بعد أن استأثر اقتحام الكونغرس الأميركي من جانب أنصار ترمب باهتمام العالم، عادت الأنظار لتتجه مجدداً إلى الرئيس المنتخب جو بايدن، وسط ترقب العالم أولى القرارات التي يستهل بها فترة حكمه، يوم تنصيبه هذا الأسبوع الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة الأميركية.
وقال أحد كبار معاونيه إن بايدن سيتوج يوم التنصيب الحافل باستخدام سلطاته الجديدة في إجراء تغييرات في السياسات بمجموعة من القرارات التنفيذية، أحدها يلغي حظراً على السفر من دول إسلامية إلى الولايات المتحدة.
وقال رون كلين الذي سيتولى منصب رئيس هيئة العاملين في البيت الأبيض خلال إدارة الرئيس، في مذكرة وزعت على الصحافيين يوم السبت وفقاً لـ"رويترز"، إن بايدن سيكشف يوم الأربعاء عن 12 أمراً تنفيذيا سبق أن وعد بإصدارها، موضحا أنها تتعلق بالإسكان وقروض الطلبة والتغير المناخي والهجرة.
وكان بايدن أطلق خلال حملته الانتخابية وعوداً بالرجوع عن سياسات الرئيس دونالد ترمب حتى قبل انتشار فيروس كورونا المستجد.
المناخ والهجرة في اليوم الأول
وتتضمن القرارات التي ستصدر يوم الأربعاء أيضاً الانضمام من جديد إلى اتفاقات باريس الخاصة بالمناخ، وتمديد مهلة لسداد القروض الدراسية الاتحادية، ووقف عمليات الطرد من المساكن والحجز على العقارات الخاضعة للرهن العقاري، وكذلك فرض وضع الكمامات عند السفر بين الولايات وفي المباني الاتحادية، وقد
سبق الإعلان عن هذه التدابير كلها.
وأغلب القرارات تمثل رجوعاً عن سياسات اتبعها ترمب ولا تتطلب العرض على الكونغرس، غير أن بايدن سيكشف عن اقتراح يتعلق بالهجرة، ويتيح لملايين المهاجرين غير المسجلين إمكان الحصول على الجنسية، وإن كان هذا الاقتراح يتطلب موافقة الكونغرس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب، وقّع قانوناً يحظر دخول الولايات المتحدة على مواطني دول عدة، هي ليبيا وإيران والصومال وسوريا واليمن وكوريا الشمالية وفنزويلا، مما أثار جدلاً واسعاً داخل أميركا وخارجها، ودفع إلى رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الأميركية لمحاولة نقض القانون، إلا أنه بقي كما هو، بل إن ترمب في آخر عام من رئاسته أعلن نيته توسيع القائمة.
من جهته، كان من بين أبرز ملامح حملة بايدن الرئاسية الرامية إلى حفز الأميركيين من ذوي الأصول الأجنبية على التصويت له، تحسين قوانين الهجرة بما يسمح لحصول الملايين على الجنسية الأميركية، ناهيك عن إلغاء القانون الذي وُصف بالعنصري واستهدف دولاً بعينها، معظمها إسلامية.
البيت الأبيض المدافع لا المعتدي
وقال بايدن في مقالة له نشرتها مجلة "فورين أفيرز" الأميركية أثناء ترويجه لحملته الانتخابية، "سأقوم على الفور بإلغاء سياسات إدارة ترمب القاسية والفاسدة التي تفصل الآباء عن أطفالهم على حدودنا. إنهاء سياسات اللجوء الضارة التي ينتهجها ترمب. إنهاء حظر السفر. طلب مراجعة الوضع المحمي المؤقت للسكان المعرضين".
وأكد أنه سيحرص على أن يكون البيت الأبيض مرة أخرى "المدافع العظيم وليس المعتدي الرئيس على الركائز والمؤسسات الأساسية لقيمنا الديمقراطية، من احترام حرية الصحافة إلى حماية وتأمين الحق المقدس في التصويت إلى التمسك باستقلال القضاء. هذه التغييرات مجرد بداية، دفعة أولى ليوم واحد على التزامنا بالوفاء بالقيم الديمقراطية في الوطن".
ومن أجل أن يثبت للعالم أن "الولايات المتحدة مستعدة للقيادة مرة أخرى"، يشدد بايدن على أنه سيعمل على "تطبيق القوانين الأميركية من دون استهداف مجتمعات معينة أو انتهاك الإجراءات القانونية أو تمزيق العائلات، كما فعل ترمب".
كرامة المهاجرين
لكن بايدن على الرغم من ذلك لا ينوي فتح باب واشنطن على مصراعيها للغرباء من دون قيود، إذ أكد أنه سيؤمن الحدود، إنما "مع ضمان كرامة المهاجرين ودعم حقهم القانوني في طلب اللجوء"، لافتاً إلى أنه سيركز على "الأسباب الجذرية التي تدفع المهاجرين إلى حدودنا الجنوبية الغربية".
وأضاف، "بصفتي نائب الرئيس في عهد أوباما، حصلت على دعم من الحزبين لبرنامج مساعدات بقيمة 750 مليون دولار لدعم التزامات زعماء السلفادور وغواتيمالا وهندوراس لمكافحة الفساد والعنف والفقر المستوطن الذي يدفع الناس إلى مغادرة منازلهم هناك. تحسن الأمن وبدأت تدفقات الهجرة في الانخفاض في بلدان مثل السلفادور".
وخلص إلى أنه كرئيس سيبني على تلك المبادرة من خلال استراتيجية إقليمية شاملة مدتها أربع سنوات بقيمة 4 مليارات دولار، تتطلب من البلدان الإسهام بمواردها الخاصة وإجراء إصلاحات كبيرة وملموسة وقابلة للتحقق.
وشكلت الولايات المتحدة منذ عقود قبلة الباحثين عن تغيير حياتهم نحو الأفضل، حتى غدا يعرف هذا المسار بـ "الحلم الأميركي"، مما سمح لمهاجرين كثر أن يصبحواً شيئاً مذكوراً فيها بعد سنين هم أو أبناؤهم، مثل باراك أوباما وعائلة نائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس، وسفير أميركا لدى السعودية جون أبي زيد وغيرهم، قبل أن يتجه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب إلى فرض القيود على ذلك المسار، الذي اعتُبر سر شباب أميركا وتجددها لقرون.
