Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما دور "فصائل الظل" في الرسائل الصاروخية؟

مراقبون يرون أن الميليشيات الموالية لطهران لا تنظر بعين الرضى على تطور العلاقات السعودية العراقية

يرى البعض أن عملية إطلاق صواريخ في اتجاه الرياض لا يمكن أن تديرها ميليشيات مبتدئة (أ ف ب)

بعد إعلان جماعة مجهولة تطلق على نفسها اسم "ألوية الوعد الحق" تبنيها الهجوم الصاروخي الذي استهدف الرياض، تتزايد التساؤلات في شأن تلك الجماعات التي تتزايد وبات يطلق عليها "فصائل الظل."

ففي الوقت الذي نفت فيه جماعة الحوثي صلتها بالهجوم الأخير، أعلنت جماعة "ألوية الوعد الحق" أنها نفذت هجوماً بطائرات مسيرة على الرياض من الأراضي العراقية. ما يطرح سيناريوهات عدة في شأن الجهات الحقيقية المسؤولة عن هذا الهجوم، فضلاً عن سلسلة طويلة من الهجمات التي تشنها فصائل وأسماء جديدة داخل العراق على السفارة الأميركية والأرتال العسكرية التابعة للتحالف الدولي.

جماعات لا وجود لها

في مقابل الحديث عن "فصائل الظل"، يبرز رأي آخر ينفي وجود تلك الجماعات على أرض الواقع، ويطرح الشكوك حولها، ويقول إن ما يجري من عمليات يدار من جانب الفصائل الولائية الرئيسة بشكل مباشر.

ويرى الكاتب والصحافي العراقي محمد حبيب أن "ما يجري من جدل في شأن هوية الفصائل وظهور أسماء جديدة كل فترة، محاولة غير موفقة لإيهام الجمهور والرأي العام بأن هناك غموضاً في قضية الفصائل الولائية"، مشيراً إلى أن تلك القضية "واضحة جداً ولا مجال للقول، إن هناك فصائل غامضة أو فصائل ظل ومسميات جديدة".

وبحسب حبيب، فإن هناك خريطة واضحة وبسيطة لتلك الفصائل، ويشير إلى أنها "تمثل كل الفصائل التي تتلقى الدعم والتدريب والغطاء والحماية من إيران، وهي موجودة في لبنان ويمثلها (حزب الله) وفي العراق تمثلها ميليشيات كتائب (حزب الله) و(عصائب أهل الحق) بشكل رئيس".

وبالنسبة إلى الفصائل الأخرى فهي "لا تشكل رقماً أو أهمية"، كما يعبر حبيب، الذي يشير إلى أن خير دليل على ذلك "ما حصل مع سرايا الخراساني حين قررت الفصائل تلك التخلص منها واعتقلت زعماءها وأخفتهم ولا أحد يعرف مصيرهم حتى الآن".

ويتابع أن "هناك خريطة محدودة ومعلومة للفصائل وكلها مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس"، لافتاً إلى أن الحديث عن منصات حديثة في موقع "تليغرام" وأسماء جديدة لا تعدو كونها "مراوغة من ذات الفصائل الرئيسة، ومحاولة للإمساك في كل شيء، إذ تريد تلك الجماعات الحصول على مكاسب السلطة والعلاقة مع المجتمع الدولي، وفي الوقت نفسه تريد تنفيذ الأوامر الإيرانية وتستمر بسلوكياتها".

يذكر أن إيران تنفي تدخلها في شؤون الميليشات العراقية المتهمة بالانتماء إليها. وأعلن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، خلال زيارة قام بها إلى العراق في يونيو (حزيران) 2020، ولقائه مع قيادة "الحشد الشعبي"، أن "الحشد حشدٌ عراقي"، وأن طهران تدعم هذا الحشد وترفض أن تزجّ بنفسها في الخلافات الداخلية، بل تسعى إلى تقريب وجهات النظر إن طُلب منها. كما أكد رفض بلاده التدخل بأي شكل من الأشكال في الشؤون العراقية.

محاولة إيرانية لدفع التهمة عن الحوثي

وفي شأن احتمال ضلوع جماعة الحوثي في الهجوم الأخير، يرى حبيب أن ما جرى من نسب تلك العملية إلى جماعة "ألوية الوعد الحق" ربما يمثل "محاولة إيرانية لدرء التهمة عن جماعة الحوثي في هذا التوقيت، خصوصاً مع الحديث عن احتمالية إخراجها من قائمة الإرهاب"، لافتاً إلى أنه "من السهل جداً إنشاء منصات على وسائل التواصل الاجتماعي لهذا الغرض".

وكانت جماعة "ألوية الوعد الحق" قد نشرت بيان تبنيها العملية على منصة أُنشئت في 24 يناير (كانون الثاني) على "تليغرام"، في حين لا تحتوي المنصة على أي بيانات أخرى.

ويعتقد أن "الفصائل التي تنفذ العمليات تتخبط في كيفية الإعلان عنها، إذ تقوم تارة بنسبها إلى أسماء جديدة، وطوراً تنسبها إلى طرف ثالث".

ويعتبر أن "هذه القضية ليست معقدة أو غامضة، فحين قررت حكومة بغداد اتخاذ إجراء ضد مطلقي الصواريخ، تمكنت خلال ساعات من اعتقال عنصر في عصائب أهل الحق".

ويصف حبيب محاولات نسب تلك العمليات إلى فصائل الظل بـ"الأمر المضحك"، مردفاً أنها "لن تكون كافية في درء التهم عن الميليشيات الرئيسة التي ترتبط بشكل مباشر بالحرس الثوري وتتصرف مركزياً بالنسبة للقضايا الكبرى مثل العمليات الخارجية".

الفصائل ثمن للتسويات الإيرانية

ويرى الباحث في الشأن الأمني والسياسي أحمد الشريفي أن ما طرح من سيناريو تبني جماعة "ألوية الوعد الحق" للهجمات على السعودية يمثل "محاولة لضرب اتفاق العلا" مشيراً إلى أن "تلك الجهات ترى أن هذا التقارب سيعني قبول طهران بشروط واشنطن التي من ضمنها رفع الغطاء عن الفصائل الموجودة في العراق".

ويكشف الشريفي عن "انشقاقات عديدة حصلت في صفوف الفصائل الولائية، خصوصاً أنها متخوفة من أن تكون هدفاً مستقبلياً وثمناً للتسويات الإيرانية المحتملة"، مردفاً "على الرغم من التصعيد الذي تقوده تلك الفصائل فإنها تبحث عن تسوية توفر لها الأمان في المرحلة المقبلة".

ولعل ما أسهم بـ"تمرد طفيف على القرار الإيراني من قبل الفصائل"، بحسب الشريفي، يتمثل في أن "تلك الفصائل تعيش عزلة وربما باتت تعتقد أنها دخلت عملياً في إطار استراتيجية واسعة لاحتوائها، في حال توصل طهران إلى تسويات مع واشنطن والرياض".

ويختم أن الإشكالية الأكبر في ما يتعلق بتبني جهات عراقية لتلك الهجمات يتمثل في "الإحراج الكبير للحكومة العراقية، التي قطعت شوطاً في ترميم العلاقة مع الرياض، وربما يندرج هذا الإعلان ضمن مساعي تقويض تلك العلاقة".

فصائل جديدة

وشهد العراق خلال السنة الماضية الإعلان عن عدد كبير من الفصائل الجديدة التي لا زعامات واضحة لها، وليست على غرار الفصائل التقليدية المعروفة، إذ أظهرت سلسلة طويلة من البيانات الإعلان عن تلك الجماعات ومنها ميليشيات "أصحاب الكهف" و"عصبة الثائرين"، و"سرايا ثورة العشرين الثانية"، و"قوات ذو الفقار"، و"سرايا المنتقم"، و"أولياء الدم"، و"ثأر المهندس"، و"قاصم الجبارين"، و"الغاشية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتبنت تلك الجماعات عدداً كبيراً من الهجمات الصاروخية على المنطقة الخضراء ومطار بغداد، فضلاً عن تبنيها استهداف الأرتال العسكرية التابعة للتحالف الدولي، إلا أن العديد من المتابعين قللوا من إمكانية أن تدير تلك الجماعات عمليات كهذه، وأنها مجرد محاولات من الفصائل الرئيسة للإفلات من الاتهامات.

وعلى الرغم من إعلان تلك الجماعات تبنيها في أكثر من مناسبة الهجمات الصاروخية، فإن اعتقال الحكومة قائد قوات الصواريخ في "عصائب أهل الحق" على إثر اتهامات بالتورط بقصف المنطقة الخضراء يعزز الاعتقاد بأن تلك العناوين مجرد واجهات وهمية.

ويقدر عدد العناوين الجديدة خلال الفترة الماضية بنحو 17 فصيلاً مسلحاً ومجموعات غير مسلحة تدير عمليات حرق لقنوات فضائية واستهدافات أخرى.

تزامن مع افتتاح منفذ عرعر

ويرى المعارضون للنفوذ الإيراني في العراق أن تزامن تلك العمليات مع افتتاح منفذ عرعر بين العراق والسعودية ووصول العلاقات بين الطرفين إلى مستويات غير مسبوقة، قد أزعج طهران والميليشيات المرتبطة بها، وباتت تحاول تقويض مساعي الانفتاح على الرياض وتعريض حكومة الكاظمي إلى حرج إضافي.

لكن طهران تنفي أي تأثير في تلك الهجمات، مع ذلك تؤكد أنها تتشاور مع الميليشيات في بعض القضايا. وأكد السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي، في ديسمبر (كانون الأول) 2020، عدم تدخل طهران بشؤون الفصائل المسلحة في العراق، مشيراً إلى أن تلك المجموعات تشاور الإيرانيين في قراراتها، لكن إيران لا تفرض عليها رأياً.

ويعتقد رئيس المجموعة المستقلة للأبحاث محمد داغر أن "ظهور جماعات غير معروفة يشير إلى أنها واجهة لجهات معروفة لا تريد أن تعلن هي عن مسؤوليتها"، مضيفاً أنه "أسلوب أمني لإخفاء الأدلة".

ويعتقد أن "العملية التي حدثت لا يمكن أن تديرها ميليشيات مبتدئة أو واجهة جديدة، وتعطي تلك العملية انطباعاً بأنها من عمل أجهزة مخابرات".

وفي شأن احتمال أن تتسبب العملية بحرج لحكومة الكاظمي، يعتبر داغر أن "الرياض باتت تدرك أن الكاظمي هو أفضل من يمكن أن يكون على رأس السلطة في بغداد، لذلك لا تريد إحراجه أو إحراج حكومته".

استهداف "أرامكو" واتهامات للميليشيات العراقية

ولا تعد تلك هي المرة الأولى التي يعلن فيها عن اتهام جماعات مسلحة بشن هجمات على السعودية من داخل الأراضي العراقية، إذ أفادت شبكة "سي أن أن" في 15 سبتمبر (أيلول) 2019 بأن الاعتداء الذي استهدف شركة "أرامكو" في السعودية في 14 سبتمبر 2019، وتبنته جماعة الحوثي اليمنية، نُفذ من العراق، وأن الطائرات المسيرة أقلعت من الأراضي العراقية.

وكان رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، قد رد على تلك التقارير، مؤكداً "عدم صحتها".

وقال عبد المهدي في بيان، 15 سبتمبر 2019، إن "العراق ينفي ما تداولته بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن استخدام أراضيه لمهاجمة منشآت نفطية سعودية بالطائرات المُسيرة، ويؤكد التزامه الدستوري منع استخدام أراضيه للعدوان على جواره وأشقائه وأصدقائه، وإن الحكومة العراقية ستتعامل بحزم مع كل من يحاول انتهاك الدستور، وقد شكلت لجنة من الأطراف العراقية ذات العلاقة، لمتابعة المعلومات والمستجدات".

وكانت صحيفة "الراي" الكويتية، قد أكدت حينها أن الأجهزة الأمنية المعنية في البلاد تلقت بلاغاً يفيد بأن طائرة مسيرة من دون طيار (درون) اخترقت أجواء الكويت.

المزيد من تقارير