Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأمن الجمهوري في تونس مؤجل حتى تطوير التشريعات

لماذا تأخر سن القوانين الصارمة بعد 2011؟

دعوة إلى تحييد وزارة الداخلية عن التجاذبات السياسية والحزبية (غيتي)

أعاد التدخل الأمني في الفترة الأخيرة لمكافحة الاحتجاجات الليلية في تونس السؤال حول الأمن الجمهوري، وكيف تتعاطى الوحدات الأمنية مع المحتجين، عند ممارستها مهامها؟ وهل تملك البلاد فعلاً أمناً جمهورياً؟

الدفاع عن مؤسسات الدولة

يعرف الأكاديمي المتخصص في الشأن الأمني، فيصل الشريف، أن "الأمن الجمهوري يعنى بالدفاع عن مؤسسات الدولة، وحماية أمن البلاد الداخلي والخارجي، في كل ما يهم مقاومة الإرهاب، ومقاومة الجريمة، والتدخل الخارجي، ويمارس مهامه بكل حياد بعيداً من التجاذبات السياسية والحزبية، وتحت حماية القانون".

ويضيف الشريف أن الأمن التونسي عبر التاريخ وظف لحماية نظام الحكم، وهو ما جعله غير محايد، كما وظف لقمع المعارضة، طيلة خمسة عقود أو أكثر (حكم الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي).

توظيف وزارة الداخلية سياسياً

ويؤكد الأكاديمي المختص في الشأن الأمني، أن الحاجة ملحة اليوم إلى تطوير المنظومة التشريعية، التي تنظم عمل قوات الأمن، مذكراً بأن تأسيس أول نواة لقوات الحرس الوطني، كانت في أبريل (نيسان) 1956، في مرحلة تاريخية اتسمت بمواجهة عناصر اليوسفيين (الموالين لصالح بن يوسف) في تونس، والذين كانوا يحملون السلاح، وكان الهدف آنذاك، بناء الدولة الوطنية؟

وبقيت قوات الأمن لسنوات بعد الاستقلال، تعمل بالقوانين نفسها مع بعض التنقيحات، ولم تكن على مر التاريخ بعيدة من التوظيف من قبل النظام الحاكم، لذلك كان نظام الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي، يسمى نظاماً بوليسياً لأنه وظف قوات الأمن لقمع المعارضة والتضييق على الحريات.

ويشدد الشريف على ضرورة وضع تشريعات جديدة، تضمن حقوق أعوان الأمن، وتحدد مجال تحركها وحدود تدخلاتها.

الطبقة السياسية تتحمل المسؤولية

يعتبر الشريف أن السياسيين هم من يتحملون مسؤولية الإجابة عن الاحتجاجات، من خلال صياغة مشروع مجتمعي، يقوم على العدالة والتنمية، داعياً إلى عدم الزج بقوات الأمن في التجاذبات السياسية، وجعلهم في خط النار، في مواجهة الاحتجاجات.

ويوضح أنه في غياب رؤية سياسية شاملة وهادفة، ومشروع مجتمعي، وأفق سياسي واقتصادي، تجد قوات الأمن نفسها، في مواجهة المواطنين المحتجين، لتتحمل فيما بعد تبعات التدخل الأمني، لقمع تلك الاحتجاجات، التي قد تخرج عن السيطرة وتتحول إلى عمليات نهب وتخريب للممتلكات العامة والخاصة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يذكر أن الفصل الثامن عشر من الدستور التونسي ينص على أن "الأمن الوطني أمن جمهوري، قواته مكلفة حفظ الأمن والنظام العام وحماية الأفراد والمؤسسات والممتلكات وإنفاذ القانون، في كنف احترام الحريات وفي إطار الحياد التام"، إلا أن هذا الفصل لم يتم تنزيله في شكل قوانين أساسية منظمة لعمل قوات الأمن.

تنديد بعنف قوات الأمن

يعيب فيصل الشريف على الحقوقيين عدم تطرقهم في بياناتهم وخطاباتهم إلى حقوق الأمنيين، بينما تعلو الأصوات، تنديداً بقمع الاحتجاجات باستعمال العنف من قبل القوات الأمنية.

ويرى أن مجموعة من المنظمات والجمعيات الحقوقية، نددت في بيان مشترك لها، بالاستعمال المفرط للقوة والإيقافات العشوائية واستهداف النشطاء، خلال التظاهرات والمسيرات الأخيرة، داعية إلى إقامة محاكمة عادلة لمن ثبت تورطه في عمليات النهب والتكسير والعنف.

واعتبرت الجمعيات الموقعة على البيان، أن التحركات هي "محاولة من الشباب التونسي لإيصال صوته إلى من يحكمونه في واقع سياسي يزداد بؤساً كل يوم"، في إشارة إلى الصراعات السياسية من أجل التموقع داخل أجهزة السلطة، ما جعل مصلحة المواطنين وحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية في آخر سلم اهتمامات الطبقة السياسية.

النجاعة والحياد

في السياق ذاته، يوضح الأكاديمي والباحث في القضايا الأمنية والاستراتيجية، علية العلاني، أن ما يحصل اليوم من نتائج مواجهة المحتجين الغاضبين، لا يتحمل تبعاتها الأمنيون فحسب، وإنما السياسيون بدرجة أولى، لأنهم قصروا في توفير إجابة واضحة، عن أسئلة الشارع التونسي في التنمية والتشغيل والعدالة الاجتماعية.

وحول التجاوزات التي قد تحدث من قبل الأمنيين يؤكد أن القضاء يفصل فيها بإنفاذ القانون. وعن متطلبات الأمن الجمهوري، يبرز الباحث في القضايا الأمنية والاستراتيجية، أن النجاعة في حماية أمن البلاد، والحزم في تطبيق القانون واحترامه، والحياد والمساواة، في تطبيق القانون، كلها من مقتضيات التأسيس لأمن جمهوري.

ويشدد على ضرورة سن التشريعات الملائمة، لحماية رجال الأمن أثناء ممارستهم مهامهم، من أجل مزيد من النجاعة وتحديد المسؤوليات.

ويختم بالدعوة إلى تحييد وزارة الداخلية عن التجاذبات السياسية والحزبية، وتحصينها من أي اختراق، حفاظاً على تماسكها ووقوفها أمام التونسيين، ومؤسسات الدولة، موقف المحايد المحافظ على الدولة ومؤسساتها.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي