Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت تستكمل مسارها رغم "رسائل التحذير"

طلب نقل الدعوى من شأنه إطالة القضية واستحالة معرفة الحقيقة ويمكن لـ25 نائباً أن يوقعوا على عريضة الملاحقة لتصبح نافذة

يمكن للقاضي صوان أن يأخذ أي تدبير يراه مناسباً بعد ما أعادت له هيئة التمييز كل الصلاحيات (أ ف ب)

أعادت محكمة التمييز الجزائية ملف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت إلى المحقق العدلي القاضي فادي صوان، إلى حين البت بطلب نقل الدعوى المُقدَّم من الوزيرين السابقين النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر للارتياب المشروع، بعد استكمال التبليغات، الأمر الذي يخوّل صوان استكمال التحقيقات المتوقفة منذ 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

في المقابل، أصدر الإنتربول (منظمة الشرطة الجنائية الدولية) النشرة الحمراء لصاحب وقبطان سفينة "روسوس"، التي نقلت شحنة نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت، ولتاجر النيترات (برتغالي الجنسية) الذي كشف على النيترات في العنبر رقم 12 في عام 2014، وذلك بناء على طلب المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري، الذي حصل على نسخة من النشرة.

ويشار الى أن "النشرة الحمراء" التي يصدرها الإنتربول الدولي هي بمثابة طلب إلى الأجهزة الأمنية لإنفاذ القانون في كل أنحاء العالم، وذلك لتحديد مكان المتهم واعتقاله مؤقتاً في انتظار تسليمه أو اتخاذ إجراء قانوني مماثل من قبل السلطة المحلية في أي دولة من الدول الأعضاء في المنظمة.

من جهة ثانية، توقف صوان عن النظر في القضية، بعد العاصفة السياسية والطائفية التي أحدثها قراره في طلب استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بعد الإدعاء عليهم بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بمقتل وإيذاء المئات في الرابع من أغسطس (آب) الماضي. ولم يتمكن القاضي صوان من تنفيذ قراره بعدما رفض دياب استقباله في السراي الحكومي والخضوع للاستجواب، بعد دعم تلقاه من سياسيين ورجال دين سُنّة، ومثله فعل النائبان غازي زعيتر وعلي حسن خليل، اللذان طلبا تنحيه للارتياب المشروع، بعدما رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري وهيئة مكتب المجلس في وجه صوان جملة اعتراضات استندت إلى المادة 70 من الدستور، التي تنص على أن الرؤساء والوزراء يحاكموا فقط أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بالتالي لا صلاحية للقضاء العادي بملاحقتهم أو الادعاء عليهم.

ماذا عن استجواب دياب والوزراء؟

القرار الصادر عن هيئة التمييز، وهي أعلى محكمة لبنانية، يسمح لقاضي التحقيق الأول باستئناف تحقيقاته في انفجار المرفأ، بانتظار البت بدعوى الارتياب المشروع المقدمة ضده، ما يعني أنه يمكن أن يبدأ من النقطة التي توقف عندها التحقيق. ويشرح رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقاً القاضي غالب غانم أن لا شيء في القانون يمنع صوان من استكمال تحقيقاته واستجواب من سبق وادعى عليهم، بمن فيهم رئيس الحكومة المستقيل والوزراء السابقين، كما يمكنه الادعاء على أشخاص جدد والبت بإخلاء سبيل موقوفين، ويمكن للقاضي صوان بحسب غانم، أن يأخذ أي تدبير يراه مناسباً بعد ما أعادت له هيئة التمييز كل الصلاحيات، بالتالي يستطيع أن يستمر في تحقيقاته وإجراءاته من دون إشكالات قانونية.

ويشرح غانم أن صوان كان يمكنه أن يستمر في التحقيقات وأن لا يعلّقها، على الرغم من دعوى الارتياب المشروع، لا سيما أن المادة 340 من قانون أصول المحاكمات الجزائية لا تفرض على المحقق العدلي أن يتوقف عن متابعة التحقيق في القضية، لكنه قرر من تلقاء نفسه تجميد التحقيقات ريثما تهدأ الزوبعة السياسية والطائفية التي رافقت خطوة الادعاء على دياب والوزراء السابقين. ويؤكد أن حصر ملاحقة دياب والوزراء بالمجلس الأعلى لرؤساء الحكومات تخضع للمادة 70 من الدستور وتوصيف الجرم المرتكب من قبلهم، فإذا كان الجرم المرتكب له علاقة بوظيفتهم أو حصل خلال عملهم يحاكموا حينها أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء، علماً أنه في ملف كملف المرفأ يُعتبر الجرم عادياً، بالتالي يمكن للقضاء العادي أن يلاحق رئيس الحكومة والوزراء والنواب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غانم الذي سبق وترأس المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء، يكشف أن الإجراءات المتّبعة في هذا المجلس معقّدة وصعبة، ولم يُعرض عليه طوال توليه رئاسته أي ملف. فالمقرر الأساسي للبدء بأي قضية هو مجلس النواب، وبدء الملاحقة يتطلب خُمس المجلس النيابي بكامل أعضائه أي 25 نائباً إذا احتسبنا أن عدد النواب لا يزال 128 وليس 120 بعد استقالة ثمانية نواب، وهذه إشكالية قانونية جديدة يقول غانم. أما بدء الملاحقة فيليه لجان تحقيق نيابية وإجراءات أخرى كتبليغ النواب جميعاً، بحيث تتوقف كل الإجراءات إذا لم يتم تبليغ نائب واحد، وإذا وصل الملف إلى الإدانة، فإن التصويت عليه يتطلب ثلثي أعضاء المجلس النيابي. في قضية المرفأ وبعد ادعاء صوان على الوزراء السابقين، والذين هم نواب حاليون كحسن خليل وغازي زعيتر، اجتمعت هيئة مكتب المجلس النيابي ولم ترَ أي داع للملاحقة، بالتالي لم تبدأ بمسار القضية التي اعتبرتها غير مبررة، الأمر الذي يعتبره غانم غير قانوني على اعتبار أن قرار بدء الملاحقة من عدمه ليس من صلاحيات هيئة مكتب المجلس بل هو يحتاج إلى خُمس أعضاء البرلمان، بالتالي يمكن لـ25 نائباً أن يوقعوا على عريضة الملاحقة لتصبح نافذة.

هل يجرؤ صوان ويتخطى التحذيرات؟

وبمعزل عن مجلس النواب الذي هو سيّد نفسه، والذي يمكنه أن يطلب البدء بملاحقة رؤساء ووزراء ونواب، وعلى الرغم من أن الأمر مستبعد في ظل الحصانات السياسية والطائفية المفروضة في كل قضية، ولا شيء يوحي بذلك بحيث لم يبادر مجلس النواب حتى الآن وبعد انقضاء ستة أشهر على الانفجار إلى اتخاذ أي خطوة في هذا الاتجاه، فإن القانون في المقابل لا يمنع القاضي صوان من متابعة تحقيقاته واستجواباته بمعزل عن أي مواقف أو تصريحات أو تهديدات تطاوله، والتي تبقى وفق ما يؤكد القاضي غانم انتقادات سياسية لا صفة لها في الدستور أو القانون. السؤال إذاً ماذا سيفعل القاضي صوان وهل سيكمل مهمته من دون الالتفات إلى الاعتراضات وحتى التحذيرات؟

قبل أيام على قرار هيئة التمييز السماح لصوان باستكمال التحقيقات، وجه الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله رسالة وصفها البعض بالتحذيرية المبطّنة. نصرالله انتقد تحقيقات صوان ورأى أن "المطلوب تصحيح مسار التحقيق العدلي، بحيث لا يجوز أن يتم التحقيق بملف المرفأ على مبدأ ستة وستة مكرر"، ودعاه إلى إطلاع اللبنانيين على ما جرى في الانفجار، معتبراً أن صوان "يتجه في تحقيقه إلى تحميل المسؤوليات الإدارية من دون توضيح حقيقة موضوع الانفجار".

الرسالة الواضحة لصوان كانت بتأكيد الأمين العام لـ"حزب الله" أن الحزب سيتابع القضية حتى النهاية بعدما تعهد نصر الله للبنانيين بأن الملف سيصل إلى نهايته العادلة والصادقة.

طلب تنحي صوان

فيما تؤكد أوساط مقرّبة من القاضي صوان أنه لن يتخلى عن القضية وهو سيستمر بمتابعة ملف المرفأ حتى جلاء الحقيقة، ولن يستسلم لأي تهديدات أو انتقادات، يبقى معرفة قرار هيئة التمييز في طلب الوزيرين علي حسن خليل وغازي زعيتر المدعى عليهما، بطلب تنحي صوان عن القضية. هذا القرار لم يصدر بعد لحين اكتمال التبليغات لكلّ الأفرقاء لإبداء أجوبتهم في طلب نقل الدعوى، قبل قرار محكمة التمييز المرتقب لجهة الإبقاء على الملف لدى صوّان أو الموافقة على نقله ليُعيّن محققٌ عدليٌّ جديد بدلاً منه في حال ثبوت الارتياب.

والمعلوم أن محكمة التمييز المختصة غير مُلزمة بمهلة محددة للبت بالطلب، وحتى الساعة لم يصر إلى تبليغ جميع أفرقاء الدعوى للإجابة عليه، علماً أن على كل فريق أن يجيب خلال مهلة عشرة أيام منذ تبليغه بشكل فردي، بالتالي، ينتظر تبليغ الجميع حتى انتهاء مهلة "الأيام العشرة"، في وقت تستبعد مصادر قضائية أن تقبل المحكمة نقل الدعوى إلى قاضٍ آخر، لأن خطوة كهذه من شأنها إطالة القضية واستحالة معرفة الحقيقة بعد تطيير للملف، نظراً لما سيستغرقه من وقتٍ تعيين محقق عدلي آخر، يحتاج إلى مرسوم من مجلس الوزراء. لكن في المقابل، تكشف المصادر عن تردد لدى هيئة المحكمة وعن خلاف بين القضاة الأعضاء، في ظل خشية من تدخلات سياسية للتأثير في موقف المحكمة لقبول طلب نقل الدعوى.

في الانتظار، المدعى عليهم لم يلقوا في استئناف التحقيقات تهديداً، وأكد النائب غازي زعيتر أن قرار هيئة التمييز لصالح عودة التحقيقات لا يغير شيئاً في القضية، فبحسب زعيتر يبقى قرار ملاحقتهم محصوراً بمجلس النواب الذي أعلنت هيئة مكتبه بعد مراسلة القاضي صوان بأنها لم تجد أي "داع لملاحقة النائبين حسن خليل وزعيتر ونقطة عالسطر"، ويوضح أن مجلس النواب لا يدافع عنهم كأشخاص، بل هو يدافع لمصلحة الدستور والقوانين.

المزيد من متابعات