Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تبدلت أحوال قلب لندن المالي أسبوعا بعد بريكست؟

 يكتب بن تشو قائلاً إن بوريس جونسون وعد البريطانيين بأن النواة التجارية اللندنية "ستتكيف وتزدهر بقوة" بعد بريكست. لكن القطاع نفسه أقل ثقة من رئيس الوزراء في مآل الأمور

منذ دخول اتفاق بريكست حيز التنفيذ، غادرت لندن تداولات بقيمة خمسة مليارات يورو، تعود لمؤسسات تجارية أوروبية (غيتي)

ذاق القلب التجاري للندن ثمار بريكست هذا الأسبوع – ولم يكن الطعم مُرضياً.

في الرابع من يناير (كانون الثاني) – وهو أول يوم للتداول في عام 2021 – انتقلت أعمال بمليارات اليورو من المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي. فقد غادرت لندن تداولات بقيمة خمسة مليارات يورو (حوالى ستة مليارات دولار) لأسهم تخص مؤسسات تتراوح بين مصارف فرنسية وشركات ألمانية لتصنيع السيارات لتظهر في المراكز المالية في أوروبا القارية على غرار باريس وأمستردام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وجاء التحول نتيجة مباشرة للتنظيمات المالية الأوروبية التي تنص على أن التجارة بأسهم الشركات الأوروبية (مثل "فولكسفاغن"، و"إيرباص"، و"بي إن بي باريبا") حين تتولاها مؤسسات أوروبية يجب أن تجري داخل الاتحاد الأوروبي.

هكذا نقلت "أكويس"، وهي نظام لتجارة الأسهم يشمل أوروبا بأسرها ويجري فيها تبادل الأسهم الأوروبية، أعمالها التجارية كلها تقريباً من منصتها اللندنية إلى قاعدتها الباريسية. وقال الرئيس التنفيذي لـ"أكويس"، ألاسدير هاينز، لتلفزيون "بلومبيرغ" هذا الأسبوع إن التحول – الذي حدث بسبب بريكست – كان "هدفاً مذهلاً" أدخلته المملكة المتحدة في شباكها.

وأضاف: "أن بريطانيا تخسر الآن مكانتها القوية للغاية في تداول الأسهم الأوروبية في لندن".

وتؤكد "بورصة أكويس" أن هذه الأعمال لن تعود أبداً إليها.

وقالت رئيسة التسويق في "أكويس"، بيليندا كيهيان، لـ"الاندبندنت": "نستبعد جداً جداً أن تسمح أوروبا بخروج تداولاتها مجدداً منها بعدما استعادتها.

"كانت تعاملات فرنسية وألمانية كثيرة تُجرَى من لندن – والآن تُجرَى من داخل الاتحاد الأوروبي. لقد استعدنا السيطرة على التعاملات، لكن الأوروبيين استعادوا تعاملاتهم".

بطبيعة الحال، يصح أن التعاملات بالأسهم الأوروبية هي مصدر إيرادات واحد فقط من مصادر القلب التجاري للندن.

وتتوفر خطوط أخرى كثيرة للأعمال، من العمل المصرفي والتأمين إلى تداول العملات وإدارة الأصول.

وكان وزراء الحكومة متفائلين في شأن الخدمات المالية التي تقدمها المملكة المتحدة في مرحلة ما بعد بريكست، إذ أكد بوريس جونسون لـ"هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) في 30 ديسمبر (كانون الأول) أن القلب التجاري للمدينة بعد بريكست "سيتكيف ويزدهر بقوة".

والواقع أن الاتفاق المرافق لبريكست عشية عيد الميلاد بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة استبعد على وجه التحديد الخدمات المالية، لكن الجانبين اتفقا على السعي إلى إبرام مذكرة تفاهم بحلول مارس (آذار) 2021 لإنشاء إطار للتعاون التنظيمي في هذا المجال. وتحدث البعض عن "اتفاق" يمثل اختراقاً [إنجازاً] في الخدمات المالية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من ذلك تفيد مصادر القطاع المالي بأن هذا الخطاب غير واقعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال أحد المصادر "يتعلق ذلك بمذكرة تفاهم لا تتمتع إلا بقدر ضئيل للغاية من القوة القانونية – فهي تدور عموماً حول اتفاق بلدين على قواعد المشاركة وكيف يخططان للتفاعل مع بعضهما بعضاً".

وفي عموم الأمر، فإن أكثر ما يستطيع القلب التجاري للندن أن يطمح إليه الآن هو "معادلة" السلطات الأوروبية التنظيم المالي المحلي البريطاني، وهذا من شأنه أن يسمح للمؤسسات الأوروبية بمواصلة عملياتها المعتادة في المملكة المتحدة.

وأبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقات معادلة لبعض مجالات الخدمات المالية مع سويسرا والولايات المتحدة واليابان، لذلك من المعقول أن تتوقع المملكة المتحدة معاملة مماثلة.

بيد أن المشكلة في المعادلة تكمن في أنها غير مستقرة بطبيعتها.

فبموجب قوانين الاتحاد الأوروبي، من الممكن أن تسحب الهيئات التنظيمية القارية المعادلة من جانب واحد بعد مهلة لا تتعدى 30 يوماً. وهذا ليس خطراً نظرياً محضاً. فقد سمحت بروكسل عن عمد بسقوط المعادلة مع سويسرا العام الماضي، الأمر الذي منع المؤسسات الأوروبية من المتاجرة في سوق الأوراق المالية السويسرية.

وتحذر المؤسسات المالية البريطانية من أن هذا التهديد أشبه بـ"سيف ديموقليس" معلق فوق رقبتها في شكل دائم، ومن شأنه أن يردع الاستثمار وتوظيف العمالة في المملكة المتحدة.

لكن هل من الممكن تمتين هذه البنية المتهالكة، من منظور المملكة المتحدة، في إطار جديد؟

مرة أخرى، ليس القطاع على يقين.

يقول عضو في إحدى جماعات الضغط: "ليست المعادلة مفتوحة للمناقشة. فالاتحاد الأوروبي لن يقبل باتفاق مكتوب يغير التشريع الخاص بعملية خروج بريطانيا منه".

ويعتقد البعض بأن الاتحاد الأوروبي سيحتفظ بتحكم محكم في الآلية الموجودة لسحب المعادلة من أجل إخضاع البريطانيين الذين ليسوا أهل ثقة.

ويفيد محللون في المؤسسة القانونية "دي إل إيه بايبر" بأن "مخاوف الاتحاد الأوروبي من تخفيف المملكة المتحدة التنظيمات دعماً لميزتها التنافسية [قد] يجعله يرى في احتمال سحب قرارات المعادلة من طرف واحد وسيلة فاعلة لإبقاء بريطانيا متوائمة مع الإطار القانوني والتنظيمي الأوروبي".

لكن هل ينم هذا الموقف عن تشاؤم أكثر مما ينبغي؟

يقول البعض إن موقف المملكة المتحدة قوي إلى حد ما، لأن المؤسسات الأوروبية تعتمد حقاً على القلب التجاري للندن. ويشيرون إلى خطاب وجهته في ديسمبر جماعات أوروبية ناشطة في التجارة المالية يضغط على المفوضية الأوروبية لمنح لندن معادلة في شأن نوع من تداول المشتقات المالية، زاعمة أن التكاليف التي تترتب عليها سترتفع بخلاف ذلك.

ويضيف أحد المصادر: "لن يتمكن عملاء الاتحاد الأوروبي من الوصول إلى الخدمات التي اعتادوا عليها [في غياب المعادلة].

وهناك أيضاً أنشطة قد يعانون من القيام بها داخل كتلة الاتحاد الأوروبي".

صحيح أن الاتحاد منح العام الماضي معادلة مؤقتة للمملكة المتحدة للاستمرار في خدمة المؤسسات الأوروبية بعد بريكست في مجالين – مقاصة المشتقات المالية والإيداعات المركزية للأوراق المالية – اللذين تعتمد فيهما الكتلة بالفعل على لندن ولن تتمكن من تولي زمام الأمور فيهما في شكل واقعي في الأجل القريب.

لكن المحللين يحذرون من أن الاتحاد الأوروبي قادر في الأجل الأبعد على بناء قدرته فيهما واجتذاب الأعمال المربحة من القلب التجاري للندن تدريجياً.

وفي أعقاب اتفاق عشية عيد الميلاد أكدت المفوضية الأوروبية أن "الاتحاد الأوروبي سينظر في المعادلة إذا صبت في مصلحته".

ومن المؤكد أن التحدي الذي يواجه القلب التجاري للندن، في ما يتصل بأعمالها في الاتحاد الأوروبي، يتلخص في التمسك بما تتمتع به من قدرات. وأفضل ما تستطيع حكومة المملكة المتحدة أن تأمل في التوصل إليه، وفق المصادر، هو أن تشمل مذكرة التفاهم المرتقبة في مارس موافقة الاتحاد الأوروبي على المشاركة في مشاورات موسعة قبل سحب المعادلة.

وهو طموح قليل للغاية لقطاع يمثل نحو سبعة في المئة من اقتصاد المملكة المتحدة، ويدعم نحو 1.4 مليون وظيفة ويولّد عشرات المليارات من الجنيهات من العوائد الضريبية وصادرات الخدمات.

لكن مطلعين في القطاع يقولون إن هذه النتيجة طبيعية لبريكست إذ أعطى الوزراء الأولوية لمسائل مثل حقوق صيد الأسماك و"السيادة" على حساب حماية أحد أكثر قطاعات التصدير ربحاً في المملكة المتحدة.

ويأسف أحدهم قائلاً: "لقد جرت التضحية بالخدمات المالية في مقابل حفنة من الأسماك".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد