Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اكتمال وصول وفود الدول الخليجية إلى مدينة العلا استعداداً للقمة الـ 41

شهدت الساعات التي سبقت وصول البعثات انفراجة في "المقاطعة"

بعد ساعات من الانفراجة التي شهدتها أزمة المقاطعة الخليجية، انطلقت أعمال القمة الخليجية الـ41 في مسرح المرايا، بعد اكتمال وصول الوفود الرسمية لدول مجلس التعاون إلى مدينة العلا
وحضر الوفد الكويتي برئاسة أمير البلاد، الشيخ نواف الأحمد، أما الوفد العماني فقد حضر برئاسة فهد بن محمود آل سعيد، نائب رئيس مجلس الوزراء، في حين وصل وفد الإمارات برئاسة حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، وترأس الوفد البحريني الأمير سلمان آل خليفة ولي عهد البحرين، في الوقت الذي مثل فيه تميم بن حمد وفد قطر في المدينة الصغيرة، شمال غربي السعودية، استعداداً لانطلاق أعمال القمة المنتظرة.

 

 

وتصل هذه الأطراف إلى السعودية مسنودة بالترتيبات التي سبقت القمة، والتي تشير إلى أن فرص أن يحمل البيان الختامي إعلاناً مهماً أمر مرجح جداً. كذلك صرح مصدر رسمي مصري أن سامح شكري وزير الخارجية سيحضر أيضاً إلى العلا.

وقد عزز الانطباعات الإيجابية، ما أعلنه وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر الصباح، أنه تم الاتفاق على فتح الأجواء والحدود بين السعودية وقطر اعتباراً من مساء الإثنين.

فتأجيل الدورة الحالية لاجتماع قادة التكتل الخليجي من ديسمبر (كانون الأول) إلى الخامس من يناير (كانون الثاني)، وعقدها في العلا (شمال غربي السعودية) عوضاً عن المنامة تخلق سياقاً يسعى لضمان تتويج الجهود، لتهيئة الظروف المناسبة لحلحلة الخلافات العالقة والتحديات المطروحة، وإعلان المناسبة المرتقبة يوماً للأخبار الكبيرة.

لكن في كلا الحالين، فإن أي تحريك للملف العالق منذ 2017 يثير آمالاً حول إمكانية أن تشهد الطاولة ذاتها تحريكاً لملفات أخرى عالقة، أقدم من أزمة المقاطعة الرباعية، لطالما سعى المجلس للدفع بها فوق عقبات الخلافات منذ أن تم إنشائه قبل أربعة عقود بوعود التقارب وأحلام الاتحاد.

تبادل "حسن النوايا"

افتتح وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر الصباح، سلسلة الأخبار بعد ما أعلن أنه تم الاتفاق على فتح الأجواء والحدود بين السعودية وقطر قبل ساعات من القمة.

وقالت وكالة الأنباء السعودية اليوم الثلاثاء إن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله أجرى اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية الكويتي. وأضافت "بحث الوزيران خلال الاتصال العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، بالإضافة إلى استعراض القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".

 

وأكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن القمة ستكون موحدة للصف الخليجي، وأضاف "ستترجم تطلعات الملك سلمان وقادة دول مجلس التعاون الخليجي في لم الشمل والتضامن في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية.

 

وكشفت "رويترز" نقلاً عن مصدر مسؤول في الحكومة الأميركية، بعض تفاصيل الاتفاق، إذ أكدت أن رفع الحظر الجوي سيقابله تنازل الدوحة عن الدعاوى القضائية المرتبطة بالمقاطعة.

وأضافت مزيداً من التفاصيل حول آلية التوقيع، مؤكدة على لسان المسؤول ذاته أن "جهود جاريد كوشنر (مستشار الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب وصهره) كانت مساعدة للاتفاق وسيتم التوقيع بموجبها مع مسؤولين آخرين".

ومساء الإثنين أعلن مسؤول أميركي أنّ "اختراقاً" تم تحقيقه في المحادثات حول الأزمة بين قطر وجيرانها الخليجيين وأن اتفاقاً لإنهاء هذه الأزمة سيوقع الثلاثاء في السعودية بحضور كوشنر، وفقاً لوكالة فرانس برس.

وقال المسؤول طالباً عدم نشر اسمه "تمّ تسجيل اختراق في الخلاف داخل مجلس التعاون الخليجي... خلال التوقيع الذي سيحصل في الخامس من يناير، سيجتمع قادة مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر لتوقيع اتفاق يضع حدّاً للمقاطعة وكذلك للإجراءات القضائية بحق قطر".

