Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المال والجنس... قصص فضائح شركات التكنولوجيا الأميركية

وقائع التحرش الجنسي تلاحق مديرين تنفيذيين في وادي السيليكون

حملة "مي تو" المناهضة للتحرش الجنسي (أ.ب)

تمر منطقة وادي السيليكون بواحدة من أكثر الفترات نموا في تاريخ المنطقة التي تعتبر مقر شركات التكنولوجيا الرائدة في العالم، وعلى رأسها غوغل وأبل وفيسبوك وتيسلا وغيرها. لكن هذا النمو يترك خلفه ضحايا، حيث تضجّ المنطقة بقصص الفضائح والتحرش الجنسي التي يرتكبها الرؤساء التنفيذيون بحق الموظفات في قطاع التكنولوجيا والشركات الناشئة.

ففي الوقت الذي يضخ فيه المستثمرون والصناديق الاستثمارية ملايين الدولارات بشكل شبه يومي في الشركات التكنولوجية الناشئة، فإن هناك سلطة أكبر تُعطى للمديرين التنفيذيين لتحقيق أهداف الشركات وإنجاح فكرتها، لكن كثيرا من هؤلاء يستغل هذا النفوذ لممارسة الابتزاز وإجبار العاملات والموظفات على ممارسة الجنس بالإكراه والترغيب.

ضخ الملايين

يمكن تقريب حجم الثروة التي تضخ في هذه المنطقة، التي تعيش جنون الثروة السريعة منذ 10 سنوات، إذ أنه في الربع الأول وحده من هذه السنة شهدت منطقة وادي السيليكون نحو 118 صفقة تمويل لشركات ناشئة بحجم أموال يقدر عند 4.3 مليار دولار، بينما شهدت مدينة سان فرانسيسكو التي تقع شمال الـ"سيليكون فالي" في ولاية كاليفورنيا الأميركية 236 صفقة تمويل لشركات ناشئة بحجم 7 مليارات دولار، بحسب دارسة لشركة "برايس ووتر هاوس كوبر". وفي السنوات الماضية كانت المبالغ التي تضخ في الشركة الناشئة تتراوح بين 40 إلى 70 مليون دولار، لكنها قد تصل الآن إلى 100 مليون دولار، بحسب تقرير لشركة "كرانش بيز" التي ترصد الشركات الناشئة في العالم.

وأغلب من يدير هذه الشركات من الشباب المبادرين الذي ابتكروا أفكارا فريدة من نوعها تحولت بين ليلة وضحاها إلى شركات عالمية تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، كما هي الحال الآن لشركات "أوبر" و"ليفت" و"اير بي ان بي" و"سلاك".

ويمكن تخيل حجم الثروة الفجائية التي هبطت على هؤلاء الشباب التي دفعتهم إلى استغلال نفوذهم والسماح لأنفسهم بالتعدي على الموظفات في الشركة.

قصص جنسية لا تنتهي

وفي مرحلة نشوء "أوبر" سُجلت قضايا جنسية عدة للتحرش والاستغلال الجنسي، حتى أن الفضائح أدت إلى تنحي الرئيس التنفيذي ترافيس كالانيك عن منصبه، بعد أن كشفت موظفة عن تعرضها للتحرش الجنسي من قبل هذا المسؤول، فيما أقيل 20 موظفا بينهم مديرون للسبب نفسه.

والحال نفسها حصل في "غوغل" وشركات أخرى في الـ"سيليكون فالي" مثل شركتي "500 ستارت أب" و"بيناري كابيتال"، التي أدت إلى استقالة شركاء بارزين في الشركتين، بينما غيرت "غوغل" سياستها تجاه قضايا التحرش الجنسي.

وهناك قضايا تُنشر بين وقت وآخر تكشف ما يجري من فضائح جنسية في الـ"سيليكون فالي"، التي تعتبر من القضايا الحساسة للمستثمرين. فأي قضية قد تؤدي إلى ارتباك داخل الشركة نفسها، وإلى ضرب سمعتها، وإلى استقالة المسؤول عنها مباشرة، أو المدير التنفيذي في الشركة، كما حصل في "أوبر".

إفلاس شركة بلا أخلاق

وبالنسبة إلى شركة ناشئة، فإن المستثمرين يحرصون على عدم مواجهة أي أزمات من هذا القبيل، خصوصا إذا كانت الشركة مقبلة على الإدراج أو تنوي جمع الأموال في جولة جديدة. فهناك صناديق تتراجع عن الاستثمار في شركة تواجه قضايا أخلاقية، كما أن بعض البنوك تتخوف من تمويل شركات سيئة السمعة إذ لا يمكن تقدير حجم الضرر المتوقع. ويؤدي ذلك في كثير من الأحيان إلى انهيار الشركة التي تعتمد على الاستدانة من أجل النمو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأفضل مثال على كيفية إفلاس شركة لقضية أخلاقية ما جرى في شركة المنتج السينمائي الشهير هارفي وينستن، التي أعلنت إفلاسها في العام الماضي إثر 100 قضية تحرش بممثلات واغتصابهن على مدار 30 عاما مستغلا نفوذه في عالم هوليوود.

وفي العادة تفلس الشركات التي واجهت قضايا أخلاقية بسبب فقدانها لمصادر التمويل، خصوصا من البنوك، لأن البنك لا يعلم كيف ستنتهي القضية وما هو حجم التعويض الذي قد تطالب به الضحية، والذي قد يصل إلى ملايين الدولارات.

حركة "مي تو" تنجح

وقد ارتفع عدد قضايا التحرش الجنسي على إثر فضيحة هارفي وينستن، حيث ظهر بعدها ما يعرف بحركة "وأنا أيضا" أو "مي تو"، التي بدأت مع إطلاق الممثلة الأميركية "أليسا ميلانو" وسماً على حسابها في "تويتر" بهذا العنوان لحثّ الفتيات حول العالم على فضح أي تحرش يتعرضن له في حياتهن، ولاقت هذه الدعوة استجابة كبيرة في الـ"سيليكون فالي"، حيث كشفت عن مظهر آخر لنمو ثروات مبادري التكنولوجيا.

وبفضل هذه الحركة، فإن هناك ارتفاعا سنويا بنسبة 7.3 % في إحصائية جرائم الاعتداء الجنسي منذ العام 2017، كما تنقل صحيفة "سان فرانسيسكو غيت" عن إدارة شرطة سان فرانسيسكو.

المدير السوي مكسب

ويحرص الكثير من المستثمرين حاليا على معرفة معلومات عن الارتباطات العائلية والسلوك الفردي والاجتماعي لملاك الشركات الناشئة أو للمسؤولين في الإدارة. وفي هذه الحالة هم يريدون معرفة إذا كانت أموالهم مستثمرة في المكان الصحيح الذي لا يظهر مفاجآت قد تضيع أموالهم. وقد نشطت في الآونة الأخيرة أخبار نزوات وهفوات المسؤولين في شركات التكنولوجيا. وأكثر حادثة شهيرة تلك المقابلة التي ظهر فيها مؤسس شركة "تيسلا"، إيلون ماسك، وهو يدخّن سيجارة "حشيش" المسموح تدخينها في كاليفورنيا. لكن هذا التصرف الذي صنفه البعض كحرية شخصية، لا يقارن مع تصرف بالتعدي على الآخرين كاستغلال النفوذ للإيقاع بالموظفات.  فوجود ميول كهذه لدى رئيس تنفيذي مؤشر على إمكانية سقوطه في أي لحظة وعدم معرفة مصير الأموال المستثمرة في الشركة.

تمكين الموظفين

وقد اتجهت شركات ناشئة عدة إلى تمكين الموظفين والموظفات من معرفة حقوقهم بما فيها كيفية الإبلاغ ومواجهة قضايا الاستغلال الجنسي أو أي شكل من أشكال التمييز، حيث يتم تدريب الموظف أو الموظفة على ذلك عند توقيع عقود العمل في الشركة.

لكن العقود نفسها كانت مدخلا للاستغلال الجنسي في الشركات، حيث تقع ضحيتها الموظفات اللواتي يخشين الإفصاح عما يجري معهن في الشركة بحجة أنهن وقّعن تعهدا بعدم نقل ما يجري في الشركة إلى الخارج. وبنود هذه العقود "مطاطيّة" بشكل يجعل المتضررات متخوفات من الذهاب للقضاء أو الشكوى أو تسريب معلومات للإعلام.

وقد وضعت مدينة سان فرانسيسكو على موقعها الرسمي على الإنترنت توضيحا شاملا بالخطوات للإبلاغ والشكوى مع ضمان السرية والحماية لمن يتعرض لأي تحرش جنسي، وكذلك فعلت منظمات غير حكومية معنية بحقوق المرأة.

وقد أدت القضايا الجنسية التي كُشفت في شمال كاليفورنيا، حيث شركات التكنولوجيا، وفي جنوبها حيث شركات السينما والترفيه في هوليوود في لوس أنجلوس، إلى اعتماد قانون في ولاية كاليفورنيا يفرض على الشركات المدرجة تعيين امرأة في الأقل في مجلس إدارة الشركات مع نهاية هذه السنة، وإلى تعيين امرأتين في الأقل في مجلس الإدارة يتكون من 5 أعضاء، وثلاثة نساء في مجلس يتكون من 6 أعضاء.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات