Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسلحون متشددون يقطعون رأس راع تونسي

عملية إرهابية جديدة تعمق الأزمة في البلاد ورئيس الوزراء يقول إن هذا الفعل لن يمر من دون عقاب

تنفذ القوات التونسية عمليات في سلسلة جبال القصرين وجبل سلوم لطرد مسلحي تنظيم متحالف مع "داعش" (غيتي)

أطل الإرهاب برأسه مجدداً في تونس، حيث اهتزت منطقة السلاطنية من محافظة القصرين، يوم الأحد 20 ديسمبر (كانون الأول) 2020، على نبأ مقتل الراعي عقبة بن عبد الدايم الذيبي، بعد أن قامت مجموعة مسلحة بقطع رأسه.

وانتقلت إثر ذلك وحدات أمنية وعسكرية إلى المنطقة، للقيام بعمليات تمشيط من أجل تعقب مرتكبي الجريمة. وكلف رئيس الحكومة هشام المشيشي وزير الداخلية توفيق شرف الدين، زيارة القصرين وتقديم واجب العزاء لعائلة الذيبي.

كما أعطى رئيس الحكومة تعليماته لوزيري الدفاع والداخلية، بتكثيف الجهود للكشف عن ملابسات العملية، وعن مرتكبيها والمخططين لها، مؤكداً أن الحرب على الإرهاب يجب أن تتواصل بلا هوادة، وبنفس العزيمة للقضاء على كل من يتربص بأمن تونس والتونسيين. وقال المشيشي إن هذا الفعل لن يمر من دون عقاب.

كما نددت رئاسة مجلس النواب باستهداف المواطنين، مجددة ثقتها في القوات العسكرية والأمنية في التخلص من بقايا الإرهاب، والسهر على حماية الوطن والمواطنين، داعية نواب الشعب، وجميع القوى السياسية، والشعب التونسي، إلى التوحد لمجابهة الإرهاب.

ويعتبر سكان المناطق الحدودية، وخاصة الرعاة منهم، عرضة لمثل هذه العمليات، حيث سبق لهذه المجموعات المسلحة أن قامت بتصفية كل من محمد المخلوفي (2019)، ثم خليفة السلطاني (2017)، وشقيقه مبروك السلطاني (2015)، في محافظتي سيدي بوزيد (الوسط) والقصرين (غرب).

العملية تستثمر في أزمة تونس

فما أبعاد هذه العمليات التي تستهدف سكان المناطق الحدودية من المواطنين العزل؟ وما مسؤولية الدولة في توفير الحماية لهذه الفئة من المواطنين؟

الأكاديمي والمتخصص في الإسلام السياسي والجماعات المسلحة، عبيد الخليفي، أكد أن "هذه العملية تأتي في سياقات الأشكال الممكنة للعمل الإرهابي، فبعد عملية بن قردان (2016)، اقتصر العمل الإرهابي على شكلين للتوحش، وهما: شكل العمليات الانغماسية الفردية في المدن، وشكل الذبح والترويع على سفوح الجبال".

وقد جاءت عملية ذبح الذيبي لتزيد من تأزم الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، وتصاعد موجة الحركات الاحتجاجية الاجتماعية،، وشدد الخليفي على أن هذه الجماعات تدرك أن "الدولة التونسية تعيش مرحلة الدولة الرخوة العاجزة عن تدبير الشأن العام سياسياً وأمنياً واقتصادياً وصحياً، ولذلك تسعى للمبادرة على الميدان لإثبات وجودها"، واعتبر أن في هذه العملية "رسالة لترويع المدنيين في تلك الربوع، حيث عجزت الدولة عن وضع تصور استراتيجي لحماية المواطنين في المناطق النائية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تنمية المناطق الحدودية 

من جهته، دعا أستاذ التاريخ المعاصر المتخصص في التاريخ العسكري والجماعات الإرهابية، فيصل الشريف، الدولة إلى الاستثمار في تلك المناطق من أجل تثبيت سكان تلك المناطق الحدودية في أرضهم، من خلال تمكينهم من موارد الرزق حتى لا يعولوا فحسب على التهريب الذي اعتبره مرتبطاً بالإرهاب.

كما دعا القوات الأمنية والعسكرية التي تتعقب المجموعات الإرهابية في تلك المناطق إلى "تكوين رصيد معلوماتي قوي، لمعرفة من يتعامل مع هؤلاء الإرهابيين، من أجل قطع الإمدادات اللوجستية والمعلوماتية عنهم، ومن أجل حماية سكان تلك المناطق باعتبارهم في الخط الدفاعي الأول عن البلاد". 

كما شدد الشريف على ضرورة إشراك سكان تلك المناطق في تكوين شبكة معلوماتية حول تلك المجموعات ومن له علاقة بهم من قريب أو من بعيد من أجل محاصرتهم.

تقصير في حماية السكان

وأقر الشريف بوجود تقصير في حماية سكان تلك المناطق، وخصوصاً المتعاونين مع القوات الأمنية والعسكرية، داعياً إلى مساعدة هؤلاء حتى لا تستقطبهم المجموعات الإرهابية أو تقايض أمنهم بالتعاون معهم.

ولم يستبعد أستاذ التاريخ المعاصر أن تكون لهذه المجموعات حاضنة اجتماعية في تلك المناطق، وما استمرارها إلا دليل على وجود من يقدم إليها المساعدات اللوجستية والتموين، وأيضاً المعلومات.

وأشار إلى أن هذه المجموعات تعرف تفاصيل تلك المناطق، وتمكنت من تصفية الراعي الأعزل، لترسل رسالة مفادها أنها موجودة، وتتحرك بحرية وقادرة على تصفية من تعتبرهم أعداءً لها، وهي أيضاً رسالة ترهيب وتهديد لكل من يتعامل مع القوات الأمنية والعسكرية في المنطقة، ما يؤشر في تقديره إلى أن هذه المجموعات وليدة تلك المناطق، ولها معرفة عميقة بمن يتعامل مع الأمن.

وحول قطع رأس الراعي بعد قتله، أكد محدثنا أن في ذلك نوعاً من التشفي والتهديد لكل من تسول له نفسه التعامل مع الوحدات الأمنية والعسكرية، داعياً الدولة إلى ضرورة توفير الحماية لسكان تلك المناطق. 

وقامت قوات الأمن التونسية بعدد من العمليات الاستباقية في المناطق الجبلية الحدودية مع الجزائر لتعقب الإرهابيين المتحصنين فيها، وتمكنت من القضاء على عدد من الإرهابيين ممن شاركوا في عمليات قتل وذبح رعاة، بالمناطق الجبلية في محافظة القصرين، في مارس (شباط ) عام 2019. 

وتقدر السلطات التونسية عدد المقاتلين الفعليين لمجموعة "كتيبة عقبة بن نافع" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي، والتي تنشط في المناطق الجبلية في وسط تونس بما بين 100 و150 من المسلحين.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي