Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"العشرة البرص" إحدى أقدم كنائس المسيحية في فلسطين

القائم بأعمال التحفة الأثرية يصحب "اندبندنت عربية" في جولة داخلها ورام الله تتحدث عن اكتشاف نحو 600 كنيسة عتيقة

لا تعلم جوليا ابنة العامين التي تركض بفرحٍ بين زهر الليمون وأشجار الصنوبرفي حديقة "كنيسة العشرة البرص" في بلدة برقين (شمال الضفة الغربية)، أنها في رابع أقدم كنيسة في العالم، وعلى بعد أمتار قليلة من مكان شهد معجزة السيد المسيح في شفاء عشرة من المصابين بمرض البرص (مرض جلدي) الذين طلبوا مساعدته (وفقاً لإنجيل لوقا 17)، فهناك حيث تصبحها والدتها بين الحين والآخر هرباً من ملل كورونا، أجواء من الروحانية والسكينة قل نظيرها، كيف لا والكنيسة على بُعد أيام من إقامة قداس احتفالي بذكرى أعجوبة الشفاء على يد المسيح منذ 2000 سنة.

العشرة البُرص

القائم بأعمال الكنيسة معين جبور تحدث إلى "اندبدنت عربية" عن اسم هذه الكنيسة فهي تحمل بحسبه اسم القديس "جاورجيوس"، لكن قد يُتعارف عليها بشكل أفضل  بمسماها الأصلي "كنيسة شفاء العشرة البرص"، فداخل كهف كان أصله صهريج ماء روماني يعود عمره حالياً إلى أكثر من ألفي عام، وقعت معجزة شفاء لعشرة من المصابين بمرض البرص الذين كانوا معزولين فيه، وذلك لمنعهم من الاختلاط ببقية سكان مدينتهم، خشية أن ينقلوا لهم العدوى (حسب شريعة موسى) وأثناء تواجدهم في هذا الكهف، مر عليهم المسيح عليه السلام عندما كان في طريقه من الجليل إلى القدس وقام حينها بشفائهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 وحرصاً على الحفاظ على الموضع الذي كان شاهداً على هذه المعجزة، قامت الملكة هيلانة (هي والدة الإمبراطور الروماني قسطنطين الأكبر) بتشييد أول كنيسة هناك في مطلع القرن الرابع، ولكن حال الكنيسة كحال غيرها من كنائس فلسطين التاريخية التي تعرضت لثورات واضطهادات، فبعد أن بنيت عام 336، تعرضت للهدم عام 614 على يد الفرس، ثم أعيد بناؤها عام 900، ثم هدمت من جديد عام 1100 خلال زلزال كبير، وأما البناء الحالي للكنيسة فقد شُيد في الفترة الواقعة بين 1300 و1800، كما روى القائم بأعمالها.

معالم نادرة

تعود كنيسة العشرة البرص إلى طائفة الروم الأرثوذكس، وتعد من أقدم كنائس العالم، حيث تحوي آثاراً نادرة تميزها عن غيرها من الكنائس، كما يقول جبور الذي أضاف أنها "تأتي الرابعة في القدم بين كنائس القيامة والمهد والبشارة في فلسطين، والكرسي الخاص بالبطريرك فيها مصنوع من الحجر، وليس من الخشب كبقية الكنائس ويعود تاريخه للقرن الرابع الميلادي، وهو الوحيد الموجود في فلسطين، إلى جانب جرن المعمودية الذي يبلغ عمره ما يقارب 900 سنة، وهو الموجود في موقع البئر القديمة، ولا يزال يُستعمل حتى يومنا هذا، إضافة لذلك فالكنيسة تضم جدار قدس الأقداس، وهو مصنوع بالكامل من الحجر القديم الذي يعود عمره لقرابة 900 سنة أيضاً، ولا يزال محفوظاً بوضعه وتصميمه الأصلي كما كان، وتحتفظ في داخلها بالهيكل المقدس لأيقونة المسيح يبلغ من العمر 250 سنة، كما أن فتحتي سقف البئر الذي آوى المصابين العشرة، وكانتا تستخدمان لإنزال الطعام والماء لهم من قبل أهالي القرية قبل ألفي سنة، لا تزالان موجودتان بشكلهما ووضعهما الأصلي حتى يومنا هذا.

أكتشافات أثرية

عام 2010 وأثناء عمليات الترميم التي قام بها القائمون على كنيسة العشرة البرص، اكتشفت آثار جثامين ثلاثة كهنة وطفل صغير تحت أرض البئر، أثبتت الفحوصات لاحقاً أن الجثث قد دُفنت قبل 500 عام. كما وُجد جثمانا كاهنين آخرين لاحقاً، فوضعت جثامين الكهنة الخمسة في قبر خاص ملاصق لجدار الكنيسة من الخارج.
يضيف المختص أنه "عندما اكتشفت جثامين الكهنة تحت أرض البئر، وُجدت بضع قطع من الآثار مدفونة معهم كإنجيل باللغة العربية وصليب خشبي قديم مع قناديل رومانية وخاتم بيزنطي، إلى جانب قارورتين تحويان زيتاً مقدساً وميداليات خاصة بالكهنة الذين عُثر عليهم، وتبين لنا بعد الفحوصات أن أعمار هذه الآثار تتراوح ما بين 500-600 سنة كحد أدنى، وأثناء الإصلاحات وإعادة ترميم الكنيسة عام 2007 وُجدت بئر رومانية في الساحة الخارجية مكونة من ثلاث غرف تحت الأرض، ولها بابان، ويُعتقد أن هذه البئر كانت تمثل مركزاً للعبادة السرية في القرن الأول أثناء عقود الاضطهاد، قبل مجيء الملكة هيلانة وبنائها للكنيسة".

ترميمات ومشاريع

على الرغم من الأهمية التاريخية لكنيسة العشرة البرص في برقين (جنوب مدينة جنين، شمال الضفة الغربية)، إلا أنها عانت لسنوات من غياب تام للسياح العرب والأجانب، فمكاتب السياحة الإسرائيلية سابقاً كانت تتذرع بغياب الأمن في المنطقة الفلسطينية المصنفة "أ" (تتبع لسيطرة السلطة الفلسطينية)، وبخاصة تلك التي فيها الكنيسة، ما دفع اللجنة الرئاسية لشؤون الكنائس، ووزارة السياحة والآثار الفلسطينية لتنفيذ جملة من المشاريع كتأهيل الساحة العامة للبلدة والشارع المؤدي للكنيسة، وترميم المعالم الأثرية والتاريخية المحيطة بها من عيون مياه ومقامات إسلامية وقصور عثمانية، إضافة لجملة من الترميمات والإصلاحات لمرافقها الداخلية.


الناطق باسم وزارة السياحة والآثار جريس قمصية يقول "إن إنعاش السياحة المحلية وتشجيعها وإحياء المسارات التاريخية، رسالة إصرار على البقاء، وفرصة للتعريف بفلسطين ومواقع جذبها السياحي، إذ يصل عدد الكنائس الأثرية والتراثية في فلسطين نحو 600 كنيسة كُشف عنها من خلال المسوحات والتنقيبات الأثرية، ومنها ما زال مستخدماً حتى الوقت الحاضر ككنيسة المهد والقيامة والعشرة البرص في برقين، التي تعد أهم محطة جذب سياحي في المنطقة الشمالية للضفة الغربية، وعنصراً أثرياً في تطوير السياحة الداخلية".

منصة جاهزين

ولأن جائحة فيروس كورونا ضربت العصب السياحي في فلسطين، كما معظم دول العالم ولا تزال، سارعت وزارة السياحة والآثار لتشكيل فريق عمل لإنعاش السياحة يضم ممثلين من القطاعين العام والخاص، وتهدف إلى إعادة الثقة في صناعة السياحة الفلسطينية على المستوى المحلي والدولي، وتطوير بروتوكولات صحية جديدة، والحفاظ على الموظفين وتحسين مهاراتهم ليكونوا مستعدين للوضع الطبيعي الجديد، وتجهيز المرافق السياحية لضمان مستوى عال من إجراءات الصحة والنظافة حسب المعايير الدولية، والترويج لفلسطين كوجهة سفر آمنة على غرار ما تروج له تل أبيب أخيراً.

المشرف العام على خطة إنعاش السياحة في وزارة السياحة ماجد إسحاق يقول، "أجبر الوباء الناس في جميع أنحاء العالم على البقاء في منازلهم واستخدام الإنترنت لإدارة احتياجات أعمالهم وإجراء الاتصالات، وقد حفزت هذه الحقيقة فريق العمل، بالتعاون مع برنامج تطوير القطاع الخاص وفريق من الخبراء المحليين والدوليين، على تطوير منصة جاهزين الخاصة بالتدريب والتعليم السياحي، ولتعزيز القدرات والمهارات والكفاءات للأفراد في قطاع السياحة الفلسطيني اعتمدنا على (دليل الأعمال السياحية في فلسطين COVID-19)، وهو دليل إرشادي شامل يحدد معايير وبروتوكولات النظافة وفقاً للمعايير الدولية لجميع مقدمي الخدمات السياحية في صناعة السياحة الفلسطينية.
يضيف "بناءً على اختيار المستخدم، يتم إنشاء دورة تدريبية مخصصة له، وبمجرد أن يكمل المستخدم دورته التدريبية، سيُطلب منه بعد ذلك إجراء اختبار إلزامي حول المادة التعليمية، وعند اجتياز الاختبار بنجاح، تصدر للمستخدم شهادة رقمية تدل على الانتهاء بنجاح من الدورة التدريبية".

 مطالب وتوصيات

منذ إطلاق منصة جاهزين الإلكترونية في أكتوبر (تشرين الأول)  2020، فاق عدد المشتركين 1000 مشترك، يتلقون مجموعة واسعة من الدورات التدريبية المتعلقة بقطاعات مختلفة في صناعة السياحة الفلسطينية، تشمل الإقامة والمطاعم والإرشاد السياحي والنقل السياحي ومتاجر التحف الشرقية والبائعين المتجولين والصناعات الحرفية ومكاتب السياحة والسفر والمعالم السياحية والتاريخية والطبيعية والدينية، هذا وتضم المنصة أكثر من 130 دورة تدريبية مختلفة تشمل أكثر من 500 درس.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير