Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصريح الجنرال الإيراني زادة يثير موجة غضب لبنانية

صمت رسمي وسياسيون يدينون وحزب الله يعزز نفوذه برفع صور سليماني

علي حاجي زادة قائد في الحرس الثوري الإيراني  (أ ف ب)

أثارت تصريحات القائد في الحرس الثوري الإيراني، علي حاجي زادة، موجة غضب من قبل سياسيين ولبنانيين، طالبوا بالنأي بالبلاد عن حروب طهران في المنطقة، ورفضوا أن يكون بلدهم صندوق بريد ورهينة بيد المرشد الإيراني علي خامنئي.

تصريح زادة، أكد المؤكد في لبنان، وفق كثيرين، إذ لم نكن بحاجة إلى هذا التصريح لمعرفة عمق العلاقة بين إيران وحزب الله، أو لمعرفة أهداف المشروع الإيراني في السيطرة على دول الشرق الأوسط بما فيها لبنان. والبعض اعتبر أن تصريح القائد في الحرس الثوري الإيراني يعطي ذريعة لإسرائيل لضرب لبنان، بحجة صناعة الصواريخ على أرضه.

 وكان زادة اعترف في احتفال أقيم بالذكرى السنوية الأولى على اغتيال قاسم سليماني، بأن "كل ما تمتلكه غزة ولبنان من قدرات صاروخية تم بدعم إيران، وهما الخط الأمامي في أي حرب مقبلة مع طهران، حيث يمتلكان تكنولوجيا صناعة الصواريخ".

صمت رسمي

استفز كلام قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني غالبية اللبنانيين، وسياسيين من الأحزاب السيادية ومستقلين، فيما فضّل كبار السلطة السياسية التزام الصمت، بعضهم لأنه لا يجرؤ على إزعاج صاحب القرار الأول في المنظومة الحالية، وحليفهم المشترك مع إيران، ممثلاً في حزب الله. والآخر، وفي معظمهم بيئة حزب الله ومن يدور في فلكه، لأنه مقتنع بأن طهران وصواريخها هي المنقذ للبنان.

التزم رئيس مجلس النواب نبيه بري الصمت، وكذلك فعل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والرئيس المكلف سعد الحريري، ولم يسارع وزير الخارجية المستقيل شربل وهبة إلى استدعاء سفير إيران لتسجيل استنكار، كما فعل غداة تصريحات السفيرة الأميركية بعد عقوبات واشنطن على رئيس التيار جبران باسيل.

وحده رئيس الجمهورية ميشال عون غرد، لكن تغريدته جاءت خجولة وغامضة، وغير مباشرة، ويمكن أن تصح في أن تكون رداً على الولايات المتحدة الأميركية مثلاً، أو الصين، أو أي دولة أخرى.

تصريح عون لم تعتبره أوساط حزب الله عدائياً، لا سيما أنه حاول من خلاله الحفاظ على التوازن بين علاقته بالحزب، وامتصاص نقمة اللبنانيين الذين اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقاتهم الغاضبة. إذ غرّد بقوله، "لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره"، وهو لم يستخدم في موقفه الذي لم يتعد الكلمات العشر، عبارات مثل نستنكر أو نشجب أو نرفض أو نربأ أو نستغرب أو نستهجن أو نتعجب.

أما تياره السياسي، التيار الوطني الحر، حليف الحزب، فأصدر بياناً حافظ فيه في الشكل على ماء الوجه، مبقياً في المضمون على عبارة "المقاومة"، تحت غطاء حق اللبنانيين في الدفاع عن أرضهم، مما يعني إبقاء قرار الحرب والسلم في لبنان بيد حزب الله.

البيان الصادر عن اللجنة المركزية للإعلام في التيار الوطني الحر نصّ على "حق اللبنانيين في الدفاع عن سيادتهم وأرضهم وثرواتهم في مواجهة أي اعتداء، من جانب إسرائيل أو غيرها"، معتبراً أن "اللبنانيين معنيون بالحفاظ على حرية لبنان وقراره وسيادته واستقلاله، وأن المقاومة التي يمارسها اللبنانيون دفاعاً عن أرضهم، يجب أن تخدم دائماً هذه الأهداف دون سواها، وأن أي دعم يتلقونه لا يجوز أن يكون مشروطاً بالتنازل عن السيادة الوطنية، أو الانغماس فيما لا شأن لهم فيه".

غير أن هذا البيان لم يعبر بشكل كامل عما يجول في خاطر بعض القياديين في التيار البرتقالي. وأشعل وصف الناشط في التيار ناجي حايك الأمين العام لمرشد إيران بـ "القائد" في تغريدة، جاء فيها، "الأفظع من التبعية للغريب هي الوقاحة!"، حرباً إلكترونية مع جمهور حزب الله، سارعت قيادتا الحزب والتيار إلى احتوائها.

استنكارات بالجملة ومطالبة بقطع العلاقات مع إيران 

في غياب أي تعليق من قبل حلفاء حزب الله، جاء رد فعل بعض القادة السياسيين مما كان يعرف سابقا بـ "14 آذار" أقل من المتوقع. ففيما التزم زعيم تيار المستقبل سعد الحريري الصمت، اكتفى رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بتغريدة تحدث فيها عن رياح المواجهة التي تهب، داعياً إلى أن يتحمل فريق الممانعة مسؤولية البلاد مع شركائه، متسائلاً عن أسباب التورط في المشاركة طالما لا قرار له بشيء.

أما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع فكان الأكثر وضوحاً، مذكراً بموقف القوات من حزب الله، ومعلناً أن الصواريخ التي يمتلكها الحزب إيرانية، وهي موجودة لخدمة مشروع طهران. وفصّل جعجع القول، إن الصواريخ هي للدفاع عن لبنان بالحجة، وقد أتى تصريح زادة ليثبت ذلك. وانتقد موقف رئيس الجمهورية مستخدماً المثل اللبناني القائل، "بدل ما تقلها كش كسر لها أجرها"، أي أن حزب الرئيس هو الداعم الأساس الذي من دونه لم يكن حزب الله ليصل إلى ما وصل إليه في لبنان.

الأمين العام السابق لـ "14 آذار"، النائب السابق فارس سعيد، كرر دعوته إلى رئيس الجمهورية ميشال عون بتقديم استقالته انطلاقاً من تصريح زادة. وتساءل عبر "تويتر"، "الحرس الثوري الإيراني يعلن قيادته لصواريخ لبنان في وجه إسرائيل، أين الدولة اللبنانية؟". وأضاف، "فخامة الرئيس بصدق، حرصاً على كرامتك وكرامتنا تقدم باستقالتك".

ومن الردود المستنكرة والشاجبة لكلام زادة برزت مواقف نواب سابقين خاضوا المعركة النيابية جنباً إلى جنب مع التيار الوطني الحر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

النائب المستقيل نعمة افرام كتب مغرداً، "كم ثقيل كلام الصواريخ هذا على مسامع اللبنانيين. أيُهم بعد شعبنا الذي يفتش عن نثرة خبز مغموسة بماء الحياة قدراتهم الصاروخية؟ مصلحة لبنان العليا فوق كل اعتبار. هذه أول واجبات كل مسؤول لبناني في إعلائها فوق كل الحسابات والمصالح الأخرى".

ودعا افرام وزير الخارجية شربل وهبة إلى استدعاء السفير الإيراني محمد جلال فيروزنيا، وسؤاله حول تصريحات الحرس الثوري المقتحمة للسيادة اللبنانية. وحماية للبنان، لا بد من موقف حاسم حتى وإن تطلب الأمر قطع العلاقات مع طهران.

بدوره، أكد الأمين العام لـ "حركة الاستقلال" النائب ميشال معوض، أنه "من غير المقبول للحرس الثوري الإيراني أو لغيره أن يحوّل لبنان إلى متراس للدفاع عن إيران". وقال، "بعد التصريح الأخير يتبيّن بما لا يقبل أي التباس أن سلاح الحزب وصواريخه موجودة للدفاع عن المصالح الإيرانية". وأضاف، "هذا ما يستوجب موقفاً رسمياً فورياً للبنان، منعاً لتحويل وطننا المنهك إلى منصة لإطلاق الصواريخ، في حرب لا علاقة لنا بها".

ومن صفوف تيار المستقبل، سألت النائبة رولا الطبش، "من قال إننا كلبنانيين، نرضى بأن نكون متراساً للغرباء في صراعاتهم؟". وقالت، "لبنان لن يكون منصة لصواريخ أحد، ولا ساحة للعب بعض المراهقين في السياسيات الدولية، أو فوهة مدفع للمغامرين بمصير بلدانهم. لبنان، حر، وسيّد، ومستقل. هكذا هو، وهكذا نريده، وهكذا سيكون".

 تأييد شيعي

لم يتردد كثيرون من الشيعة، ولم يجدوا أي حرج في تأييد مواقف القائد الجوي بالحرس الثوري الإيراني، وكرّست مواقفهم الانقسام الداخلي الحاد في النظرة إلى لبنان، الدولة المستقلة وصاحبة القرار على أراضيها. ولم تقتصر المواقف الشيعية المؤيدة على سياسيين ومناصرين لحزب الله، بل تعدتها إلى رجال دين في مقدمهم المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان، الذي رد بعنف على المتمسكين بسيادة الدولة اللبنانية، وعدم ارتهانها إلى القرار الإيراني بالقول، "لا سيادة من دون صواريخ سليماني". وأصدر بياناً جاء فيه، "أمر بعض اللبنانيين غريب جداً، فبينما هذا الفريق ينبطح للسفيرة الأميركية ويدعو ماكرون لإعادة الانتداب على لبنان، ويطبل للدعم الأميركي الهزيل للجيش اللبناني زمن معركة الجرود التي حسمت حقيقة أن المساعدة مجرد خردة، تراه متبجحاً للدفاع عن السيادة التي حولها إلى إذلال ومهانة وقتل وإمارات ميليشياوية زمن الاحتلال الإسرائيلي. وعلى الرغم من أن صواريخ قاسم سليماني وقدرات طهران التسليحية للمقاومة هي التي حسمت معارك التحرير والنصر، وأكدت سيادة لبنان واستعادت قراره ومؤسساته الوطنية من دون مقابل، فإن البعض يرى السيادة بعين عوكر وحواجز الذبح وإدارة الخوات الذاتية والتبعية للمال الأسود، بخلفية نعيق مدفوع الأجر".

ورأى قبلان، أن "قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس أكبر من قادة وأعظم من رمز، هما عقل وتاريخ وثورة وكرامة حياة وسيادة منطقة وقرار حر، لذلك لن يذهب دمهما هدراً، ومن عنده أمثال سليماني والمهندس وعماد مغنية لا يعرف معنى الهزائم".

وأضاف، "لا سيادة من دون صواريخ قاسم سليماني، والمسؤول عن نهب البلد وتفليسه والاتجار بملفاته الإقليمية هو أنتم وليس صواريخ قاسم سليماني، الذي أسهم بالتحرير ودعم المقاومة التي استعادت البلد، وإذا كان لا بد من تمثال حرية وسيادة، فهو لقاسم سليماني وليس للخونة والسماسرة مهما اختلفت أسماؤهم، وكفاكم سماً وأكاذيب وخيانة لهذا البلد".

حزب الله يرد برفع صور سليماني

وخلافاً لموقف أغلب الفئات اللبنانية التي عبرت عن رفضها التعاطي مع لبنان كمقاطعة إيرانية، ورفضها اعتبار البلاد خط الدفاع الأول عن طهران في مواجهة إسرائيل، تابع حزب الله احتفالات تكريم قادة إيران على الأرض اللبنانية، في خطوة فسرت تثبيتاً لنفوذه في الداخل اللبناني. فبعد تمثال أول لقاسم سليماني نصبه حزب الله في الجنوب ووجهه نحو إسرائيل، بعد أيام قليلة على اغتياله، رفع، الأحد، تمثالاً ثانياً لقائد فيلق القدس بمنطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت، في الذكرى السنوية لاغتياله، بعد ما سبق ورفع له صوراً على طريق المطار أثارت اعتراض واستهجان العابرين على "الأوتوستراد" الساحلي والوافدين من وإلى المطار، في وقت فشلت محاولة لإحراق صورة ضخمة لسليماني على طريق بريتال في البقاع.

لم يكتف الحزب بكل هذه المظاهر التي شكلت استفزازاً للغالبية الرافضة للهيمنة الإيرانية على السياسة اللبنانية، إنما لجأ بعض الشباب الذين تردد أنهم من عناصر الحزب، إلى وضع صورة سليماني مكان الأرزة على قبضة الثورة في ساحة الشهداء وسط العاصمة، وظهروا في فيديو مصور يسخرون منها، ومن ضريح الرئيس رفيق الحريري، في وقت لم يصدر عن حزب الله أي بيان نفي أو استنكار لما حدث.    

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير