Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعهدات رسمية مصرية قطرية للالتزام بالعلا "تنفيذيا"

"خطوة" أولى وأساسية لبدء مسار الحوار والتفاهم حول جميع المشكلات العالقة

مبنى وزارة الخارجية المصرية وسط القاهرة  (أ ف ب)

تبادلت مصر وقطر مذكرتين رسميتين اتفقتا بموجبهما على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، بعد ما يزيد على ثلاث سنوات من قرار المقاطعة الرباعية، وذلك التزاماً بمقررات قمة العُلا الخليجية والخطوات التنفيذية للمصالحة التي جرى التفاهم حولها، ما اعتبره مراقبون "خطوة" أولى وأساسية لبدء مسار الحوار والتفاهم حول جميع المشكلات العالقة بين البلدين، التي شملت طيفاً واسعاً من القضايا السياسية والإعلامية والأمنية والإقليمية.

وقالت مصادر حكومية مصرية إن اجتماعات ثنائية عدة عقدت بين الجانبين منذ توقيع القاهرة على بيان قمة العلا، التي استضافتها السعودية أوائل يناير (كانون الثاني) الحالي، "ما يعني أن كثيراً من الملفات جرى التباحث حولها، قبيل إعلان إعادة العلاقات الدبلوماسية، لكن لا يزال الحوار مستمراً من أجل إنضاج تفاهمات تسفر عنها خطوات تنفيذية إضافية للالتزامات المتبادلة".

عودة العلاقات الدبلوماسية

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية أن القاهرة تبادلت ودولة قطر، مذكرتَين رسميتَين اتفقت الدولتان بموجبهما على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.

من جانبه، قال السفير محمد مرسي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق وآخر سفير لمصر في قطر قبل قطع العلاقات، إن هذه الخطوة موضع ترحيب وفي "الاتجاه الصحيح".

وأضاف أن "توقيع مذكرتَي التفاهم بين البلدين هو إجراء دبلوماسي طبيعي تتم بموجبه إعادة العلاقات الدبلوماسية، وبدء سفارتي البلدين أعمالهما، وكذا ترشيح السفيرين للعمل في عاصمتيهما".

وأعرب الدبلوماسي المصري عن أمله في أن "تسهم هذه الخطوة وكذا حسن النية في تنفيذ التعهدات وما تم التفاهم حوله في قمة العلا"، مؤكداً أن ذلك "سيساعد في إعادة الثقة والأجواء الإيجابية التي تؤدي في النهاية إلى إزالة مسببات التوتر الذي شاب علاقات البلدين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا حدث للسفارتين خلال المقاطعة؟

ومنذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تولّت سلطنة عمان من خلال سفارتها في القاهرة، وبناءً على طلب الدوحة، مسؤولية رعاية المصالح القطرية في مصر، فيما تسلّمت سفارة اليونان في الدوحة رعاية المصالح المصرية بدلاً من السفارة التي أغلقت.

وعلى الرغم من إغلاق السفارة القطرية في مصر، في واحدة من النوادر الدبلوماسية، شوهد علم سلطنة عمان مرفوعاً على جزء من مبنى السفارة في القاهرة، إلى جانب العلم القطري الذي ظل مرفوعاً على مقر المندوبية الدائمة للدوحة لدى جامعة الدول العربية. ويتولّى السفير القطري سيف بن مقدم البوعينين المنصبين، ما أتاح له البقاء في العاصمة المصرية.

وتعدّ الجالية المصرية في الإمارة من أكبر الجاليات الأجنبية المقيمة والعاملة بصفة دائمة أو مؤقتة في البلد الخليجي، وتقدّر إحصاءات مصرية تعدادها بنحو 300 ألف شخص يعملون في مختلف القطاعات الاقتصادية ويمثّلون مصدراً مهماً للتحويلات المالية إلى مصر، بينما عانت أعداد كبيرة منهم  مشكلات كثيرة خلال فترة المقاطعة، فيما تكررت أزمة "العالقين" خلال جائحة كورونا، إذ اضطرت السلطات المصرية إلى تسيير رحلات استثنائية لإعادتهم إلى البلاد. 

يقع مقر السفارة القطرية في حي المهندسين بشارع جامعة الدول العربية ذي الطابع التجاري والسياحي الشهير، ويتميز بعمارته المستوحاة من التراث القطري وفن العمارة الإسلامية، بينما يعدّ مبنى السفارة المصرية الواقعة في الحي الدبلوماسي في الدوحة، بمثابة نسخة مصغرة من مبنى وزارة الخارجية المصرية الكائن على ضفة النيل، الذي استُلهم تصميمه من شكل زهرة اللوتس التي تشير إلى الحضارة الفرعونية، فضلاً عن تزيينه بالزخرفة العربية والأرابيسك الإسلامي.

وأوضح السفير المصري السابق لدى الدوحة أنه خلال الفترة الماضية، كان القسم القنصلي الذي يرعى شؤون الجالية مفتوحاً ويعمل بشكل طبيعي ولكن تحت علم اليونان، وفقاً للقواعد الدبلوماسية المعمول بها في هذا الشأن.

وقال مرسي إن "هذه الخطوة يُتطلع إلى أن تكون بداية لانتهاء معاناة العاملين المصريين في قطر، التي تأثرت في تطورات الأزمة وكان أبرز مظاهرها توقف حركة الطيران المباشر وظهور مشكلة العالقين في البلدين وغير ذلك".

تصفير المشكلات

وقالت وكالة "رويترز" يوم الأربعاء إن قطر قدمت تعهداً إلى مصر بتغيير توجه قناة الجزيرة والقنوات الحكومية حيالها، وعدم تدخل القناة في شؤونها الداخلية.

لكنّ مسؤولاً قطرياً نفى للوكالة، في اليوم التالي، ما نقلته عن مصدرين من المخابرات المصرية حول عقد اجتماع من هذا القبيل. مؤكداً أن العلاقات الدبلوماسية بين قطر ومصر استؤنفت "عبر المراسلات المكتوبة وفقاً لاتفاق العُلا".

ونقلت الوكالة عن مصدرين من الاستخبارات المصرية أن مسؤولاً من وزارة الخارجية القطرية تعهد للقاهرة خلال اجتماع مع مسؤولين من الجانبين، يوم السبت الماضي، بألا تتدخل الدوحة في شؤون مصر الداخلية. وأشار المصدران إلى "الاتفاق على تعاون اقتصادي وسلسلة اجتماعات حول عدد من القضايا المعلقة، مثل ليبيا وجماعة الإخوان المسلمين". كما أوضحا أن "المسؤولين اتفقوا على استئناف العلاقات الدبلوماسية على أن تكون تحت الاختبار، وأبدى المسؤول القطري رغبة بلاده في تطبيع العلاقات بين الدول الخمس كلها".

ورغم أن مطلب إغلاق قناة الجزيرة كان أحد الشروط الأساسية لإنهاء المقاطعة عند إعلانها عام 2017، فإن وزير الخارجية القطري قال في تصريحات تلفزيونية بعد إعلان اتفاق العلا، الذي أنهى الخلاف الخليجي، إن "قناة الجزيرة مؤسسة إعلامية مستقلة".   

ويرى مهاب عادل، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، أن التغيرات السريعة الحاصلة مرتبطة بالتحولات الإقليمية والدولية، بما في ذلك محاولة تصفير مشكلات إقليمية قائمة، مما يساعد على إدارة العلاقات العربية بصورة متوازنة مع الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن، لكن اتخاذ مزيد من الخطوات لتحسين العلاقات بين الدول الخمس "محكوم بمبدأ حسن النية أو وضع تلك العلاقات موضع الاختبار ضمن مسار تدريجي".

ويضيف "خروج القرار بعد شهر من القمة يوحي بأن هناك تفاهمات حصلت، لكن من المبكر الحديث عن استعادة العلاقات عافيتها، فهناك كثير من الملفات العالقة التي يمكن أن تؤدي إلى ارتدادات عكسية، بخاصة تلك المرتبطة بالأمن القومي المصري".

ويعتبر عادل أن الحديث عن وجود اجتماعات ثنائية وأخرى جماعية بين الدول الخمس، يدل على أن "قمة العلا وضعت إطاراً عاماً للمصالحة، ينفّذ من خلال مسار ثنائي يتعلق بشواغل ومنظور كل دولة، إضافة إلى الالتزامات العامة التي تهم البلدان الخمسة"، مشيراً إلى أن "المسار الثنائي هو الإطار الأكثر واقعية للوصول إلى تفاهمات متبادلة، بخاصة حول القضايا الإقليمية وعلى رأسها تباين الموقفين المصري والقطري من أطراف الأزمة الليبية ومسارات التسوية السياسية القائمة في ظل استمرار التوتر العسكري".

وقال إن "الاقتصاد سيكون أداة حاضرة في إثبات حسن النية وتحسين العلاقات السياسية، والمضي قدماً لإيجاد أرضية مشتركة من المصالح الاقتصادية البعيدة من تعقيدات الملفات السياسية، فضلاً عن أن دعم رؤية مصر وتحركاتها الراهنة في الملف الفلسطيني سيمثّل مساحة أساسية للتفاهم أو الخلاف خلال المرحلة المقبلة بحكم الحضور المالي لقطر في قطاع غزة من خلال المساعدات وعلاقاتها بالفصائل الفلسطينية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير