Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عكاكيز غزة تلعب "الباركور"

ذوو الإعاقة من دون حاضنة رياضية

بصعوبة، اعتلى محمد عليوة قالباً إسمنتياً، وبعد تمركزه على طرفه تشبث جيداً بعكازيه وساقه الوحيدة، ثم قفز على كومة من الحجارة، ليسجل الوثبة الأولى له في رياضة "الباركور"، الانتقال السلس الذي قام به شجعه على مواصلة التحليق بين الكثبان الرملية والجدران الموجودة بالمكان.

في الواقع، محمد لم يكن لاعب "باركور" قبل بتر قدمه عام 2019، بعد تعرضه لعيار ناري إسرائيلي أثناء مشاركته في احتجاجات غزة الحدودية "مسيرة العودة"، لكن هذه الإعاقة كانت سبباً دفعه إلى تعلم هذه الرياضة الخطيرة.

الإعاقة ليست عجزاً

ورياضة "الباركور" هي لعبة الوثب، وتهدف إلى الانتقال من نقطة إلى أخرى بالقفز الهوائي الحر، بسرعة وسلاسة عن طريق استخدام القدرات البدنية، ويمارسها العديد من الشبان في قطاع غزة بشكل حر.

ويقول محمد، "كنت أشاهد شباناً من غزة يلعبون الباركور بشكل يومي، وأنظر إليهم بحسرة، معتقداً أنني لن أكون قادراً على ممارسة هذه الرياضة، فمن الصعب تقبل فكرة لعبي بساق واحدة لرياضة خطيرة، وهذا الشعور جعلني أعيش ظروفاً نفسية قاسية ومعقدة"، ويضيف، "ضاقت بي الحياة كثيراً بعد بتر قدمي، وباتت كل فرص العمل أمامي مغلقة، وكتحد لنفسي وللتغلب على حال الإحباط التي عشتها، عملت على وضع فترة زمنية محددة لتعلم رياضة الباركور".

130 ألفاً

وفعلياً، بدأ محمد تدريباته بعد الالتحاق بناد رياضي للجمباز و"الباركور" في منطقة سكنه بحي الشجاعية في مدينة غزة، وخلال شهر واحد، تمكن من القفز بقدم واحدة، للمرة الأولى.

نجاحه في هذه التجربة، دفعه إلى تشكيل فريق انضم إليه قرابة 25 من مبتوري الأقدام الذين يهوون ممارسة رياضة القفز الهوائي، وتعد المجموعة الوحيدة في فلسطين من ذوي الإعاقة التي تمارس هذه الرياضة، وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (منظمة حكومية)، فإن أعداد ذوي الإعاقة في قطاع غزة ارتفعت من 90 ألفاً، إلى أكثر من 130 ألف شخص بعد الاحتجاجات الحدودية 2018، ويشكلون نسبة 2.4 في المئة من مجمل سكان القطاع، وبينهم 40 في المئة يعانون من الإعاقات الحركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتأتي فكرة ممارسة رياضة "الباركور" للمبتورين، تطبيقاً لقانون ذوي الإعاقة الفلسطيني والاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة التي انضمت إليها فلسطين 2014، وعدلت قوانينها في الضفة الغربية بعد المصادقة عليها 2016، والتي تنص على ضرورة ممارسة هذه الفئة مختلف الرياضات والأنشطة الترفيهية.

لا أماكن ولا وسائل حماية

لكن هذه المجموعة بدأت تمارس رياضة "الباركور" في الأماكن العامة، وشوارع القطاع العمومية، وعلى أنقاض المباني المدمرة، ويشير محمد إلى عدم وجود أماكن مخصصة لممارسة القفز الهوائي في غزة لذوي الإعاقة، وهذا لا يمنعهم من مواصلة ممارسة نشاطهم الرياضي، واستطاعوا بساق واحدة تسلق الجدران، ولعب الجمباز، وممارسة العديد من رياضات القفز.

وعلى الرغم، من أن هذه الرياضة تمارس عادة بالقفز على الحواجز والمرتفعات، فإنه عندما يمارسها ذوو الأطراف المبتورة، يجب توفر عوامل سلامة، لكن محمد يؤكد أن كل الأماكن التي يمارس فيها فريق "الباركور" غير آمنة ولا تتوفر فيها عوامل السلامة والوقاية الخاصة بالمعاقين.

ويؤكد ذلك، تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية الذي نشرته في الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، وجاء فيه أن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وإهمال سلطات حركة حماس (التي تدير القطاع) يجعلان حياة ذوي الإعاقة صعبة للغاية، مضيفاً أن الطرفين يعرقلان بشكل ملحوظ الحياة اليومية لعشرات الآلاف من ذوي الإعاقة.

فكرة القفز الهوائي لذوي الأطراف المبتورة صعبة للغاية، وبالعادة تحتاج إلى مهارات خاصة، ويوضح محمد أنهم استكملوا التدريب على مهارات "الباركور" عن طريق مشاهدة عشرات مقاطع الفيديو عبر "يوتيوب"، ثم باشروا تطبيق بعضها، بما يتناسب وحالتهم، وإصرار محمد والفريق على ممارسة هذه الرياضة، فتح لهم آفاقاً لتمثيل فلسطين في المحافل الرياضية العالمية، ويقول، "هناك اهتمام في العالم، وكون أننا فريق ذو إعاقة، سنمثل فلسطين في الأولمبياد العالمية".

المزيد من رياضة