Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في الذكرى الـ76 لتحرير "أوشفيتز" صدى النازية ما زال يتردد

مثلت شعارات خلال اقتحام الكابيتول صدمة لكثيرين بخاصة الناجين من "الهولوكست"

متظاهرون يرفعون الأعلام الكونفيدرالية أمام الكونغرس (أ ب)

قصص وروايات لا نهاية لها تتشابه في فظاعتها ومأساويتها بالرغم من اختلاف الأسماء، يجمعها الألم وتقف وراءها الكراهية.

فبعد مرور أكثر من سبعة عقود، لا تزال معسكرات الاحتجاز وأفران الجرائم النازية ومقابر الضحايا والأهم أولئك الناجين الذين يتحدثون عن مشاهد لا يستطيع كاتب تخيّلها، قائمة لتذكّر العالم بأن الكراهية أشدّ فتكاً من الوباء.

في 27 يناير (كانون الثاني) عام 1945، حرّرت القوات السوفياتية معسكر الاعتقال الذي يديره النازيون في جنوب بولندا "أوشفيتز". وبينما يحتفل العالم باليوم العالمي لذكرى ضحايا "الهولوكوست" الذي راح ضحيته نحو 6 ملايين يهودي لقوا نحبهم حرقاً في أفران الغاز النازية، فضلاً عن مقتل ملايين آخرين على يد قوات الجيش النازي في الحرب العالمية الثانية، تطرح هذه الذكرى سؤالاً مهماً عما إذا كانت النازية سقطت بالفعل بموت هتلر وهزيمة نظامه أو أنها فكرة باقية في عقول من يشعرون بالتفوّق على غيرهم من البشر.

دعوات عالمية متجددة

تزامناً مع هذه الذكرى، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بذل جهود مشتركة للتصدي إلى النازيين الجدد ودعاة تفوّق العرق الأبيض، مشيراً إلى أن معاداة السامية لا تزال قائمة وبقوة.

ليست كراهية اليهود فحسب، فيقول غوتيريش "اليوم، ينتعش دعاة تفوّق العرق الأبيض والنازيون الجدد، وينظمون ويجندون عبر الحدود، ويكثفون جهودهم لإنكار التاريخ وتشويهه وإعادة كتابته بما في ذلك الهولوكوست. ولقد أتاحت لهم جائحة كـوفيد-19 فرصاً جديدة لاستهداف الأقليات، على أساس الدين والعرق والانتماء العرقي والجنسية والميل الجنسي والإعاقة ووضع الهجرة".

وحذّر البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، من الأيديولوجية المتطرفة لمنع تكرار الجرائم التي وقعت في الماضي. وحث المستمعين في خطاب لإحياء ذكرى ضحايا "الهولوكوست"، على مراقبة التطرف الأيديولوجي عن كثب لأن "هذه الأمور يمكن أن تحدث مجدداً".

اقتحام الكابيتول

سبقت ذكرى هذا العام، حادثة خطيرة حملت تحذيراً لأميركا والعالم أجمع في السادس من يناير (كانون الثاني) الجاري، عندما اقتحمت مجموعة من مؤيدي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مقر الكونغرس الأميركي، محتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها منافسه الديمقراطي جو بايدن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فواحدة من أكثر الصور إثارة للصدمة خلال اقتحام الكابيتول، بحسب وصف مجلة "تايم"، هي لشاب كان يرتدي قميصاً عليه عبارة "معسكر أوشفيتز"، فضلاً عن قمصان ظهرت في احتجاجات أخرى وعليها عبارة "6MWE" التي تعني ستة ملايين لم تكن كافية.

بالنسبة إلى الباحثين في تاريخ معاداة السامية وتاريخ "الهولوكوست"، فإن هذا المشهد كان أحدث مثال على بقاء الفكر النازي في إطار تاريخ طويل للعلاقة بين الجماعات المتعصبة للعرق الأبيض والمشاعر المؤيدة للنازية في أميركا التي سبقت الحرب العالمية الثانية.

ففي ثلاثينيات القرن الماضي، أعجب أميركيون كثر بجوانب أجندة أدولف هتلر، واحتشد المؤيدون للنازية في ميدان ماديسون، بحسب ستيف روس، أستاذ التاريخ في جامعة جنوب كاليفورنيا الذي يستعدّ لنشر كتاب بعنوان "الحرب ضد الكراهية: المقاومة الأميركية لتفوّق البيض بعد عام 1945".

ويقول روس إن هناك سلسلة مستمرة من الجماعات اليمينية المتطرفة مثل "براود بويز أو الأولاد الفخورون" و"حافظو العهد" التي تعود إلى نهاية الحرب العالمية الثانية.

ويضيف "هناك كثير من الأميركيين، ورأينا أحفادهم هناك (في 6 يناير)، الذين لم يذهبوا إلى الحرب لمحاربة هتلر وموسوليني أو لمحاربة النازية والفاشية. ذهبوا إلى الحرب لمجرد أن اليابان قصفتنا. وفي أذهانهم، عندما عادوا، توقّعوا أن كل شيء سيكون كما هو. وكون كل شيء على حاله يعني أن السود واليهود والكاثوليك والأقليات يعرفون مكانهم... ولكن عندما بدأت (مجموعات الأقليات) تطالب بحقوق أكبر مما كانت عليه قبل الحرب، هذا ما أثار الاستياء".

وتقول إرين باتر، الناجية من "الهولوكوست" والأستاذة في جامعة ميشيغان وواحدة من مؤسسي مجموعة زيتونة للحوار النسائي اليهودي العربي، إنه بعد 75 سنة على سقوط النازية لا تزال أصداؤها تتردد، فقبل أربع سنوات، "لم نكن نتوقع أن مثيري الشغب الذين يحملون رموزاً نازية سيقتحمون مبنى الكابيتول لمنع الإقرار برئيس منتخب بشكل عادل".

وتشير، في مقال على شبكة "سي أن أن"، إلى أن ما حدث في واشنطن كان محاولة انقلاب على الحكومة ولتفكيك الديمقراطية التي تحمي حقوق الجميع.

وتضيف باتر أن "الهجوم العنيف والواسع على مبنى الكابيتول بمثابة إيقاظ لنا بأن ديمقراطيتنا الأميركية ضعيفة وتحتاج إلى الحماية. تحتاج المؤسسات الديمقراطية إلى التعزيز وتحميل المسؤولين الحكوميين المسؤولية والمحاسبة"، داعية إلى العمل لمنع تكرار "التضليل والتشويه وإنكار حقوق الإنسان والديمقراطية التي أدت إلى الهولوكوست".

أحداث سابقة

من نواحٍ عدة، كان هذا المشهد المليء بالكراهية في الكابيتول تتويجاً لأحداث سابقة عدة على مدار السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك تجمّع "توحيد اليمين" في شارلوتسفيل بفيرجينيا عام 2017، الذي ضمّ فصائل متطرفة من جميع أنحاء البلاد ممن رفعوا الأعلام الكونفيدرالية ورموز التفوق الأبيض.

وتقول ليسيا بروكس، رئيسة موظفي مركز قانون الفقر الجنوبي لمكافحة العنصرية، "إن مظاهر التفوق الأبيض هذه ليست جديدة... الآن وصلت للتو إلى درجة الحمّى".

في المقابل، يعتقد خبراء أن التطرف اليميني المتصاعد في الولايات المتحدة، هو نتاج صادم لكن طبيعي لسنوات من العنف وخطاب الكراهية الذي أذكته المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة. فبحسب أورين سيغال، نائب رئيس مركز مكافحة التطرف التابع لرابطة مكافحة التشهير، فقد تم رصد أعضاء من مجموعات عدة من المتعصبين للبيض والنازيين الجدد من بين الحشود المؤيدة لترمب في واشنطن خلال أعمال الشغب.

وأضاف أن اقتحام مبنى الكابيتول هو "النتيجة المنطقية للتطرف والكراهية التي لم يمكن السيطرة عليها" خلال رئاسة ترمب.

المزيد من تقارير