Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي منصات إلكترونية يتجه إليها ترمب وأنصاره المحظورون؟

إقصاؤهم من مواقع شركات التكنولوجيا الكبرى أوصلهم إلى شبكات اجتماعية بديلة ومنتديات يمينية متطرفة والإنترنت المظلم

إلى أين يذهب ترمب وأنصاره بعد إبعادهم من منصات الشركات الكبرى في المعلوماتية والاتصالات؟ (أ ب)

إثر إبعادهم من المواقع الإلكترونية الشهيرة ومنصات التواصل الاجتماعي الرئيسة، بات دونالد ترمب وأنصاره مُجبرين على إيجاد وجهات إلكترونية جديدة كي تجمعهم عبر الإنترنت.

إذ أدت عملية مسح واجهتها الحسابات الإلكترونية للرئيس الأميركي المنتهية ولايته في أعقاب التمرد الذي شهدته العاصمة واشنطن الأسبوع الماضي، إلى حظره أو تقييده على أكثر من 10 منصات تكنولوجية كبرى، خشية أن يثير ربما أعمال عنف إضافية. بل حدا السقوط الرقمي المهول للرئيس بأحد المعلقين إلى الاستهزاء بهاتف ترمب، معتبراً أنه الآن "عديم الفائدة كما لو أنه ثقالة ورق"، وفق زعمه.

لم تُكشف بعد الأبعاد الكاملة للحوادث التي وقعت في 6 يناير (كانون الثاني الحالي في الهجوم على الكونغرس)، مخلفةً خمسة قتلى. لكن، من الواضح أن نواحيَ كبيرة منها نُظمت علانية عبر منتديات ومساحات إلكترونية أخرى تتمسك بالوفاء لترمب.

بالنسبة إلى بعض أتباع حركة "كيو آنون"QAnon  التي تشكل إحدى نظريات المؤامرة في أميركا، شكل اقتحام مبنى الكابيتول في الولايات المتحدة نقطة الوصول التي طال انتظارها إلى ما يُسمى بـ"الصحوة الكبرى" Great Awakening. تلك اللحظة، التي أشير إليها أيضاً عبر الإنترنت بـ"العاصفة" The Storm ، شكلت يوم الحساب بالنسبة إلى عصابة من متحرشين جنسياً بالأطفال وآكلي لحوم البشر الذين يدعي الشاب المجهول المسمى "كيو" Q (بحسب مسميات حركة "كيو آنون")، احتلوا أعلى المراكز الحكومية.

في اعتقاد أتباع "كيو آنون"، [افتُرِضَ أن اجتياح الكونغرس] سيكون يوم اعتقال عدد من السياسيين ومعاقبتهم بالإعدام في احتشاد عام. وظهر في صور مأخوذة من داخل مبنى الكابيتول، أشخاص يحملون أسلاكاً معدنية، أملاً في إلقاء القبض على مشرعين وتقديمهم إلى العدالة نيابة عن دونالد ترمب، فيما نصب آخرون مشنقة خارج المبنى.

لو أُريد لـ"كيو" الغامض أن يحظى يوماً بلحظة كي يميط اللثام عن هويته ويعطي أوامر للمرحلة التالية من المخطط، فقد شكلت تلك فرصته. وعوضاً عن ذلك، جاءت الرسالة الوحيدة التي تلقاها أنصار الرئيس من ترمب نفسه، متوجهاً إليهم، "عودوا إلى المنزل، نحن نحبكم، أنتم مميزون جداً".

لقد جرى تداول تلك الرسالة المذكورة آنفاً عبر صفحات ترمب الاجتماعية، مقترنةً بعدم تأكيده الإدانة التامة للمتمردين. وقد شكل ذلك الاستفزاز الأخير اللازم لعمالقة التكنولوجيا كي يحذفوا صفحات الرئيس من خدماتهم. علاوة على حساب ترمب، حذف "تويتر" ما يربو على 70 ألف حساب مرتبط بمجموعة "كيو آنون" التي تؤمن بنظرية المؤامرة. وكذلك اتخذت "أمازون" و"آبل" و"فيسبوك" و"غوغل" وأكثر من 12 شركة مشابهة، إجراءات مماثلة تزامناً مع ما فعله موقع "تويتر"، ضد الرئيس المنتهية ولايته وأتباعه.

أثبتت تلك الخطوات النفوذ الواسع الذي يحوزه بضع شركات كبرى ومديروها على الإنترنت، وفق ما يعلم معظم الناس. وفي غضون أيام قليلة، عزلت عمالقة التكنولوجيا ما يمكن وصفه بأنه أقوى شخص في المعمورة.

ووفق ما كان متوقعاً، واجه استبعاد الرئيس إلكترونياً انتقادات لا مناص منها من شخصيات محافظة، إذ ادعى دونالد ترمب الابن في تغريدة له أن "حرية التعبير تتعرض لهجوم". في الحقيقة، بموجب التعديل الأول في الدستور الأميركي، تتمتع حرية التعبير في البلاد بالحماية، ولكن التعديل الدستوري أُضيف بغية منع الحكومة من إسكات المواطنين والشركات الخاصة، وليس العكس. وفي الأشهر الأخيرة، ارتفعت شعبية تطبيقات عدة نصبت نفسها مدافعةً عن "حرية التعبير"، أبرزها "بارليه" Parler للتواصل الاجتماعي، في مواجهة للرقابة المزعومة التي تمارسها الشركات الكبرى في تكنولوجيا المعلوماتية، أي الـ"بيغ تك" Big Tech .

في الأسبوع الذي أعقب خسارة ترمب الانتخابات الرئاسية، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أصبح "بارليه" التطبيق الأكثر تحميلاً في الولايات المتحدة، حاصداً أكثر من مليوني اشتراك في يوم واحد. وعلى الرغم من زعمه تقديم "حرية التعبير من دون عنف أو رقابة"، واجه اتهامات مألوفة بمناهضته حرية التعبير، إذ زعم مستخدمون ذوو ميول يسارية أنهم مُنعوا من التعبير عن آراء معارضة على تلك المنصة. وكذلك ضم مستخدمو "بارليه" البارزون تيد كروز السيناتور الجمهوري، وإريك ترمب نجل الرئيس المنتهية ولايته، وكايلي ماكناني الناطقة الإعلامية للبيت الأبيض، وجميعهم فقدوا إمكانية الدخول إلى التطبيق عندما ارتأت "أمازون" إيقاف استضافتها "بارليه" على الخدمات السحابية التي تقدمها شركة "أمازون"، خلال عطلة نهاية الأسبوع.

في الحقيقة، ليست تلك المرة الأولى التي رفض فيها المزود الأكبر في العالم لخدمات استضافة المواقع الإلكترونية، التعامل مع مواقع مثيرة للجدل، وتشير سابقة في هذا المجال إلى أن "بارليه" سيجد طريقة أخرى في استضافة محتواه على الإنترنت. وثمة شبكة اجتماعية أخرى مشهورة لدى اليمين المتطرف، هي "غاب" Gab، وقد سبق أن مرت بظروف "بارليه" وترمب  نفسها. إذ حذفتها "آبل" و"غوغل" من متجريهما للتطبيقات، وكذلك أوقفت "أمازون" دعمها خوادم "غاب"، فيما حظرت مواقع "باي بال" PayPal و"سترايب" Stripe و"فيزا"  Visa، جميع مدفوعات "غاب" عبر شبكاتها.

وفي المقابل، على مدى السنوات القليلة الماضية، عكفت "غاب" على إنشاء كل البنية التحتية التي تلزمها كي تدير بنفسها شركة للتواصل الاجتماعي. وقد شمل ذلك أنظمة بريد إلكتروني، ومنصات دفع بالعملات الرقمية المشفرة، وصولاً إلى خوادم كمبيوتر ومتصفحات الـ"ويب".

