Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محتجو طرابلس اللبنانية يصبون جام غضبهم أمام منازل السياسيين

قتيل وعشرات الجرحى في التظاهرات ذات المطالب المعيشية في ظل إجراءات إغلاق صارمة وانهيار اقتصادي

أمام منازل "زعماء" طرابلس في شمال لبنان، صبّ محتجون جام غضبهم، الخميس 28 يناير (كانون الثاني)، فأضرموا النيران في مستوعبات القمامة وحطّموا كاميرات المراقبة، محمّلين سياسيي المدينة مسؤولية أوضاعهم المعيشية الصعبة التي فاقمها تشديد إجراءات الإغلاق العام.

وقال عمر قرحاني، وهو أب لستة أطفال عاطل من العمل، بسخط لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش مشاركته في مسيرة احتجاجية، "نجول على منازل السياسيين كافة وطلبنا أن نحرق بيوتهم جميعاً كما أحرقوا قلوبنا".

وأضاف: "ليتجرّأ أي سياسي على السير في شوارع طرابلس"، المدينة التي تعدّ من الأفقر في لبنان وتشهد منذ الاثنين الماضي مواجهات ليلية عنيفة بين قوات الأمن ومحتجين غاضبين من تدابير الإغلاق العام للحدّ من انتشار وباء فيروس كورونا في خضمّ الانهيار الاقتصادي المتمادي في البلاد.

 

قتيل وعشرات الجرحى

وأسفرت المواجهات عن إصابة أكثر من 300 شخص، غالبيتهم ليل الأربعاء. وأعلنت قوى الأمن الداخلي أن 41 عنصراً وضابطاً من صفوفها في عداد الجرحى، وقالت إن 12 منهم أُصيبوا جرّاء إلقاء قنابل يدوية، وبينهم إصاباتهم بالغة. 

وتوفي شاب يوم الخميس متأثراً بإصابته خلال المواجهات ليلاً، ما أثار غضباً واسعاً في المدينة ونقمة ضد قيادييها، وبينهم رئيس حكومة ووزراء سابقون ممن يتصدرون قائمة أثرياء البلد.

وتجدّدت عصر الخميس المواجهات بين قوات الأمن وعشرات المحتجين، الذين حاولوا مجدداً اقتحام سراي طرابلس، المقر الإداري والأمني الأبرز في المدينة، الذي يشكّل ساحة مواجهة بين الطرفين منذ مطلع الأسبوع. وردّت قوات الأمن بإطلاق القنابل المسيلة للدموع.

وغالباً ما يتظاهر محتجون، منذ انطلاق تحركات شعبية غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية في خريف عام 2019 شاركت فيها طرابلس بكثافة، أمام منازل النواب والوزراء في هذه المدينة الشمالية، ويتّهمونهم بإهمال مرافقها وسكانها.

فقر مدقع

وسأل قرحاني، "لدى هذه المدينة مرفأ ومعرض ومصفاة للنفط وكل المقومات التي لا تملكها الدولة ونحن المنطقة الأفقر (...) لماذا؟" واتهم قيادات طرابلس بأنهم "ذلّوا المدينة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب تقديرات للأمم المتحدة عام 2015، يعاني 26 في المئة من سكان طرابلس وحدها فقراً مدقعاً، ويعيش 57 في المئة عند خط الفقر أو دونه. إلا أن هذه النسب ارتفعت على الأرجح مع فقدان كثيرين وظائفهم أو جزءًا من مدخولهم على وقع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخ لبنان.

وشارك عشرات المحتجين في التظاهرة التي انطلقت من ساحة النور، ساحة التظاهر المركزية في المدينة، وجالت على منازل السياسيين لكن وحدات الجيش منعتهم من اقتحام باحاتها، وفق ما أفاد مصور وكالة الصحافة الفرنسية.

وخرجت التظاهرة وسط انتشار عسكري كبير، بينما عمل محتجون بعضهم ملثم، على سحب العوائق الحديدية التي تُستخدم لتطويقهم والحدّ من حركتهم ليلاً، في وقت عمد آخرون إلى قلبها ووضعها وسط الشارع لمنع الجيش من ملاحقتهم.

دعوات إلى الاستقالة

وقال عدنان عبدالله (42 سنة) خلال مشاركته في التظاهرة، لوكالة الصحافة الفرنسية، "نواب وزعماء طرابلس... هم من أوصلوا هذه المدينة لتكون المدينة الأفقر"، داعياً المسؤولين إلى الاستقالة بعدما "دمّروا مستقبل الشباب وأوصلوا البلد إلى الخراب".

وشهدت المدينة جولات عنف دامية حدثت بين عامي 2007 و2014 بين حيَّي باب التبانة وجبل محسن المجاور، وأوقعت قتلى من الطرفين. وفي عدد كبير من أحياء طرابلس، يتفشى التسرّب المدرسي وترتفع نسبة البطالة، خصوصاً في صفوف الشباب.

ويشهد لبنان منذ نحو أسبوعين إغلاقاً عاماً مشدداً مع حظر تجوّل على مدار الساعة، يعدّ من بين الأكثر صرامةً في العالم، لكن الفقر الذي فاقمته أزمة اقتصادية متمادية يدفع كثيرين إلى عدم الالتزام، سعياً للحفاظ على مصدر رزقهم.

ولا يمنع تشدد السلطات في تطبيق الإغلاق العام الذي يستمرّ حتى الثامن من فبراير (شباط)، وتسطير قوات الأمن يومياً آلاف محاضر الضبط بحق مخالفي الإجراءات، كثيرين خصوصاً في الأحياء الفقيرة والمناطق الشعبية، من الخروج لممارسة أعمالهم، لا سيما في طرابلس.

على الرغم من إصابته في رجله ليل الأربعاء وتضميد وجهه، شارك عدنان الحكيم (19 سنة) في الجولة على منازل السياسيين الخميس. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، "نخرج إلى الشوارع لنحصّل حقوقنا. يكفينا الذي جعلونا نعيش به". وأضاف، "المعيشة باتت صعبة، لم نعُد قادرين على تحمّل المزيد".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي