Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل سينجح بايدن في تصحيح مسار تخبط أميركا في توزيع لقاح كورونا؟

"فايزر" و"موديرنا" في تحد صعب لمضاعفة إنتاجهما قبل نهاية الربع الأول من 2021

مع بدء توزيع مجموعة اللقاحات الأولى ضد فيروس كورونا في الولايات المتحدة يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بدأ ملايين الأميركيين، بقدر من القلق، العد التنازلي لليوم الذي سيحصلون فيه على اللقاح، بخاصة المسنّين الذين يتعرضون لخطر أكبر من غيرهم للإصابة بالعدوى، إلى جانب العاملين في الرعاية الصحية الذين يواجهون مخاطر الإصابة بالفيروس الفتاك وجهاً لوجه كل يوم، غير أنه بعد ستة أسابيع من بدء حملة التطعيم لا تزال غالبية المسنين في انتظار اللقاح، إذ لم يتم تلقيح سوى 22 مليون أميركي وتوزيع 41 مليون جرعة، وهو رقم أقل بكثير مما تعهدت به إدارة دونالد ترمب السابقة، وشكل تحدياً للرئيس جو بايدن بعد توليه الحكم الأربعاء الماضي، فلماذا تأخر وصول اللقاحات في أميركا وأوروبا ومناطق أخرى حول العالم؟ وهل تتحمل شركتا "فايزر" و"موديرنا" المسؤولية عن ذلك؟ وما الذي تستطيع إدارة بايدن فعله لإصلاح أوجه الخلل في النظام الحالي؟

خلافات وسوء تنسيق

بعد شهر ونصف الشهر من بدء عملية توزيع اللقاحات ضد "كوفيد-19"، أصبح من الواضح للكثيرين أن خبراء الصحة والمسؤولين العسكريين عن نقل اللقاحات والسلطات الحكومية، غالباً ما كانوا على خلاف مع بعضهم بعضاً بسبب الأخطاء وسوء التواصل والتنسيق وانعدام الثقة، بينما يحاولون الآن التغلب على مجموعة متشابكة من التحديات اللوجستية من أجل تدشين حملة صحية غير مسبوقة بدءاً من الصفر.

ووفقاً لمسؤولي الصحة في الولايات المتحدة، فإن قرار إدارة ترمب الحد من دور الحكومة الفيدرالية في عملية إدارة اللقاحات وتسليمها، ترك مسؤولية التخطيط لتوزيع اللقاحات وتحديد برامج تلقيح الناس بها على عاتق كلٍ من الولايات الـ 50، الأمر الذي عقّد هذه المهمة اللوجستية التي تفاقمت بسبب نقص التمويل وعدد العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين كانوا غارقين في اختبارات الوباء وتتبع المصابين وحملات مكافحته فضلاً عن الرسائل المختلطة من السلطات التي تركت الولايات في ضبابية بشأن كمّ عدد الجرعات التي يتوقعون وصولها ومتى يمكن أن يتسلموها، بينما اعتبر رون كلاين رئيس موظفي البيت الأبيض أن الأمة الأميركية تواجه أيضاً مشكلات في التوزيع لأن إدارة ترمب، التي بدأت البرنامج لم تكن لديها خطة واضحة واقتصرت عملية توزيع اللقاحات على المستشفيات ودور رعاية المسنين.

أخطاء متكررة

ومثلما ارتكبت الولايات المتحدة أخطاء عديدة عند بدء إجراء اختبارات "كوفيد-19" في الربيع الماضي، من غياب القيادة الفيدرالية في عملية توزيعها، إلى التأخيرات الكبيرة في الحصول على النتائج، كان نقص مماثل في التخطيط والتنسيق والبنية التحتية لتوزيع اللقاحات وإدارتها على المستوى المحلي بحسب وصف عدد من المسؤولين السابقين في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وليس أدلّ على ذلك من إبلاغ 12 ولاية أميركية على الأقل عن نقص في اللقاحات، إذ حذّر مسؤولون في سان فرانسيسكو ونيويورك من احتمال نفاد جرعاتهم تماماً هذا الأسبوع، كما أغلق ما لا يقل عن 15 من مراكز التلقيح في مدينة نيويورك بشكل مؤقت لحين توافر جرعات جديدة.

تحدي بايدن الأول

وبينما تواجه إدارة بايدن تحديات صعبة بعد عام كامل من بدء انتشار الوباء في الولايات المتحدة، وارتفاع حالات الإصابة إلى 24 مليوناً، وأكثر من 400 ألف شخص، أصبحت السيطرة على الوباء هي الهم الأول للإدارة الأميركية الجديدة التي تسعى بكل قوة للإسراع بإصلاح الخلل الذي حدث، لا سيما أن الوتيرة البطيئة الحالية للحصول على لقاحات من خطوط الإنتاج وزرعها في أذرع الناس، ينذر بإضعاف مستوى حماية السكان ويهدد باستمرار انتشار العدوى، لا سيما مع وجود فيروس متحور جديد أكثر عدوى  وتزايد احتمالية ظهور أشكال متحولة جديدة، يمكن أن يقاوم بعضها اللقاحات المتوافرة حالياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على الرغم من أن الرئيس بايدن حدّد هدفاً يتمثل في إعطاء 100 مليون حقنة لقاح خلال الـ 100 يوم الأولى من حكمه كحد أدنى، بما يعني تلقيح 67 مليون شخص بجرعتين أو جرعة واحدة، إلا أن تحقيق ذلك يتطلب استجابة فيدرالية أكثر قوة لدعم الولايات، بما في ذلك استخدام الحرس الوطني والوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ لإنشاء الآلاف من مراكز التطعيم الجماعية والفرق المتنقلة للوصول إلى الأشخاص الذين يعيشون في المناطق النائية.

تعقيدات إضافية

ما يزيد تعقيد المهمة الشاقة أمام إدارة بايدن هو ما حذرت منه روشيل والينسكي مديرة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية، بأن الحكومة الفيدرالية لا تعرف كمية لقاحات فيروس كورونا المتوافرة لديها حالياً ولا تستطيع إبلاغ حكام الولايات ولا مسؤولي الصحة بعدد المتوافرة منها، كما تواجه قيوداً في الإمداد.

 وأصبحت الحاجة إلى تطعيم أكبر عدد من الأشخاص ضرورة ملحة مع تحور فيروس كورونا، إذ، تشير البيانات الأخيرة إلى أن 5.6 في المئة فقط من الأميركيين تلقوا اللقاح حتى الآن منهم 16.2 في المئة من السكان ذوي الأولوية من كبار السن والأطقم الطبية.

علاوة على ذلك، لاح في الأفق تعقيد آخر مع إعلان أنتوني فاوتشي كبير المستشارين الطبيين في البيت الأبيض أن لقاحات "كوفيد-19" الموجودة حالياً في السوق قد لا تكون فعالة ضد السلالات الجديدة، ما يجعل الولايات المتحدة في سباق مستمر للتكيف مع المتغيرات الجديدة لأن الفيروس سيستمر في التحور والتغير.

قصور في الإنتاج

مع تسليط الضوء على أوجه القصور في توزيع اللقاحات، تبين للمسؤولين في إدارة بايدن معوّق آخر قد يمنع تسريع التطعيمات بشكل كبير في المستقبل القريب وهو قدرة شركتي "فايزر" و"موديرنا" على توسيع نطاق التصنيع وتقديم الجرعات إلى حكومة الولايات المتحدة.

ووفقاً لبيانات تخصيص اللقاح في الأسابيع القليلة الماضية، قدّمت كل من شركتي "فايزر" و"موديرنا" بشكل ثابت نحو 4.3 مليون جرعة أسبوعياً، لكن تحقيق الهدف الذي حددته إدارة بايدن المتمثلة في 100 مليون جرعة خلال الـ 100 يوم الأولى من رئاسته، يحتاج كل منهما إلى تقديم 7.5 مليون جرعة في الأسبوع خلال الأسابيع التسعة المقبلة.

يمثل ذلك تحدياً صعباً لكل من الشركتين، لاحتياجهما إلى أن يسير كل شيء بشكل صحيح، بينما يمكن أن يحدث الكثير من الأخطاء مثل تعطل المعدات وإصلاحها واجتياز الجرعات اختبارات الجودة قبل شحنها والحفاظ على إمدادات ثابتة من المكونات الكيماوية والقوارير الزجاجية والعمالة الماهرة ولا شك في أن الجودة أكثر أهمية للجميع من سرعة الإنتاج.

بواعث الأمل

مع ذلك، ما زالت هناك بواعث عديدة للأمل في المستقبل، إذ من المنتظر تزايد إنتاج اللقاحات بعد الـ 100 يوم الأولى، حيث سيخفف الإنتاج المتوقع للقاح "جونسون آند جونسون" الذي سيبلغ 100 مليون جرعة بحلول الربيع المقبل من مشاكل الإمداد، كما عرضت شركة "أمازون" العملاقة التي تمتلك طائرات شحن وشبكة واسعة الانتشار من وسائل الشحن والنقل المساعدة في الجهود الوطنية الأميركية للتوزيع بهدف الإسراع في تلقيح 100 مليون أميركي خلال 100 يوم.

وأعلنت إدارة الرئيس بايدن أنها تخطط لاستخدام قانون الإنتاج الدفاعي لزيادة الإنتاج، الذي استخدمته إدارة ترمب 18 مرة لمواجهة فيروس كورونا وفقاً لبيان أصدره البيت الأبيض في 29 ديسمبر الماضي.

غير أن المتحدث باسم "موديرنا" اعتبر أن الشركة في المسار الصحيح مع توقعات بتقديم 100 مليون جرعة نهاية الربع الأول و200 مليون نهاية الربع الثاني في وقت لم تفصح شركة "فايزر" عن توقعاتها الإنتاجية خلال الوقت المستهدف في خطة بايدن بعدما أوقفت تسليم اللقاحات بمعدل النصف لبعض دول الاتحاد الأوروبي.

وكانت شركة "فايزر" وشريكتها الألمانية "بيونتيك" رفضتا التعليق على تخفيض الإنتاج بخلاف بيانهما الأسبوع الماضي، الذي أعلن عن تخفيضات في عمليات التسليم مع زيادة التصنيع في أوروبا.

وبينما تبدو المهمة صعبة في الولايات المتحدة إلا أنها ليست مستحيلة من وجهة نظر الخبراء الذين عبّروا عن اعتقادهم بأن الشركات ستكون قادرة على توسيع نطاق التصنيع بشكل كبير وتقديم 100 مليون جرعة لكل منها بحلول 31 مارس (آذار) المقبل، من خلال إضافة المزيد من المعدات وإيجاد طرق لتقصير الوقت الذي يستغرقه الانتقال من المواد الخام إلى المنتج النهائي المعتمد.

المزيد من تحلیل