أجيال عربية ولدت تحت أقمشة الخيم ولم تعرف سماء مدنها وقراها. وأجيال نزحت أو لجأت، وواراها تراب التغريب والتهجير. شعوب تتبادل كؤوس الارتحال في المنافي الداخلية أو في دول الجوار. من المشرق العربي إلى مغاربه، مخيمات اللجوء والنزوح في بعض الدول العربية، أوطان داخل أوطان.
27 مخيماً بين الضفة الغربية والقطاع تأبى الانخراط بالمدن
على الرغم من مرور 72 عاماً على النكبة الفلسطينية، والتوسع الحضري في المدن والقرى واختلاطها بمخيمات اللجوء، إلا أن الناظر يستطيع حتى الآن تفريق المخيم عن غيره من طريقة البناء وضيق الطرقات وتراصّ المنازل، وكثرة الأزقة التي لا تتسع لأكثر من شخص، ففي فلسطين يبلغ عدد اللاجئين حوالى 820 ألفاً موزعين على 27 مخيماً، 19 منها في الضفة الغربية، أكبرها مخيم بلاطة في نابلس، وثمانية في قطاع غزة، بحسب آخر الأرقام المسجلة لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".
"أنشئت لتكون مؤقتة لحين العودة"
أوضح المدير العام لدائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد أبو هولي أن المخيمات الفلسطينية بدأ إنشاؤها العام 1948، لتكون مكاناً مؤقتاً للاجئين الذين أخرجتهم القوات الإسرائيلية من أراضيهم عامي 1948 و1967، على أن يتلقى سكانها المساعدات والخدمات من وكالة "الأونروا" ومؤسسات أخرى مثل منظمة الأغذية العالمية وغيرهما.
يتابع أبو هولي أن المخيمات تعرضت لهجمات إسرائيلية عدة من مداهمات واعتقالات كما هي الحال في بقية المناطق الفلسطينية، وبعضها سبق ودمّر بشكل شبه كامل، مثل مخيم جنين في الضفة الغربية، ومخيم رفح في قطاع غزة.
بنى تحتية ضعيفة
على صعيد الحياة العامة والعقبات داخل المخيمات، بالنسبة إلى عضو الهيئة الإدارية في مركز الشباب الاجتماعي في مخيم الجلزون في محافظة رام الله والبيرة محمد حمدان، فإن أبرز المشاكل التي يعاني منها المخيم غياب أدنى مستويات الحياة الكريمة، فنسب البطالة والفقر مرتفعة، أما عمرانياً فمساحة البناء محدودة، وتكلفة شراء الأرض باهظة، ما يعني المزيد من البيوت المتراصة، ما يثير الكثير من المشاكل الاجتماعية والضغوط النفسية ويقلل من خصوصية الأسر والأفراد.
يشير أبو هولي إلى أن سكان المخيمات يعانون من مشاكل اقتصادية كبيرة تفاقمت في الآونة الأخيرة، في ظل الإغلاقات المتعلقة بانتشار كورونا، خصوصاً أن جزءاً كبيراً منهم لا يعمل في إسرائيل بل محلياً، وهذا يعني أضراراً مادية كبيرة، وارتفاع نسبة البطالة بين أبناء المخيم، وازدياد عدد الأسر التي تعيش تحت خط الفقر، إضافة إلى الآثار المترتبة من انخفاض الدعم لوكالة الغوث، ما دفع الأخيرة إلى تقليص الخدمات المقدمة للمخيمات، ومن ثم إعلان خطة السلام الأميركية ومحاولة إنهاء عمل وكالة الغوث.
أما صحياً فتفتقر بعض المخيمات إلى المعدات والمرافق الصحية التي تضم التخصصات اللازمة، وهذا بدا جلياً في زمن كورونا، كما أن البيوت المتراصة وتراكم الرطوبة وغياب البنى التحتية في بعض المناطق قد يفاقم المشاكل الصحية، والإهمال يطال أيضاً الجوانب الثقافية والفنية، فبعض المخيمات يفتقد للمؤسسات الثقافية ومراكز الأطفال.
"صور نمطية"
تنتشر صور نمطية عن ساكني المخيمات، وهي الفوضى الأمنية واستخدام السلاح، لكن هذا الأمر ينفيه حمدان، مشيراً إلى أنها مجتمعات كغيرها، فيها الملتزمون بالقانون والخارجون عنه، وإلصاق هذه الصفات بهم يزيد من الضغوط الاجتماعية والبطالة والخوف منهم، أما بالنسبة إلى الشاب سند الشوبكي من مخيم عسكر الجديد في نابلس، فالنمطية هذه قد تؤدي إلى عدم قبول بعض العائلات زواج أبنائهم أو بناتهم بشخص من سكان المخيمات، أو معاملتهم بدونية وعنصرية أحياناً.
ويتابع الشوبكي، أن النظرة الدونية التي يتعرض لها سكان بعض المخيمات قد تدفعهم إلى اتخاذ ثقافة البلطجة، ومحاولة إثبات الذات بالقوة، وهذا ظهر جلياً عند رفضهم محاولة قوات الأمن فرض الإغلاق في بعض المخيمات بسبب كورونا، أو قد ينعكس ليكون أثره إيجابياً ويشكل حافزاً لهم لزيادة درجاتهم العلمية والثقافية وإثبات ذواتهم في مجالات متعددة.
يختلف البعض في رؤيتهم إلى آلية إصلاح المشاكل الموجودة، منهم يرى أن الحلول تكمن في توجيه اهتمام أكبر إلى الجوانب العلمية والثقافية والصحية، وإصلاح البنى التحتية لتصبح صالحة للعيش بشكل أكبر، واستغلال الطاقات الشبابية الموجودة في الأعمال التطوعية وغيرها، ومنهم الآخر يرفض هذا الأمر، ويرى أن في تحسين ظروف معيشة اللاجئين محواً لحقهم في العودة، وأن المخيمات يجب أن تبقى كدليل على سكنهم المؤقت، فبيوتهم ليست هنا.
اللاجئون والنازحون في الأردن من 57 جنسية ويشكلون ثلث السكان
وسط محيط ملتهب وغير مستقر، وجد العديد من اللاجئين والنازحين من الدول المجاورة ضالتهم في الأردن للبحث عن حياة ومستقبل أفضل لهم ولأولادهم.
وعلى الرغم من ضعف الإمكانات والاقتصاد والبنى التحتية، يشكل اللاجئون في ما نسبته 31 في المئة من مجمل السكان، يتوزعون على 57 جنسية مختلفة، ويعيشون جنباً إلى جنب مع الأردنيين بهدوء وأمان مع بعض العقبات التي تعتري حياتهم.
يُصنف الأردن كثاني أعلى دولة في العالم من حيث عدد اللاجئين وفق بيانات الأمم المتحدة، لكن الحديث اليوم بالدرجة الأولى عن اللاجئين السوريين في البلاد بعدما تحول معظم اللاجئين الفلسطينيين إلى مواطنين.
السوريون أولاً
يحتل اللاجئون السوريون المرتبة الأولى من حيث العدد ثم الفلسطينيون، وثمة جنسيات أخرى تضم الليبيين والسودانيين وحتى الصوماليين وبأعداد أقل. وتتعدد أسباب اللجوء والهجرة إلى هذه البلاد، أبرزها انعدام الأمن، ويُشكل ما نسبته 55 في المئة من مجموع المهاجرين واللاجئين، بينما قدم 20 في المئة منهم إليها للعمل والدراسة، وتحتل العاصمة عمّان المرتبة الأولى من حيث تواجدهم تليها مدينة إربد ثم الزرقاء.
ومع وجود ثلاثة مخيمات للاجئين السوريين في الأردن، فإن معظمهم يعيشون خارجها ويندمجون بشكل كامل مع المواطنين في مناطق سكنهم.
أكبرها، مخيم الزعتري الذي أنشئ عام 2012 ويضم أكثر من 70 ألف شخص، من أصل نحو مليون و390 ألف لاجئ سوري في البلاد.
معاناة اقتصادية واجتماعية
يعاني معظم أسر اللاجئين في الأردن اقتصادياً لعدم توفر فرص العمل وارتفاع نسبة الأميّة بينهم، إضافة لترؤس النساء أغلب العائلات اللاجئة ورعايتها وإعالتها.
وتدعو منظمات حقوقية إلى شمول اللاجئين في البلاد ببرامج الحماية الاجتماعية وتوفير احتياجاتهم الاقتصادية والصحية ودعم الفئات الأضعف بينهم ككبار السن والأطفال وذوي الإعاقة.
لكن الحكومة تواجه تحديات في تقديم الخدمات لمواطنيها، ما يصعب عليها مهمة تجويد حياة اللاجئين على أراضيها، بخاصة مع تراجع مصادر التمويل والدعم من المجتمع الدولي، بالإضافة إلى الضغط المتزايد على الموارد المحدودة للمصادر المائية، والخدمات العامة، والنمو الاقتصادي، وفرص العمل، وزيادة العجز في الموازنة والدين العام.
ويواجه اللاجئون تحديات ومخاطر اجتماعية كثيرة من قبيل زواج القاصرات والهرب من المدارس.
ترحيب وحفاوة شعبية
خلافاً لدول أخرى مضيفة للاجئين، فمن النادر أن تسمع بتعرض هؤلاء الوافدين إلى حوادث اعتداء في الأردن. ويحظى كثير من اللاجئين السوريين على سبيل المثال بترحاب وحفاوة من قبل الشعب الأردني على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد وتراجع فرص العمل.
تكشف دراسة أعدتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة عن ترحيب 94 في المئة من الشعب وتعاطفهم مع اللاجئين.
بينما يقول نحو 73 في المئة منهم أنّهم على استعداد لمساعدة اللاجئين والتبرع لهم، وتشهد المملكة منذ سنوات حملات منظمة لدعم اللاجئين وتقديم التبرعات العينية والنقدية لهم.
كورونا يفاقم المعاناة
فاقمت جائحة كورونا من معاناة اللاجئين في الأردن، وعلى الرغم من وصول الفرق الطبية إلى المخيمات، تسلل الفيروس إليها وسجل نحو ألف إصابة حتى الآن.
وفي دراسة لمنظمة العمل الدولية اتضح أنّ ثلث اللاجئين ممن يعيشون في المملكة؛ فقدوا وظائفهم بصورة دائمة بسبب حظر التجول والإغلاقات التي طالت كل أنحاء البلاد.
وتشير التقديرات إلى أن الجائحة زادت معدلات الفقر بين الأردنيين بنسبة 38 في المئة وفي صفوف اللاجئين بنحو 18 في المئة، مع توقعات أخرى بتزايد الفقر عام 2021.