"اشترينا خوادمنا الخاصة، ونحن نملكها. ليس في المستطاع حظرنا من دخولها"، وفق أندرو توربا، الرئيس التنفيذي لشركة "غاب"، الذي أضاف، "هكذا سنستعيد السيطرة على الإنترنت. سننشئ شبكة إنترنت لحرية التعبير تستند إلى القانون الأميركي وأشكال الحماية المنبثقة في التعديل الأول من الدستور الذي يكفل حماية حرية التعبير للجميع من شتى أنحاء العالم، حتى لو توجب علينا تنفيذ ذلك من الألف إلى الياء". وعندما تخلت "أمازون ويب سيرفيسز" Amazon Web Services  عن "بارليه"، ناشد كثيرون عملاق التكنولوجيا أن يفعل الأمر نفسه مع "غاب". آنذاك، ردت تلك الشبكة الاجتماعية المتباهية على أحد المستخدمين، بتغريدة جاء فيها: "أنباء سيئة أيها الشيوعي، غاب لا تستضيفها أمازون، بل شركة غاب".

بيد أن "غاب" ليست محصنة تماماً من القيود التي تفرضها الشركات والسلطات الكبرى. ما زالت شركات التزود بخدمة الإنترنت قادرة على حظرها، وفي إمكان مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" FBI الاستحواذ على الموقع، على غرار ما فعل ماضياً مع أسواق إلكترونية لبيع المخدرات غير المشروعة. وفي الأيام الأخيرة، شهدت "غاب" ارتفاعاً هائلاً في عدد مستخدميها الجدد بعد حوادث تمرد مبنى الكابيتول، مجتذبة 40 مليون زائر جديد وحوالى 700 ألف تسجيل يومياً، وفق مزاعم أندرو توربا.

أثناء التحضير لحوادث 6 يناير، راح مستخدمون في "غاب" يهددون بأعمال عنف ضد مسؤولين أميركيين منتخبين، علماً أن مديري الموقع اتخذوا إجراءات صارمة وأزالوا، وفق مزاعمهم، كل منشورات تدعو إلى العنف. وفي هذا الصدد، أورد الرئيس التنفيذي توربا، "يبدو لي أن غالبية الاحتجاجات التي جرت الأسبوع الماضي كان فيسبوك مسرحها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وللحق، من شأن تطبيقات أخرى يمتلكها "فيسبوك"، من بينها "واتساب" و"مسينجر"، أن توفر منصة لمتآمرين ومحرضين كي يجتمعوا وينتظموا ضمن مجموعات خاصة. إذ تشتهر بأنها تتيح خاصية التشفير "من الطرف- إلى الطرف" end-to-end encryption، ما يعني أن تعقب فرادى المستخدمين أو حذفهم يتطلب اختراق المجموعات على المنصة.

وفي سياق  متصل، لم تتوقف تطبيقات شائعة أخرى في المراسلة تشتمل على ميزات قوية في ما يتعلق بخصوصية المستخدمين، كـ"تلغرام" Telegram، عن استضافة قنوات أنشأتها حركة "صبية فخورون" أو "براود بويز" Proud Boys، وهي جماعة متطرفة مؤيدة لترمب شارك أعضاؤها في أعمال الشغب في واشنطن العاصمة. ووفق نشرة صدرت عن مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI الأسبوع الحالي، يجري التخطيط لاحتجاجات مسلحة في مختلف عواصم الولايات الخمسين تبدأ في 16 يناير، قبيل مراسم تنصيب جو بايدن رئيساً (في 20 يناير)، علماً أنه ليس واضحاً أين أو كيف تُنظم تلك الاحتجاجات عبر الإنترنت.

وفي السياق نفسه، توجد على الإنترنت تلك المنتديات الإلكترونية التي استخدمها أنصار ترمب لتنظيم احتجاجات 6 يناير، من قبيل "ذا دونالد دوت وين" TheDonald.Win . ويُعزى ذلك بمقدار كبير، إلى أشكال الحماية التي توفرها "كلاود فلير"CloudFlare ، الشركة الأميركية المعنية بخدمة الحماية السيبرانية، لكن لا يبدو أنها تعمل على التسهيل لتنظيم احتجاجات جديدة.

في تطور متصل، نفى المشرفون على "ذا دونالد دوت وين" استخدام الموقع في التخطيط لاحتجاجات مسلحة، وشددوا على "إننا لم نرَ دليلاً على وجود شيء يجري تنظيمه عبر موقعنا".

واستطراداً، لقد نأى ذلك الموقع الذي أُنشئ بعدما حظر موقع "ريديت" Reddit  منتدى "آر/ذا دونالد" r/TheDonald الذي تمتع بشعبية كبيرة العام الماضي، نأى بنفسه أيضاً عن حوادث الكابيتول الأسبوع الماضي، على الرغم من استمرار مستخدميه في الدعوة إلى التمرد.

وفي وقت سابق، سحبت "كلاود فلير" خدماتها من مواقع معروفة أنها تضم المجموعات الأكثر تطرفاً في قاعدة الدعم التي يحظى بها ترمب، من بينها "ذا ديلي سترومر"The Daily Stormer ، الموقع الإلكتروني الإخباري الذي ينادي بتفوق العرق الأبيض، في 2017.

وفي المقابل، لم تتخذ الشركة الأميركية قراراً بعد بشأن "ذا دونالد دوت وين"، ولم ترد على طلبات عدة من "اندبندنت" لإبداء تعليق في هذا الشأن.

من جهة أخرى، إذا امتنعت "كلاود فلير" عن دعم "ذا دونالد دوت وين"، وتخلت عنه جميع الشركات الأخرى التي تستضيف المواقع الإلكترونية، يبقى أمام المواقع المعزولة من جانب المنصات التجارية خيار آخر يتمثل في ما يعرف باسم "الإنترنت المُظلِم" أو "دارك ويب" dark web .

عندما أدرج "وادي السيليكون" [الذي يستضيف الشركات الكبرى في المعلوماتية والاتصالات] موقع  "ذا ديلي ستورمر" ضمن القائمة السوداء في 2017، استمر ذلك الموقع الإلكتروني الذي تديره حركة "النازيين الجدد" بتشغيل موقعه عبر تطبيق "تور" Tor، والأخير متصفح ويب لا مركزي محصن ضد الرقابة.

وآنذاك، ظهر منشور كتبه ستيف، أحد المساهمين في "مشروع تور"، متضمناً أن "تور" شعر "باشمئزاز وغضب وصدمة من كل ما يمثله هؤلاء العنصريون ويفعلونه. لكن، لا يمكننا إنشاء أدوات مجانية ومفتوحة المصدر تحمي الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان، والأشخاص العاديين حول العالم إذا كنا سنفرض سيطرتنا أيضاً على من يستخدمون تلك الأدوات".

وثمة عيب في "الشبكة المظلمة" يتمثل بأن وصول مستخدمي الإنترنت العاديين إليها ليس سهلاً. وكذلك فقد تؤدي مجرد مشاركة رابط على الويب المفتوح، إلى حظر المستخدم [على شبكة الإنترنت]، وتشكل شركة "غاب" المكان الوحيد حالياً للعثور على الـ"ويب المظلم" على شبكة اجتماعية.

واستطراداً، فحتى الآن لا حضور لترمب على "غاب" أو "ذا دونالد دوت وين" أو أي منصة تكنولوجية بديلة، ليس علناً في الأقل، لكنه أشار إلى أنه يخوض مشاورات بشأن الانضمام إلى شبكة اجتماعية ما.

في تغريدات نشرها الحساب الرئاسي الرسمي على "تويتر" بعد الحظر المفروض على الحساب الشخصي لترمب، ألمح الأخير أيضاً إلى أنه يعمل على إنشاء شبكته الاجتماعية الخاصة.

وكذلك كتب ترمب في سلسلة تغريدات سرعان ما حذفها "تويتر"، "كنا نتفاوض مع مواقع مختلفة أخرى، وسنصدر إعلاناً مهماً قريباً، فيما نبحث أيضاً في احتمالات بناء منصتنا الخاصة، في المستقبل القريب. لن يكمموا أفواهنا! ترقبونا".

© The Independent

المزيد من تحلیل