يعتزم البنك المركزي المصري طرح عملات بلاستيكية من فئتي 10 جنيهات و20 جنيهاً في يونيو (حزيران) المقبل، عندما يفتتح مطبعته الجديدة في العاصمة الإدارية شرق القاهرة.
وتسعى الحكومة المصرية بهذه الخطوة إلى ضرب عصافير عدة بحجر واحد، في مقدمتها القضاء على التزوير ومواكبة التطور التكنولوجي وتقليل تكلفة طبع النقود الورقية بإطالة عمرها الإفتراضي.
وقال وكيل البنك المركزي المصري جمال نجم، إن إنتاج أولى العملات البلاستيكية المصرية مرتبط بانتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
وأضاف أن البنك أسس مطبعة جديدة في العاصمة الجديدة، وفقاً لأحدث خطوط إنتاج النقود والبنكنوت في العالم.
وأوضح أن العملات البلاستيكية تقضي أولاً على تزوير العملة نظراً لما تتمتع به من مواصفات وعلامات مائية غير قابلة للتزوير. وثانياً، إطالة عمر النقود لفترة تزيد على خمس سنوات، خصوصاً أن عمرها الافتراضي في مصر حالياً لا يتجاوز السنتين، مما يمثل تكلفة كبيرة على الخزانة العامة للدولة، مشيراً إلى أن جائحة كورونا فرضت على الجميع طرح عملات بلاستيكية جديدة للحد من انتشار الفيروس.
وأشار إلى أنها تُصنّع من مادة البوليمر البلاستيكية التي تمتاز بعمر أطول مقارنة بنظيرتها الورقية، على الرغم من تكلفتها الأعلى من العملة التقليدية.
المتخصصون يباركون الخطوة
واتفق المتخصصون مع توجه الحكومة المصرية لطرح عملات بلاستيكية جديدة، خصوصاً في ظل تفشي الأوبئة والفيروسات، وأكدوا أنها تتماشى مع استراتيجية الدولة للتحول الرقمي.
وقال المتخصص في شؤون المصارف هشام إبراهيم إن اتجاه الدولة إلى طرح عملات بلاستيكية خطوة جيدة في ظل التحول إلى الاقتصاد الرقمي وإقصاء الكاش.
وأضاف أن توافر هذا النوع من العملات في أسواق النقد، أصبح ضرورة ملحة في ظل انتشار الأوبئة والفيروسات وآخرها فيروس كورونا، الذي أحدث أزمة واضطراباً في كل الأسواق النقدية والمالية.
وطالب الدولة بالتوسع في سرعة تطبيق أدوات الدفع غير النقدية (الإلكترونية) بمختلف أشكالها في كل الأنشطة، لتقليل التعامل بالنقود الورقية المصنوعة من الأنسجة والقطن والناقلة للأوبئة.
وحول درجات الأمان في استخدام تلك العملات، أكد أنها تتضمن مستويات فائقة، ويستطيع حاملها كشف تزويرها بالنظر إليها، موضحاً أنها تحوي علامة مائية غائرة وشرائط معدنية، لافتاً إلى سهولة استخدامها في ماكينات الصراف الآلي علاوة على سهولة طيها في المحافظ النقدية، كما يسهل استخدامها في الأجهزة الآلية المخصصة لعد النقود.
مطلب مع تفشي كورونا
وقال الرئيس غير التنفيذي للبنك التجاري الدولي في مصر شريف سامي، إن هذا النوع من العملات لم يعد غريباً أو مستحدثاً في عالم النقد.
وأشار إلى أن غالبية دول العالم تكبدت تكاليف باهظة في استخدام مطهرات وأجهزة تعقيم لتنقية النقود الورقية من الفيروسات مع تحذير منظمة الصحة العالمية من إمكانية انتقال العدوى من خلال تداولها.
وأضاف أن دولاً مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية ذهبت أبعد من ذلك، عندما استخدمت الأشعة فوق البنفسجية أو الحرارة المرتفعة لتطهير الأوراق المالية وتعقيمها وعزلها في محاجر لمدة تصل إلى 14 يوماً قبل إعادة طرحها في الأسواق.
ومع مطلع ثمانينيات القرن الماضي، اعتمدت نحو 20 دولة العملات البلاستيكية، سواء كلياً أو جزئياً، وكانت أستراليا أولى الدول التي سارعت إلى ذلك، ثم تبعتها كندا ورومانيا ونيوزيلندا وسلطنة بروناي.
ومزجت دول أخرى بين نوعي العملات، مثل بريطانيا والمكسيك وروسيا.
تمتص السيولة من الجهاز المصرفي
وقال نائب رئيس البنك الأهلي المصري يحيى أبو الفتوح، إن العملات البلاستيكية الجديدة سيكون دورها كبيراً في السيطرة على حجم المعروض من السيولة في جسد الجهاز المصرفي، مشيراً إلى أن حجم النقد المتداول خارج القطاع المصرفي المصري، بلغ نحو 650 مليار جنيه (حوالى 41 مليار دولار أميركي) في نهاية مايو (أيار) الماضي، بينما بلغ معدل السيولة نحو 77.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف أنها ستكون آلية جديدة للقضاء على الاقتصاد غير الرسمي (الموازي)، بالإضافة إلى الحد من الفساد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والسيولة المحلية تتكون من المعروض النقدي، وهو عبارة عن النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي لدى الجمهور، إضافة إلى الودائع بالعملة المحلية غير الحكومية، وأشباه النقود.
وفي مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع السيولة المحلية بمقدار 40 مليار جنيه (2.5 مليار دولار) خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
وقال في بيان رسمي، إن السيولة المحلية سجلت في نوفمبر الماضي، نحو 4.84 تريليون جنيه (308 مليارات دولار) مقابل 4.80 تريليون جنيه (305 مليارات دولار) في أكتوبر (تشرين الأول).
وأضاف أن المعروض النقدي تراجع خلال نوفمبر بنحو 8.3 مليار جنيه (529 مليون دولار)، ليسجل 113.3 مليار جنيه (7 مليارات دولار)، مقابل 114 مليار جنيه (7.2 مليار دولار) في أكتوبر 2020.
وأشار إلى تراجع النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي في نوفمبر الماضي بقيمة 5.1 مليار جنيه (320 مليون دولار)، ليسجل 606 مليارات جنيه (38.5 مليار دولار) مقابل 611 مليار جنيه (39 مليار دولار) في أكتوبر.
مركز إقليمي لطباعة النقود البلاستيكية
وقال المتخصص في شؤون المصارف المصرية حسام الغايش، إن التحول الرقمي في العالم يفرض على مصر الدخول في عالم العملات البلاستيكية.
وأضاف أن العملة الجديدة تتميز بغشاء بلاستيكي يمنع التزوير والتلوث، إضافة إلى المزايا الأمنية والتأمينية الأخرى.
ولفت إلى أن مصر بإمكانها استغلال فرصة عدم اعتماد دول أفريقية وعربية على العملات غير التقليدية لتتوسع في طباعة العملات البلاستيكية وترويجها فيها.
وأشار إلى أن غانا هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي تستخدم هذا النوع من العملات، مؤكداً أن مصر تستطيع التحول إلى مركز إقليمي لطباعة النقود البلاستيكية مثلما قادت أستراليا تلك العملية في الثمانينيات وأصبحت تصدر إلى أكثر من 30 دولة.
وتعد رومانيا أول بلد أوروبي يقدم مجموعة كاملة من النقود البلاستيكية، بين عامي 1999 و2001.
وتحولت دولة بروناي الآسيوية إلى الأوراق النقدية البلاستيكية عام 2007، وانضمت إليها كندا وتشيلي وغامبيا ونيكاراغوا وترينيداد وتوباغو وجزر المالديف في الآونة الماضية.
وفي عام 2013، تعاقد البنك المركزي الكويتي مع شركة "دي لا رو" لطباعة العملة البلاستيكية، لتكون الدولة العربية الأولى التي تستخدمها، وفقاً لما ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية في وقت سابق.
وقالت المتخصصة في شؤون المصارف سهر الدماطي، إن العملات البلاستيكية تتميز بطول عمرها الافتراضي، مما يوفر على الدولة تكلفة إضافية لطبع النقود تصل إلى نحو 2 في المئة من الناتج المحلي المصري.
وتابعت أن هذا الخيار يتسق مع اتجاه الدولة إلى تنفيذ خطة التحول إلى المجتمع الرقمي وتقليل التعامل بالكاش، الذي يمثل نحو 15 في المئة من حجم العملة المتداولة في مصر.