Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قذيفة إسرائيلية تدمر منزل عريس في غزة قبل يوم من زفافه

قيادة الجيش تقول إن الصاروخ أطلق عن طريق الخطأ أثناء تدريبات على رفع النشاط العملياتي

خلفت القذيفة أضراراً كبيرة في منزل عريس فلسطيني قبل زفافه بيوم (اندبندنت عربية – مريم أبو دقة)

قرابة ثلاثة أعوام استغرق الفلسطيني محمد النسر لتجهيز منزل متواضع، استعداداً للحظة التي يصبح فيها عريساً. وفي اليوم الأخير الذي يسبق حفل الزفاف طلبت منه والدته مرافقتها إلى السوق لشراء بعض المستلزمات المتبقية. هذا الخروج الطارئ من المنزل كان السبب في إنقاذ حياتهما، من موت كان يتربص بهما خلف الأبواب.

وبعد نحو ساعات من مغادرة محمد وأمه المنزل الواقع في منطقة جحر الديك، وسط غزة، والقريبة جداً من الحدود مع إسرائيل، سقطت قذيفة أطلقت من دبابة عسكرية تتمركز على الحدود الفاصلة مع القطاع، مخلفة دماراً كبيراً في البيت الصغير.

تدمير

فرحاً، أنهى محمد متطلبات حفل زفافه كلها، وفي طريق عودته إلى البيت تسامر مع والدته كثيراً عن تعبه لسنوات في تجهيز الشقة الصغيرة، وفور وصوله كانت الصدمة، عندما رأى جدران المنزل آيلة للسقوط، وثمة دمار كبير لحق بالبيت، جعله غير صالح نهائياً للسكن.

أطال النظر في الحجارة وكأنه يخاطبها، تنهد الصعداء وقال بلهجته العامية "مين عمل هيك، كيف تدمر البيت، ضاع تعبي قبل يوم واحد من فرحتي الكبرى، شو عملت لإسرائيل عشان تدمر حلمي؟".

فبسبب القذيفة الإسرائيلية، انهارت جدران المنزل، وسقطت أجزاء من السقف المصنوع من الألواح المعدنية وتخلعت كل أبوابه، وسببت الشظايا المتطايرة خرقاً في ثلاجته، وأحرقت غرفة النوم والكثير من أثاث البيت الريفي.

من دون قصد

تبرر إسرائيل ذلك بأن القذيفة سقطت عن طريق الخطأ على القطاع، وأنها لم تقصد تدمير أي شيء في القطاع، وجاء ذلك أثناء تدريبات على رفع النشاط العملياتي، وفقاً لبيان صحافي نشره الجيش على صفحته في "تويتر" جاء فيه: "أطلقت دبابة نيرانها عن غير قصد باتجاه غزة، وهذا الحادث قيد التحقيق"، دون مزيد من التفاصيل.

جرت العادة أن تجري إسرائيل تدريبات عسكرية تحاكي حرباً على القطاع منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، وذلك لاختبار مستوى التنسيق بين الوحدات والفروع في جيشها، ولزيادة نشاطهم العملياتي، وعززت وجود العسكريين المجندين والمدرعات والطائرات قرب الحدود مع غزة.

هذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها جنود إسرائيل النار باتجاه القطاع، عن طريق الخطأ، إذ تكرر ذلك قبل ثلاثة أسابيع، حين سقطت قذيفة مشابهة على منطقة زراعية شمال القطاع، وكذلك فتحت مدرعات عسكرية نيران أسلحتها الرشاشة باتجاه المزارعين، وكل ما سبق تقول قيادة تل أبيب إنه "من دون قصد".

وفي التفاصيل، فإن الكتيبة 75 من اللواء السابع في الجيش الإسرائيلي استبدلت بكتيبة 74 في موقعها على الحدود، وكجزء من الدخول وتسلم المهمة نفذت القوات تدريبات استبدال الموقع، وجرى خلالها إطلاق القذيفة بالخطأ، في حين تعتقد إسرائيل أن المبنى الذي سقطت عليه القذيفة مهجور، وفقاً للجيش.

بيت ريفي

في الحقيقة، تقع قرية جحر الديك التي يعيش فيها محمد وسط قطاع غزة، وتلاصق السياج الحدودي مع إسرائيل. ومن باحة المنزل، يمكن بالعين المجردة مشاهدة السياج الحدودي الفاصل بين المنطقتين، وهناك يجري الجنود يومياً أعمال رصد لتلك المنطقة. ويقول محمد صاحب المنزل: "يدرك الجنود جيداً أن المبنى غير مهجور، فهم يتابعون تحركاتنا باستمرار".

أثث محمد بيته بأشياء بسيطة جداً، فالمنزل عبارة عن طبقة واحدة، سقفها من الإسبستوس، وفيه غرفتان فقط، ومطبخ بأدوات متواضعة (ثلاجة وغاز فقط)، وفناء صغير، يقول إنه كافح طويلاً من أجل الحصول عليه، قبل أن تدمر تلك القذيفة أحلامه.

ووفقاً لمحمد، فإن ثمن بيته يقدر بنحو 20 ألف دولار أميركي، وفيه من الأثاث بقيمة ثلاثة آلاف، عمل على مدار ثلاث سنوات في تربية الأبقار، ليكسب رزقه من لبنها وجبنها الذي يصنعه داخل المنزل، وكل ما يحصله يشتري فيه مستلزمات البيت.

ويتابع "ضاع تعب سنوات عملي، نعيش في غزة فترة تدهور أوضاع اقتصادية، وهذا يعني أنني أحتاج لخمس سنوات إضافية لإعادة ترميم البيت، ماذا استفدت من فتح إسرائيل تحقيقاً في قذيفة تدعي أنها سقطت عن غير قصد؟".

خسارة سنوات من العمل

ليس ذلك فحسب ما يثقل كاهل محمد، الذي يشير إلى أن حفل زفافه كان من المفترض أن يتم صباح اليوم التالي الذي دمرت فيه إسرائيل بيته، الأمر الذي دفعه إلى التفكير في تأجيل مراسم الزفاف أو استئجار بيت مؤقت، لكن كلا الخيارين صعب، ففكرة الزواج في غزة تحتاج لقرابة 30 ألف دولار، للمهر الذي يدفع للعروسة، إلى جانب باقي التجهيزات والترتيبات للزفاف، يوضح أنه لا يقوى على هذه التكاليف، وكل ما يحصله من بيع لبن الأبقار وأجبانها لا يزيد على 20 دولاراً في أحسن الأحوال.

تكرار ذلك قد يدفع الفصائل للرد

من جهتها، اعتبرت الفصائل المسلحة في غزة، سقوط القذيفة بالاعتداء المتكرر على المدنيين، وأن ذلك غير مبرر نهائياً، وهذا يدفع إلى الرد العسكري على إسرائيل، لردعها عن تلك الانتهاكات بحقوق المدنيين.

ويقول المتحدث باسم حركة حماس، فوزي برهوم، إنهم لن يصمتوا طويلاً أمام هذه "الاعتداءات بحق سكان القطاع، وإن جميع الفصائل جاهزة للرد العسكري في حال استمرار هذه الانتهاكات غير المبررة". وكانت الفصائل قد اتخذت معادلة القصف بالقصف والاعتداء على المدنيين يتبعه تصعيد، وذلك لحماية السكان، مع الإشارة إلى أن هذه "الهجوم غير المقصود" جاء في وقت تلتزم فيه الفصائل الهدوء المتفق عليه برعاية عربية وأممية مع إسرائيل، لعدم الانجرار لتصعيد عسكري مفتوح، وسط تعهد تل أبيب بتقديم تسهيلات حياتي واقتصادية لغزة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات