Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجنائية الدولية تعتزم محاكمة قيادات من "حماس" بتهمة "جرائم حرب"

المدعية العامة تقول إن عناصر الحركة قتلوا إسرائيليين مدنيين واستخدموا الأطفال دروعاً بشرية

إتهمت المحكمة الجنائية حركة "حماس" والفصائل المسلحة بارتكاب جرائم حرب (اندبندنت عربية – مريم أبو دقة)

في مفاجأة سياسية، وجّهت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا اتهامات لحركة "حماس" والفصائل المسلحة في قطاع غزّة، تتمثل بارتكاب جرائم حرب ضد الإسرائيليين والفلسطينيين أنفسهم، ويعد هذا تطوراً ملحوظاً بشأن القضايا التي تنافست السلطة الفلسطينية ومنظمات إسرائيلية ودول صديقة لها، لتسليمها للمحكمة.

وفي تفاصيل التهم الثلاث التي وجهتها بنسودا، فإن حركة "حماس" وفصائل فلسطينية متهمة بارتكاب جرائم حرب ضد الإسرائيليين، وذلك عن طريق إطلاق صواريخ عشوائية ضد المدنيين الإسرائيليين. إضافة إلى استخدام المدنيين والأطفال دروعاً بشرية في أوقات الاقتتال العسكري.

محاولة خلط

وجاءت هذه التهم بعدما قدمت تل أبيب من خلال منظمات حقوقية وبعض دول الصديقة، إدانات للفصائل الفلسطينية، وذلك بعد صدور اتهام من المدعية العامة بحق إسرائيل، تقر فيه أنها ارتكبت جرائم قد ترقى لتكون جرائم حرب بحق الفلسطينيين في قطاع غزّة والضفة الغربية في الفترة الواقعة بين 2014 و2019، وخوّلت الدائرة التمهيدية في المحكمة بالنظر في الولاية الجغرافية القضائية على الأراضي الفلسطينية للشروع في التحقيق الجدي استعداداً لمحاكمة الإسرائيليين.

ويقول رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي: "هذه محاولة خلط النضال الوطني بالإرهاب، من خلال الاستناد إلى بعض الانتهاكات الفردية في الفصائل، وذلك لتعميقها ومساواتها في جرائم إسرائيل".

ويضيف: "ارتكاب الفلسطينيين هذه الانتهاكات لا يعني براءة إسرائيل، تقارير مكتب المدعية العامة والمنظمات الحقوقية وتقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان، كلها شواهد تؤكد أن إسرائيل هي المجرمة، والفلسطينيين في حال الدفاع عن النفس".

لجان فلسطينية للمحاسبة

وبحسب المعلومات المتوافرة، فإنه بعد تقرير "غولدستون" (لجنة تقصي حقائق شكّلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة) جرى تشكيل لجان فلسطينية تشمل منظمات حقوقية وأعضاء من الفصائل لمحاسبة العناصر الذين ارتكبوا أخطاء قانونية فردية.

ويوضح عبد العاطي أن الفلسطينيين جهّزوا مذكرة دفاع، ومذكرات إصلاحية لنشاط الفصائل، وتركز على "حق الدفاع عن النفس والمقاومة" وفقاً للقوانين الدولية، وتستند إلى مبدأ أن إسرائيل هي المسبب لمعاناة غزّة، ويجب التحقيق في انتهاكاتها، فضلاً عن أنها مطالبة بتوفير حقوق الفلسطينيين باعتبارها قوة احتلال.

وأشار إلى أن التهم بحق "حماس" ليست قضايا حتى اللحظة، وإنما جاءت في إطار الفحص الأولي للجنائية، ولم تشرع المدعية العامة في تحقيق جدّي حتى تحصل على إذن من الدائرة التمهيدية بالولاية القضائية الدولية على فلسطين.

فيما يقول القيادي في الحركة حماد الرقب إنهم يدافعون عن الفلسطينيين ولهم "الحق في الرد على الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية، وهذا مكفول في جميع الأعراف الدولية بما فيها القانون الدولي، وعلى الرغم من الاعتداءات المتكررة إلا أن جميع الفصائل ملتزمة بالقانون الإنساني، وبالعادة يرفضون استهداف المدنيين الإسرائيليين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الواقع، لم تدخل الفصائل المسلحة وإسرائيل في مواجهة عسكرية مفتوحة منذ انتهاء إطلاق النار المتبادل عام 2014، وهو التوقيت ذاته الذي بدأت فيه فترة الجنائية الدولية في فلسطين.

مبدأ الحيادية

ويوضح عبد العاطي أن المحكمة تنظر لجميع الجرائم التي جرى اقترافها في فترة ولايتها على الدول، وليس قبل ذلك، وعلى أي حال فإن كل تقارير لجان متابعة عمل الفصائل تشير إلى وجود التزام بقواعد القانون الدولي والامتناع عن استهداف المدنيين الإسرائيليين، لافتاً إلى أن هذا يشفع للفلسطينيين أمام المحكمة.

مكتب المدعية العامة للجنائية الذي أكد استمرار العمل بحيادية، كشف أن "حماس" تمارس التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والاعتداء على كرامة سكان قطاع غزّة، وتعمد إلى حرمان الأشخاص المحميين من حقوق المحاكمة العادلة والقتل العمد بحق بعضهم، في إشارة إلى قتل عدد من المتخابرين المتعاونين مع إسرائيل.

إلا أن مراقبين حقوقيين يعتقدون أن المحكمة استجابت لبعض الضغوط الإسرائيلية والأميركية، وأدرجت بعض الاتهامات للفلسطينيين. في حين، يشير عبد العاطي إلى أن المتخابرين مع إسرائيل يحاكمون وفق "القانون الثوري الفلسطيني"، والذي ينص على إعدامهم، وهذا غير مخالف للمواثيق الدولية.

محاكمة قيادات فلسطينية

وبحسب المدعية العامة، فإن لدى المحكمة توجهاً صريحاً لمحاكمة الشخصيات الفلسطينية المتورطة في تلك الجرائم، وبحسب عبد العاطي فالجنائية الدولية لها السيادة التامة، وكذلك لها أحقية التحقيق في أي خرق لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، موضحاً أن عدم انضمام إسرائيل لميثاق روما المؤسس للجنائية لا يعني أنها ستفلت من العقاب، وفي حال الامتناع عن التعاون معها ستشرع المحكمة بالعمل مع الإنتربول الدولي.

ويعتقد المراقبون القانونيون أن الخطر يتجسد في أن المحكمة الجنائية نفسها أقرت بوجود جرائم ترقى لتكون جرائم حرب وانتهاكات للقانون الدولي الإنساني ارتكبتها "حماس" والفصائل المسلحة، وأن هذه التهم ليست صادرة عن منظمات دولية أو حقوقية، كما في تقرير "غولدستون".

ويقول الباحث في الشؤون السياسية حسن عصفور إن المسألة القانونية السياسية باتت مختلفة كثيراً عما جاء في تقرير "غولدستون"، خصوصاً أن المدعية العامة ذاتها تبنت التهم الموجهة للفصائل الفلسطينية، لذا ومن باب المسؤولية الوطنية، "على رئيس الحركة وقياداتها، مخاطبة رئيس السلطة محمود عباس لتشكيل فريق قانوني لمواجهة أبعاد التهم، والتحرك بما يحد من آثارها الخطيرة، وتقديم كل ما هو ضروري لشرح مفهوم المقاومة التي ضمنتها الشرعية الدولية، وبين أخطاء فردية قد تحدث خلال المقاومة".

المزيد من الشرق الأوسط