Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نافالني افتتح موسم احتجاجات في روسيا أربك الكرملين

التظاهرات الأخيرة لم تقتصر على موسكو بل تركزت في بلدات لم يعرف عنها في السابق تأييد المعارضة

متظاهر يهتف خلال تجمع داعم لزعيم المعارضة الروسية المسجون أليكسي نافالني في موسكو (رويترز)

عمت روسيا يوم السبت موجة احتجاجات - في تحد يبدو أنه الأكبر خلال عقد لسلطة فلاديمير بوتين. فقد نزل إلى الشارع مئة ألف شخص على الأقل، ويرجح أن يكون عددهم أكبر بكثير، في أكثر من مئة مدينة وبلدة موزعة على 11 وحدة زمنية، وسط جائحة وحرارة وصلت في إحدى المناطق إلى خمسين درجة مئوية تحت الصفر، على الرغم من المخاطر الواقعية وحقيقة حصول قمع عنيف أحياناً.

وطالب المتظاهرون بإطلاق سراح أليكسي نافالني، معارض بوتين الذي تعرض للتسميم بمادة كيماوية عصبية وسُجن فور عودته إلى روسيا. لكن أجندتهم كانت أوسع من ذلك - فقد عبر كثير منهم عن غضبهم من وقوع بلدهم أكثر فأكثر في قبضة نخبة أمنية ضئيلة.

وليس في محله الاستنتاج بأن يوم التظاهرات شكل انعطافاً حاسماً بالنسبة إلى فلاديمير بوتين. إنما حدث ما يثير قلق الزعيم الذي حكم 20 عاماً حتى الآن: كانت مهمة الكرملين أن يبرهن أن نافالني غير قادر على حشد عدد كاف من الناس، وقد فشل. أما مهمة نافالني فكانت في تفادي مثل هذا الإخفاق، وقد نجح على أفضل وجه.

وعلى الرغم من سجن معظم أعضاء فريقه، تمكنت شبكة نافالني من استقطاب متظاهرين من الدوائر الانتخابية والأعمار والخلفيات كافة وليس المتظاهرين التقليديين فحسب. بل استناداً إلى علماء اجتماع درسوا مسيرة موسكو، كان أكثر من 40 في المئة من المشاركين يتظاهرون للمرة الأولى.

ولم يكن التجمع جمعاً غريباً من تلاميذ المدارس و"المتمرسين في استدراج الأطفال لاستغلالهم جنسياً" كما توقعت وسائل الإعلام المؤيدة للكرملين. وفقاً للاستطلاع ذاته، 4 في المئة فقط كانت أعمارهم أقل من 18 عاماً فيما القسم الأساسي منهم في سن متوسطة.

لا شك في أن لكل تظاهرة ما يميزها لكن بدا كأن احتجاجات يوم السبت جمعت ميزات في مسيرات محلية أخرى مؤخراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فقد ظهرت بعض ملامح الفرح التي طبعت الاحتجاجات المناهضة لبوتين في 2011 و2012. وحينذاك رأت المعارضة الروسية أنها كوة في الجدار وأخطأت في اعتقادها بأن الكرملين أوشك على الاستسلام. كما ظهرت لحظات غضب شبيهة بتظاهرات ميدان الاستقلال [الأوكراني] شكت من [ التحول إلى] أمة "مذلولة ومُهانة" - وهي كلمات مستعارة من معلق كان يؤيد الكرملين في السابق.

وبرز في المزيج أيضاً الاحتجاجات الطالبية من العام 2019 في موسكو- لا سيما في الدفاع والهجوم المضاد الذي قام به بعض المتظاهرين ضد الشرطة وفي توقع أن يفضي الموضوع إلى قمع مشابه.

لكن الذي ميّز يوم السبت عن التظاهرات السابقة، شيئان على الأقل. أولهما الانتشار الجغرافي. لم تكن هذه التظاهرات حدثاً محصوراً بموسكو بأي شكل من الأشكال، بل تركزت في بلدات لم ترتبط سابقاً بأي تأييد للمعارضة. 

ووفقاً لفريق السيد نافالني، ما حفّز أغلبية الناس في تلك المناطق الساخنة الجديدة لم يكن اعتقال السياسي بقدر التقرير الذي وضعه حول منتجع فاخر على البحر الأسود بُني من أجل فلاديمير بوتين على ما يبدو- حيث يعادل ثمن فرشاة حمام واحدة أعلى راتب تقاعدي (روسي) خلال سنة كاملة. 

وشاهد نحو 80 مليون شخص تقريباً التقرير الاستقصائي الذي نُشر في اليوم التالي لاعتقال السيد نافالني. ولم يصدر الكرملين حتى الآن رواية مقنعة تدحض التقرير المحرج، بل علق فحسب بقوله إنها "إسطوانة مكررة".

والميزة الثانية هي ما ظهر من طبيعة فوضوية ومتقلقلة لعمل الشرطة. في موسكو مثلاً، حاول أفراد الشرطة بلا جدوى إخلاء نقطة الالتقاء الرئيسية في ساحة بوشكين مرات. 

ولم يستخدموا أدوات مثل القنابل الصوتية سوى لاحقاً. ولا شك في أن العنف كان أكثر قسوة في العاصمة الشمالية في سانت بطرسبرغ، التي احتشد فيها عدد كبير من المتظاهرين. هناك، أُرسلت سيدة تبلغ من العمر 54 إلى العناية الفائقة بعد قيام أحد أفراد شرطة الشغب بركلها بأسلوب الكونغ فو على معدتها، ما أدى إلى ارتطام رأسها بشدة بأسفلت الطريق. 

ويقول كونستانتين كالاتشيوف، وهو محلل سياسي مقره في موسكو لديه شبكة علاقات واسعة، إن السلطات "ضائعة" بعض الشيء بسبب الأحداث وقد انكفأت إلى وضعية "الدفاع العميق" [تأخير الهجوم وليس الحؤول دونه] عن ذاتها. 

وما زالت تنوي إيجاد حلول "دقيقة ومرتبة" تقوّض قدرات شبكة السيد نافالني، كما يقول- لكنها ترغب في تفادي دورات القمع والغضب الخارجة عن السيطرة التي ظهرت في أوكرانيا في عهد فيكتور يانوكوفيتش في 2013-2014 وبيلاروس في ظل حكم ألكساندر لوكاشينكو العام الماضي.

ومن غير الواضح إلى متى يمكن لوضعية "الدفاع العميق" أن تستمر، نظراً لاستمرار وجود الحافز الذي يشكله اعتقال السيد نافالني، وهو موضوع غير قابل للتفاوض على الأرجح. إن الضعف الواضح والاستبداد لا يشكلان أبداً ركيزة مستقرة.

وهذا ما يعرفه السيد يانوكوفيتش حق المعرفة ويسعه أن يؤكده.

© The Independent

المزيد من تحلیل