Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فلسطينيات يخرجن بتصميماتهن من قطاع غزة

يلتقين على الاستخدام العصري للتراث

تعود ميرا البابا في تصميماتها إلى السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين (اندبندنت عربية)

بعيداً عن أزيز الرصاص وأصواتِ الصواريخ ودوي الانفجارات، تخوض الفلسطينية ميرا البابا (27 سنة)، من غزة، سباقاً من الجمال والإبداع. فالشابة التي انغمست حديثاً في عالم التصميم والموضة، خَرجت بمفهومٍ جديد في صناعة الأزياء، يقوم على إعادة تقديمِ أزياء الماضي بطريقة عصرية، للرجال والنساء.

صور قديمة

تروي ميرا "عندما راجعتُ الألبومات والصور التي احتفظت بها عائلتي على مدى العقود الماضية، لفتتني ملابسهم في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، إذ كانت جميلة جداً وملونة وفضفاضة. لذلك، قررت خوض تجربة جديدة في تصميم ملابس عصرية تعتمد على مبدأ الراحة. ومع بداية عام 2020، أطلقت مجموعتي الأولى التي ضمت خمسة تصاميم تنوعت بين السترات والبناطيل الواسعة والقمصان الملونة والفساتين. وكل من رأى تلك التصميمات يعود بذاكرته إلى الماضي ويستذكر عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وفريد الأطرش، وصور الأجداد والآباء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ميرا التي درست المحاسبة في جامعة الأزهر، أدركت أن طموحاتِها في عالم الأزياء والتصميم تفوق قطاع غزة الذي مزقته الحرب. فانطلقت إلى أوروبا وعملت في شركاتِ تسويق الأزياء في ألمانيا. ثم تحركت إلى تركيا لتطبيقِ ما تعلمته خلال رحلاتها في مجالِ الأزياء، لتعود إلى قطاع غزة وتتابع من حيث بدأت.

تضيف، "لم أعش طفولتي في قطاع غزة، إنما انتقلت إليه حين كنت في الثانية عشرة من العمر، ومنذ العودة إليه في عام 2004 ونحن ندفع ضريبة البقاء، وعلى الرغم من تنقلي في عدد من المدن الأوروبية لدراسة الأزياء، ومشاهدة المغريات التي قد يتمناها أي مصمم في بداية مشوراه، أعود إلى بيتي في غزة مع كثير من المعلومات والصور والأفكار. ومما لا شك فيه أن الحروب المتتالية على القطاع وَلدت في داخلي انطباعات مغايرة عن الجحيم والقسوة والدمار والخراب. والفرار من ويلات الحروب بالنسبة إلي، كان بالتصميم والأزياء التي عَكستُ فيها ألوانَ الحياة الزاهية التي نَحلم بها. فكثيرة هي المرات التي حُرمت فيها من السفر لمتابعة دراستي في الأزياء بسبب الحصار المفروض على القطاع منذ عام 2006، فغزة كان وما زال المكان الملائم لطموحاتي وأحلامي كمصممة أزياء، فواقع الإبداع تحت وطأه الحرب وتحدي القيود والتقاليد الاجتماعية، يؤكد مُحاولاتنا كشباب لتغيير الصورة النمطية عن أهل غزة، ولن تستطيع الحرب بشراستها وجبروتها أن تقضي على ذلك".

خروج عن المألوف

على الرغم من نعومة أظفارها كمصممة أزياء، بدأت ميرا مسيرتها في عام 2018، فإنها تمكنت من خلال مجموعتها الأولى التي ضمت خمسة تصاميم، دخول معترك الموضة العالمي، وقد أدرجت مجلة "Vogue Runway" (تعنى بالموضة وأسلوب الحياة في العالم) اسمها كمصممة عربية عكست تاريخها الشخصي من خلال الملابس. وذلك بعد ما كشفت عن تصاميمها في معرض في دبي، ضمت إلى جانبها أكلات شعبية وخلفيات صوتية فلسطينية ولوحات وعبارات، أشعرت زائري معرضها كأنهم في فلسطين.

