Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيارة "صامتة" لوزير خارجية الجزائر إلى طرابلس تثير تساؤلات

حلحلة الأزمة الليبية ووضع حد للنزاع وإعادة العلاقات الثنائية من أولويات الأجندة الجزائرية الخارجية

السراج مستقبلاً بوقادوم الأربعاء 27 يناير الحالي في طرابلس (صفحة المجلس الرئاسي على فيسبوك)

عادت الجزائر إلى المشهد الليبي بعد انقطاع أثار قراءات وتأويلات عدة. وزار وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم بصمت، العاصمة طرابلس، حيث التقى مسؤولين من المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق.

زيارة "صامتة"

وتوجه بوقادوم إلى ليبيا في زيارة "غير معلنة"، بعد جولة مكوكية قادته إلى دول أفريقية عدة، فرأت جهات مراقِبة في النشاط الدبلوماسي الجزائري "استدراك لغياب مفاجئ" للجزائر عن الساحة الإقليمية، بينما رأت جهات أخرى أن "خسارة ملفات وانفلات قضايا من بين أيدي الجزائر لصالح دول إقليمية مثل مصر والمغرب، إضافة إلى التطورات المتسارعة على حدودها، أسباب أيقظت الدبلوماسية الجزائرية".
وأكد بيان للخارجية الجزائرية أن الوزير بوقادوم، بحث خلال لقائه كل من رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس مجلس النواب في طرابلس حمودة سيالة، ووزير خارجية حكومة الوفاق محمد الطاهر سيالة، آخر تطورات الأوضاع في ليبيا وآفاق مسارات التسوية السياسية التي تقودها بعثة الأمم المتحدة. وذكَّر بوقادوم بموقف بلاده الثابت والمتضامن مع الشعب الليبي منذ بداية الأزمة، والداعي إلى ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية عبر حوار ليبي- ليبي يفضي إلى إقامة مؤسسات شرعية وموحدة عبر انتخابات نزيهة وشفافة، بما يضمن وحدة الشعب الليبي وسيادته على كامل أراضيه. كما أكد دعم الجزائر للاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن إجراء انتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، مبدياً الاستعداد للمساهمة في إنجاح هذا الاستحقاق ولعب دور أكبر في مسارات حل الأزمة الليبية.
من جهتهم، عبّر المسؤولون الليبيون عن عميق امتنانهم لموقف الجزائر المتضامن والرافض لكل أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية الليبية، ودعمها المتواصل للجهود السلمية الرامية لإحلال السلم والاستقرار في ليبيا.

نزاع براغماتي؟

وتعليقاً على ذلك، رأى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، بريك الله حبيب، أن "حلحلة الأزمة الليبية ووضع حد للنزاع القائم بين الفرقاء وإعادة فتح مجال العلاقات الثنائية بين الجزائر وليبيا من أولى الأولويات على أجندة الخارجية الجزائرية". وأضاف أنه "لا يخفى على أحد حقيقة أن الوضع العام في ليبيا هو نزاع براغماتي أكثر منه سياسي أو أمني، حيث يهدف إلى كسب أكبر عدد ممكن من المناصب السيادية، بخاصة في القطاع الاقتصادي"، مضيفاً أن "الجزائر بصفتها دولة جوار تربطها حدود طويلة مع الشقيقة ليبيا لن تسمح بأي شكل من الأشكال بأن تستمر هذه الأزمة".
وتابع حبيب قائلاً إن "تحركات وزير الخارجية صبري بوقادوم، وجولته في أفريقيا، هي إشارة واضحة إلى المبادرة الحقيقية للجزائر التي تستهدف فك شيفرة أزمات المنطقة مثل ليبيا والصحراء الغربية ومالي والساحل، والتأكيد على ضرورة احترام القوانين الدولية في معالجة الأزمات والتمسك بالحل السياسي كمخرج لبؤر التوتر في القارة".

نوايا الزيارة

في المقابل، يرى مراقبون أن عودة الجزائر إلى المشهد الليبي في هذا التوقيت بالذات، يندرج في سياق "الثأر" من التطورات الحاصلة في المنطقة وبشكل خاص بالساحل مع تصاعد النشاط الإرهابي بأيادٍ خارجية، وبالصحراء المغربية بعد مسارعة عواصم إلى فتح قنصليات في مدينة "العيون" جنوب المغرب المتنازع عليه مع "البوليساريو"، وهو ما أكده الوزير بوقادوم، خلال زيارته مقر سفارة بلاده في طرابلس، تمهيداً لإعادة فتحها خلال الأيام المقبلة.
كما اعتبر المصدر ذاته أن "حصر لقاءات وزير الخارجية الجزائري في منطقة طرابلس ثم عقد لقاءات مع مسؤولين بالمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق وبرلمان طرابلس من دون سواهم، له دلالات واضحة على نوايا الزيارة، غير أن الهدف يبقى الدفع بعملية السلام إلى الأمام، عبر إحداث توازن بين طرفَي النزاع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


انفراج وانسداد

ويشهد المسار السياسي في ليبيا انفراج كبير بعد اتفاق أعضاء ملتقى الحوار السياسي، في العاصمة السويسرية جنيف، على آلية اختيار السلطة التنفيذية الجديدة، الممهِدة للانتخابات المقررة نهاية العام الحالي والتي حظيت بموافقة 73 في المئة من الأصوات، حيث يُنتظر أن تعقد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في الأول من فبراير (شباط) المقبل، اجتماعاً لملتقى الحوار السياسي يستمر 5 أيام، في مدينة جنيف، لاختيار السلطة السياسية الجديدة.
في المقابل، يواجه الاتفاق الذي توصل إليه طرفا النزاع الليبي في مدينة بوزنيقة المغربية، رفضاً واسعاً وانتقادات حادة في ليبيا على اعتبار أنه يقوم على تقسيم مناصب المؤسسات السيادية على منطق المحاصصة والتوزيع الجغرافي، بدل اختيار الكفاءات، حيث رفض المجلس الأعلى للقضاء في طرابلس، ما توصل إليه المجتمعون في بوزنيقة بخصوص تقاسم المناصب القضائية، وحذّر من "إدخال القضاء كنسيج موحد في أتون المحاصصة، لأن في ذلك انتهاكاً لاستقلاله".

جس النبض

من ناحية ثانية، عبّر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إدريس عطية، عن اعتقاده أن "زيارة بوقادوم إلى ليبيا تندرج في مسارات عدة، منها الجولة الأفريقية، كما أنها تُصنَّف في سياق البحث عن حلول أفريقية للأزمة بين الفرقاء، بخاصة في ظل النوايا الجزائرية للتوجه نحو العمق الأفريقي"، موضحاً أن "وجود بوقادوم في طرابلس يكشف الاهتمام الذي توليه الجزائر للجارة الشرقية على اعتبار أن أمن ليبيا من أمن الجزائر والعكس، حيث تدعو الإخوة المتصارعين إلى الجلوس إلى طاولة الحوار والمفاوضات بما يتماشى ومصلحة ليبيا والشعب الليبي، كما أنها زيارة جس النبض، للاطلاع على التطورات". وتابع أن "إعادة فتح سفارة للجزائر بطرابلس أمر منطقي ومؤشر على عزم الجزائر الدفع نحو ترقية العلاقات الثنائية، بخاصة أن الجزائر تقدم مقاربة كاملة لحلحة الأزمة".

المزيد من العالم العربي