Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف وصلت مستشفيات بريطانيا إلى شفير الهاوية قبل الإغلاق؟

مستشار الحكومة العلمي: "نرى اليوم بوادر الثمن الذي سندفعه بسبب الاختلاط خلال ليلة عيد الميلاد ونهاره"

فيما توجّه بوريس جونسون إلى الشعب من مقر داونينغ ستريت يوم 4 يناير (كانون الثاني)، طالباً منه "ملازمة المنازل مرة جديدة وحماية هيئة الخدمات الصحية الوطنية وإنقاذ حياة الآخرين"، كان الجهاز الصحي قد مرّ بأسبوع من الأزمات المتفاقمة التي طالت الموظفين وخط الإمداد، أضيف إليها معدّل يومي من إصابات كوفيد تخطّى الذي سجلته البلاد عند بداية أول إغلاق (حجر) عام.

منذ بداية عطلة عيد الميلاد، أفادت مستشفيات البلاد عن وجود أعداد هائلة من المرضى داخل وحدات العناية الفائقة فيما انتظر بعضهم في سيارات الإسعاف ريثما يتوفر سرير. وحذّرت مستشفيات أخرى من عجزها عن الحفاظ على مستويات كافية من عديد الطاقم الطبي بينما ضرب المرض الفرق العاملة على محاربة مدّ الفيروس.

لكن بعد انتقاد بُطئها في الاستجابة لازدياد عدد الحالات، وللتغييرات التي أعلنتها في اللحظة الأخيرة بشأن القوانين المتعلقة بعيد الميلاد، فرضت الحكومة إجراءات على مستوى البلاد فيما يواجه الجهاز الصحي خطر التعامل مع معدلات إصابات تفوق التي سجّلت خلال الأيام الحرجة الأولى من تفشي الجائحة في البلاد.

في 26 مارس (آذار) 2020، وبعد مرور أيام فقط على الإعلان عن أول إغلاق، سُجّل إدخال 1929 شخصاً إلى المستشفى لإصابتهم بالفيروس خلال 24 ساعة. وبلغ العدد ذروته في أبريل (نيسان)، ولم يتراجع عن عتبة 2000 إصابة قبل مرور 20 يوماً بعد ذلك.

وفي وقت لم تُعلن وزارة الصحة عن بيانات جديدة منذ 22 ديسمبر (كانون الأول)، وصلت آخر حصيلة يومية معلنة لعدد الإصابات خلال 24 ساعة إلى 2434 حالة، ضمن اتجاه تصاعدي شهد زيادة نسبتها 19.7 في المئة تقريباً في معدلات دخول المستشفى على امتداد سبعة أيام. وآخر مرة كان فيها عدد إدخال المرضى إلى المستشفيات أقل من ألفين يومياً خلال 24 ساعة، هو 18 من الشهر الماضي.

في الأثناء استمرّ الارتفاع المطّرد لأعداد الإصابات اليومية المؤكدة في المملكة المتحدة لكل 100 مليون نسمة - وأظهر رسم بياني مقلق أنتجته جامعة جونز هوبكينز أن معدّل الإصابات أصبح على شكل خط شبه عمودي خلال الأسابيع القليلة الماضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منذ إعلان الحكومة عن إحصاءات الإدخال إلى المستشفيات آخر مرة، أطلقت هذه المرافق صفارات الإنذار في كل أنحاء المملكة المتحدة، بينما أظهرت بيانات هيئة الصحة الوطنية أن عدد الأسرّة التي يشغلها مرضى كوفيد تخطت 26 ألفاً.

خلال نهار عيد الميلاد، أفادت مستشفيات الهيئة في كنت Kent عن بلوغ مستويات الإشغال في العناية الفائقة 137 في المئة- فيما أفاد 11 مستشفى عن عجزه عن توفير العدد المطلوب من الطاقم التمريضي للمرضى.

في الوقت نفسه، كشف مسؤولو الهيئة في لندن عن بيانات تُبرز أنّ العاصمة على شفير استنفاد عدد أسرّة العناية الفائقة في غضون أسبوع واحد. 

وقد نُقل بعض المرضى في جنوب إنجلترا إلى مناطق تبعد آلاف الأميال بسبب مشاكل الإشغال في المستشفيات، ما دفع إلى إعادة فتح مستشفى نايتينغايل الميداني الفارغ منذ زمن في شرق لندن من أجل المساعدة على العناية بمن باتوا شبه جاهزين لمغادرة المستشفى.

وقال أحد الأطباء المطّلعين على موضوع النقل حينها لـ"اندبندنت" "تُغرق الطلبات الطاقم الطبي والمستشفيات. لقد فتحنا كل أسرّة وحدات العناية الفائقة المستحدثة وألغينا كل العمليات الجراحية ولا يمكننا توفير مزيد من الأسرّة. وتستمر أعداد مرضى كوفيد في المستشفيات بالارتفاع بلا توقف".

في غرب ميدلاندز وسط إنجلترا، حثّت مستشفيات بيرمينغهام الجامعية الأطباء على مساعدة الطاقم التمريضي في مهام العناية بالمرضى بالإضافة إلى "الحرص على أن يتناولوا شراباً/ أو يأخذوا استراحة" فيما حذرت من تراجع عدد الممرضين إلى مستوى أقل من المستويات الآمنة [الكافية] بسبب زيادة عدد المرضى في صفوف الطاقم الطبي وارتفاع إصابات كوفيد.

وتزامناً مع هذا، نبّهت هيئة مستشفى نورث ميدلسيكس الجامعي الأطباء إلى أن عدد مرضى فيروس كورونا الذين تعالجهم "يشكّل ضغطاً كبيراً" على نظام الإمداد بالأكسيجين، ما دق نواقيس الخطر.

الأسبوع الماضي، كان في المستشفى 200 مريض تقريباً مربوطين بالأكسيجين، يستهلكون 2400 ليتر من الأكسيجين في الدقيقة الواحدة. ويستخدم المستشفى عادة نحو ألف ليتر في الدقيقة ولديه حدّ أقصى هو 3000 وإن تخطت الحاجة هذا الحد، قد يتوقف النظام عن العمل. 

لكن الخبراء يعتقدون أنّ معدلات الإدخال التي كانت على وشك إغراق أقسام المستشفيات ربما تكون أول الفيض. 

قال البروفيسور كالوم سيمبل، العضو في المجموعة العلمية الاستشارية الحكومية "سايج"، إن تخفيف القيود في بعض المناطق خلال العطلة ووجود الفيروس المتحور الجديد الذي ينتقل بسرعة أكبر، جعلا فرض إجراءات وطنية جديدة أمراً لا مناص منه.

وأضاف الأستاذ في جامعة ليفربول لمحطة سكاي نيوز 'لا نرى اليوم سوى بوادر الثمن الذي سندفعه بسبب الاختلاط خلال ليلة عيد الميلاد ونهاره".

"ومع اقتران هذا العامل بوجود السلسلة الجديدة، كان الوصول  إلى الإغلاق المُحكم في هذه المرحلة حتمياً".

وبعد الإعلان عن القيود الجديدة، قال الدكتور جيريمي فارار، مدير منظمة ويلكوم، إننا بلغنا المرحلة التي نحتاج فيها إلى إغلاق جديد على المستوى الوطني "فوراً".

وأضاف "إن العاملين في مجال الرعاية الطبية يتفانون بإيثار مُلهم، لكن الطلب يفوق بكثير قدرة هذا الطاقم المحترف المذهل على العطاء".

"يجب أن نوليهم دعمنا الكامل، أي أن نحترم جميعاً القيود ونساعد على تقليص نسبة انتقال هذا الفيروس المريع، وأن نقلّص في نهاية المطاف معدلات الإدخال إلى المستشفى والوفيات التي يمكن تفاديها".

كما قال الدكتور ديفيد ستراين من كلية إكستر الطبية، والرئيس المشارك في لجنة الطاقم الطبي الأكاديمي التابعة للجمعية الطبية البريطانية "نرحّب بالخطوات الحاسمة التي اتخذها رئيس الوزراء لكبح ارتفاع فيروس كورونا والإدخال إلى المستشفى الذي يرافقه، ولو في وقت متأخر قليلاً عمّا كنا نفضّله وما كانت تقتضيه أسس العلم".

(اندبندنت ووكالات الأنباء)

© The Independent

المزيد من دوليات