كشفت تجربة كبرى أنّ علاجًا مبتكرًا قد يساعد في حماية مئات الملايين من الأشخاص من "وباء القرن الحادي والعشرين" وهو اعتلال الكلى القاتل لدى المصابين بمرض السكري.
أظهرت البحوث التي أجرتها أستراليا و بريطانيا أنّ تناول دواء خفض السكر في الدم، كاناغليفلوزين canagliflozin، مرة واحدة في اليوم، قد قلّل من حالات الفشل الكلوي والموت بنسبة الثلث لدى مرضى السكري.
هناك حوالي خمسة ملايين من مرضى السكري في بريطانيا، ووفقًا للباحثين، يكلّف اعتلال الكلى بسبب مرض السكري هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) ما يوازي 927 مليون جنيه استرليني سنويًا. ومع ذلك، لم تتوفر علاجات جديدة لهذا المرض منذ عقدين تقريبًا.
وفي هذا الإطار أوضح البروفيسور فلادو بيركوفيك، وهو المدير التنفيذي لمعهد جورج للصحة العالمية، والمؤلّف الرئيس لهذه الدراسة "أنّ عدد المصابين بداء السكري يتجاوز الـ 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وحوالي 40 في المائة منهم سوف يصابون باعتلال الكلى. وبمجرد إصابتهم بأمراض الكلى، يصبحون أكثر عرضة بكثير لخطر الإصابة بالفشل الكلوي والنوبات القلبية والسكتات الدماغية والموت".
والجدير بالذكر أنّ اعتلال الكلى نتيجة الإصابة بالسكري هو نتيجة مباشرة لفشل السيطرة على مستويات السكر في الدم لدى المرضى مما يؤدي إلى تدمير الأوعية الدموية في الكلى، ويقوّض قدرتها على تنظيف الدم من الأملاح والبروتين وغيرها من النفايات التي يمكن أن تسبب أضرارًا.
وبالإضافة إلى زيادة خطر الوفاة بحالات قلبية وعائية مختلفة، قد يحتاج المرضى الذين يصابون بالفشل الكلوي إلى جلسات غسيل الكلى بانتظام لتنظيف دمائهم.
ولاختبار آثار كاناغليفلوزين canagliflozin، قام الباحثون بتجنيد 4,401 مريضًا يعانون من مرض السكري واعتلال الكلى في 34 دولة. وأعطوهم بشكل عشوائي إما كاناغليفلوزين أو دواء وهميًا، إلى جانب علاجهم المعتاد لمرض السكري.
التجربة تم إيقافها مبكراً بسبب معدلات نجاحها المرتفعة فلم يعد هناك مسوغ لترك بعض المشاركين فيها يتناولون علاجا وهميا وهو ما يعتبر أمرا غير أخلاقي.
نتالئج التجربة التي نشرت في مجلة نيو إنغلند الطبية (New England Journal of Medicine)، أظهرت أنّ الفشل الكلوي والوفيات على مدى أكثر من عامين ونصف انخفض بنسبة 34 في المائة مقارنة بمجموعة العلاج الوهمي.
كما انخفضت معدلات إدخال المرضى إلى المستشفيات بسبب الإصابة بأعراض قلبية بنسبة 39 في المائة، وتراجع عدد المصابين بنوبات قلبية والسكتات الدماغية والوفيات الناجمة عن أمراض القلب بنسبة 20 في المائة. كما و لم تسجل أي إصابات جراء الآثار الجانبية لاستخدام الدواء.
وقالت الدكتورة ميغ جاردين، المؤلفة المشاركة في الدراسة: "ما أظهرناه هو أنّ هذا الدواء لا يحمي الأشخاص المصابين بداء السكري من الإصابة بفشل كلوي فحسب، بل يحميهم أيضًا من أمراض وفشل القلب وغيرها من مضاعفات القلب والأوعية الدموية".
وأضافت: "الأهم من ذلك، أنّه يساعد الأشخاص الذين يعانون أصلًا من ضعف في وظائف الكلى، والمعرّضين لمخاطر عالية بشكل خاص. مع وجود خمسة ملايين شخص حول العالم من المتوقّع أن يصابوا بفشل كلوي بحلول العام 2035، يُعدّ هذا إنجازًا كبيرًا".
وأشار الاتحاد الوطني لمرضى الكلى في المملكة المتحدة إلى "أنّ البحث المثير ضمن هذه التجربة هو نجاح أول تجربة للوقوف على فعالية دواء مضاد لمرض السكري في هذا المجال، ما يكشف خطأ تقديراتنا السابقة التي كانت تشير إلى غياب أي وسيلة علاجية من شأنها شفاء الاعتلال الكلوي المزمن ومرض السكري من النوع 2."
© The Independent