Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تأجيل ملتقى غدامس… هل أنهى القتال الخريطة الأممية في ليبيا؟

فرضت عملية الجيش الليبي في طرابلس تطورات جديدة بعدما صار موقف الأطراف من الحل السياسي ضبابياً

منزل مدمر جراء المعارك في العاصمة الليبية طرابلس (رويترز)

على عكس ما رسمته البعثة الأممية من مسارات لحل الأزمة في ليبيا، اتجهت "الرياح في مناح أخرى لم تكن السفن تشتهيها"، وفق تعبير المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة. وهو مسار عسكري تقوده القوات المسلحة العربية الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس ومدن في غرب البلاد.

وعلى الرغم من تأكيد قادة الجيش، على لسان المتحدث الرسمي أحمد المسماري، أن "الجيش مع المؤتمر الجامع وسيعمل على تأمينه وتنفيذ كل مخرجاته ويجب أن نفصل بين المؤتمر الجامع ومكافحة الإرهاب"، إلا أن سلامة اعتبر أن القتال "لطّخ المسيرة بالدم"، بعد أيام من إعلانه تأجيل انعقاد الملتقى الوطني الجامع في غدامس "إلى أجل غير محدد"، والذي كان مقرراً عقده في منتصف أبريل (نيسان) الحالي.

الخريطة الأممية "غير واقعية"

يعتبر ملتقى غدامس المحطة النهائية في الخريطة الأممية، التي أعلن عنها سلامة في سبتمبر (أيلول) 2017، كونها المحطة الحيوية لإنهاء المرحلة الانتقالية ونقطة نهاية الخلافات والانقسام، لاسيما بعدما تمكنت البعثة من عقد لقاء بين حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج في أبو ظبي، نهاية فبراير (شباط) الماضي، اتفقا خلاله على "إنهاء المرحلة الانتقالية عبر إجراء انتخابات عامة". وهو الاتفاق الذي اعتبره كثير من المراقبين المفتاح لنجاح الملتقى وخروجه بتوصيات فاعلة تؤدي إلى تسوية سياسية نهائية. لكن إطلاق المشير حفتر حملته العسكرية باتجاه طرابلس قبل عشرة أيام من موعده الملتقى، أربك كل حسابات البعثة لفتح آفاق كبرى للحل عبر انتخابات تنهي أزمة السلطة التي تعانيها البلاد منذ سنوات.

يدافع منصور سلامة، رئيس "الجمعية الليبية لدراسة السياسات"، عن موقف الجيش بالقول إن "البعثة على طول خطها الزمني في ليبيا لم تحقق أي توافق، بل كانت بمثابة عرقلة حقيقية بسبب عدم فهمها واقع الأزمة في ليبيا، التي ليست أزمة سياسية بل أمنية". ويشرح منصور سلامة الأزمة أنها تتمثل في فوضى السلاح وانتشار العصابات المسلحة والميليشيات والأذرع الخارجية، التي لا تريد للبلاد استقراراً، وبالتالي "يجب حسم الأمر أمنياً قبل الدخول في مفاوضات سياسية بين الأطياف المختلفة وتجريدها من السلاح، الذي تستقوي به لفرض شروطها أو رفض نتائج تخالف مصالحها".

ويرى رئيس الجمعية أن الحديث عن توافق سياسي في ظل أزمة أمنية محورها انتشار الإرهاب في أشكال عديدة "حديث غير واقعي". وقال "أعتقد أن عملية الجيش الحالية كشفت المستور سريعاً، فالقوات التي تقاتل في صفوف الحكومة ضد الجيش لا يمكن الحديث سياسياً معها، بل لا يوجد استقرار في ظل وجودها أصلاً".

واشتدت حدة التصريحات بين قادة الحكومة والجيش. فإثر إعلان الحكومة تحشيد قواتها لصد عملية الجيش، أعلن المسماري نهاية التفاوض مع السراج، بالقول "انتهى الكلام مع السراج وزمرته. فهذه الميليشيات لم تكن لتسمح لليبيين بممارسة الانتخابات بشكل حقيقي". في المقابل، اعتبر السراج حرب الجيش انقلاباً على الاتفاق السياسي، وأن "حفتر نقض العهد ولن يجد منا إلا القوة والحزم"، ليصل التصعيد إلى حد تهديد السراج برفع ملفات إلى محكمة الجنايات تحوي أدلة على ما وصفه بتورط الجيش في "جرائم حرب".

وعلى الرغم من تأكيد السراج ضرورة عقد ملتقى غدامس، إلا أنه اتهم "حفتر بتقويض العملية السياسية وإغراق البلاد في دوامة العنف والحرب المدمرة".

انقسام سياسي

تبدو الأطراف السياسية الأخرى في البلاد منقسمة على نفسها إزاء التطورات المحيطة بمصير الملتقى، فبينما توحّد رأي المجلس الأعلى للدولة على رفض عقد الملتقى قبل انسحاب قوات الجيش من طرابلس، انقسم مجلس النواب على نفسه مع وجود تيار نيابي أكد رفضه عملية الجيش، في بيان حوى توقيع 100 نائب في 5 أبريل، مقابل تيار آخر على رأسه رئيس المجلس عقيلة صالح، الذي تشير تصريحاته الأخيرة عن "تشكيل حكومة وحدة وطنية إثر انتهاء الجيش من السيطرة على طرابلس وإمكان الذهاب إلى صناديق الانتخابات ممكنة وقتها" إلى تجاوز مرحلة الملتقى وجهود الأمم المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يؤكد عيسى الورفلي، المحلل السياسي الليبي، أن قطاعاً من الليبيين يؤيد موقف التيار النيابي الرافض عملية الجيش على طرابلس، فـ "توقيت الحملة العسكرية مريب ويشير إلى رغبة الجيش في حكم البلاد عسكرياً". وبيّن الورفلي أن البعثة الأممية تعلم استحالة استمرار مسار التفاوض السياسي، فأعلنت عن تعليق موعد الملتقى إلى أجل غير مسمى. لكنه يرى أن تعليق غسان سلامة بالقول إن "موقفنا لن يتبدل، فإنما الحرب ما علمتم وذقتم ولا حل، مهما اشتد العناد، إلا سياسياً" يشير إلى قناعة دولية بأن الوضع لن يحسم عسكرياً، وهو ما يثبته الواقع بعد مرور أكثر من عشرة أيام على القتال من دون أن يحسم أي من الطرفين الموقف.

الورفلي يعتقد أن العودة إلى غدامس ستكون نتيجة حتمية بعد قناعة الطرفين باستحالة الحسم العسكري واستنزاف غالبية قواتهما. كما أن أطرافاً دولية لن تسمح بسيناريو التقسيم الذي تروّج له أطراف مشاركة في المعركة من خلال تسويق أن المعركة جهوية بين الشرق والغرب، ما يعارض مصالح كثير من الدول في ليبيا.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي