Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تتفادى الأحزاب المغربية التعليق على السلام مع إسرائيل؟

 الأطياف السياسية أمام حالة من الترقب والرباط تؤكد أن قرارها سيخدم القضية الفلسطينية 

أعلن المغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل  (أ ف ب)

اتسمت ردود أفعال الأحزاب المغربية بالغموض، بشأن اتفاقية السلام بين المغرب وإسرائيل، جراء إعلان الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب اعترافه بسيادة الأولى على الصحراء الغربية، وإنشاء علاقات دبلوماسية بين البلدين.

تنويه وغض طرف

واكتفت أغلب الأحزاب في البلاد، سواء المشكّلة للائتلاف الحكومي أو المعارِضة، بالترحيب بالاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء، مع تفادي الحديث عن اتفاقية السلام بين البلدين، مكتفية بالتأكيد على ما جاء في بيان القصر الملكي بشأن "الالتزام الدائم والموصول للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة، وانخراطه البنّاء من أجل إقرار سلام عادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط"، وأن المغرب "يدعم حلاً قائماً على دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في أمن وسلام".

وكان البيان قد أشار إلى أنه "اعتباراً للدور التاريخي الذي ما فتئ يقوم به المغرب في التقريب بين شعوب المنطقة، ودعم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ونظراً للروابط الخاصة التي تجمع الجالية اليهودية من أصل مغربي، بمن فيهم الموجودون في إسرائيل، تعتزم البلاد تسهيل الرحلات الجوية المباشرة لنقل اليهود من أصل مغربي والسياح الإسرائيليين منها وإليها، واستئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية في أقرب الآجال"، بالإضافة إلى "تطوير علاقات مبتكرة في المجال الاقتصادي والتكنولوجي. ولهذه الغاية، العمل على إعادة فتح مكاتب للاتصال في البلدين، كما كان عليه الشأن سابقاً لسنوات عديدة إلى غاية 2002".

اعتبارات عديدة

وأكد مراقبون أن تفادي الأحزاب المغربية الحديث عن مستقبل العلاقات بين البلدين يرجع إلى عدد من الأسباب، أشار إليها عز الدين العزماني، الباحث المغربي في العلوم السياسية والأكاديمي في جامعة ترينيتي بكونكتكت الأميركية، بقوله، ثمة تفسير بإمكاننا الاستناد إليه في فهم سبب الصمت إزاء الاتفاقية لصالح التركيز على مشهد الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء، أولها أن الربط بين مطلب الوحدة الترابية وشرط الاتفاقية أسهم في إحراج حقيقي للجميع، وتولد عنه غموض وانكفاء في الموقف وانتظار لما ستؤول إليه الأمور. ويتمثل الثاني في ما يبدو أنه إستراتيجية الدولة للتركيز على مكسب الاعتراف وتهميش معطى الاتفاقية، باعتبار أنه ليس جديداً وإنما تجدد لمسار سابق، مشيراً إلى أن الأحزاب المغربية تعرف أن تدبير ملف الوحدة الترابية يدخل في المجال المحفوظ للملك، وليس لها غير تبني التوجهات المُعلنة ذاتها.

ويتمثل السبب الثالث، بحسب العزماني، في كونه مرتبطاً بحزب العدالة والتنمية، الذي كان من أهم الاصوات في المشهد الحزبي التي تعتبر الاتفاقية تهديداً أمنياً وهوياتياً للمغرب، الأمر الذي قاد عملية اقتراح قانون لتجريم الاتفاقية مع إسرائيل في سنته الأولى من الحكم، هذا الحزب يوجد حالياً في آخر ولايته الحكومية، وهو يريد أن يثبت قدرته على التكيف مع الخيارات البراغماتية للدولة إلى أبعد مدى ممكن.

أما السبب الرابع، فيتعلق بما يظهر أنه "موقف حازم من الدولة ضد أي تعبئة سياسية وحقوقية معارضة الاتفاقية، التي على الرغم من ظروف الجائحة فإن المؤشرات بينت أن هناك رفضاً شعبياً ومدنياً قوياً للخطوة، وهو ما يؤكد نتائج استطلاعات الرأي التي أنجزت في هذا الشأن، وأوضحت أن 3 في المئة فقط من المغاربة، يؤيدون إنشاء علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ومعظم المعارضين، لا يقدمون حججاً دينية في رفض التطبيع، وإنما حججاً سياسية وحقوقية تتعلق بالاحتلال وبعنف الدولة الإسرائيلية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 تنديد

في حين، أعلنت أحزاب قليلة ومنظمات مساندة للقضية الفلسطينية تنديدها بالاتفاقية، بينها منظمة شباب "حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي"، إذ أعربت عن رفضها لمحاولة ربط الاتفاقية بقضية الصحراء غير القابلة للمقايضة تحت أي مبرر، وأكدت المنظمة أن القضية الفلسطينية هي أيضاً وطنية مثل نظيرتها في  الصحراء الغربية.

من جانبها وصفت "جماعة العدل والإحسان" المغربية المحظورة، الاتفاقية  بـ"طعنة للقضية الفلسطينية وخذلان للشعب الفلسطيني"، بينما نوهت حركة التوحيد والإصلاح (الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية) بالجهود الوطنية المبذولة دفاعاً عن وحدة المغرب، وأكدت موقفها الرافض والمستنكر للاتفاقية.

من جانبها أكدت الحكومة المغربية ضرورة احترام جانب السياق في وضع التوصيفات، مؤكدة أن اليهودية هي جزء من الهوية المغربية، وأن خطوة إعادة العلاقات مع إسرائيل تهدف إلى خدمة القضية الفلسطينية، حيث أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أنه "يجب الابتعاد عن استعمال مفاهيم غير متماثلة مع السياق المغربي، فدستور المغرب ينص على أن الرافد العبري أحد روافد الهوية المغربية، والمغرب اعترف بإسرائيل منذ التسعينيات"، مُعتبراً أن بلاده "توظف كل ما يجري في خدمة القضية الفلسطينية من منطلق ثوابت واضحة".

من جانبه يعتقد الباحث في العلوم السياسية أن الأطياف السياسية والمجتمعية، على ما يبدو، أمام حالة من الدهشة والانتظار، وقد تتولد مبادرات تطالب بإطلاق مبادرات حقوقية وسياسية تسمح بالتعبير عن معارضة هذا الخيار، خاصة إذا بدا في الأفق القريب تسارع لوتيرة الاتفاقية على حساب تحقيق مكاسب عملية من الاعتراف الأميركي بالسيادة المغربية على الصحراء.

انقسام في الآراء

 في حديثه عن الاتفاقية يعتبر الكاتب والباحث المغربي نور الدين البكراوي، على رغم أن الشعب المغربي تاريخياً يدافع عن القضية الفلسطينية ولا يتأخر في نصرتها، فإن الاتفاقية اصطدمت بأكثر قضية تشغل بال المغاربة وتؤرقهم منذ ما يزيد على أربعين سنة، الشيء الذي فتح شقاً كبيراً بينهم، وجعلهم منقسمين في الآراء بين مؤيد ومعارض لها.

ويرى البكراوي أن "الداعمين للقرار السيادي للدولة ومصالحها العليا، يرون أن الرئيس الراحل ياسر عرفات والحالي أبو مازن وجل القيادات الفلسطينية أيدوا السلام مع إسرائيل"، معتبراً أن "من يجدون السلام معها أمراً جيداً، يرون أن المغرب لا بد له من إنهاء هذا الصراع الذي أثقل كاهل الدولة وشعبها ولا يزال، ودرء الخسائر وما يهدد وحدتها وسلامة أراضيها ضرورة تاريخية، وهم يتمسكون بأن هذه الاتفاقية مجموعة من العلاقات الدبلوماسية والتجارية والثقافية كسائر العلاقات الأخرى مع الدول الإمبريالية، التي أراقت دماء المسلمين والعرب واستغلتهم طيلة عقود".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير