Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مناشدة المستهلكين البريطانيين التوقف عن الشراء بدافع الذعر

يواجه المصدرون إمكانية إتلاف أطنان من الأسماك والمأكولات البحرية، أما الواردات الواصلة عبر القناة الإنجليزية فتبقى معلقة رغم الإعلان عن استئناف حركة السفر بين بريطانيا وأوروبا

طوابير المتسوقين أمام المتاجر البريطانية سببها إجراءات كورونا وربما الهلع من إغلاق الحدود (رويترز)

يواجه سائقو شاحنات نقل البضائع بين بريطانيا والبر الأوروبي "كابوساً" قبل عيد الميلاد، إذ يبقى المئات منهم منذ مساء الإثنين عالقين في الطرق في مدينة "كنت" البريطانية والمناطق المحيطة بها، من دون أن يعرفوا موعد تمكنهم من مغادرة المملكة المتحدة.

وعلى الرغم من تفاقم الأزمة في مرفأ دوفر Dover، فإن الحكومة البريطانية، وإدارات متاجر السوبر ماركت، ومسؤولي قطاع نقل البضائع، وجهوا نداء للمستهلكين بالامتناع عن شراء المواد الغذائية بدافع الذعر، مؤكدين أن البضائع الموجودة في السوق قادرة على تلبية الطلب، وسوف تكفي طوال فترة الاحتفال بعيد الميلاد.

بيد أن القلق ساد في أوساط المصدرين البريطانيين العاجزين عن تحريك بضائعهم ونقلها عبر القناة الإنجليزية، وذلك إثر تحذير وكالات وشركات تجارية من أن أطناناً من الأسماك والأطعمة البحرية التي تقدر قيمتها بملايين الجنيهات الإسترلينية، والموجهة لبلدان البر الأوروبي، قد تتلف.

تأتي هذه الأزمة تزامناً مع فشل بوريس جونسون في التوصل إلى تسوية مع فرنسا، التي أقفلت، الأحد المنصرم، حدودها مع المملكة المتحدة أمام شاحنات النقل المقبلة إليها من بريطانيا، وذلك بفعل مخاوف من انتشار سريع على ما يبدو لسلالة جديدة من فيروس كورونا.

وكان جونسون وعد إثر مكالمة أجراها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإثنين، بإعادة فتح الحدود أمام أرتال الشاحنات "في أسرع وقت ممكن". وفي وقت سابق من نفس اليوم، أنعش وزير الخارجية الفرنسي آمال التوصل إلى قرار عاجل لإنهاء الفوضى في دوفر، حيث غرد على "تويتر" قائلاً إنه يمكن تبني بروتوكول على مستوى الاتحاد الأوروبي برمته "لضمان إمكانية اسئناف حركة النقل ابتداء من المملكة المتحدة".

من جهة أخرى، أكد بوريس جونسون للبريطانيين أنه بإمكانهم "التسوق على نحو طبيعي"، وذلك على الرغم من تحذير محلات "سينزبوريز" Sainsbury’s للتسوق، من إمكانية نقص إمدادات عدد صغير من السلع ذات الصلاحية القصيرة على الرفوف، في وقت قريب، مثل خضار السلطة.

أما بالنسبة لمن يواجهون الجانب الأكثر حدة وإلحاحاً من الأزمة، فهم السائقون العالقون داخل شاحناتهم في بريطانيا لليلة الثانية على التوالي، من دون أن يتوفر لهم إلا عدد محدود من المراحيض ومرافق التنظيف وقضاء الحاجات والاستراحة.

أمام هذه الحال قال وزير النقل البريطاني، غرانت شابس، إنه جرى، مساء الإثنين، تقليص عدد الشاحنات، على مستوى رتل أوتوستراد "M20" في كنت، من 500 شاحنة إلى نحو 170. وشبه شابس اضطراب حركة النقل بالاضطراب الذي يحصل في الفترات التي يكون فيها الطقس بالغ الرداءة. ورداً على هذا التصريح، اعتبر سائق الشاحنة الذي يعمل لحسابه الخاص، راسل أوليفر، أن تأويل وزير النقل البريطاني للواقع الراهن "طافح بالسخافة". وأشار أوليفر إلى أن مئات الشاحنات جرى ببساطة نقلها إلى مطار مانستون القريب، حيث سبق وأنشئت منطقة جانبية رديفة لتوقف الشاحنات تمهيداً لبريكست. وتابع السائق قائلاً "لا يوجد شيء هناك. ثمة بعض المراحيض المحمولة، لكن لا توجد مقاهي ولا مرافق للاستراحة والطعام. وقد قررت الذهاب إلى هناك والقيام بما يمكنني أن أقوم به، وتأمين السندويتشات وغيرها من الأشياء التي يحتاجها الناس. كم سيطول بقاء الناس هناك؟ يومان؟ أربعة أيام؟ ما يحصل الآن ليس سوى مهزلة كبيرة!" وتابع أوليفر "هناك سائقون يحاولون فقط العودة إلى منازلهم. كلما طال بقاؤهم هناك تضاءلت حظوظ تمكنهم من العودة إلى بيوتهم وعائلاتهم في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وشرق أوروبا. وثمة من بينهم أشخاص متدينون جداً، والأمر يعني لهم كثيراً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما عبّر أوليفر عن وجهة نظره التي ترى أن إمكانية نشر سائقي الشاحنات لفيروس كورونا هي إمكانية ضئيلة، وينبغي على هذا الأساس السماح لهم بالتنقل والسفر. وعن هذا الأمر الأخير يقول "نحن أكثر الناس عزلة من بين جميع الأشخاص الذين تلتقيهم. لقد مكثت في شاحنتي اليوم فترة 14 ساعة تقريباً، ولم يكن معي أحد. يمكن لنا من وقت لآخر الخروج من مقصورة القيادة، لكن هناك بروتوكولاً نلتزم به، حينها".

في السياق ذاته قال أويجين برينان من "رابطة النقل البري الإيرلندية" Irish Road Haulage Association إن الوضع "جنوني تماماً ومريع". وتابع قائلاً "هناك تأخيرات شاملة وتذمر كبير في أوساط السائقين العاجزين عن العودة إلى بيوتهم. وهناك قلق كبير بين الناس، خصوصاً في أوساط أولئك المتخوفين من عدم تمكنهم من إيصال المنتجات الغذائية إلى الأسواق في الوقت المطلوب. فهذه مهمة بالغة الصعوبة في معظم الأوقات". وعن حال سائقي الشاحنات، أوضح برينان "لا تسمعون سوى القليل جداً عن محنة السائقين القابعين هناك لـ14 أو 16 ساعة متواصلة، كما لا تعرفون شيئاً عن حالتهم النفسية، وصحتهم الجسدية، والنقص الذي يواجهونه في مرافق الاغتسال والنظافة الأساسية. إنه لأمر مخزٍ".

من جهته قال مسؤول قطاع النقل البري الوطني الموحد في بريطانيا، أدريان جونز، إن "السائقين يعانون من كابوس قبل عيد الميلاد، بسبب الاختناق المروري عبر القناة الإنجليزية". وطالب جونز الحكومة بتأمين المرافق المناسبة والدعم الكافي للسائقين، إضافة إلى تأمين فحوصات كوفيد لهم، كي يتمكنوا من إثبات أنهم لا يحملون الفيروس.

أيها المستهلكون! "لا داعي للذعر"

وإزاء الأيام العصيبة التي يواجهها سائقو الشاحنات بعيداً عن عائلاتهم قبيل عيد الميلاد، جرى توجيه نداء للمستهلكين بعدم الشعور بالذعر تجاه إمدادات بعض السلع بسبب تباطؤ حركة السير القادمة من فرنسا. وأكد بوريس جونسون خلال مؤتمر صحافي في داونينغ ستريت، الإثنين، أن فقط خُمس واردات وصادرات بريطانيا يمر عبر فرنسا على متن الشاحنات. أما الشحنات الأخرى التي لا تستلزم سائقين (كشحنات القاطرات المبرمجة) فهي لا تشمل بتدابير بالحظر.

وكان تجار التجزئة قد قاموا بتخزين احتياطي يفوق ما يراكمونه عادة خلال هذه الفترة من السنة، وسط مخاوف مرتبطة بالتأخيرات عند نقاط الحدود، بحسب ما ذكر الرئيس التنفيذي "لرابطة النقل البري" ريتشارد بورنيت، حيث أوضح هذا الأخير أن "سلسلة إمدادات البضائع في موسم عيد الميلاد تتميز بالمرونة، وقطاع صناعتنا، كما أظهر طوال فترة الجائحة، جيد للغاية في التأكد من أن لدينا جميع البضائع التي نحتاجها". لذا تابع بورنيت، "ندعو الناس إلى عدم التبضع بدافع الذعر، لأن ذلك قد يؤدي إلى نقص غير ضروري في السلع خلال شهر يناير(كانون الثاني)، الذي يصعب فيه أصلاً الحصول على بعض المواد".

 

مصدرو المأكولات البحرية في مهب "الكارثة"

وفي هذه الأثناء يواجه قطاع الأعمال الذي يحاول تصدير الغذاء من المملكة المتحدة أزمة أكثر إلحاحاً. إذ قال مسؤولو قطاع النقل الإيرلندي إنهم أمام خطر الاضطرار إلى إتلاف المنتجات أو الاضطرار إلى قبول أسعار تقل عن أسعار السوق بسبب ما يواجهونه من تأخيرات. وتتكدس أطنان من الأغذية البحرية الاسكتلندية، التي تبلغ قيمتها ملايين الجنيهات الإسترلينية، في مرفأ دوفر، الأمر الذي يهدد بتدمير الموسم الأكثر نشاطاً في السنة بالنسبة لصيادي السمك في اسكتلندا. في السياق ذاته قالت مصادر شركة  التصدير الاسكتلندية "لوشفاين" (Lochfyne) إن إغلاق الحدود جاء بمثابة "كارثة".

وورد في صفحة الشركة المذكورة على "تويتر" "ستكون هناك شاحنات "فايفير" (Vivier) (معتمدة لنقل المأكولات البحرية) من جميع أنحاء اسكتلندا سالكة في هذه الوجهة، ومحملة بمأكولات بحرية قيمتها ملايين الجنيهات الإسترلينية، وذلك في هذا الوقت بالذات الذي يمثل لقطاعنا الموسم الأكثر نشاطاً في السنة، وهو الموسم الأخير قبل عيد الميلاد. وحتى لو عبرنا  خلال  48 ساعة المقبلة، فإننا سوف نتأخر عن موعد عيد الميلاد، وهذا أمر لا يصدق".

في الإطار عينه قال الرئيس التنفيذي لـ"رابطة الأغذية البحرية في اسكتلندا" (SSA) جيمي بوتشان لقناة "بي بي سي": "هذه الأيام القليلة قبيل عيد الميلاد تمثل أياماً ضاغطة جداً لكثيرين من العاملين في قطاعنا، حيث تُنقل المأكولات البحرية إلى جميع أنحاء القارة الأوروبية عبر فرنسا. والأطعمة البحرية تقليدياً في إسبانيا تمثل أطباقاً أساسية في ليلة عيد الميلاد، ومعظم صادراتنا تصل إلى هناك عبر "النفق الأوروبي" Eurotunnel أو عبر "مسارات دوفر كاليه" Dover-Calais routes، لذا فإن الأمر يمثل كارثة للعاملين في قطاعنا. وفي السياق، وجهت الوزيرة الأولى في اسكتلندا وزعيمة الحزب الوطني، نيكولا ستورجون، دعوة إلى الحكومة البريطانية لتفعيل خطط "بريكست من دون اتفاقية" بغية مواجهة ما تشهده المرافئ والمعابر من انسداد واضطراب في الحركة. وقالت ستورجون في هذا الصدد "المخاوف الملحة والأكيدة الآن تتمثل بما سيصيب المصدرين، وليس أقلها ما يتعلق بالمأكولات التي لا تصمد كثيراً مثل المأكولات البحرية. إنه الوقت الأكثر أهمية لهم في العام، والآن بضائعهم عالقة على بعد أميال من الأسواق. ينبغي الوصول إلى حل على نحو طارئ".

© The Independent

المزيد من متابعات