تقول ميرا، "شعوري بالفرح لا يكمن في أني عرضت تصاميمي للمرة الأولى في دبي ونالت الإعجاب فحسب، بل في الاستغراب الذي رأيته في عيون زائري المعرض، عرباً وأجانب، عندما علموا أنني مصممة فلسطينية من قطاع غزة وأعيش فيه، وسأعود إليه حال انتهاء العرض، وأن فكرة التصاميم استلهمتها من ملابس الزمن الماضي لعائلتي.

وعن وصول تصاميمها إلى مجلة "Vogue Runway" تقول ميرا "عندما وصلني بريد إلكتروني من فوغ لإجراء مقابلة باللغة الإنجليزية عن تصاميمي وفكرتها، شعرت بفرحة عارمة، لكن ما أسعدني حقاً، هو تركيزي على ظهور اسم غزة مع صور العارضة الفلسطينية التي تحمل جواز السفر الخاص بنا. فقد لا يعرف كثر من متابعي تلك المجلة العالمية ما الصعاب والعقبات التي تواجه حامل جواز السفر الفلسطيني".

إلهام الزيتون

بعض البيوت القديمة والمهجورة مع شرفات أو ساحات مهترئة، كانت كل ما احتاجت إليه ميرا لعكس مفهومها في الأزياء. فجلسة التصوير التي نفذتها داخل قطاع غزة مع عارضين فلسطينيين في تلك المواقع، لفتت انتباه الصحف والمواقع الأجنبية، فيما تمكنت من تضمين مدلولات فلسطينية مع بعض الصور، كجواز السفر والكوفية.

وإثبات التميز في عالم الموضة من فلسطين، لم يقتصر عليها وحسب، إذ نجحت فلسطينيات أخريات من الضفة الغربية في إخراج تصاميمهن من دائرة القطاع وهن في بيوتهن أو مشاغلهن المتواضعة. فمصممة المجوهرات الفلسطينية ناديا أبو غطاس (61 سنة)، اختارت أوراق شجر الزيتون لتشكل منها مجوهرات وحلياً، بهدف إنتاج مادة تمثل الهوية الفلسطينية التقليدية، وتمكنت عبر مشغلها المنزلي البسيط في مدينة بيت جالا (جنوب الضفة الغربية)، من وضع علامة فارقة في تصميم الحلي.

 

 

تتحدث أبو غطاس عن تجربتها، "في عام 2005 تعلمت مبادئ الصياغة والمعادن الثقيلة، وبدأت الابتعاد عن الطابع المستنزف والمألوف عالمياً لهذا الفن، فوجدت من ورق الزيتون الإلهام لأفكاري وطموحاتي لما تحمله من رسالة حب وسلام، وتُدلل على صمود الفلسطينيين".

تضيف، "بعد قطف الأوراق وتنظيفها وتصنيفها، تبدأ عملية تركيبها على شكل شجرة لتغطيتها بالجبس وحرقها في الفرن بدرجات حرارة عالية، ثم بعد ذلك يتم وضع مادة الفضة بمقادير معينة ودقيقة وفق الطول والحجم والشكل الذي ستتحول إليه الورقة، سواء أكانت أقراطاً أو عقداً أو سواراً، وغيرها من أشكال المجوهرات. ولمواكبة الموضة العالمية في هذا المجال، أضيف عليها الخرز أو الكريستال الملون. وما أسهم في نشرها خارج القطاع، هو مشاركتي في معارض محلية وإقليمية وأخرى دولية، وتناول بعض الصحف الأجنبية أهمية الفن في تاريخ الشعوب، فلطالما رمزت شجرة الزيتون إلى فلسطين وشعبها".

 

 

كذلك، سعت مصممة الأزياء والإكسسوارات الفلسطينية ناديا حزبون، للترويج للثقافة الفلسطينية من طريق الفن والموضة، فكانت في عام 2012 أول من وضع أبيات شعرية ومقولات عربية معروفة على التصاميم في الملابس والإكسسوارات المصنعة من خشب الزيتون، آملة أن تبني للأزياء الفلسطينية نقطة تحول واضحة على خريطة الموضة العالمية. وذلك بنشر اللمسة الفلسطينية بطريقة عصرية في عالم الأزياء.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات