Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يشهد العالم أزمة "توريد" لقاحات كورونا؟

جدولت دول الجرعة الثانية من عقار "فايزر" بسبب تأخره وأزمة في الأفق بين البرازيل والهند

بعد مشاهد الأمل التي أثارها تشمير سواعد المواطنين حول العالم لتلقي اللقاح المضاد لكورونا، الذي تتسابق شركات عالمية عدة لتصنيعه، بدت أزمة كبرى تلوح في الأفق في ما يتعلق بتوريد شحنات اللقاح، ومواعيد تسلمها، ما زاد المخاوف بين كثير من الدول حول قدرتها على الحفاظ على جداولها للقاحات.

وقبل يومين، أعلنت السلطات الصحية السعودية إعادة "جدولة إعطاء اللقاح لمن حصلوا على موعد الجرعة الأولى من عقار فايزر، بسبب تأخر الشركة الصانعة في التوريد". تلك الأزمة التي أثارتها شركة "فايزر" الأميركية بإعلانها تأخير الشحنات في الأسابيع الثلاثة إلى الأربعة المقبلة، بسبب أشغال في مصنعها الرئيس في بلجيكا، لم تكن الوحيدة المتعلقة بأزمة توريد اللقاحات حول العالم، إذ تتصاعد مشكلة مماثلة في البرازيل، إحدى أكثر دول العالم تضرراً من الوباء، مع الهند، التي تقول إنها تنتج نحو 60 في المئة من اللقاحات في العالم، على إثر تأجيل شحنات اللقاح، الأمر الذي تسبب في "ضغوط سياسية وصحية"، بحسب الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتأتي أزمة "توريد اللقاحات" بالتزامن مع دخول العالم ذروة الموجة الثانية من الوباء، وعودة قيود الإغلاق العام، وتشديد الإجراءات الاحترازية، المتزامنة مع الارتفاع غير المسبوق في تعداد الإصابات والوفيات. وفي أحدث الإحصاءات العالمية التي نشرتها وكالة "رويترز"، فإن ما يربو على 97.04 مليون أصيبوا بكورونا على مستوى العالم، في حين وصل إجمالي عدد الوفيات إلى مليونين و83965، وسُجلت إصابات في أكثر من 210 دول ومناطق منذ اكتشاف أولى حالات الإصابة في الصين في ديسمبر (كانون الأول) 2019.

السعودية تجدول موعد الجرعة الثانية

 بشكل مفاجي، أعلنت وزارة الصحة السعودية، الأربعاء الماضي، عزمها جدولة الجرعة الثانية من لقاح (فايزر)، بسبب "تأخر الشركة الصانعة في التوريد إلى المملكة وجميع دول العالم، التي تصدر لها العقار"، ما أثار الجدل في بقية دول المنطقة، بشأن الشحنات المتعاقد عليها مع الشركات العالمية وسط ذروة الموجة الثانية من الوباء.

وفق ما كتبته "الصحة" السعودية، على صفحتها الرسمية على "تويتر"، فإن "إعادة جدولة إعطاء اللقاح لمن حصلوا على موعد الجرعة الأولى، هي بسبب تأخر الشركة الصانعة في التوريد، الناتج من إيقاف مصنعها للتوسع في خطوط الإنتاج". وأضافت، "إعادة الجدولة ستكون للجرعة الثانية للأشخاص الذين حصلوا على الأولى، وسيجري إرسال رسالة نصية لهم بالمواعيد الجديدة".

وجاء إعلان السلطات الصحية في السعودية، التي تستخدم في حملة التطعيم الوطنية لقاح فايزر الذي طورته الشركة الأميركية بالتعاون مع شريكتها بيونتيك الألمانية، بعد أن أعلنت "فايزر" منتصف يناير (كانون الثاني) الحالي، أنها ستؤخر الشحنات في الأسابيع الثلاثة إلى الأربعة المقبلة، بسبب أشغال في مصنعها الرئيس في بلجيكا. مشيرة إلى أن التعديلات في مصنع بورز في بلجيكا "ضرورية" من أجل زيادة طاقتها الإنتاجية بدءاً من منتصف فبراير (شباط) لأول لقاح معتمد من منظمة الصحة العالمية.

