Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تراجيديا "الأيزيديين" وموروثهم الثقافي يتجسدان في نصب تذكاري

مطالبات بتنفيذ المشروع في مكان لافت في العاصمة العراقية

الرسومات المعمارية لمشروع المتحف اكتملت ويُنتظر الآن أن تحدد أمانة بغداد مكاناً لتشييده (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية - صفحة مصممة المتحف على فيسبوك)

يُعـد العراق متحفاً ومنهلاً للأديان التي تعايشت مع بعضها سنوات طويلة، وتُعد "الأيزيدية" إحدى هذه الديانات التي وجدت وتحصنت في وادي لاش بشيخان، وجبل سنجار من الموصل شمال العراق، حيث تشخص أماكنهم المقدسة التي تعلوها قباب بيضاء مخروطية الشكل، تكرر عمرانها في مراقد عراقية لأديان ومذاهب أخرى.

 لكن الحياة في جبل سنجار تبدلت في أغسطس (آب) 2014، بعد دخول "داعش" إلى المنطقة واستباحته دماء الأيزيدين، فتحولت وديان سنجار وربوعها الخضراء إلى قبور جماعية تحتضن رفات سكانها، وباتت الأماكن المقدسة خالية من مرتاديها.

نصب ومتحف لتخليد ذكرى الإبادة "الأيزيدية"

وتقرّر أخيراً إنشاء نصب ومتحف لتخليد ذكرى "الإبادة الأيزيدية"، وقالت مصممة المبنى، المهندسة المعمارية الأيزيدية ديرسم خيري نعمو، الحاصلة على شهادة الماجستير في الهندسة المعمارية وفن بناء المدن، وتعيش في ألمانيا، إن "المبنى مستوحى من جبل سنجار، والدائرة ترمز للخلود في الأساطير الأيزيدية، كما أنها تمثل الشمس، مصدر الضوء، والعنصر الطبيعي الأقدس عند الأيزيديين".

ولم تغب الروح الدينية والموروث الاجتماعي عن تصميم المبنى، وفق ما ذكرت ديرسم خيري نعمو في حديثها إلى الصحافة، مبينة أن المدخل الرئيس للمتحف مستوحى من شكل القباب في منطقة لاش، كما أن تصميم المبنى من الداخل مستمد من "رقصة سما" التقليدية، فيشعر من ينظر الى الجدران بأن الحركة مستمرة فيها.
 


متحف ومركز بحثي

وأعلن أمين بغداد علاء معن في 22 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قرب الشروع بإنشاء متحف ونصب تذكاري في بغداد، يوثق جرائم "داعش" بحق الأيزيديين في قضاء سنجار في أغسطس (آب) 2014.

وذكر بيان لأمانة بغداد أن معن "ترأس اجتماع لجنة الأمر الديواني الصادر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بناء على اقتراح رئيس الجمهورية الخاص بتنفيذ المتحف والنصب التذكاري والتي تضم ممثلين عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء والبنك المركزي ووزارة المالية ووزارة الثقافة وصندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة جراء العمليات الإرهابية، وممثل عن الديانة الأيزيدية".

وأشار البيان إلى أن مبنى المتحف سيضم مركزاً بحثياً يهتم بالتنوع الفكري، وإشاعة روح التسامح ومناهضة العنف والتطرف. وأكد البيان أن أمانة بغداد ستعمل على إيجاد موقع مميز للنصب والمتحف، مع إعداد دراسة مستفيضة لتفاصيل المشروع، بما في ذلك المناطق المحيطة وشبكة الطرق.

المتحف رسالة لبث الروح الوطنية

من جهة أخرى، أوضح الناشط الأيزيدي مراد إسماعيل أن "وجود متحف وصرح ثقافي مرتبط بالأيزيديين، سيسهم في بناء جسر يستطيع من خلاله المجتمع الأيزيدي أن يقدم قضيته الإنسانية للشعب العراقي والعالم عبر بوابة بغداد".

وأضاف سالم أن "الأيزيديين مغيّبون عن الساحة العراقية، وسيكون هذا المشروع بداية التعامل مع القضية الأيزيدية كقضية وطنية عراقية، كما أنه سيشكل فرصة لمحاربة التطرف الديني عبر تقديم رسالة مفادها أن تضحية الأقليات في العراق تضحية وطنية".

في السياق ذاته، اعتبر الصحافي الأيزيدي عيسى سعدو أن المتحف "سيكون خطوة في اتجاه توثيق الإبادة الأيزيدية وتعريف الناس بها، خصوصاً في العاصمة بغداد، حيث المكان الذي ترتاده الوفود الدولية".

وأمل عيسى أن "تكون مكانة النصب وأهميته كتلك التي أخذها نصب الهولوكوست في برلين، حيث لا يمكن لأي زائر أن يحل في العاصمة الألمانية من دون المرور به".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الأيزيديون بحاجة إلى الإنصاف

كذلك، وصف الناشط الأيزيدي مراد سالم إقامة المتحف بالخطوة الجيدة، لكنه رأى أن هناك خطوات مهمة أخرى تتعلق بالمجتمع الأيزيدي تتمثل "بإنصافه مثل باقي المكونات في التمثيل الوزاري، وضمان حقوقه المشروعة بزيادة المقاعد البرلمانية المخصصة له وفق عدد السكان الأيزيديين".

كما قال الصحافي سعدو إن "هناك ملفات مهمة خاصة بالأيزيديين وبحاجة إلى التفاتة حقيقية، تتمثل في إعادة النازحين وإدارة مناطقهم وإشراكهم في أجهزة الدولة العسكرية والمدنية".

بعيداً من الأحزاب

وصرح الناشط الأيزيدي مراد سالم أن "مشروع المتحف لا بد من أن يكتمل خلال سنتين، فإذا ما أهمل المشروع لأكثر من هذه المدة فسيكون مصيره مثل بقية المشاريع المعطلة لسنوات".

وشدد سالم على ضرورة إحالة إدارة المتحف إلى مديرية الوقف الأيزيدي في بغداد، "لأنها الجهة الوحيدة التي يمكنها إدارة هكذا مشاريع بعيداً من الأحزاب وتجاذباتها".

أما عيسى سعدو فلم يرَ أهمية في تحديد الجهة التي تدير المتحف، سواء كان الوقف الأيزيدي أم أية وزارة، "شرط أن تتم إدارته بالشكل الصحيح والاهتمام به بالشكل الكافي". وطالب سعدو بأن "تترجم أمانة بغداد الوعود التي أطلقتها في شأن تشييد النصب، ولا يبقى هذه المتحف حبيس الأوراق والمشاريع غير المنجزة"، مشيراً إلى ضرورة تشييده "في مكان يليق بقيمة النصب وبالأهداف المرجوة منه".

يُذكر أن الرسومات المعمارية لمشروع المتحف اكتملت، وينتظر الآن أن تحدد أمانة بغداد مكاناً لتشييده وترصد له المبالغ المالية، إلا أن مراقبين رجحوا أن يتعثر المشروع تحت وقع سياسية التقشف التي تلوح بها الحكومة لموازنة عام 2021.

المزيد من العالم العربي