Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصيادون القدامى تشاركوا بقايا الطعام مع ذئاب صارت أولى كلابهم المدجنة

في العصر الجليدي تمايزت المتطلبات الغذائية بين البشر والذئاب فلم يتنافس الطرفان في الحصول على أنواع اللحوم نفسها

دجن البشر ذئاباً لم تشاركهم اللحوم نفسها بل صارت كلابهم الأولى (غيتي)

على الرغم من كون الذئاب حيوانات مفترسة تصطاد كمجموعات، إلا أنّ تلك الكائنات الكبيرة صارت أولى الفصائل الحيّة التي تُدجّن على يد الإنسان، لكن من دون أن تتضّح كيفية وأسباب انتقالنا إلى تربية الكلاب.

في العصر الحجري القديم، حاز البشر والذئاب القدرة على التقاتل، بيد أنّ دراسة جديدة افترضت أنّ بعض التفاعلات الأساسيّة المبكرة التي أدّت إلى التدجين، حدثت عندما أطعم أشخاص الذئاب بقايا اللحوم.

وبحسب علماء من فنلندا، من المرجّح أن تكون قبائل الصيّادين خلال فصول الشتاء القاسية في نهاية العصر الجليدي الأخير، قبل حوالى ما يتراوح بين 14 ألفاً إلى 29 ألف عام، قد أطعمت اللحم الطريّ إلى مجموعات الذئاب عوضاً عن التنافس معها للحصول على الموارد الشحيحة [من اللحوم].

في هذا السياق، وضعت ماريا لاهتينين وزملاؤها في جامعة هيلسينكي و"هيئة الغذاء الفنلندية"، تقديرات من شأنها أن تغيّر المفهوم السائد عن عمليات التدجين المرجّحة. إذ احتسبوا كمية الطاقة التي تركها البشر من لحوم الأصناف التي أصطادوها آنذاك.

وكذلك افترض مؤلّفو الدراسة إنه لو اصطاد البشر والذئاب الحيوانات نفسها خلال فصول الشتاء القاسية، لأنتهى المطاف بالبشر إلى قتل الذئاب بهدف الحدّ من المنافسة، عوضاً عن تدجينها.

في المقابل، أشار المؤلّفون إلى أنّه خلال أشهر الشتاء، تتغيّر نسبة الدهون في اللحوم الخالية منها لدى الثدييات المفترسة، إذ تستخدم تلك الحيوانات مخزونها منه الذي تحتفظ به أثناء الطقس البارد. وبالتالي، تركت تلك الاختلافات الموسمية الحاسمة كميات كبيرة من البروتينات التي لم ترغب فيها جماعات الصيادين الذين سعوا إلى الحصول على لحوم أكثر غنىً بالدهون.

وعلى الرغم من أنّ البشر اعتمدوا على النظام الغذائي الذي يرتكز على لحوم الحيوانات خلال فصول الشتاء عندما كانت الأطعمة النباتية محدودة، بيد أنّهم لم يكونوا على الأرجح متأقلمين مع نظام عذائي معتمد كلياً على البروتينات، ولعلّهم فضّلوا اللحوم الغنيّة بالدهون والشحم على اللحوم الخالية من الدهون والغنية بالبروتينات.

ويضيف الباحثون أنّه باستثناء مجموعة الثدييات المنتمية إلى فصيلة العُرسيات (نسبة إلى حيوان ثديي يعرف باسم "ابن عرس")، وفّرت أنواع الفرائس كافة كمية أكبر من البروتينات بالمقارنة بما يمكن للبشر استهلاكه، ما أدّى إلى وجود فائض من اللحوم الطرية التي يمكن إطعامها للذئاب، وبالتالي انخفضت المنافسة على الفرائس.

وكذلك أشارت الدراسة إلى أنّه في حين بوسع الذئاب الاستمرار في العيش وفق نظام غذائي قائم على البروتينات حصراً لأشهر عدّة، فمن المرجّح أن يكون البشر قد أطعموا فائض اللحوم الطريّة إلى أولى الحيوانات التي استأنسوها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي هذا الإطار، اعتبر مؤلفو الدراسة أنّ "إطعام اللحوم الفائضة إلى الذئاب سهّل التعايش مع الأخيرة عندما يجري أسْرُها، كما أنّ الاستعانة بالذئاب الأليفة للمساعدة في الصيد والحراسة أسهم أيضاً في تسهيل عمليّة التدجين، ما أدّى ربما إلى التدجين الكامل في نهاية المطاف".

وأضاف المؤلفون أنّه "جرى استخدام ذلك الإنتاج المفرط للبروتين في بيئة القطب الشمالي والمناطق شبه القطبية، بهدف إطعام الذئاب/الكلاب بعد تدجينها وتحوّلها إلى حيوانات أليفة. وبالتالي، على المدى القصير خلال أشهر الشتاء الشديدة البرودة، لم يكن البشر والذئاب في حالة منافسة على الموارد ولعلّهم استفادوا من رفقة بعضهم بعضاً. وعلى الأرجح، شكل ذلك الملمح أمراً أساسياً في الحفاظ على الكلاب الأولى لسنوات وأجيال".

وقد خلصت الدراسة إلى أنّ "الصيّادين الذين يعيشون من الصيد يتّخذون الحيوانات الأليفة رفاقاً لهم، ولذا تصبح فكرة أسر سكّان العصر الحجري صغار الذئاب كي تصبح حيوانات أليفة، أمراً منطقياً".

بصورة عامة، تظهر الدراسات الجينية أنّ الكلاب تتحدّر من مجموعات الذئاب المنقرضة التي انفصلت عن أسلافها الذئاب الحيّة قبل ما يتراوح بين 27 ألفاً و40 ألف عام.

وفي المقابل، يُعتقد بأنّ عملية التدجين، عوضاً عن كونها حدثاً فردياً، جاءت كناية عن عمليّة معقّدة بسبب استمرار الكلاب في التزاوج مع الذئاب البرية. وفي هذا الصدد، يعتبر المؤلفون أنّه "لا شكّ في أنّ نقاط التشابه بين مجتمعات البشر والذئاب، سهّلت عمليّة تدجين الأخيرة". وكذلك خلصوا إلى أنّ "البروتينات الفائضة التي لا يحتاج إليها البشر شكّلت عاملاً قوياً في أن تضحي الذئاب "أفضل صديق لنا".

تجدر الإشارة إلى أنّ البحث نُشر في مجلة "التقارير العلمية لمجلة نايتشر" ["نايتشور ساينتيفيك ريبورتس" Nature Scientific Reports].

© The Independent

المزيد من منوعات