Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعافي السفر يبدأ هنا... ومكافآت تنتظر من يخطون الخطوة الأولى

يقول إن قطاع السفر المبهج للبشر لم يمر بتعاسة شبيهة بالتي يعرفها الآن، لكن عام 2021 يعد السياح بالكثير، من الشواطئ المشمسة الرخيصة إلى الثقافة الرفيعة المستوى

مع تواصل التعافي العالمي، سيصير السفر بتكلفة أقل إلى المناطق المشمسة  إغراء من جديد (غيتي)

يرتط شهر ديسمبر (كانون الأول) الذي ينتهي مع حلول يوم عيد الميلاد، بكثير من التقاليد. وفي عالم الصحافة المتخصصة بالسفر، تُنفَق الأسابيع القليلة الأخيرة من العام عادة في تنسيق مصادر الإلهام – أي جمع قوائم بوجهات مثيرة للاهتمام يمكن التأمل في زيارتها خلال الأشهر الـ12 المقبلة.

لكن ديسمبر 2020 كان مختلفاً. فالمهمة الرئيسية خلال الأسابيع الثلاثة الأولى، كما هي الحال خلال الأشهر التسعة السابقة، تمثلت في مواكبة التشابك العشوائي غير المنظم من القيود على السفر التي جاء بها فيروس كورونا.

فقد جلب منتصف فصل الشتاء سلسلة من القيود على السفر، استهدفت مباشرة الواصلين من المملكة المتحدة. وأثناء كتابتي هذه السطور، أصبحت غالبية أوروبا بعيدة المنال، فإيطاليا، مثلاً، تحذّر مواطنيها من "التطورات الإنجليزية". وتنتشر القيود على الرحلات الجوية الآتية من بريطانيا في مختلف أرجاء حوض البحر الكاريبي. وانضمت جمهورية الدومينيكان إلى الجوقة فهي آخر دولة تفرض حظراً على القادمين من بريطانيا.

إن قطاع السفر المبهج للبشر لم يمر بتعاسة شبيهة بالتي يعرفها الآن. فكلما شعرت شركات الفنادق والطيران والرحلات البحرية ووكلاء السفر بأن الوضع بلغ أقصى قاع له، تبين أن ثمة قاعاً أعمق.

ومن الأمثلة الممتازة على الغموض البائس، الناجم عن التغيير المستمر في القرارات الحكومية، جزر الكناري الإسبانية. فالوجهة البارزة المشمسة شتاء فُتِحت أواخر أكتوبر (تشرين الأول) أمام البريطانيين الراغبين في قضاء عطل. فأي شخص في إنجلترا، تهور بما فيه الكفاية وحجز رحلة إلى هناك خلال نوفمبر (تشرين الثاني)، وجد نفسه عاجزاً عن السفر أمام الإغلاق الثاني الذي منعه من الوصول إلى المطار. ومن ثم في ديسمبر، أُلغِي الإعفاء من الحجر مجدداً. وكان ذلك نصراً إضافياً للمستشارين الطبيين للحكومة.

وخلال جائحة فيروس كورونا كلها، حصل توتر بين القطاع الصحي وقطاع السفر. فالتدمير التدريجي للسفر والسياحة يُعتبَر عموماً ضرراً جانبياً: ضرراً مؤسفاً لكنه محتمل.

لقد تضرر قطاع السفر أكثر من أي قطاع آخر في الاقتصاد. ويتلخص وعده الأساسي في إبقاء أعداد كبيرة من الناس قيد التنقل. وتعني المنافسة الشديدة أن الهوامش ضيقة، لكن في السنوات الجيدة الكثيرة يتمثل ذلك في ضمان عيش كريم لمئات الآلاف من الناس في المملكة المتحدة – وتجارب مفيدة لعشرات الملايين من الناس.

لكن بغض النظر عن تقديرنا، أنتم وأنا، للفرص والمنافع التي يوفرها السفر، لا يحظى القطاع إلا بقليل من التعاطف العام. لقد مكّن الطيران فيروس كورونا من الانتشار العالمي السريع، مع الإيحاء بأن الضرر ألحقه الناس بأنفسهم في نهاية المطاف.

كان البريطاني العادي سيتعرض إلى أقل بكثير من خطر التقاط فيروس كورونا لو استمتع بمناخ أكثر اعتدالاً في مكان ما أقرب إلى خط الاستواء مقارنة بالبقاء داخل المنزل في المملكة المتحدة. لكن الاعتقاد بأن وقف السفر أمر جيد كان من العناوين التي طرحتها الحكومة باستمرار – على رغم رفض الحكومة نشر أي أرقام عن فاعلية الإجراءات المختلفة الخاصة بسياسات الحجر.

ففي كل يوم تستمر فيه الحملة على السفر، يخسر كل مطار رئيسي وكل شركة طيران وكل شركة حجز العطل، الملايين من الجنيهات الإسترلينية. والمجال الأبرز للمتاعب التي يعانيها قطاع السفر هو السفر البحري. ففي عام 2019، ذُكِر أن سفن السفر البحري أقلت 30 مليون مسافر سنوياً. ووفق الرابطة الدولية لخطوط الرحلات البحرية، يمثل القطاع 10 مليارات جنيه (13.5 مليار دولار) بالنسبة للاقتصاد البريطاني، ويشغل أكثر من 800 ألف شخص في بريطانيا.

وتكشّف فيروس كورونا على شاشاتنا بشكل ضخم، من خلال "دايموند برنسيس": تلك السفينة التي تحولت إلى مركز للعدوى وهي راسية في ميناء يوكوهاما. فقد كانت نسبة الحالات فيها أعلى مما سُجل في العديد من البلدان، وهكذا وقع ركابها أسرى للفيروس.

وحتى بعد الإفراج عن "رهائن السفر" في المحيط الهادئ – واقتصار بعضهم على ركوب سيارات أجرة نحو المطار للعودة جواً إلى بلدانهم من دون اتخاذ احتياطات إضافية – أمضت سفن عدة أسابيع كثيرة وهي تحاول العثور على ملاذ آمن، ومات كثر من المسافرين المسنين والضعفاء على متونها.

إن الآثار السلبية التي يعانيها السفر البحري هي أكثر شدة، مقارنة مع قطاعات السفر الأخرى. وأصابت الجائحة كل جانب من جوانب الخدمات اللوجستية المعقدة جداً الخاصة بتشغيل الرحلات البحرية، فثمة متاهة من القيود على حركة الناس والسفن – وأصبحت السفن مع تطور الأزمة منبوذة.

قبل أزمة فيروس كورونا، كانت سفن الرحلات البحرية في مقدم السياحة المتطورة. فقد نقلت الراغبين في تمضية عطل بكفاءة وبأسعار مقبولة إلى مقاصد سياحية حول العالم. واليوم تبدو كلها تقريباً سفناً شبحية: لقد تجمدت في الزمان والمكان، وتعاني من الهوان المتمثل في أن تتحول إلى مواقع سياحية هي نفسها. فمن السفرات التي أبرزتُها عام 2020 كانت رحلة بحرية حول الخلو الضخم المحيط بالمرسى الواقع أمام ساحل دورست.

وعلى أي شخص يفكر في حجز رحلة بحرية عام 2021 أو ما بعده أن يعي أن وزارة الخارجية تحذّر من رحلات كهذه منذ 40 أسبوعاً، وما من إشارة إلى تخفيف التحذير.

وتذكروا أن وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية تعتبر العالم كله "عالي المخاطر في شكل غير مقبول"، حتى لو كانت معدلات العدوى بفيروس كورونا أقل بكثير منها في المملكة المتحدة. واتبعت وزارة الخارجية بشكل تلقائي، القرارات المثيرة للتساؤلات التي اتخذتها وزارة النقل بشأن الحجر. وهكذا لطخت الخارجية البريطانية سمعتها الممتازة سابقاً كمصدر لنصح موضوعي، مواكب للتطورات في شأن السفر.

والآن ثمة بلد أفريقي واحد – رواندا – تُعتبَر درجة الخطر فيه منخفضة، بنظر وزارة الخارجية، على الرغم من أن البلدان السياحية الرئيسية – جنوب أفريقيا وكينيا ومصر – تقل معدلات حالات فيروس كورونا فيها مقارنة مع المملكة المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبغض النظر عن عيوبه، لا يشكل النصح الصادر عن وزارة الخارجية أمراً. لقد تجاهله بفرح مئات الآلاف من البريطانيين الراغبين في تمضية عطل خلال عام 2020، واستجاب قطاع التأمين على السفر ببوالص مخصصة تغطي الرحلات التي تخرق النصح.

ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه عام 2021. وسيبدأ تخفيف القيود الخاصة بالفحص والحجر مع إضفاء برامج التلقيح حماية على الناس الأكثر عرضة للإصابة. وقبل ذلك بكثير، أتوقع حصول ما يشبه "سباق التسلح" في قطاع السفر بدءاً باليوم التالي لعيد الميلاد مع سعي الدول المعتمدة على السياحة إلى استعادة القطاع وإعادة بناء اقتصاداتها المتضررة بمساعدة السياح البريطانيين.

وأحسن مثال على ذلك هي مصر. فقبل سنة بالضبط كنتُ في شرم الشيخ أكتبُ عن إعادة فتح هذه الوجهة السياحية بعدما رفعت الحكومة البريطانية حظراً للسفر إليها، حيث كانت لذلك الحظر علاقة بالإرهاب. وبعد ثلاثة أشهر، حين كنتُ مجدداً في مصر، دفعتُ 700 جنيه ثمناً لتذكرة عودتي من القاهرة مع انهيار برامج الطيران حول العالم مثل أحجار الدومينو.

والآن تعرض البلاد، الغنية بالسماء الزرقاء والبحر الدافئ والتاريخ القديم، فحوص كورونا فور وصول المسافر، ويقوم بذلك موظفون من وزارة الصحة مقابل 30 دولاراً (23 جنيهاً استرلينياً) في المرافئ الواقعة في المنتجعات الرئيسية المطلة على البحر الأحمر. وتراجعت رسوم التأشيرات إلى هذه الوجهات، ناهيكم عن الأقصر وأسوان في أعالي النيل. وتُشجَّع شركات الطيران على تسيير رحلات إلى المناطق المشمسة عن طريق تخفيض رسوم المطارات والمعاملات الإدارية.

بعد سنة من العيش في بلداننا، سنقدّر الآفاق العالمية أكثر فأكثر. ومع تواصل التعافي العالمي، سيشكل السفر بتكلفة أقل إلى المناطق المشمسة، إغراء من جديد؛ وسيمثل السفر الخالي من الازدحام ومواقع جديدة للجذب الثقافي إغراءات أخرى.

فالمسافر المستعد لتحمل الكمامات والفحوص وتراجع خطر مواجهة إغلاق في بلد آخر سينال مكافأة تتمثل في فرصة اكتشاف عدد متزايد من المناطق حول العالم، من دون ازدحام. ومع تأجيل كثير من الفرص إلى عام 2021، ستتوافر أسباب كثيرة من أجل السفر.

ففي أفريقيا، تكون البداية الثقافية الكبيرة في المتحف المصري الكبير الواقع في القاهرة والذي تأخر افتتاحه كثيراً – فهو التعبير الأبرز عن اتساع الإبداع البشري وعمقه وهو يقع قريباً من أهرام الجيزة.

وفي روما، أُعِيد إحياء ضريح أغسطس. ففي ثلاثينيات القرن العشرين، اعتزم موسوليني أن يكون البناء الدائري المهيب قبره. ثم أصبح الموقع مكباً مهملاً للنفايات، لكنه سيُفتتَح قريباً كنافذة مرممة بشكل فني على العالم القديم.

أما توقعي للوجهة الأميركية الأبرز، عام 2021 ، فهي تاسع أكبر مدينة في ولاية أركنساس الصغيرة وغير اللافتة للنظر. والمدينة هي بنتونفيل، حيث نشأت "وول مارت" ويقع مقرها الرئيس العملاق. وفي المنطقة نفسها أنفقت عائلة وولتون جزءاً من ثروتها على موقع مذهل للفن المعاصر يدعى The Momentary.

ومع تولي الرئيس الأميركي الجديد منصبه، قد يُرفَع الحظر على المسافرين الآتين من أوروبا في وقت مناسب لـ20 فبراير (شباط)، تاريخ افتتاح معرض الفنان ديريك آدمز، "الملاذ" (Sanctuary) ، والمستوحى من "الكتاب الأخضر" (The Green Book)، وهو دليل سفر إلى الولايات المتحدة، يسلط الضوء على الأعمال (التجارية) التي لم تتسم  بالتمييز ضد المسافرين الأفريقيين الأميركيين.

وفي 23 يناير (كانون الثاني)، يجب أن تستعيد باريس أخيراً المتحف المنتظر أكثر من غيره في أوروبا بفضل ثروة خاصة. فالملياردير الفرنسي فرنسوا بينو، الذي تملك شركته العلامات التجارية غوتشي وإيف سان لوران، اشترى سوق الأسهم القديمة المعروفة باسم "بورصة التجارة". وأنفق 150 مليون يورو (137 مليون جنيه) على إنشاء مجال جديد لعرض مجموعة بينو التي تخصه في قلب العاصمة الفرنسية. وابتكر المهندس المعماري الياباني تاداو أندو موقعاً أسطوانياً عملاقاً في قلب القاعة غير المسقوفة.

© The Independent

المزيد من منوعات