Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اللعب لغة الأطفال... وعلاجهم

يشكل جسراً قوياً وترابطاً مع الأهل وطريقة لاكتشاف عالمهم وفهمه

اللعب في حياة الطفل مهم جداً (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية - بيكسا باي)

يوقظ اللعب بكل أشكاله الطفولة في كل شخص. قد يعتبر البعض أن اللعب أمر ثانوي في الحياة، لكن في الواقع تأثيره ينطوي على تشكيل الحياة بتفاصيلها. فلطالما انتقلت ألعاب من جيل إلى آخر، وحملت في طياتها كثيراً من المرح والتفاعل والتعلم وتنمية المهارات.

يقول غاري لانغدريث، الرائد في العلاج النفسي باللعب "الطيور تطير والأسماك تسبح والأطفال يلعبون".

بهذه الجملة، تبدأ اختصاصية اللعب العلاجي النفسي مها غزالي حديثها، معتبرة اللعب في حياة الطفل مهم جداً. فما أن يولد حتى يبدأ بالتفاعل واللعب بأصوات يصدرها وينتظر رد فعل مَن حوله، وهذه بوادر التعلق الأولى، وخلقها بين الطفل وأهله الذين يبدؤون بإصدار الأصوات ذاتها، ما يعطيه شعوراً بالأمان والاستحقاق والاهتمام.

دع الطفل يقْد اللعبة

تقول غزالي إن اللعب يشكل جسراً قوياً وترابطاً بين الأهل والطفل، وهو طريقة لخلق عالمه واكتشافه وفهمه وبناء تجاربه. وتعتبر أنه من الأفضل تشجيع الأهل للطفل على قيادة اللعبة، والتماشي معه على طريقته، والنزول إلى عمره، ما يُشعره بالسيطرة على عالمه وما حوله، داعية إلى عدم اعتبار اللعب وقتاً للتعليم، إنما للتواجد والحضور والمرح والتفاعل والتواصل.

وأردفت اختصاصية اللعب العلاجي النفسي أن اللعب لغة الأطفال وعالمهم، فهو يحثهم على التفاعل الاجتماعي وخوض تجارب جديدة، وهو طريقته لاستيعاب العالم من حوله، فيتماهى أو يمثل من خلاله ما مرّ به في المدرسة أو الحياة، أو صدمات، فيخفف اللعب من حدّة الصعوبات التي واجهها بفارق مهم وهو قدرته على السيطرة والتحكم بالأحداث والنتائج أثناء اللعب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تضيف غزالي، اللعب حق للأطفال ليكونوا بصحة نفسية جيدة، ومن مرّ منهم بكثير من الصدمات لا يعرف كيف يلعب.

اللعب العلاجي

العلاج باللعب تشير الاختصاصية، إلى أنه نوع من العلاج النفسي لمساعدة الأطفال الذين لديهم صعوبات عاطفية وسلوكية. فالطفل لا يجيد التكلم عن نفسه ليعبر عنها، بالتالي اللعب لغته للتعبير عن مشاعره.

وتقول، "قد يعتبر البعض أن الأطفال يلعبون ببساطة، لكن الموضوع أكبر بكثير. إذ يكونون تحت إشراف معالجة متخصّصة تساعدهم على استيعاب مشاكلهم وملاحظتها، ليعبّروا عن مشاعرهم ما يساعدهم في تخطي "التروما" أو الصدمة، كطرق جديدة لتخطي الصعوبات التي تصادفهم".

يمكن أن يخضع للعلاج باللعب الأطفال من 3 إلى 12 سنة. ويُنصح به للأولاد الذين لديهم مشاكل في السلوك في المدرسة، والعدائيين، وقليلي الثقة بالنفس، ومن لديهم مشاكل عائلية من انفصال أو طلاق أو موت أو صدمات، أو من تعرضوا إلى عنف أسري أو استغلال جنسي أو أي نوع منها، أو لديهم مشاكل في تناول الطعام، والتوحد، والتأخر بالنمو، وغيرها من الحالات.

وتعتبر غزالي، أن لا بدّ من مشاركة الأهل، فالعلاج جهد جماعي، لا يُكتفى به لدى المعالج الذي يعطي جلسة في الأسبوع عادة، هو يعطي الخطوط العريضة للأهل عن كيفية اللعب والمتابعة بقية أيام الأسبوع لعلاج أسرع.

الألعاب الإلكترونية تفاعل أحادي

في العلاج باللعب، توضح غزالي، أن العلاقة المتبادلة مع الطفل هي الأساس. لذا فالألعاب الإلكترونية لا تفيد. هي تفاعل من جانب واحد، تحفّز الدماغ أكثر مما ينبغي، ما يجعله عصبياً ومتعَباً، مشيرة إلى أن قيمة التفاعل في اللعب وجهاً لوجه لا يُستهان بها وتعلّم مهارات اجتماعية عدة إن في حل المشاكل بين الأطفال، أو إيجاد الحلول أو في تفاصيل أخرى.

وتضيف، "لأننا نعيش في زمن لا نستطيع تجاهل الألعاب الإلكترونية، لا بد من خلق التوازن باللعب ساعة في الطبيعة على الأقل"، مشيرة إلى أهميتها العلاجية بما تحتويه من غنى في الأشكال والأصوات.

وتعتبر أن الألعاب التي تنطوي على مغامرة، تجعل الطفل يفكر ويأخذ القرارات، فيتعلم كيف يتصرف ويتفادى المخاطر.

مخطط تربوي كامل

وتتحدث الباحثة والمرشدة الاجتماعية نداء ضو عن تجربتها كأم، فتقول، إنها عندما أردات وزوجها الإنجاب منذ 12 سنة كان لديهما مخطط تربوي للطفل. فمنذ صغره كانت الألعاب وما زالت لها أهدافها، من ربط البالون على سجادته ليضربه وتقوية عضلاته وشبكاته العصبية، إلى الأغاني التي ترافقها حركات يدوية من موروثات الأهل، ومن ثم المكعبات واللغز (puzzle) لتقوية الذاكرة وقدراته العقلية.

مع تقدم العمر باتت الألعاب أكثر فائدة مثل "شطرنج" و"مونوبولي" و"الأربعة تربح" و"غرق الغواصات" التي تحتاج إلى مخططات وتنافس وتشاركية، "ولأننا نعرف أن المستقبل للألعاب الإلكترونية، لم نرفض أن يمارسها، وما استطعنا فعله هو أن تكون متناسبة مع عمره ولفترات محددة، وفي أيام العطل مع التوقف يوم الأحد استعداداً للمدرسة".

تعتبر ضو أن الولد إذا كانت لديه رغبة في الألعاب الإلكترونية من دون أن نلبيها ستشكل له عقدة، وقد تسبب فشلاً في حياته العملية لتمسكه بها، موضحة أن الطفل يجب أن يكون مكتفياً من هذه الألعاب.

وتشير إلى أن بعض التفاصيل الموجودة في الألعاب الإلكترونية غير موجودة في الألعاب التقليدية وتعطيه خبرات ومتعة ويتعلم منها الكثير.

كلّ يختار ألعابه

من جهة ثانية، تقول هلا بطرس، إنها لطالما لعبت مع أخواتها وأترابها خارج المنزل وداخله. وتذكر "السبع حجارة"، عبارة عن رمي الحصى والتقاطها بكفّ اليد واحدة تلو الأخرى، مع ألعاب فيها حركة مثل "وقعت الحرب" التي تعتمد على الركض وتقدير المسافات وهي تشاركية بامتياز، ولعبة الحبل المطاط الذي يثبته اثنان بينهما، والثالث يقفز فوقه. أما الأكثر تطوراً فكانت مونوبولي والسكرابل والورق وأخرى فيها تواصل وتفاعل، إلى أن أتت أول لعبة إلكترونية "الأتاري".

توضح بطرس، أن ابنها أندرياس (10 سنوات) يقضي وقتاً طويلاً في اللعب على "بلاي ستايشن" ومشاهدة "يوتيوب" على الرغم من محاولات تقنين وقته من أجل سلامة عينيه وتفكيره، "إذ لاحظنا أنه كلما طال وقت ممارسته الألعاب الإلكترونية تعرض للقلق ليلاً، وإذا أوقفناها في وقت مبكر تكون أعصابه مرتاحة أكثر".

أما إيلا (7 سنوات) فتطلب من والدتها دوماً تعلّم الألعاب التي كانت تلعبها في الصغر، وهي تحب الطبيعة والنشاطات الخارجية وركوب الدراجة الهوائية، والمشكلة بحسب هلا أن طفليها لا يتفاعلان كما يجب بسبب اختلاف اهتماماتهما.

تترك هلا طفليها يختاران ألعابهما من دون إدخال فكرة أن ثمة ألعاباً للولد وأخرى للبنت.

لا لألعاب العنف والجندرة

في المقابل، تقول ريزا داوود إنها تلعب مع ابنتها ساشا "زقتة" أي رمي الحصى الصغيرة على الكف ومن ثم التقاطها، و"إكس" ترسم بالطبشور على أرض المنزل الخطوط وتقفزان فوقها من دون ملامستها. كما ترسم ساشا الغرافيتي على الجدران، وتحب الحزازير و"السلم والحية" ولعبة "إنسان، حيوان، شيء" وألعاب لها علاقة باللغة والأحرف مثل لعبة "سوق عكاظ" لكن بكلمات بدل أبيات الشعر. كما تلعب مع والدها ألعاب الفيديو. وتشير ريزا إلى وجود عدد محدد من الألعاب على الهاتف، ولا يمكن إضافة لعبة جديدة إلا إذا محت واحدة موجودة، كما تصل رسالة نصية للأهل لإعطاء الموافقة على كل لعبة.

تنقل ريزا معظم ألعاب طفولتها إلى ابنتها وابنها. وترفض كلياً فكرة ألعاب العنف التي تحتوي على المسدسات والأسلحة حتى لو كانت بالماء أو الورق، أو الألعاب الجندرية، ولم تدخل الدمى مثل باربي إلى حياة ابنتها.

وتقول "الفتاة أذكى من باربي وأن تنشغل بها وبلباسها، وتركز على تفاصيل تافهة".

أعلّم حفيدي الزراعة والغرافيكس

يقول نبيل حوراني، إن بين جيله وجيل حفيده مرّ الكثير من التغيرات على الألعاب. أما ألعابه فلطالما كان التراب سيدها، مع اتساخ دائم وعقاب مرافق من الأهل. ويضيف، إن المعطيات تغيرت مع هذا الجيل، فحفيده يستولي على هاتفه ويحمّل تطبيقات لألعاب عديدة.

يعلّم نبيل حفيده التصميم الغرافيكي والمتحرك وكيفية استعمال برنامج فوتوشوب. كما يشاركه في الزراعة والعمل في الأرض أحياناً، وتصميم موقدة حطب محفّزاً إياه على تعلّم الحِرَف من فيديوهات على "يوتيوب".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات