Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طالبو لجوء في بريطانيا يعرضون خدماتهم في مكافحة كورونا

"يمكن أن أعمل على خط المواجهة الآن"، يقول جراح مؤهل، "أستطيع أن أساعد البلد"

تظاهرة لاجئين من أصحاب الكفاءات العالية في لندن تطالب بحق العمل والاندراج في الحياة المهنية (غيتي)

تنوء هيئة الخدمات الصحية الوطنية تحت ضغط كوفيد-19 فيما يتغيّب عشرات الآلاف من الأطباء والممرضين المصابين بالفيروس في كل أنحاء إنجلترا الآن عن العمل - وهذا سبب نصف إجمالي معدّل تغيّب الموظفين تقريباً.

وصلت حصيلة الوفيات اليومية بفيروس كورونا في المملكة المتحدة إلى الآلاف للمرة الأولى منذ أبريل (نيسان). وأصبحت أزمة الموظفين حادّة لدرجة أنّ مسؤولي هيئة الخدمات الصحية الوطنية يتوسّلون الأطباء والممرضين كي يعملوا نوبات إضافية.

إنما في الوقت ذاته، هناك أفراد مؤهلون للعمل في الرعاية الصحية يجلسون في منازلهم وهم يتحرّقون للعمل في الصفوف الأمامية والمساعدة في مكافحة الأزمة لكنهم يُمنعون من ذلك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ينتظر كثيرون أن تصدر وزارة الداخلية لهم تصريح الإقامة البيومتري (biometric residence permit) الذي يثبت حق حامل تأشيرة الدخول في العمل داخل المملكة المتحدة- وقد انتظر بعضهم أشهراً فيما يجب أن تستغرق العملية وفقاً للحكومة بين سبعة أيام وعشرة.

والبعض الآخر هو من طالبي اللجوء الذين ينتظرون البتّ في طلباتهم منذ أكثر من سنة- وقد بلغوا مرحلة يجب أن يُسمح فيها لهم بالعمل في الوظائف التي تعاني من نقص موظّفين، وهي تشمل كل العاملين في الحقل الطبي- لكنهم يواجهون تأخيراً للحصول على ما يثبت حقهم في العمل من وزارة الداخلية.

حصل مؤمن، وهو جرّاح لديه عشر سنوات من الخبرة، على تأشيرة دخول لدواعي العمل في المملكة المتحدة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، وسافر من بلده الأم، الأردن، كي يبدأ في العمل في مستشفى تايمسايد جنرال في مانشستر في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني).

أعلمت وزارة الداخلية الرجل البالغ من العمر 35 بأنّ تصريح إقامته البيومتري سوف يكون جاهزاً كي يستلمه من مكتب البريد بعد إصدار تأشيرته- أي عند نهاية أكتوبر. 

لكن مؤمن ما زال بانتظار الوثيقة وهو غير قادر عن العمل قبل وصولها.

وقال المواطن الأردني "كان باستطاعتي أن أعمل الآن على الخطوط الأمامية، لكنني قضيت أكثر من شهرين لا أفعل شيئاً. أنا أضيّع الوقت فيما يمكنني أن أقدّم يد المساعدة للبلاد".

"مرّت 10 أسابيع. لم أتوقع أن يتطلب الموضوع هذه المدّة الطويلة. لم يصلني أي ردّ من وزارة الداخلية حول أسباب هذا التأخير".

وقال مؤمن إن التأخير يؤثر كذلك في زوجته وابنته الصغيرة اللتين كان من المفترض بهما اللحاق به إلى المملكة المتحدة بعد وصوله بفترة قصيرة، لكنهما لا تزالان في الأردن بسبب عدم حصوله على تصريح الإقامة البيومتري.

وأضاف "استعددنا للانتقال إلى هنا. وبعنا مقتنياتنا. انتقلت زوجتي وابنتي إلى منزل والديّ. لكن من يعلم إلى متى يستمر هذا الوضع بعد".

وفي حالة أخرى، قدّم الفلسطيني وليد، وهو ممرض مؤهل لمزاولة المهنة ترعرع ودرس في لبنان، طلباً للعمل في نوفمبر لكنه ما زال بانتظار الردّ مع أنّ وزارة الداخلية قالت إن الموضوع يتطلب ستة أسابيع كحد أقصى.

طلب الرجل البالغ من العمر 30 اللجوء في أكتوبر 2019 بعد مواجهته مشاكل سياسية في لبنان وهو ما زال ينتظر البتّ في طلبه.

تنصّ قوانين وزارة الداخلية على أنه يحقّ لطالب اللجوء في حال انتظر أكثر من سنة للبتّ في قضيته، أن يتقدّم بطلب العمل في أي مهنة على لائحة المهن التي تعاني من نقص في الموظفين، والتمريض إحداها. 

عرضت هيئة الخدمات الصحية الوطنية بالفعل على وليد أن يعمل لديها وعليه أن يقدّم إثباتاً على حقه في العمل بغضون أقل من أسبوعين وإلا فقد موقعه.

وقال "هذا الأمر محبط حقاً. عملت في وحدة عناية فائقة ست سنوات ولديّ الكثير من الخبرة وأستطيع العمل الآن. أنا جاهز".

"أتعلم اللغة الإنجليزية المستخدمة في مجال الطب منذ ستة أشهر وقد نجحت في كل شيء. أشعر بأنه جهد ضائع. أنا مؤهل للعمل. وأشعر بأنني أضيع حياتي. تحتاج هيئة الخدمات الصحية الوطنية لمزيد من الناس لكن وزارة الداخلية لا تهتم بذلك. ولا ترانا سوى بصفتنا لاجئين وطالبي لجوء".

تدرّب آخر موجود في المملكة المتحدة ست سنوات كي يصبح طبيباً وقضى سنة في العمل داخل مستشفيات حلب خلال الحرب السورية، عالج خلالها عدداً كبيراً من ضحايا النزاع.

وقال "أمضيت وقتاً طويلاً في مساعدة الأطباء في حالات الطوارئ الجراحية بسبب الضغط الهائل عليهم من أجل التعامل مع آثار الحرب. بعد سنوات من الحرب اعتدنا أن نرى هذا النوع من الأمور".

وقال الشاب البالغ من العمر 25 الذي قدم طلب لجوء إلى المملكة المتحدة في يوليو (تمّوز) 2020 وما زال ينتظر قراراً، إن شعوره بالإحباط يزيد جراء عجزه عن مساعدة الجهاز الصحي البريطاني في التعامل مع ازدياد الإصابات بفيروس كورونا والأعداد المتزايدة من غياب الموظفين.

وأضاف "أعلم أنه بإمكاني أن أساعد المملكة المتحدة الآن في هذه الأزمة. لكنني عالق ولا يسعني فعل شيء. أملي خائب. أريد أن أساعد لكنني أنتظر فحسب".

قال الدكتور دولين باغاواتي، وهو جرّاح أعصاب وكبير المحررين في جمعية الأطباء البريطانية إنه يعلم بوجود نحو 40 حالة من الطاقم الطبي المؤهل للعمل، غير قادرين على العمل حالياً بسبب التأخير في إصدار تصاريح إقامتهم البيومترية.

وشرح أنّ "المملكة المتحدة تناشد الآن كل الموظفين المتمرّسين المتوفرين لدينا، إلى درجة الاتّصال بالعاملين المتقاعدين من هيئة الخدمات الصحية الوطنية والطلاب. لكن بسبب عدم بذلها كل ما في وسعها من أجل السماح للأطباء الأجانب الذين يحملون تأشيرات صالحة بالعمل في أقرب وقت ممكن، لا تؤدي وزارة الداخلية الدور المناط بها في إطار الجهد المبذول على نطاق الوطن من أجل مكافحة هذا الفيروس".

وقال الدكتور باغاواتي إن الحل "البسيط" سيكون بإعطاء كل العاملين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية وفي مجال الرعاية الصحية وعائلاتهم تصريحاً بالإقامة إلى أجَل غير مُسمّى بهدف "تبسيط العملية والتخفيف من الأعذار البيروقراطية والسماح للجميع بأداء وظائفهم".

واعتبرت كريستين جاردين، الناطقة السابقة باسم حزب الديمقراطيين الأحرار للشؤون الداخلية إنها "مصعوقة" بسبب إعاقة عمل أختصاصيين محترفين في مجال الصحة داخل هيئة الخدمات الصحية الوطنية جراء التأخير في إصدار تصاريح الإقامة البيومترية.

وقالت "يقوّض تعنت وزارة الداخلية وعدم كفاءتها العمل المذهل الذي يبذله عدد كبير من الأشخاص في ظل ظروف ضاغطة ومتوترة كهذه في هيئة خدماتنا الصحية الوطنية وقطاعات الرعاية عندنا".

"يكفي سوءاً أن وزارة الداخلية تستمر بتجاهل المناشدات من أجل إعطاء أولئك المواطنين الأجانب الذين يخاطرون بحياتهم في هيئة الخدمات الصحية الوطنية تصاريح للإقامة إلى أجل غير مسمى اعترافاً بجهودهم، لكنها الآن تزيد الضغط على الطاقم الصحي بعد هذا التقصير الأخير".  

وقال الرئيس التنفيذي لمجلس اللاجئين (Refugee Council) إنفر سولومون إن عجز هذا العدد الكبير من أختصاصيي الصحة الذين قدموا طلبات لجوء، عن العمل، يبرز ضرورة سماح وزارة الداخلية للناس بالعمل أثناء انتظارهم البتّ بشأن طلباتهم.

وصرحت وزارة الداخلية بأنها سوف تراجع سياسة العام 2018 بشأن منع طالبي اللجوء من العمل، لكنها لم تؤكد بعد إن انتهت هذه المراجعة أو متى سوف تُنشر.

وقال السيد سولومون "في الأوقات العادية، من المحبط جداً وضع أختصاصيي الصحة المحترفين العالقين في نظام اللجوء أشهراً طويلة، والممنوعين من استخدام مهاراتهم الثمينة لدعم هيئة الخدمات الصحية الوطنية. أما خلال فترة وباء عالمي فهي مأساة". 

"لو رُفع هذا الحظر قبل الجائحة، لكان أختصاصيو الصحة المحترفون الموجودون ضمن نظام اللجوء يعملون في الهيئة خلال هذه الطوارئ الوطنية".

وصرح ناطق باسم وزارة الداخلية بأنّ الجائحة تركت أثراً في بعض خدمات التأشيرات وأقرّ بأنها تواجه بعض المشاكل في تسليم تصاريح الإقامة البيومترية، لكنها تعمل جاهدةً من أجل حلّها بما في ذلك التوظيف وتدريب المزيد من الأشخاص.

وأضاف "يستطيع أصحاب العمل الذين وظّفوا أختصاصيين في الرعاية الصحية ينتظرون تصاريح أن يتّصلوا بخدمة تحرّي صاحب العمل لطلب التأكد من حقهم في العمل".

"سياستنا قيد المراجعة، إنما يستطيع طالبو اللجوء الذين لديهم مؤهلات للعمل في مجال الطب أن يقدموا حالياً طلباً للعمل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المناصب الطبية الكثيرة المهمة الموجودة ضمن لائحة المهن التي فيها نقص موظفين إن كانوا ينتظرون البتّ بطلباتهم منذ 12 شهراً أو أكثر من دون أن يكون لهم ذنب في ذلك".

© The Independent

المزيد من صحة