وفقاً لمفوضية شؤون اللاجئين تعمل 45 منظمة إنسانية لتقديم العون للاجئين، بينما أعلنت الحكومة الأردنية عن حاجتها لنحو 3 مليارات دولار لم يصل منها أكثر من 200 مليون دولار فقط، تتوزع ما بين الخدمات العامة وقطاعات الصحة، والتعليم، والأمن الغذائي.
المخيمات في سوريا سجون داخلية
ملف المخيمات في الداخل السوري ورعاية النازحين، يعد من الملفات الشائكة والعسيرة على الحل، لما يحوي من تجاذبات سياسية وضلوع أطراف دولية لتسييسه، إلا أن واقع تلك المخيمات المظلم والقاتم يبقى أفضل بكثير من النزوح الجديد الذي حدث هذا العام بإدلب إلى أراض تركية، وازداد ثقلاً بعد المعارك المحتدمة في الشمال السوري مثل معركة إدلب، إثر نزوح جماعي إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية المدعومة تركياً.
وسبق ذلك النزوح قبل أكتوبر (تشرين الأول) 2019، عملية "نبع السلام" بعد دخول القوات التركية إلى مناطق سورية، وأعلنت آنذاك أنقرة عن منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً شمال سوريا لوقف خطر التنظيمات الكردية المقاتلة. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نية بلاده توطين ما يربو على 3.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في تركيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، يتركز أهالي المناطق التي اجتاحها الجيش التركي بعد عمليته العسكرية من ويلات النزوح وغالبيتهم من المكون الكردي، في مناطق نفوذ تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية. وفي كلا الحالتين، يتوجس المراقبون بعد إقامة المخيمات أو استيلاء النازحين على بيوت وأراض زراعية واستقرارهم فيها، من تغييرات ديموغرافية تحصل عاجلاً أم آجلاً في الشمال، والشمال الشرقي.
مخيم الهول
في هذا السياق، تتوزع خريطة المخيمات على الأراضي السورية بشكل ثابت في الشمال الشرقي للبلاد في دير الزور، ومنها مخيم الهول في الحسكة (شمال سوريا).
كما يتاخم المخيم الحدود العراقية، والذي أعيد افتتاحه في أبريل (نيسان) من العام الماضي، بعدما أنشئ في العام 1991 وأعيد افتتاحه في 2003 لاستقبال العراقيين النازحين من الغزو الأميركي للعراق.
ويضم المخيم اليوم أُسراً وعائلات لمقاتلي تنظيم "داعش" من نساء وأطفال التنظيم، حيث تقدر الإحصاءات الأممية أن عدد المقيمين في المخيم 64 ألفاً، 94 في المئة منهم أطفال ونساء يعانون الأمراض والرعاية الصحية، لا سيما بعد تفشي "كوفيد-19".
من جانبه، رأى المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، خلال تصريحات صحافية له في أكتوبر الماضي، أن الاختبارات محدودة نسبياً، ولا يزال تفشي المرض على نطاق أوسع يمثل خطراً كبيراً، بينما ذكرت منظمة "يونيسيف" أن فيروس كورونا أثّر في تقديم بعض الخدمات الصحية والتعليمية في مخيم الهول، ودفعها إلى التوقف مؤقتاً، وأدى إلى انخفاض عدد العاملين بالمخيم، في وقت يتفاقم الوضع الإنساني والصحي في أرجائه بعد تفشي أمراض ومضاعفات سوء التغذية.
مخيم الركبان
يقع المخيم جنوب البلاد على الحدود السورية – الأردنية في أرض قاحلة، وسط إشراف أممي، ويقطنه 70 ألف لاجئ تقطعت بهم السبل في الصحراء هرباً من ضربات تنظيم "داعش" في مناطق الجزيرة السورية ومحافظة الرقة، وغالبية نازحيه لم يتمكنوا من الوصول إلى الأردن، فظلوا عالقين داخل المخيم الحدودي.
ويدور سجال سياسي حول المخيّم بين واشنطن وموسكو، إذ تتهم القوات الأميركية بإرسال شحنات أسلحة للفصائل الموجودة فيه بذريعة أنها مساعدات إنسانية. في المقابل، تؤيد أميركا دعوة الأمم المتحدة لإيجاد حل مستدام لمشكلة الركبان وفقاً لمعايير الحماية.
وبينما تقرّ الأمم المتحدة بواقع مرير يعيشه قاطنو الركبان وسط ظروف قاسية من التغذية وندرة مواد التدفئة في الشتاء، ويتحدث المقيمون في المخيم عن إشعال مواد من القمامة وبقايا الأغراض للتدفئة، وهو ما حذرت منه المصادر الطبية لما يحدثه من مشكلات صحية.
في المقابل، أورد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بأن مسحاً أفضى بعد تقويم الحاجات العام الماضي بين سكان الركبان، عن وجود نحو 15 ألف نسمة، 37 في المئة منهم أرادوا المغادرة، فيما أعرب نحو 47 في المئة عن رغبتهم في البقاء، في حين أن الـ 16 في المئة الباقية لم يقرروا بعد.
مخيمات الشمال
تزايد عدد المخيمات المتناثرة في الشمال السوري بعد إغلاق أنقرة الحدود، وعدم دخول مزيد من السوريين إلى ديارها أو إلى مخيمات السوريين بعد اكتظاظها، إذ شهدت الحرب الأخيرة في الشمال بعد معركة إدلب أعداداً من المهاجرين تقدر بمئات الآلاف.
وتتناثر المخيمات داخل الأراضي السورية في مناطق تسيطر عليها المعارضة في ريفي حلب وإدلب، ولا يوجد مخيم واسع ومنظم كما هو حال المخيمات الحدودية للسوريين، بل إنها مخيمات موزعة تحوي آلاف النازحين ومعظمهم من ريف إدلب الجنوبي.
من جانبه، ناشد فريق منسقي الاستجابة في سوريا، ببيان له، المجتمع الدولي والإنساني للإسهام في تأمين الحاجات العاجلة للنازحين والمهجرين ضمن تلك المخيمات، ومواجهة موجة فيروس كورونا المستجد بعدما تجاوزت الحالات الإيجابية ضمن المخيمات الألفي إصابة.
ويروي الناشط الحقوقي رضوان العلي في حديثه عن واقع تلك المخيمات، أنها تفتقد الرعاية الصحية، بخاصة بعد تفشي كورونا وضعف الإمكانات الطبية وبساطتها.
ويضيف أن الخيام التي تغطي النازحين لا تقيهم حرارة الصيف أو برد الشتاء، علاوة على غرق المخيمات في وحل الشتاء القارس، والحاجة إلى دعم غذائي وسط البطالة التي طالت الأهالي ونقص التعليم، داعياً المنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل وتنظيم هذه المخيمات بشكل أمثل.
النزوح في ليبيا يهدد بتغيرات ديموغرافية
متى وكيف يعود أكثر من 300 ألف ليبي إلى منازلهم التي غادروها بسبب الصراعات المسلحة منذ ثورة فبراير (شباط) 2011؟
فأوضاع النازحين السيئة باتت أكبر الدوافع التي يجب من أجلها إنهاء الصراعات المسلحة، في ظل عجز الدولة عن التعويض أو توفير البديل المناسب، وارتفاع الأسعار والتغيرات الديموغرافية بسبب النزوح، مما أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي.
ما السبيل لانتهاء الأزمة؟
يقول الباحث في المنظمة الليبية للسياسات والاستراتيجيات، محمد تنتوش، "إن أزمة النازحين في ليبيا تحتاج حلولاً تفصيلية دقيقة تتجاوز ضرورة تشكيل حكومة واحدة وإنهاء النزاع المسلح إلى ضرورة قيام أجهزة الدولة بمهماتها، مدعومة ببرنامج كامل للعدالة الانتقالية والصلح التام والسلام".
عددُ النازحين مخيف، ويشمل مناطق ليبية مختلفة، وسجل العام 2019 أكثر من 100 ألف نازح بحسب تقديرات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وتعددت أسباب الارتفاع بين انتشار السلاح والنزاعات العائلية والعنصرية القبلية، إضافة إلى المناطقية ودورها في تهجير السكان الذي حدث بطريقتين، بحسب ما يرى الكاتب محمد تنتوش.
ويعتبر أن الطريقة الأولى كانت مباشرة، تمثلت في هجوم مجموعات مسلحة على بعض المنازل أو اختطاف أحد أفراد الأسرة، أما الطريقة الثانية فهي غير مباشرة تمثلت في العنصرية التي واجهت البعض في حياتهم العامة داخل مناطقهم التي ينتمي غالبية سكانها إلى مناطق أو قبائل تمثل الطرف الآخر من النزاع.
نازح بسبب التعذيب
اختطف أفراد مسلحون في طرابلس العام 2012 الصحافي الليبي محمد الهشيم، الذي غادر العاصمة بعد ذلك، وبات نازحاً في مدينة بنغازي.
وعن الأسباب التي أدت إلى نزوحه، يوضح الهشيم "أنه تعرض للتعذيب والتعنيف الجسدي واللفظي". مضيفاً، "عقب قرار المؤتمر الوطني باجتياح منطقة بني وليد، ظهرت في التلفزيون لأنقل التعديات التي قامت بها الميليشيات على المنطقة، واتهمت بأنني مؤيد للنظام السابق، ومن ثم تعرضت للتهديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي والهاتف، ولدى تواجدي بالقرب من ساحة الشهداء فوجئت بأشخاص تابعين لميليشيا الردع الخاصة، اقتادوني إلى مقرهم داخل سجن امعيتيقه، وضربوني بالعصي والركل، وعندما كنت أغيب عن الوعي كانوا يستخدمون الماء البارد لأستفيق، وفي اليوم التالي قال لي عبد الرؤوف كارة أحد القياديين في الميليشيا بأن عملي بهذه الطريقة في الصحافة لا يجوز شرعاً، وبعد خروجي من الأَسر سافرت إلى تونس للعلاج من الضرب الذي سبب لي مشكلات في الكلى".
ويرجح الهشيم عدم قدرته على العودة إلى طرابلس في فترة قريبة، خشية التعرض مجدداً إلى مثل هذه الاعتداءات التي دفعت به نحو النزوح.
كل طرف يريد تحقيق شروطه
عانت كثير من الحالات من نظرة المجتمع لها بسبب نزوحها، وفي هذا السياق تقول الصحافية الليبية هندية العشيبي، "من خلال تعاملي وتواصلي مع كثير من النازحين، أرى أنهم يوصفون بألقاب غريبة مثل أنت أسود في إشارة إلى اللون، أنت غرباوي بما أن أصوله القبلية من الغرب الليبي".
وتشير إلى أن "هناك من ينظر إلى النازح بعين الشفقة والعطف، بينما يرى آخرون أن النازح قادر على تجاوز محنته في يوم ما".
وتأسف هندية على عدم النجاح في المصالحة بين الأطراف المتنازعة، موضحة أن "كل طرف يضع الشروط التي يراها حقاً له، من دون مراعاة الطرف الآخر".
تغيرات اجتماعية خطيرة
من جهة ثانية، يرى الكاتب تنتوش أن التحديات أمام التحول الديموغرافي لن تكون سهلة، مبيناً أن "التغير الذي طرأ كبير في التنوع السكاني نتيجة عمليات النزوح والتهجير في كثير من المناطق، إذ أدى إلى تفريغ مناطق مهمة من سكانها"، معتبراً أن التغير الديموغرافي خطير جداً، لأنه يضعف النسيج الاجتماعي".
تبدو ظروف الحياة اليومية قاسية على النازحين، وكثير منهم لم يستطع الحصول على مسكن، وآخرون عانوا الفقر المدقع. وفي الإطار ذاته، تلوم العشيبي أجهزة الدولة في مختلف أنحاء ليبيا، واصفة إياها بـ "العاجزة عن مواجهة من كانوا سبباً في النزوح والتهجير الداخلي".
مخيمات العراق شواهد على أحداث القتل الطائفي وسيطرة "داعش"
لم يكن وصف الأمم المتحدة للعراق بأنه (التجمع الأكبر للنازحين) مُبالغاً فيه، أو بعيداً عن الحقيقة، إذ شهدت البلاد بعد احتلالها في 2003، موجات نزوح تعددت في أسبابها، وتباينت في أعدادها، فالموجات الأولى للنزوح بدأت بعد حادث التفجير الأول لمرقد الإمامين في سامراء في فبراير (شباط) 2006، وما خلفته هذه الحادثة من اقتتال طائفي، فاضطر كثيرون إلى النزوح، ووصل عدد النازحين داخل العراق بعد أحداث العنف الطائفي، بحسب تقديرات بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) إلى 1.1 مليون شخص، ووصفت هذه الموجة بأنها أضخم حراك سكاني في الشرق الأوسط منذ نزوح الفلسطينيين في أعقاب قيام دولة إسرائيل في عام 1948.
موجات التهجير والنزوح لم تتوقف، ففي يونيو (حزيران) 2014، وتحديداً بعد دخول تنظيم "داعش" وسقوط الموصل، بدأت الموجة الأكثر اتساعاً للنزوح من المحافظات التي سيطر عليها التنظيم، وبلغ عدد النازحين من هذه المحافظات خمسة ملايين نسمة.
عمليات التحرير
ومع انطلاق عمليات التحرير وإنهاء وجود تنظيم "داعش" بدأت العوائل النازحة بالعودة تدريجياً لمناطقها الأصلية، ويقول الناطق باسم وزارة الهجرة والمهجرين، والمدير العام لدائرة شؤون الفروع للوزارة، علي عباس، إن عدد المخيمات حتى عام 2016 بلغت 174 مخيماً تضم العوائل التي عجزت عن إيجاد مساكن لها بسبب أوضاعها الاقتصادية الصعبة، أو لتعذر اندماجها في مناطق النزوح.
ويوضح عباس أنه مع تحرير المناطق بدأت مرحلة إغلاق المخيمات، مضيفاً أن النصف الأول من عام 2020 شهد إغلاق 30 مخيماً في محافظة الأنبار، وأنه تم إغلاق 18 مخيماً كانت تضم سبعة آلاف عائلة في النصف الثاني من العام نفسه.
أما المخيمات المتبقية حتى الآن فعددها 29، ثلاثة منها خارج إقليم كردستان في مناطق جدعة، والسلامية، جنوب نينوى، وعامرية الفلوجة في الأنبار، وتضم هذه المخيمات ستة آلاف عائلة، أما داخل الإقليم فيبلغ عدد المخيمات المتبقية 26 مخيماً، كما يوجد داخل الإقليم أيضاً 10 مخيمات للسوريين، وتضم 24 ألف عائلة.
العودة بشكل طوعي
43 ألف نازح ما زالوا في المخيمات داخل إقليم كردستان وخارجه، ومع بداية عام 2021 ستبدأ وزارة الهجرة والمهجرين بالتنسيق مع سلطات الإقليم والمنظمات الدولية بإعادة هؤلاء. ويوضح عباس أن موضوع إعادة النازحين هو طوعي، إذ لا يمكن إجبار العوائل على العودة إلى مناطقها، لا سيما أن بعض النازحين لديهم مشاكل أمنية، ولا يمكنهم العودة إلى مناطقهم الأصلية، فمثلاً بعض المخيمات تضم عوائل ينتمي أحد أفرادها إلى تنظيم "داعش"، وقد تكون بانتظارها مخاوف من مواجهة عمليات انتقامية، أما المناطق العشائرية فتمكنت جهود المصالحة من احتواء مشاكل الثأر العشائري، وتمت إعادة النازحين إلى هذه المناطق، ولا سيما في ديالي وعزيز بلد ويثرب والإسحاقي.
وهناك مناطق أخرى تسيطر عليها الميليشيات وتمنع الأهالي من العودة، كما في جرف الصخر والعويسات.
ويوضح مصطفى حامد سرحان، مدير الهجرة والمهجرين فرع الأنبار، أن المحافظة تضم حالياً مخيماً مركزياً واحداً فحسب، وهو مخيم عامرية الفلوجة الذي يضم 980 عائلة.
ولا بد من الإشارة إلى أن وزارة الهجرة والمهجرين قامت مع المنظمة الدولية للهجرة "IOM" ببناء 1300 دار في نينوى، و300 في الأنبار، وزودت المحافظات المحررة بـ"كرفانات" لتحل محل البنايات الحكومية المدمرة، وتستمر الوزارة بتقديم المساعدات لكل العوائل العائدة والمسجلة كعائلة نازحة لمدة سنة قابلة للتجديد.
كل هذه الجهود لا يمكن أن تعيد ما دمرته الحرب، فالمناطق المحررة من تنظيم "داعش" خسرت خلال حرب التحرير 200 ألف وحدة سكنية، فضلاً عن المباني الحكومية.
لبنان: من 15 خيمة إلى مليون ونصف نازح سوري
في ظل غياب خطة متكاملة لمعالجة أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، باتت المخيمات تتكاثر بشكل عشوائي من دون ضوابط ولا تنظيم. هذه المشكلة تزداد سوءاً كل عام وتظهر هشاشة الدولة في إدارة الأزمات ومعالجتها. وبدلاً من أن يكون وجود اللاجئين أمراً إيجابياً لخدمة المصلحة العامة، يتم استغلالهم كورقة للضغط، خصوصاً أن الديموغرافيا تلعب دوراً مهماً في تغيير الواقع السياسي المحلي، ما يفاقم الأعباء الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
نشأة المخيمات
قبل اندلاع الحرب في سوريا، كان عمال سوريون يعملون في الزراعة، قرب الحدود اللبنانية - السورية، يعيشون في مخيمات خصوصاً في منطقتي عكار وسهل البقاع. ويشير رئيس اتحاد الجمعيات الإغاثية في لبنان حسام الغالي إلى "إنشاء 15 خيمة، في حينها، ازدادت تدريجاً لتصل إلى 30، بعلم السلطات اللبنانية وموافقتها".
هذه المخيمات كانت مفتاح استقرار غالبية اللاجئين السوريين في لبنان بعد هجرتهم القسرية من بلادهم، إذ سجل دخول حوالى مليوني لاجئ على دفعات.
ويقول الغالي، "في بداية الأزمة، عام 2012، دخل إلى لبنان 100 ألف سوري من أكثر العائلات ثراء، بحيث امتلأت كل فنادق سهل البقاع، وضخت أموالاً بالعملة الصعبة وصلت إلى ملايين الدولارات، لكن السلطات اللبنانية اتخذت إجراءات قاسية لمنعهم من إنشاء المصانع وفتح حسابات مصرفية والعمل في لبنان، الأمر الذي أدى إلى هروب رأس المال السوري فوراً إلى الدول الأوروبية والعربية كما إلى تركيا"، معتبراً أن لبنان خسر "فرصة تاريخية" كان يمكن أن تجنبه أزمته الحالية.
وأشار إلى أن "الدفعة الثانية من اللاجئين السوريين، بين عامي 2012 و2013، هي الأكبر وكانت من الطبقة الوسطى التي تتألف من الأطباء والمهندسين"، معبّراً عن أسفه للتعامل بقسوة معهم "إذ عملت السلطات على التضييق عليهم من خلال منعهم من العمل وعدم إعطائهم إقامات وأوراقاً ثبوتية واعتقال البعض منهم".
ويقدر الغالي عدد اللاجئين من الطبقات الفقيرة الذين دخلوا إلى لبنان بنحو 900 ألف.
وتشير المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، في لبنان، ليزا أبو خالد إلى أن "أقل من 20 في المئة من اللاجئين السوريين يعيشون في تجمّعات خيم، ليست رسمية"، مؤكدة أن "المفوضية لم تسهم في إنشائها، بل هي نتيجة نزوح المزارعين السوريين قبل اندلاع الثورة عام 2011".
وتقول إن "الخيم ليست لها أي صفة رسمية، كما في الأردن أو دول أخرى ولا تتبع أي معايير معينة، بل نشأت بشكل حر ومستقل. وعلى الرغم من ذلك، نحاول قدر المستطاع تأمين الخدمات الأساسية الإنسانية، كحقهم في الحصول على المياه النظيفة والحمامات وتوزيع الستائر البلاستيكية التي تمنع تسرب المياه داخل المخيمات في فصل الشتاء". وبحسب أبو خالد، فإن "عدد المسجلين بشكل رسمي مع المفوضية هو 879.529 لاجئاً، أما غير المسجلين فيتراوح عددهم بحسب تقديرات الحكومة اللبنانية بين 300.000 .1 و 1.500.000".
أعباء اللاجئين
وعلى الرغم من تنويه الغالي، بإيجابيات الوجود السوري، من خلال "ضخ أموال بالعملة الصعبة" في إطار الدعم الدولي للاجئين والمجتمعات المضيفة، مثل تخصيص 200 مليون دولار أميركي للاستثمار في تعليمهم، إلا أن العدد الكبير له تأثيرات عدة في الصعد كافة.
في الشق الاجتماعي، أشار الغالي إلى أنه "بسبب غياب الدولة، ارتفعت نسبة التسرب من المدارس إلى 60 في المئة"، لافتاً إلى أن "المدارس الرسمية استطاعت استيعاب 100 ألف تلميذ سوري من أصل 400 ألف، على الرغم من ضخّ أموال كثيرة لهذا القطاع، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الأمية في المجتمع الأمر الذي ينذر بكارثة اجتماعية".
من الناحية الأمنية، رأى الغالي، أن "الجماعات الإرهابية كتنظيميْ داعش والنصرة عندما شاركا في الحرب في سوريا سببا لنا مشاكل عدة، خصوصاً في منطقة عرسال (البقاع اللبناني)، إذ اتخذت كرهينة وبالتالي بدأوا ينتشرون من هناك واستخدموا اللاجئين السوريين في القتال".
وقد أثر العبء الأمني في زيادة الخسائر الاقتصاديّة، إذ أكد أن "استنفار الجيش والقوى الأمنية بشكل كبير في تلك الفترة استنزف من ميزانية الدولة كثيراً"، مشيراً في الوقت عينه إلى خسارات اقتصادية أخرى في البنى التحتية والخدمات والبيئة.
90 في المئة تحت خط الفقر
وفقاً لعمليات التقييم التي أجرتها المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي و"يونيسف"، يعيش حالياً حوالى 90 في المئة من اللاجئين السوريين في لبنان تحت خط الفقر المدقع، في حين بلغت هذه النسبة 55 في المئة في العام الماضي. يعيش هؤلاء بأقل من 308.728 ليرة لبنانية (نحو 200 دولار وفق سعر الصرف الرسمي للعملة الأميركية) للفرد الواحد شهرياً.
وأشارت أبو خالد إلى أنه "منذ أبريل (نيسان) 2020، ومن أجل التعويض بشكل جزئي عن التضخم المفرط الحاصل، زيدَت المساعدة النقدية الشهرية التي تقدمها المفوضية مع شركائها من 0.00260 (نحو 171 دولاراً) إلى 400.000 ليرة (نحو 263 دولاراً) للأسرة الواحدة شهرياً، في حين زيدت المساعدة الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي من 40.000 ليرة شهرياً (نحو 26 دولاراً) إلى 100.000 (نحو 65 دولاراً). وقد جرى ذلك بالتشاور مع السلطات اللبنانية لضمان التوافق مع برامج المساعدة الاجتماعية للبنانيين الأشد فقراً".
ولفتت إلى أنه "من خلال التمويل المتاح حالياً للمساعدات الإنسانية، لا يمكننا الوصول سوى إلى 31 في المئة من العدد الإجمالي لعائلات اللاجئين السوريين وتزويدهم بدعم نقدي وغذائي شهري، بينما يزود 17 في المئة آخرين بمساعدات غذائية فقط".
وأضافت "عمدنا إلى توسيع نطاق شبكة الأمان قدر الإمكان هذا العام من أجل شمل مزيد من الأسر، نظراً إلى زيادة نسبة الفقر المدقع، كما حاولنا زيادة حجم المساعدة للتعويض جزئياً عن التضخم المفرط، غير أن ذلك لا يزال غير كاف إلى حد كبير".
آفاق
وعما إذا كان هناك أي أفق لحل مشكلة اللاجئين السوريين في لبنان، قال الغالي "اقترحنا على الدولة إنشاء مخيمات رسمية كما في الأردن، على أن تخضع لرعاية المنظمات الأممية من ناحية التعليم والطبابة، ولحمايتهم من الابتزاز الأمني".
ورأى، أن "نصف السوريين يمكن أن يعالجوا مشكلتهم الاقتصادية في لبنان من خلال عودتهم إلى بلادهم"، مشيراً إلى أن "هناك نحو 400 ألف لاجئ من المعارضين للنظام السوري لا يفكرون بالعودة لأن حياتهم في خطر، وبالتالي الحل الوحيد هو الهجرة إلى الخارج".
المخيمات الفلسطينية في لبنان
نشأت المخيمات الفلسطينية بعد نكبة عام 1948 وقد جاء معظم اللاجئين من شمال فلسطين أي من أقضية عكا وحيفا والجليل وصفد. واستقبلتهم الحكومة اللبنانية على الحدود وتم إنشاء خيم مؤقتة لهم إلى حين تم توزيعهم على أراض عدة.
أما بالنسبة لعددهم في لبنان، يشير المسؤول السابق في وحدة خدمات اللاجئين الفلسطينيين في "الأونروا" فادي الصالح إلى أن "هناك زهاء 175 - 200 ألف لاجئ فلسطيني يتوزّعون على 12 مخيماً و156 تجمعاً، و56 في المئة منهم لا يعملون و73 في المئة ضمن معدلات الفقر العام". ولكن بعض القوى السياسية يقول إن العدد يقارب الخمسمئة ألف، لأن الكثير من الأسماء غير مسجلة على القوائم الرسمية.
وبحسب رئيس اتحاد الجمعيات الإغاثية في لبنان حسام الغالي "تتوزّع المخيمات على مختلف المناطق اللبنانية، حيث يوجد ثلاثة في مدينة صور، واثنان في مدينة صيدا (عين الحلوة ومية مية)، وثلاثة في العاصمة بيروت (صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة) ومخيم في منطقة ضبية في شمال بيروت، ومخيم في مدينة طرابلس (البارد والبداوي) ومخيم في بعلبك (الجليل) ومخيم في القرعون".
ويضيف "كل هذه المخيمات لا تزال موجودة إلا مخيم القرعون حيث تم إنشاء بحيرة، غير أن المقابر وآثار المخيم لا تزال موجودة تحتها. أما مخيم ضبية فاندمج مع المناطق اللبنانية وأصبح متداخلاً، فمعظم الذين هم من الطائفة المسيحية تم إعطاؤهم الجنسية اللبنانية. وتطورت المخيمات بعد ذلك لتصبح مجمعات صغيرة مثل مخيم مار الياس في بيروت وغيره في مناطق عدة. ولكن لا شك أن أكبر مخيم هو في عين الحلوة والذي يضم 100 ألف فلسطيني. أما مخيم الرشيدية الذي يقع في صور فهو ثاني أكبر مخيم ويضم 40 ألف لاجئ، ومن ثم البارد والبداوي وبعدها صبرا وشاتيلا".
التقديمات الدولية
وعن التقديمات الدولية، يوضح فادي الصالح أن "أساس التقديمات هي الأونروا ولكن خدماتها خجولة وتتجه إلى التقليص"، مشيراً إلى أنه "يتم ضخ تقريباً بين 12-18 مليون دولار أميركي سنوياً كحد أدنى وهي تشمل رواتب الموظفين في المنظمة والطبابة والتعليم من ضمنها. أما المشاريع التي تُنفّذ داخل المخيمات كإعمار البيوت وتصليح البنى التحتية وشبكة الأمان الاجتماعي، إضافة إلى تقاضي الفرد حوالى 75 دولاراً أميركياً كل ثلاثة أشهر".
عشرات المعسكرات المتنقلة للنازحين في السودان
وفي السودان، لا يختلف الوضع كثيراً عن باقي الدول العربية، اذ على الرغم من كل محاولات إحلال السلام وإنهاء الأزمة في إقليم دارفور بولاياته المختلفة، ظل الإقليم ملتهباً منذ اندلاع الصراع العام 2003، مخلفاً أعداداً غفيرة من النازحين قدّرت بأكثر من مليون نازح، ممن هجروا قراهم إلى معسكرات النزوح المنتشرة هناك، كأحد أبرز معالم البؤس والمعاناة التي يعيشها المدنيون جراء الصراع. وينعقد الأمل الآن في أن يطفئ اتفاق سلام جوبا 2020 الموقع بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح، نيران الحرب إلى الأبد، لتبدأ رحلة النازحين الذين لا يزال يحدوهم كثير من الأمل في العودة لقراهم ومزارعهم مجدداً، عبر برنامج مخصص للعودة الطوعية، وفق ما جاء بنصوص اتفاق آلية مفوضية العودة الطوعية، مع إقرار مبدأ التعويضات لهم.
وبحسب إحصاءات تعود للعام 2018، فإن هناك حوالى 73 معسكراً للنازحين واللاجئين داخل السودان، معظمها في ولايات إقليم دارفور الكبير، و20 معسكراً بولاية وسط دارفور، أبرزها السلام والحميدية والحصاحيصا و أبو ذر ونيرتتي شمال وجنوب، وتضم حوالي 277 ألف نازح، 44153 من الرجال و94535 من النساء، بينما يمثل الأطفال السواد الأعظم البالغ عددهم 138 ألف طفل. وهناك ست معسكرات شمال دارفور أكبرها معسكرات أبو شوك، السلام وزمزم وكساب، وتضم 248542 نازحاً، 77031 منهم رجال و116835 نساء و54671 طفلاً.
كما توجد ست معسكرات بولاية شرق دارفور، أهمها معسكرات النيم والفردوس وشعيرية وياسين، وتضم 92435 نازحاً، أما ولاية غرب دارفور فتضم العدد الأكبر من المعسكرات الذي يبلغ 37 معسكراً للنازحين، أبرزها معسكرات كريدنق وأردمتا ومستري وهبيلا والقردود وفوربرنقا وكلبس وسربا، بينما تستضيف ولاية الخرطوم أربعة معسكرات بمناطق طرفية، أكبرها في الحاج يوسف وأمبدة والوحدة، تضم معظمها لاجئين من دولة جنوب السودان يقدر عددهم بـ 16271 لاجئاً.
معسكرات شرق السودان وموجات اللجوء
وفي شرق السودان، بدأت مع مرور الزمن معسكرات اللاجئين في ولاية كسلا، والتي كانت كلها من إفرازات الحروب الإثيوبية -الإرترية قبل الانفصال، في التفريغ والتجفيف والتحول قرى شبه دائمة، لكن جاءت حرب "تيغراي" الأخيرة لتجدد فتح معظم تلك المعسكرات مجدداً، وإضافة معسكر كبير آخر لها هو أم راكوبة، إلى جانب معسكر الشجراب الدائم ومعسكر المدينة (8) المؤقت بولاية القضارف، الذي يضم 17 ألف لاجئ حتى الآن.
وتجاوز إجمالي اللاجئين الأثيوبيين بمعسكرات شرق السودان حوالى 55 ألفاً، يجري العمل على ترحيلهم إلى معسكرات دائمة، فيما لا يزال تدفق لاجئين جدد مستمراً، لكن على وتيرة أقل بكثير من بدايات القتال في إقليم "تيغراي"، سواء سيراً على الأقدام أو باستخدام الدواب والمركبات والجرارات الزراعية والدراجات النارية.