Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجائحة في بريطانيا أودت بنساء إلى الفقر المدقع والبغاء

ناشطة في حملة الدفاع عن العاملات في مجال الجنس تقول إن "إجراءات التقشف القاسية تدفع بنا إلى ممارسة الدعارة وتجعلنا عالقات في براثنها" 

مئات من مساعدات التدريس والنادلات وعاملات النظافة وخبيرات التجميل قمن منذ تفشي كورونا بالاستفسار عن العمل في البغاء (رويترز)

كشف ناشطون أن أعداداً متزايدةً من النساء في بريطانيا يتحولن لأول مرة إلى العمل في مجال الجنس، بعدما دفعت بهن الجائحة إلى "فقر مدقع". وأشارت منظمات رائدة تدعم قضايا العاملات في تجارة الجنس، إلى تسجيل ارتفاعٍ كبير في عدد النساء اللواتي لجأن إلى هذا المجال لأول مرة، بسبب عملهن السابق في قطاعات كانت الأكثر تضرراً بأزمة فيروس كورونا.

وأوضح "التجمع الإنجليزي للعاملات في الجنس" English Collective of Prostitutes، وهي مجموعة تقوم بحملة رائدة لدعم عدم تجريم الدعارة، أن مئات من مساعدات التدريس والنادلات وعاملات النظافة وخبيرات التجميل، قمن لأول مرة منذ تفشي أزمة كوفيد الطارئة في فصل الربيع، باستفسارات عن إمكان بدئهن العمل في البغاء.

في غضون ذلك، تبين من خلال دراسة أجرتها المنظمة بمشاركة حصرية مع صحيفة "اندبندنت"، أن العاملات في تجارة الجنس لا يتمكن من تأمين قوت لأنفسهن أو لأطفالهن، وأنه خلال أزمة الصحة العامة، دُفع بهن إلى الفقر والتشرد.

الدراسة الاستقصائية التي شملت 222 عاملة في مجال الجنس، وجدت أن ما يقرب من ثلثي المشاركات، يجدن مصاعب في تحمل نفقات التغذية، وهن في حاجة إلى قسائم غذاء طارئة، في حين أن ثلاثاً من كل عشر نساء يصعب عليهن الحصول على منافع من الحكومة البريطانية.

سامانثا *، إحدى العاملات في مجال الجنس في جنوب لندن، تحدثت لصحيفة "اندبندنت" قائلة، "لقد انقطع دخلنا بالكامل. بتنا أمام خيارين إما التسول أو الاستدانة. أصبحنا في الحضيض. كان علينا أن نذهب إلى زبائننا المعتادين ونقول لهم، "رجاءً هل يمكن إقراضنا المال؟ أنا في ورطة". نحن لسنا بساحرات (لا نملك قدرات خارقة).

وتضيف قائلة، "أنت تعرفين كيف هي هذه البلاد، إذا لم يكن في وسعك دفع فاتورة، فإنهم سيعطونك فاتورةً أكبر. قبل خمسة عشر عاماً، كان يمكن كسب المال في هذا المجال، لكن الآن فبالكاد يمكن تحصيل شيء. يعتقد الناس أننا نكتنز الماس. إن شيئاً لا يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة أكثر من ذلك. قبل كوفيد كنا نحاول النفاذ بأنفسنا. أما اليوم فنحن واقعات تحت عبء الدين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف المرأة البالغة من العمر 42 عاماً، التي كانت تعمل في ممارسة الجنس بين حين وآخر منذ أكثر من عقدين من الزمن، أنها كانت تجهد من أجل شراء الطعام، وأنها اضطُرت إلى الاعتماد على القسائم (ألتي توفرها الدوائر المحلة). وقالت إنها تعرف عدداً من العاملات في الجنس اللواتي أصبحن بلا مأوى خلال الجائحة. وأكدت أنها تتلقى اتصالات من أعداد متزايدة من النساء اللواتي يسألنها لأول مرة عن فرصة عمل.

وأضافت سامانثا: "يتصل عدد كبير من النساء اللواتي يطلبن العمل. كثيرات منهن لم يقمن بذلك من قبل. ولأسباب تتعلق بالسلامة، فإنني لا أرغب في العمل مع امرأة ليست لديها خبرة أو لا تعرف مخاطر هذا العمل والمنزلقات والمصاعب".

وأوضحت أن الشقة التي تعمل فيها كانت قد أقفلت خلال الإغلاق (الحجر) الأول على المستوى الوطني، الذي أُعلن عندما اجتاح فيروس كورونا في الربيع الفائت، وكذلك خلال الإغلاق الثاني في نوفمبر (تشرين الثاني).

ودعت سامانثا إلى إلغاء تجريم العمل في مجال الجنس، مشيرةً إلى أن النساء يخالفن القانون من أجل العمل معاً ضمن مجموعات، ما يقلل بحسب رأيها من خطر الإساءة إليهن أو الاعتداء عليهن. وتوضح قائلة: "إننا نحرص على بقائنا على مسافة قريبة في حال استنجدت إحدى النساء طالبةً المساعدة أو في حال تسبب شخص ما بخطر أو بعمل عدواني".

وتمضي في كلامها، "إننا نقضي أيامنا في إسعاد الناس، لكن الجميع يحكم علينا. لدينا كثير من الزبائن الذين لا يمكنهم إقامة روابط في الحياة الحقيقية، لكنهم في النهاية بشر. نحن لا نقوم بانتهاك القانون. إن القانون هو الذي يجرمنا. يجب الاعتراف بنا على ما نحن عليه. إننا أشخاص طبيعيون، نقوم بدفع الضريبة للمجلس المحلي. نحن كسائر الأشخاص جيران شخص ما، ولسنا كائنات فضائية برأسين".

وتقول سامانثا إنها عندما تتعرض لاعتداء من جانب أحد الأشخاص الذين يدفعون لقاء الجنس معها، فهي لا تعمد إلى إبلاغ الشرطة، لأنها تخشى من تجريمها نتيجة ذلك.

وفي حين أن دفع المال أو تلقيه لقاء ممارسة الجنس، ليس أمراً غير قانوني في المملكة المتحدة، فإن ممارسة الإغراء والعمل في الشارع، وتجمع المشتغلات بالجنس معاً كمجموعة، وترويجهن لأنفسهن، كلها أفعال غير قانونية.

نيكي آدامز المتحدثة باسم "التجمع الإنجليزي للمشتغلات في الجنس"، أكدت من جانبها أنه خلال أزمة كوفيد، سُجلت زيادة كبيرة في عدد النساء اللواتي يطلبن للمرة الأولى استفسارات عن العمل في ممارسة الجنس، أو العودة إليه بعد التخلي عنه لأعوام.

 

وأضافت إن "الوباء كان مدمراً للعاملات في الجنس. فدخل المرأة في هذا المجال انخفض بشكل كامل. قمنا بمساعدة مئات من العاملات اللواتي احتجن إلى الطعام بشكل طارئ من خلال تأمين قسائم لهن، وقدمنا الدعم لهن أيضاً في إطار الحصول على بعض المنافع".

واعتبرت أنه "في وقت تؤكد الحكومة اهتمامها بتوفير سبل للخروج من البغاء، إلا أن إجراءات التقشف القاسية التي لجأت إليها، تدفع بنا نحو الدعارة وتجعلنا عالقات في حبالها. فالحكومة لم تقدم أي دعم مخصص للعاملات في هذا المجال".

وتضيف آدامز، "نعيش في حال من الحرمان، لأن حُزم الدعم الحكومية مُنعت عنا. إن معظم العاملات في الجنس هن أمهات، لكن الناس لا يعرفون ذلك. عندما يكون لديك طفل، تكون خياراتك محدودةً في مجال العثور على وظيفة تؤمن مردوداً كافياً لتغطية نفقات رعاية الأطفال. لكن السياسيين يأخذون مواقف أخلاقية من المشتغلات في الجنس، ويصدرون عليهن أحكاماً ويتعاملون معهن باحتقار".

ولفتت آدامز إلى أن نساء كثيرات يجمعن بين العمل في مجال الجنس، ووظائف غير مستقرة ذات أجر ضئيل بعقود صفرية (لا يكون فيها رب العمل ملزماً تأمين حد أدنى من ساعات العمل للموظف). وأوضحت أنه يمكن أن يكن "مقدمات رعاية أو ممرضات أو مساعدات تدريس، أو عاملات نظافة أو نادلات، أو من اللواتي يعملن في حانات التجميل والعناية بالأظافر".

ولفتت إلى أن أعمال العنف ومطاردة العاملات في مجال الجنس اللواتي تعمل جمعيتها على دعمهن، قد ازدادت خلال الأزمة، بحيث يقوم الذكور باستغلال هؤلاء النسوة اليائسات. ولفتت إلى أن الاهتمام المتنامي من جانب الشرطة بعد تفشي الجائحة، وقواعد الإغلاق الجديدة، جعل من العاملات في الجنس عرضةً الآن لمزيد من التدقيق من الشرطة.

وأكدت آدامز أن "الزبائن يستغلون هذا الوضع. فالنساء في هذا المجال يعملن وسط أوضاع أكثر خطورة. ولا يمكنهن في المقابل تطبيق آليات السلامة التي كانت لديهن من قبل. وقد وضع التجريم في هذا الموضوع المرأة في موقف ضعف. أما العمل مع نساء أخريات، فيشكل مخاطرة باحتمال التعرض للاعتقال، في حين أن الرجال يدركون الآن أن البيئة باتت أكثر عدائية بالنسبة إلى العاملات في مجال الجنس".

ورأت أخيراً أن الجمع بين "طبقات من التجريم لهؤلاء النسوة والوصم وعدم المشروعية"، وعدم تلقي الدعم المادي الطارئ من الحكومة، ترك العاملات في الجنس في وضعٍ معدم. وأشارت إلى أن النساء دُفعن إلى الاختيار بين المخاطرة بالتعرض لفيروس كورونا، من خلال العمل خلال الجائحة، أو مشاهدة أطفالهن يعانون من الجوع.

(*غُيّرت الأسماء من أجل حماية الهوية الحقيقية لأصحابها)

© The Independent

المزيد من منوعات