين، لا سيما أثناء المسيرات"، وقال "قرار حماية الشعب بمختلف مكوناته لا رجعة فيه، وهذا ما يشير الى أن المؤسسة العسكرية بريئة".  من جهته أكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة حسان رابحي، أن المصالح الأمنية لم تتلق أي تعليمات من الحكومة أو الدوائر القيادية لقمع المسيرات، مبرزاً أنه "لدينا مصالح أمنية وجيش جمهوري لن يعطي لنفسه أبداً الحق في استعمال العنف ضد المواطن"، اذن من يقف وراء العنف ضد المتظاهرين؟


خلط الاوراق
يبدو من خلال ما يحدث أن هناك طرفاً في معادلة الأحداث يحاول عبثاً خلط الاوراق، يقول الإعلامي المتطلع على الشأن السياسي محمد دلومي في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، معرباً عن استغرابه من حدوث صدامات بشكل مفاجئ في الجمعة الثامنة، وعلى الرغم من محدوديتها،تركت تساؤلات عمن يقف خلف هذه الانزلاقات، موضحاً أن هناك احتمالين: إما هناك في صفوف قوات الأمن من أعطى الاوامر لإطلاق القنابل المسيلة للدموع، أو هناك تواطؤ مع عناصر محسوبة على أجنحة أخرى.

وما يزيد من هذه الفرضية هو خطاب نائب وزير الدفاع قائد الأركان من ورقلة، حين وجه تحذيراً شديد اللهجة لمدير الأمن والاستعلام السابق محمد مدين، يحمل اتهامات ثقيلة، منها محاولة اختراق الحراك والتظاهرات، والسعي للوقيعة بين الشعب الجيش، وتابع "ظهرت عمليات معزولة مثل اقتحام حرم الجامعة بالعاصمة، من قِبل من قيل إنهم أفراد من الامن"، وختم "في اعتقادي، مثل هذه التصرفات معزولة، تقوم بها أطراف لها أجندة خاصة".

يتبعون جهاز الاستخبارات

ونفت المديرية العامة للأمن بشكل قاطع الادعاءات التي تضمّنها تسجيل فيديو متداول عبر بعض صفحات التواصل الاجتماعي، مفاده تعرض أربع مواطنات، بعد توقيفهن خلال تجمّع جوار البريد المركزي إلى سوء المعاملة.
وأشار مدير مؤسسة الحوار الإعلامية محمد يعقوبي الى اتصالات مهمة وردته بشأن اقتحام رجال الأمن للحرم الجامعي، تفيد بأن الذين اقتحموا الحرم الجامعي بتلك الطريقة المتخلفة، ليسوا من جهاز الشرطة، بل على الأرجح يتبعون جهاز الاستخبارات، وقد اقتحموا بوابة الجامعة بأربع سيارات رباعية الدفع تحمل 16 عنصراً أمنياً بالزي المدني، توجهوا الى المدرج الكبير الذي كان يحتضن جمعية عامة للطلبة حول الإضراب، وأثارت الحادثة غضب الطلبة الذين حطّموا بوابة الجامعة، وتساءل يعقوبي "من الذي يتعمد استفزاز قيادة الجيش التي تأمر في كل مرة بحماية حق التعبير لدى المواطنين وكرامتهم بل الاستجابة لمطالبهم؟ من الذي يستفز الحراك ويتحدى قايد صالح داخل أجهزة الدولة"؟


"توفيق" في قفص الاتهام

وتذهب جهات الى توجيه الاتهامات لرئيس جهاز الاستخبارات السابق الجنرال محمد مدين، الذي وضع يده في يد سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل، لما يحدث من عنف ضد المتظاهرين والطلبة، وأوضحت مصادر "أنه يجري استغلال فرقة أمنية أنشأها اللواء عبد الغاني هامل، أثناء توليه المديرية العامة للامن، وهي وحدة العمليات الخاصة للشرطة، وتتألف من 350 عنصراً"، وأضافت أن "هذه الوحدة أسست بطريقة غير رسمية من قبل عبد الغاني هامل، للاستقواء بها في الصراع الذي كان بينه وبين قايد صالح بدءاً من العام 2015 حتى انتهاء مهماته"، مؤكدة أن الوحدة الأمنية تتحرك خلال المسيرات السلمية التي يتم تنظيمها كل جمعة.
في السياق عينه، قال الناشط السياسي اسماعيل خلف الله "لا يزال تأثير العصابة في المشهد الجزائري قائماً، وهي تسعى لتأزيم الوضع وتفخيخ الحراك الشعبي السلمي، من خلال خلق أسباب تصادم بين القوات الأمنية والجماهير المنتفضة سلمياً، للدفع نحو العنف والتخريب، ليتم فرض حالة طوارئ والالتفاف كلياً على مطالب الحراك"، مشيراً الى أنه بات من الضروري على شباب الحراك إنشاء مجموعات متطوعة تحمي وتمنع التصادم بين الجماهير والقوات الأمنية وتضع سترات حتى تظهر جلياً.

​​​​​​​السترات البرتقالية لافشال مخطط الفوضى
وأطلقت مجموعة من شباب الحراك الشعبي مبادرة لحماية المشاركين في مسيرات الجمعة بهدف تثبيت السلوك السلمي، ورصد المتسللين الذين يثيرون الفوضى في المسيرات، خصوصاً في العاصمة الجزائر، وهم في ذلك يرتدون سترات برتقالية تحمل شعار "سلمية"، ويتم الترويج للمبادرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويجري العمل على تشكيل طوق بشري يفصل بين المتظاهرين ورجال الشرطة لمنع الاحتكاك، لا سيما عند انتهاء المسيرات.

المزيد من العالم العربي