Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا ينبغي إصرار المؤسسات والشركات على أخذ موظفيها اللقاح

يبدو منطقياً تماماً لكل رب عمل حماية اليد العاملة وعائلاتهم والزبائن من مرض خطير وواجبه ذلك

بعد الكمامة هل يصبح اللقاح ضرورياً للموظفين في المكاتب والمصانع؟ (غيتي)

فيما كنت أستعد للتطوع بقضاء يوم آخر قيد الإقامة الجبرية، سمعت الوزير ناظم الزهاوي يقول في مقابلة إذاعية إن رفض رب عمل توظيف شخص ما لأنه امتنع عن أخذ لقاح كوفيد سيكون "تمييزاً": "نحن لسنا من هذا النوع من الدول واعتقد أن من المهم أن نقوم بذلك عن طريق الإقناع".

يبدو هذا عادلاً بما فيه الكفاية، فكل شيء يكون أفضل إذا تم طوعياً، انطلاقاً من الإحساس بالواجب ومن دون إكراه. وبالنظر إلى نسبة الإصابات المسجلة حتى الآن، فإن الضغط وأنا أفضل هذه على كلمة حوافز، الذي يحمل المرء على تلقي اللقاح، لا ينبغي أن يكون ضرورياً. لكن... ماذا إن لم يكن كذلك؟

إن إقناع الأشخاص الكبار في السن والضعفاء سريرياً هو الجزء السهل من المهمة لإنهم عرضة لنسبة الخطر الأعلى. ومع الهبوط في سلم العمر باتجاه الأصغر سناً، فإن السلطات ستواجه على الأغلب درجة من اللامبالاة والعداء الواضح من الفئات العمرية التي تحسب أنها لن تكسب الكثير شخصياً، أياً كانت الفائدة العامة التي تتمثل في إنقاذ الحياة التي ستكون من نصيب المجتمع ككل.

وهنا، أعلن أن لي مصلحة تتعلق بهذا الأمر باعتباري أقف في الجانب المعارض للاستخفاف بخطر كوفيد. كما أننا لا نعرف مدى ضخامة مجموعة السكان التي تحتاج إلى اكتساب المناعة، سواء من طريق اللقاح أو العدوى، لتشكل "مناعة القطيع" الذي يمكنه إحباط انتشار فيروس كوفيد.

بيد أننا نعلم، كلما زاد عدد الناس الذين يتمتعون بالمناعة، كان أفضل. فمن شأنه منع وفاة بعض الأحبة ووضع حد لتعرض آخرين لحالات مرض حادة، أو المعاناة من مرض كوفيد سنوات، ما يمكن أن يسمح للفيروس بتطوير نفسه والتحور قبل أن يعود ليصيبنا من جديد، عاماً إثر عام. في الحقيقة ربما يكون الأوان قد فات سلفاً لمنع حدوث هذا السيناريو، غير أن الوضع كما هو عليه دائماً، إذ، بمقدورنا دائماً أن نبذل المزيد من الجهود من أجل وقف زحفه.

لذلك كله، يبدو لي منطقياً تماماً لكل رب عمل حماية موظفيه وعائلاتهم وزبائنه من مرض خطير. وفعلاً لدى هؤلاء عمل تجاري ومسؤولية أخلاقية يقتضيانهم فعل ذلك. على سبيل المثال، تريد شركة "سباكو بيمليكو" تطعيم موظفيها، وأنا أفضل مجيء سباك إلى منزلي أخذ اللقاح سلفاً على آخر لم يأخذه. دعنا نقل إنني لا أريد إخباري بأنهم لن يستطيعوا إرسال أحد من الشركة لمعالجة أنبوب مياه انفجر في بيتي مثلاً، حتى اليوم التالي، إلا إذا كنت راضياً بفتى في المراحل الأولى من إصابته بإيبولا، لمساعدتي، علماً أن بوسعه القدوم في الحال. وينطبق الأمر نفسه على أي شخص مصاب بكوفيد من دون أن تظهر عليه أعراض ما يجعله مصدراً لنشره: أود التأكد من أن مقدم الخدمة آمن لا يحمل الفيروس والشركة التي يعمل لديها تتحلى بإحساس بالمسؤولية.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذا السياق، سيكون التأكيد الصادر عن الشركة مطمئناً جداً. في كل الأحوال، هذا تماماً ما تطلبه الحكومة حالياً من المسافرين القادمين من الخارج حين يرغبون في دخول البلاد- نتيجة فحص سالب لفيروس كوفيد يثبت أنهم غير مصابين. وفي حال عارض أي سباك أخذ اللقاح لأسباب تتعلق بمبادئه، فهو يستطيع بملء حريته العمل في مكان آخر أو البقاء من دون عمل على الإطلاق. ليس لهؤلاء الحق العمل بشروطهم الخاصة، كما لا يمكنهم الاحتفاظ بالكعكة وأكلها في الوقت نفسه، هذا إذا استعملنا في توصيف الوضع تعبيراً رائجاً.

لديّ الحق أيضاً، في شكل عادل التمييز بين الأشخاص على أساس الاعتقاد بتشكيلهم خطراً صحياً عليّ أو على المجتمع ككل. لا شك في أن بعض أنواع التمييز ليست معقولة وغير قانونية، كالتي تتصل بالعرق والجنس والإعاقة وما إلى ذلك. أما الأنواع المتعلقة بالمخاطر المهددة للصحة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فهي نظامية تماماً، وقانونية أيضاً، مالم تقرر الحكومة إصدار تشريعات تجعلها خلاف ذلك، أو إذا لم يأخذ قاض على عاتقه سن قانون جديد يجرّمها من دون مبرر لذلك.

 نحن نميّز، بصورة منصفة، كل يوم. لا ينبغي إجبار أي كان على ارتداء كمامة في الأماكن العامة، لكن إذا أراد أحد مخازن السوبرماركت عدم تقديم خدماته لمن لا يرتديها ولا يسمح لهم بالدخول إلى مخازنه بناء على سياسة يعمل بها، فإن له الحق في ذلك. ولكل شركات الحافلات والقطارات والطائرات الحق نفسه أيضاً في تقديم خدماتها وفق شروطها الخاصة، كما يمكن للمستهلكين من جانبهم، أن يقرروا بدورهم ما يريدون فعله. كنت أعتقد أن شركات التأمين وغيرها قد تقدم تخفيضاً للأشخاص الذين يأخذون اللقاح، على سبيل تقدم الجزرة جنباً إلى جنب من العصا، لكنها لم تفعل ذلك.

إن ما يُسمى "جوازات سفر التطعيم"، أو، الشهادات التي تسمح بالحصول على عمل أو ترقية أو السفر أو تقديم طلب لاستئجار بيت أو نيل رهن عقاري أو إرسال الأطفال إلى مدرستهم أو للالتحاق بالجامعة أو للتسوّق أو البحث عن بيت جديد أو حتى استعمال "خدمات الصحة الوطنية". هذه الحالات كلها قانونية وثمة ضرورة لتشجيع استخدامها في حال فشل محاولات الإقناع الأخلاقي أو إذا استمر مناهضو التطعيم في نشر دعايتهم البغيضة. إن خسرنا هذه الفرصة الأخيرة لاحتواء الفيروس، فإنه سيبقى تهديداً حقيقياً للحرية الأعظم للآلاف منا وهي حرية الحياة نفسها.

© The Independent

المزيد من آراء