وفي الدوحة، أعلن الديوان الأميري عزم أمير قطر، تميم بن حمد حضور القمة المقررة في السعودية بعد وقت قصير من الخطوة التي بادرت بها الدولة المستضيفة.

في سياق متصل، رحب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الدكتور نايف الحجرف، ببيان فتح الحدود الجوية والبرية والبحرية بين السعودية وقطر، الذي نقله وزير الخارجية الكويتي.

 

وأكد الحجرف أن الإعلان "يعكس الحرص الكبير والجهود الصادقة التي تبذل لضمان نجاح القمة"، ما يشي بقمة قد تكون تأسيس لمرحل

العودة لميثاق التأسيس

خطوات التقارب هذه، تعيد للواجهة دعوات تعزيز التقارب وتطوير عمل التكتل للواجهة، وهي التي انطلقت منذ اليوم الأول لإنشائه، إذ تقول المادة الرابعة من ميثاق التأسيس إن أهداف مجلس التعاون الأساسية  تتمثل في "تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها"، إلا أن مياه الأزمات لا تلبث أن تدفع بالهدف بعيداً في كل مرة.

كان آخر حضور لهذه المفردة في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2011، عندما دعا العاهل السعودي الراحل، عبدالله بن عبدالعزيز، القادة الخليجيين إلى التحول للاتحاد بدلاً من "التعاون" عبر المؤسسات الحالية. كانت الظروف السياسية التي مرت بها المنطقة وبعض الدول التي وجهت لها الدعوة، دافعاً وراء إثارته في ذلك الوقت بالتحديد، إلا أن الظروف ذاتها التي خلقتها موجة الثورات العربية أسهمت في تعميق الخلاف بينهم والدفع بالفكرة بعيداً من جديد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلا أن ارتباط الفكرة بميثاق التأسيس يجعل من السعي خلفه قدراً للمجلس حتى تحققه، بخاصة أنه نجح في أخذ خطوات عملية في ملفات عدة تأتي ضمن الخطوات المنصوص عليها للوصول للاتحاد.

إذ حددت اللائحة 6 مجالات رئيسية يعد تجاوزها تحقيقاً لشكل الاتحاد الذي طمح إليه الآباء المؤسسون، وهي الشؤون الاقتصادية والمالية، والشؤون التجارية والجمارك والمواصلات، والشؤون التعليمية، والصحية والاجتماعية، والإعلامية والسياحية، والتشريعية والإدارية.

العملة أولاً

إلا أن أمراً آخر طوحت به الخلافات كان شرطاً قبل الوصول للوحدة، الاتحاد النقدي الذي عد خطوة لازمة لتمام عملية الاتحاد الجيوسياسي بين السداسي، فعلى الرغم من البداية المشجعة للملف الذي طرح بشكل جدي أول مرة في الدورة الـ22 في مسقط 2001، عندما أقرّ المجلس الأعلى لمجلس التعاون البرنامج الزمني لإقامة الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة والقاضي بتطبيق الدولار مثبتاً مشتركاً لعملات دوله قبل نهاية عام 2002، الأمر الذي نجحت فعلاً في تحقيقه قبل نهاية العام.

وفي قمة أبوظبي 2005 اتفقت اللجنة المعنية بإتمام العملية على مهام السلطة النقدية المشتركة في ظل قيام الاتحاد النقدي وأن تكون هذه السلطة مستقلة في قراراتها، وأن تبدأ على شكل مجلس نقدي يتحول إلى بنك مركزي خليجي، لتبدأ المشكلات بعد ذلك.

إذ علقت عدد من الدول سعيها في هذا المسار لخلافات متعلقة بمقر البنك كما هي الحال مع الإمارات، في حين أبدت مسقط تحفظاً حول البرنامج الزمني للاتحاد النقدي وإصدار العملة الخليجية الموحدة لتعلن عدم استمرارها على رغم عدم ممانعتها في الوقت ذاته من استمرار بقية الدول الأعضاء في المشروع دونها.

لتلحق بهم الكويت التي بدلت موقفها في 2007 من المثبت المشترك للعملة "الدولار"، واستبدلته بالارتباط بسلة من العملات، ليبقى الملف عالقاً منذ ذلك الوقت بلا حراك حتى بدأت مشاريع بديلة تظهر على السطح بشكل ثنائي كالتي أعلن عنها بين السعودية والإمارات تحت مسمى "عابر" كعملة رقمية مشتركة يجري العمل عليها.

هيئة تسوية النزاعات

أحد الملفات التي يمكن أن تحركها المياه هي هيئة تسوية النزاعات، فبحسب النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي المكون من 22 مادة أهداف إنشاء المجلس، فقد شرّع النظام لثلاثة كيانات تشكّل المنظمة الإقليمية، فبجوار المجلس الوزاري والأمانة العامة، يوجد ما يسمى بـ "المجلس الأعلى" الذي تتبعه "هيئة تسوية المنازعات".

وبحسب المادة العاشرة من النظام فإنه يكون للمجلس الأعلى تشكيل هيئة لتسوية النزاعات بين دوله في كل حالة على حدة بحسب طبيعة الخلاف، ترفع إليه تقريراً يتضمن توصيات أو فتاوى لاتخاذ ما يراه مناسباً.

هذا المسار كان مطروحاً من قبل متابعين طيلة فترة الأزمة، كأحد السبل المتاحة للتقريب بين تحفظات دول المقاطعة ومخاوف قطر من أن تؤدي الاستجابة لها إلى تنازلها عن جوانب سيادية، بحسب تصريحات رسمية.

لكن الأمر ليس بهذه السهولة، على الأقل من وجهة نظر الدكتور غازي الحمود، المتخصص في القانون الدستوري، إذ يقول "وفقاً للمادة العاشرة من النظام الأساسي لاتحاد مجلس التعاون الخليجي، فإن فرصة تعطيل عمل اللجنة وارد، والسبب أن القانون يحدد عمل اللجنة في إطار حل الخلافات الناجمة عن تفسير أو تطبيق النظام الأساسي التي يفشل المجلس الوزاري أو المجلس الأعلى في تسويتها، إذا ما افترضنا قبول المجلس تشكيل لجنة نزاعات"، ويضيف حول الثغرة في المادة "وبناءً على ذلك فلا يمكن إحالة الخلاف الخليجي بشكل كامل إلى لجنة فض منازعات تتأسس وفقاً لهذه الفقرة لأنه ليس خلافاً حول نظام المجالس بل حول السياسات الثنائية بين الدول".

وأضاف الحمود "الجانب الذي يمكن أن تتولى أمره لجنة كهذه في هذا الملف، هو الخلاف حول مدى مشروعية الإجراءات المتخذة من قبل الدولة المقاطعة تجاه قطر"، حول من يراها لا تتوافق مع شكل العلاقات التي ينظمها المجلس وبين من يراها "ممارسة سيادية في قطع علاقات مضرة".

ويرى القانوني الكويتي أن تفعيل دور الهيئة يتطلب إصلاحاً يطال تشريعات انعقادها وصلاحياتها "بناءً على ما قلناه سابقاً عن محدودية قدرتها على لعب دور يسهم في احتواء النزاعات داخل المؤسسة الخليجية، فالواجب النظر في تطوير أنظمتها بحيث تصبح ذات صلاحية في فض النزاعات التي تتجاوز الخلافات على النظام الأساسي وفق حاجة المجلس وخلافاته المستحدثة"، فالحدود التي وضعها كاتبو الدستور الخليجي في ظروف أقل توتراً مما هي عليه الآن لم تعد قادرة على التماشي مع التهديد الوجودي المتبادل بينهم، بحسب الحمود.

حد أدنى من التوافق

لكن وعلى الرغم من كل الأزمات التي ضربته، كان آخرها أشدها، إلا أن هذا الكيان يبدو أنه الأكثر قدرة في المنطقة على الانحناء أمام العواصف.

فبغض النظر عما سيرشح عن قمة العلا، إلا أن المجلس نجح في تجاوز المرحلة الأصعب من دون أن يخسر نفسه أو أحد أعضائه إلى حين الوصول لمرحلة التهدئة وخفض التراشق.

وفرص أن تشهد القرية الواقعة شمال غربي السعودية خطوة كبيرة باتجاه الصلح عالية جداً، فالظروف التي صاحبت أسباب ولادته تطل برأسها من جديد، بحسب ما يراه منيف الملافخ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود، "صاحبت إنشاء المجلس ظروف طارئة مثل الثورة الإيرانية، هذا التهديد على رغم تفاوت تقديره بين الدول الأعضاء إلا أنه خلق في حينها رغبة حقيقية في التوافق".

وهو السبب ذاته الذي يجعل من المصالحة ضرورة في الفترة الحالية، بحسب الملافخ "التعامل مع الحكومة الأميركية الجديدة يتطلب رؤية خليجية مشتركة"، وسبب هذه الحاجة هي "ملف إيران النووي الذي من الوارد جداً إعادة فتحه من قبل السلطة الجديدة في واشنطن، لن يكون التعامل معه كما هي الحال في السابق، إذ ستكون لدول الخليج مشاركة فيه كما ورد في تصريحات للرئيس المنتخب"، وهو ما يتطلب حداً أدنى من التفاهم بين عواصم غرب الخليج في مواجهة الدولة المتربعة على شرقه.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي