Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المطالبة بمزيد من الصراحة في مواجهة أزمة الخدمات الصحية في بريطانيا

منكري فيروس كورونا والمشككين في الإغلاق التام يروّجون لخرافة مفادها أن معاناة قطاع الصحة في المملكة المتحدة هذا الشتاء لا تزيد عن معاناتها كل شتاء

رغم زيادة عدد الأسرّة لا تزال المستشفيات في بريطانيا غير قادرة على إيجاد متسع لاستقبال الوافدين الجدد (غيتي)

في غضون الأسبوعين الماضيين، اضطرت المستشفيات في لندن وأنحاء جنوب شرقي إنجلترا إلى الإعلان عن وقوع حالة طوارئ كبرى وإلغاء عمليات (مجدولة) وتحويل مرضى إلى مؤسسات صحية تابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية" NHS التي تبعد عنها مئات الأميال.

ووجد البعض منها صعوبة كبرى في تأمين الكميات اللازمة من الأكسيجين لمن يحتاجها من المصابين بفيروس كورونا الذين يتلقون الرعاية في العنابر التي أُنشئت مؤقتاً في غرفها الاحتياطية. وخارج هذه المستشفيات، اصطفت سيارات الإسعاف في طابور طويل، متأخرة نحو ست ساعات في نقل المرضى. فعلى الرغم من زيادة عدد الأسرّة فيها، لا تزال المستشفيات غير قادرة على إيجاد متسع لاستقبال الوافدين الجدد.

وليس هذا الشتاء فصلاً عادياً بالنسبة إلى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" NHS. فبحسب العديد من الموظفين الميدانيين، ظروف العمل الحالية في الهيئة غاية في التعقيد. وبسببها، يجد الممرضون والممرضات صعوبة كبرى في الخلود إلى النوم ليلاً، ويعاني بعضهم كوابيس مزعجة عنهم وعن وجود أحبائهم في العناية المركزة.

وشهد مطلع هذا الأسبوع بداية طرح لقاح أكسفورد/ أسترازينيكا، حيث أكد ستيف باويس، مدير "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" في إنجلترا للمراسلين أن الهيئة ترزح تحت وطأة "ضغوط كبرى".

وقبل ذلك، صدر عن غاريت إيمرسون، الرئيس التنفيذي لخدمات الإسعاف في لندن، تعليقات أغضبت عدداً كبيراً من العاملين تحت إمرته، جاء فيها أن المؤسسة على وشك التأقلم مع الوضع الراهن.

استطراداً، أصدر كبار المسؤولين الطبيين الأربعة في المملكة المتحدة بياناً يُحذر من احتمال أن تواجه "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" "خطراً كبيراً" قد يفوق قدراتها خلال الأيام الـ21 المقبلة على ما هو الأمر في لندن وجنوب شرقي إنجلترا حيث الوضع إلى تفاقم منذ عطلة عيد الميلاد.

في الوقت الحاضر، تضم مستشفيات إنجلترا نسبة 40 في المئة إضافية من المرضى، وهي مرتفعة جداً مقارنة بما كانت عليه في ذروة الموجة الأولى من الفيروس في أبريل (نيسان) الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي كَنت KENT، ازدادت أعداد مرضى الحالات الحرجة عن حدها الطبيعي وأفاد أطباء عاملون في المستشفيات لصحيفة "اندبندنت" بأن في العنابر مرضى عادة ما يكونون في وحدات العناية المركزة، لكن لا مكان لهم فيها الآن.

إجمالاً، تعاني مستشفيات لندن نقصاً حاداً في الموظفين، في وقت تقلصت نسبة الأطباء والممرضين إلى المرضى إلى مستويات غير مأمونة. وهذا النقص الحاد يدفع بعدد من مستشفياتها الكبرى إلى مطالبة الموظفين بالعمل مناوبات إضافية وإلغاء إجازاتهم واستدعاء الجراحين للمشاركة في تقديم الرعاية الأساسية داخل العنابر حتى يتفرغ الطاقم التمريضي لعمله في تقديم الرعاية.

هذه ليست الحال في لندن فحسب؛ فالمستشفيات في لينكولنشاير أعلنت حالة طوارئ يوم الثلاثاء جراء استقبالها عدداً كبيراً من مرضى فيروس كورونا. وحذر مديرو المستشفيات في برمنغهام من الضغط الذي يتعرض له الممرضون والممرضات في وحدات الرعاية الحرجة لديهم.

من وجهة نظر عدد كبير من موظفي الخط الأول العاملين لدى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، تلمحيات كبار المسؤولين الطبيين وسواهم بشأن الضغوط التي يتعرضون لها غير كافية لوصف حقيقة الوضع الراهن. لهذا يشعرون باستياء متزايد إزاء المسؤولين عنهم بشأن ما يعتبره البعض عدم رغبة في تقبل وضع "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" والاعتراف به أمام الملأ.

قد يكون غير مستساغ على المستوى السياسي أن تعترف الشخصيات الرفيعة والنافذة صراحة بعدم قدرة الخدمات الصحية على التعامل مع الوضع القائم في البلاد. لكن منكري فيروس كورونا والمشككين في الإغلاق التام يملؤون الفراغ ويروّجون لخرافة مفادها أن معاناة "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" هذا الشتاء لا تزيد عن معاناتها كل شتاء.

الحقيقة أن الخدمات الصحية دخلت هذه الأزمة في حال أضعف مما يجب أن تكون عليه. فسنوات متعاقبة من التمويل غير الكافي تركتها مع أسرّة وفريق عمل أدنى بكثير من نظيرها في مؤسسات الخدمات الصحية في دول أوروبا الغربية.

ولا حاجة لعامة الناس بالتستر عن واقع الحال. أما طاقم العاملين في "هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، فهم يرغبون في أن يوجه رؤساؤهم دفة الأمور على أحسن وجه، إذ لا يمكن لأي خدمات صحية أن تصمد في وجه الهجوم الضاري لفيروس كورونا.

لكن الحاجة ملحة إلى التحلي بقدر أكبر من الصراحة والصدق حول نقاط ضعف الخدمات الصحية وحقيقة ما يجري. فهذه الصراحة ستُسكت المنكرين وتبين للموظفين أن قياداتهم على دراية كاملة بالوضع الذي يعيشونه. كما ستمهد الطريق لخدمات صحية مدعومة بالموارد الملائمة على الأمد الأطول.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة