يتواصل نقل مزيد من مرضى فيروس كورونا من ذوي الحالات الحرجة إلى المستشفيات في جميع أنحاء إنجلترا. وفي مؤشر إلى جسامة الوضع، أفادت مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" NHS في مقاطعة كينت، بأن معدل إشغال الأسرة في وحدات العناية المركزة وصلت إلى نسبة 137 في المئة يوم رأس السنة الجديدة.
في المقابل، فشل 11 مستشفى في مختلف مناطق مقاطعتي كينت وساري، في الوفاء بنسب تخصيص ممرض لكل مريض في قاعات العناية المركزة، الأمر الذي أثار مخاوف في ما يتعلق بسلامة المرضى.
وتُجرى في الوقت الراهن إعادة النظر في المعايير التي يتعين الاستناد إليها لقبول المرضى في أقسام العناية المركزة. ويقول أطباء في المنطقة إن بعض المرضى الذين تستدعي حالتهم أن يكونوا في العناية المركزة، يعالجون بدلاً من ذلك في أجنحة أخرى، لأنه بكل بساطة لا توجد أماكن كافية متاحة.
ويسود اعتقاد أمام هذا الواقع بأن المنطقة تسعى إلى نقل أكثر من 20 مريضاً إلى مستشفيات أخرى في جميع أنحاء إنجلترا في الأيام المقبلة، في محاولة لتخفيف الضغط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تأتي هذه الأخبار في وقت سجّلت بريطانيا 53285 إصابة أخرى بالمرض، أُبلغ عنها خلال 24 ساعة، في مقابل 613 حالة وفاة أخرى، وذلك في تراجع طفيف عن الرقم القياسي الجديد الذي بلغ 55892 حالة إصابة، ليلة رأس السنة.
ويُحوّل مرضى مقاطعة كينت إلى كل من بريستول وليدز اللتين تبعدان عنها أكثر من 230 ميلاً (370 كيلومتراً). وكان قد تبين في وقت سابق من هذا الأسبوع أن بعض المرضى أُرسلوا فعلاً إلى مستشفيات في بورتسموث وساوثامبتون.
وتشير بيانات مصدرها قاعدة معلومات هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" عن منطقة كينت وميدواي، إلى وجود 114 مريضاً في أقسام الرعاية الحرجة، 55 منهم موضوعون على أجهزة التنفس الصناعي، ولا يتوافر سوى 83 سريراً في أجنحة الرعاية الحرجة للبالغين، ما يعني أن معدل إشغال الأسرة بلغ نسبة 137 في المئة. وتكون في العادة نسبة إشغال الأسرة الآمنة بالنسبة إلى رعاية المرضى في حدود 85 في المئة.
المستشفيات في المنطقة عملت على تأمين 29 سريراً إضافياً، وضعت في أماكن أخرى من أقسامها، لكن الموظفين باتوا في هذه الحال منتشرين بشكل مبعثر وغير كافٍ.
أما في ما يتعلق بنسب التمريض، فقد انحدرت إلى ما معدله ممرضة واحدة لكل أربعة مرضى، وهي نسبة لم يكن ممكناً تصورها في وقت سابق، وكانت تُعدّ غير آمنة قبل تفشي وباء فيروس كورونا. ففي العادة، يكون المستوى الطبيعي داخل غرف العناية المركزة متمثلاً في ممرضة لكل مريض.
أحد أطباء الرعاية الحرجة، تحدث لصحيفة "اندبندنت" مشترطاً عدم ذكر اسمه، فأكد أن المنطقة تتعرّض لإنهاك شديد وأن الوضع يزداد سوءاً.
وأضاف: "بلغت نسبة إشغال أسرّة العناية المركزة في كينت حالياً 137 في المئة، وبات 78 في المئة من جميع مرضاها الموجودين في قسم الرعاية الحرجة مصابين بعدوى كوفيد. المقاطعة قدّمت جميع أسرتها المخصصة للحالات الطارئة، وعليها الآن أن تحوّل 20 مريضاً إلى مناطق أخرى في الأيام القليلة المقبلة".
وأكد أن "الأجنحة تغصّ بمصابي ’كوفيد‘ وأن إمدادات الأكسجين آخذة في النفاد"، مضيفاً "علينا اتخاذ قرارات صعبة بشأن مَن ننقذ حياته أو مَن يجب وضعه على أجهزة التنفس الصناعي سواء بطريقة غير جراحية أو جراحية. في وسعنا استقبال عدد أكبر بكثير من المرضى في قسم العناية المركزة، لكننا نفتقر إلى أسرّة كافية".
وأشار إلى أن أربعاً من وحدات العناية المركزة قد أعلنت الآن عن إنذار "المستوى الثالث" Critcon level 3، وهو أحد أعلى مستويات التأهب داخلها، الأمر الذي يعني أنها تعمل بأقصى طاقتها في وقت يكون المستشفى قد استنفد أو كاد أن يستنفد قدراته الكاملة. أما المستوى الرابع من الإنذار، فهو الأعلى في مجال الرعاية الصحية الطارئة، ولا يمكن تطبيقه إلا بموافقة هيئة "الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا".
وأضاف الطبيب نفسه: "إن جميع وحدات العناية المركزة لا تستوفي المستويات المطلوبة لجهة عدد أفراد الطاقم الطبي، ما عدا واحدة، بحيث يتوجب علينا أن نعيّن ممرضة لكل أربعة مرضى يعانون من حالة حرجة. إن جميع الأجنحة مكتظة هي الأخرى، ولدينا عاملون في إجازات مرضية، لذا لا يمكننا استقطاب مزيد من الموظفين للقيام فقط بتقديم المساعدة. إن مقاطعة كينت تعيش حال إنهاك كبيرة".
ولدى سؤاله عن انعكاس ذلك على رعاية المرضى المصابين بأمراض خطيرة، أجاب: "نحن لا نساوم على صحة هؤلاء، علماً أن هناك بعض المرضى في الأجنحة، من الذين نفضل نقلهم إلى وحدات العناية المركزة، لكن ليست لدينا القدرة الاستيعابية لتحقيق ذلك".
وأكد أن "هؤلاء المرضى كان سيتم إدخالهم إلى وحدة العناية المركزة لو لم تكن هناك طفرة كبيرة في الإصابات بـ’كوفيد‘. علينا أن نرفع مستوى المعايير المحددة لقبول المرضى في وحدة العناية المركزة. إننا نحاول بذل قصارى جهدنا لمواكبة أعداد الإصابات الهائلة التي يتعيّن علينا مواجهتها".
في المقابل، قال متحدث باسم هيئة "الخدمات الصحية الوطنية في جنوب شرقي إنجلترا" NHS England South East، إن المستشفيات في المنطقة خصصت أسرّة إضافية للعناية المركزة استجابةً للطلب المتزايد.
في الوقت ذاته، نبّه مسؤولون رفيعو المستوى في مجال الصحة، إلى المخاطر التي يواجهها الموظفون من حالات إنهاك واستنزاف، في وقت يتزايد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى دخول المستشفيات للحصول على العلاج.
وقال أدريان بويل، نائب رئيس "الكلية الملكية لطب الطوارئ" إن "الموظفين منهكون، فقد عملوا بجدّ خلال فصل الصيف، وواجهوا الكثير من الاضطرابات".
وأشار إلى أن "هذه المرة يشعر الناس بإحباط، فالداء أصبح الآن مرضاً يمكن الوقاية منه بشكل كامل، ونعلم أن جهودنا الحثيثة التي بذلناها في الربيع أسهمت في تبديد الكثير من آثاره، إضافةً إلى ذلك، بات في أيدينا الآن لقاح له. إن المفهوم المتمثل في كوننا نتعامل مع وضع خارج عن السيطرة، هو أمر منافٍ للعقل. إنه مرض يمكن الوقاية منه، لا بل يتعيّن علينا اتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية منه".
© The Independent