كما حذرت "فايزر" من أنه ليس لديها أي دليل على أن لقاحها "سيستمر في الحماية" من كورونا، إذا جرى إعطاء العقار الثاني المعزز في وقت متأخر (خلافاً لما أجرته هي في تجاربها). ووعدت المجموعة الأميركية بـ"زيادة كبيرة" في عمليات التسليم في أواخر فبراير ومارس (آذار).

وسبق للشركة الأميركية أن قالت، إنها "لا تملك دليلاً" على أن عقارها سيستمر في توفير درجة الحماية ذاتها من كورونا، إذا جرى تأخير الجرعة الثانية.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، ذكرت "فايزر"، في بيان مشترك مع "بايونتك"، أنه "لم يتم تقييم سلامة وفعالية اللقاح على جداول جرعات مختلفة، لأن غالبية المشاركين في التجربة تلقوا الجرعة الثانية في النافذة المحددة في تصميم الدراسة"، في إشارة إلى التطعيمات الأولية وتلك المعززة، التي تعطى بفارق ثلاثة أسابيع.

المخاوف تخيم على دول أخرى

 لم تكن السعودية وحدها التي أعلنت تأخير "توريد لقاحات فايزر"، في منطقة الخليج العربي، فقبل أيام قالت وزارة الصحة البحرينية، إن شحنة يناير من العقار "لن تصل في الوقت المحدد"، لكنها أعلنت أن ذلك "لن يؤثر" في الجرعات الثانية خلال الفترة المقبلة، حسب المواعيد المجدولة الحالية، وتوافر الكمية المطلوبة للأشخاص الذين تلقوا التطعيم.

وفي أقصى الغرب، تلوح أزمة مماثلة في الأفق بين البرازيل والهند، بسبب "توريد اللقاحات"، إذ ذكرت صحيفة "فولها دي إس باولو" البرازيلية، أن المسؤولين البرازيليين يحاولون التواصل مع نظرائهم الهنود لـ"حل المشكلة".

وبحسب الصحيفة ذاتها، فقد كان من المقرر أن تغادر طائرة من ريسيفي، شمال شرقي البرازيل، الجمعة الماضية، لنقل مليوني جرعة من لقاح "أسترازينيكا" من الهند، إلا أن العملية تأجلت، ما تسبب بحسب تصريحات الرئيس جايير بولسونارو لمحطة "بانديرانتس" التلفزيونية البرازيلية، في "ضغط سياسي وصحي في البلاد".

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، فإن الهند تنتج نحو 60 في المئة من اللقاحات في العالم. ويذهب كثير منها إلى دول لم تحجز مسبقاً أعداداً كبيرة، مثل ألمانيا والدول الغنية الأخرى. وبدأت الهند أيضاً حملتها المحلية للتطعيم أخيراً، وهي أكبر حملة في العالم، بحسب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، حيث من المقرر تطعيم نحو 300 مليون شخص بحلول يوليو (تموز) المقبل.

هل من أزمة تلوح في الأفق؟

في الوقت الذي تشير فيه وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، إلى أن سلاسل التوريد العالمية، المعنية بإدارة عملية نقل وشحن السلع حول العالم سواء عبر السفن أو الطائرات أوالشاحنات، "غير مستعدة بالكامل" للتعامل مع التحديات الجمة المصاحبة للعملية المعقدة لنقل لقاح كورونا من مقرات الشركات المصنعة وإيصاله إلى مليارات البشر في مختلف أنحاء العالم، يتخوف مراقبون من تأثيرات تأخر الجرعة الثانية، نظراً إلى ارتباط فعاليته بفترة زمنية تتطلب تناول الجرعة الثانية.

وبحسب ما نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية، انتقد خبراء بريطانيون إستراتيجية بلادهم في عملية التطعيم ضد الوباء بسبب تأخر الجرعة الثانية، وذلك لإعطاء الفرصة لأكبر قدر ممكن من الناس للحصول على التطعيم الأول، وهي الإستراتيجية التي أثارت جدلاً عالمياً، ولفتت الأنظار إلى الأسلوب الجديد، موضحة أن أغلب اللقاحات تحتاج إلى جرعتين بينهما فاصل زمني، لتحقق فعاليتها في الحماية من الوباء، في وقت يطالب فيه الخبراء بمنح الأولوية في الجرعة الثانية للأشخاص الذين حصلوا على الأولى.

ويقول جوليان سوتش، رئيس قسم شحن الدواء في شركة الإمارات للشحن الجوي "سكاي كارجو"، وفق ما نقلت عنه "بلومبيرغ"، إن استيعاب طائرة واحدة تابعة لشركة "بوينغ 777" للشحن تكفي لحمولة مليون جرعة من لقاح كورونا، ما يعني أن إنقاذ نصف سكان العالم من المرض المميت، قد يتطلب إقلاع ما يقرب 8 آلاف طائرة لشحن الدواء، ما يضيف مزيداً من التحديات بشأن عملية النقل.

من جانبها، وفي تعليقها لـ "اندبندنت عربية"، تقول هدى لنجر، المستشارة الإقليمية في منظمة الصحة العالمية، "لا شك أن تطوير وترخيص عدة لقاحات آمنة وفعالة في غضون أقل من عام واحد بعد عزل هذا الفيروس، وتحديد متوالياته هو إنجاز علمي مذهل، لكن ترخيص اللقاحات القليلة الأولى لا يعني أن المهمة أُنجزت. فلا بد من توفير ما يكفي من الجرعات للجميع". موضحة "حتى الآن وزع أكثر من 30 مليون جرعة بالفعل في 47 بلداً، لكن الملاحظ أنها البلدان المرتفعة الدخل بشكل رئيس. إن هذا النمط من نشر اللقاح على الصعيد العالمي أبرز أوجه التفاوت الصارخ في إتاحة هذه الأداة المنقذة للحياة".

ووفق لنجر، "اتفق الخبراء العالميون في المنتدى الافتراضي الذي عقدته منظمة الصحة العالمية منذ أيام، على أن العالم بحاجة إلى لقاحات متعددة، تفيد فئات سكانية مختلفة من أجل تلبية الطلب العالمي وإنهاء الجائحة. وينبغي على الأمثل أن تتكون هذه اللقاحات من جرعة واحدة، وأن لا تتطلب سلسلة تبريد خاصة، ويمكن إعطاؤها دون الحاجة إلى إبرة ويمكن تصنيعها على نطاق واسع"، مضيفة أنه "من شأن هذه التدخلات أن تيسر إتاحة العقاقير بكميات كافية وتوزيعها على جميع البلدان من دون تمييز أو تفاوت بسبب القدرات المالية والتقنية".

يشار إلى أنه على مدار الأشهر الأخيرة، برزت عدة لقاحات واعدة بشأن مواجهة كورونا، وبدأ كثير من دول العالم الاعتماد على أحدها في إطار برامجها الوطنية لتطعيم مواطنيها، ومن بين أبرزها، عقار "فايزر - بيونتيك" الذي ينتجه تحالف بين شركتين أميركية وألمانية، و"مودرنا" الذي تتولاه شركة أميركية، فضلاً عن "أسترازينيكا"، المنتج من قبل الشركة البريطانية بالتعاون مع جامعة أكسفورد، وهناك أيضاً عدد من اللقاحات الصينية، أبرزها "سينوفارم"، و"سينوفاك بيوتيك"، وكذلك العقار الروسي "سبوتنك في".

المزيد من تقارير