Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"سباق العلم": كيف تتغير مفاهيم الأمن والصحة في المطارات؟

"الأنف الإلكتروني" وتطويع حاسة الشم لدى الجراد أبرز التقنيات الواعدة لكشف الفيروسات والمتفجرات والمخدرات

توازي مشكلة الكشف عن كورونا في مطارات العالم أهمية كشف تهريب المتفجرات والمخدرات (أ ف ب)

من أنف اصطناعية معدة من خلايا معدلة وراثياً تنتهج أسلوب "التشمم النشط" الذي تمتاز به الكلاب، إلى "التحكم" بحاسة الشم لدى الجراد وتطويعها، وصولاً لتكنولوجيا كشف المتفجرات والأوبئة معاً، تتبارى الشركات العالمية نحو إعادة تموضعها في عالم المطارات والسفر، بخاصة مع دخول وباء كورونا على خط التحديات الأمنية والمخاطر والتهديدات الصحية منذ ظهوره أواخر العام الماضي في الصين.

تعاظم مخاطر كورونا في قطاع السفر والمطارات أدى بالبعض إلى اعتباره مشكلة توازي أهمية كشف تهريب المتفجرات والمخدرات، مما دفع الباحثين والمتخصصين للعمل على إمكانية تطوير تقنيات تسمح بفحص ملايين الأشخاص، في وقت واحد لا سيما في الأماكن المشتركة حيث تجري الأنشطة الاقتصادية.

"أنف إلكتروني" لكشف المتفجرات والفيروسات

منذ نحو أربع سنوات نجح باحثون أميركيون في تصنيع أنف كلب إلكتروني بغرض تحسين إمكانيات اكتشاف المخدرات والمتفجرات فضلاً عن استخدامها في المجال الطبي للتعرف على بعض أنواع السرطانات والفيروسات. ومع تفشي جائحة كورونا حول العالم، تمكنت، أخيراً، شركة "كونيكو" (Koniku)، وهي شركة ناشئة مقرها في وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا الأميركية، من تطوير هذه التقنية، المعتمدة على أجهزة استشعار عالية التقنية مصنوعة من خلايا حية معدلة وراثياً لاكتشاف الروائح في الهواء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق ما نقلت شبكة "سي أن أن" الأميركية، عن مؤسس الشركة أوشيورينويا أغابي، فإن ما يقومون هو تعديل الخلايا البيولوجية لمنحها القدرة على اكتشاف الروائح، بالطريقة ذاتها التي تعمل بها المادة البيولوجية الحية في الأنف البشري. حيث تُدمج الخلايا بشريحة سيليكون تعالج إشارات الرائحة وتمررها عبر نظام آلي من أجل التصنيف وتحسين الأداء، وتصحيح الخطأ. وإذا حُددت الرائحة على أنها تهديد أمني، فإن الجهاز الأرجواني الشبيه بالهلام يضيء.

وذكر أغابي، أن الاستخدامات المحتملة للجهاز لا تنحصر في الاستعمال الأمني. إذ تحقق شركته في ما إذا كان يمكن استخدام التكنولوجيا ذاتها للكشف عن فيروسات مثل فيروس "كوفيد-19"، بعد ظهور تقارير تفيد بأن الكلاب البوليسية قد تُدرب للتعرف على رائحة الفيروس.

وبينما لا يمكن للكلاب اكتشاف الفيروس الفعلي، فإن أمراض الجهاز التنفسي تسبب تغيراً في رائحة الجسم عند المصابين، الأمر الذي قد يمكن الكلاب أو "الأنوف الإلكترونية" من التقاطها.

وأجرت مجموعات بحثية في عدة دول أوروبية دراسات، أخيراً، بشأن إمكانية تدريب الكلاب على اكتشاف فيروس كورونا عن طريق شم عرق الإنسان، كوسيلة سريعة وموثوقة ورخيصة نسبياً للفحص المسبق للأشخاص من أجل البحث عن فيروس كورونا أو إجراء فحص سريع في ظروف معينة، مثل المطارات، وفق صحيفة "ديلي تليغراف" البريطانية، التي قالت إن فريقاً من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي أجرت أبحاثاً في هذا الشأن.

أداء مبشر

في الأثناء، قالت "سي أن أن"، إن الأداء الجيد الذي حققته أجهزة شركة "كونيكو" خلال الاختبارات الأولية، دفعها إلى الشراكة مع شركة الطيران "إيرباص"، لبدء تجارب ميدانية للأجهزة خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في كل من مطار شانغي في سنغافورة ومطار سان فرانسيسكو الدولي.

وقال جوليان توزو، رئيس أمن المنتجات في شركة "إيرباص أميركا"، "نهدف إلى تزويد المطارات وشركات الطيران بوعي كامل بالظروف المحيطة بالتهديدات الكيماوية، والمتفجرة، والبكتريولوجية". حيث ستعمل الأجهزة بمثابة خط دفاع أول، تقوم بفحص الأشخاص عند دخولهم المطار وتستكمل الأساليب التقليدية المتبعة للكشف عن تهديدات المتفجرات، مثل الماسحات الأمنية والكلاب البوليسية.

وتوضح "سي أن أن"، أنه يمكن تركيب هذه الأجهزة، التي تزن أقل من 350 غراماً وبنصف حجم الهاتف الذكي تقريباً، في مواقع متعددة، أي على الأبواب الدوارة عند مدخل صالة المطار، أو عند مكاتب تسجيل الوصول، أو مدخل الطائرة. وبذلك يصبح نشر هذه الأجهزة أكثر سهولة من الكلاب البوليسية، كما يجعلها أكثر فعالية من حيث التكلفة.

ويشرح توزو أن الكلاب البوليسية تعمل لمدة 20 دقيقة كحد أقصى، ويمكن تشتيت انتباهها بسهولة، كما أن تدريبها مكلف للغاية، حيث يبلغ متوسط ​​التكلفة 200 ألف دولار لكل كلب. في المقابل، تبلغ قيمة النموذج الأولي الحالي لجهاز "كونيكو" نحو 3 آلاف دولار. متوقعاً أن ينخفض ​​هذا السعر إلى النطاق المكون من ثلاثة أرقام بمجرد إنتاجه بكميات كبيرة.

وتعمل شركة "تريكسيمو" (Treximo) الاستشارية في مجال التكنولوجيا الحيوية، مع شركة "كونيكو"، لاختبار ما إذا كان يمكن استخدام جهازها الجديد للكشف عن "كوفيد-19"، وهو ما تراه الأخيرة في حال نجاحها، فسوف تتقدم بطلب للحصول على تصريح استخدام طارئ من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية في أوائل العام المقبل.

تشكيك "قائم"

في المقابل، يشكك علماء متخصصون في تقنية "الأنوف الإلكترونية"، ووفق ما نقلته "سي أن أن"، عن تيموثي سواجر، أستاذ الكيمياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فإن تحقيق ما تعلنه شركة كونيكو يتطلب "بعض المعجزة التقنية". معتبراً أن دمج البروتينات الطبيعية في دوائر السيليكون أمر صعب للغاية، كما أن هشاشة الخلايا وتعقيد تفاعلاتها مع المواد الكيماوية يجعل من الصعب التعامل معها. وتابع بالقول، "لطالما كان مفهوم الأنف الإلكتروني إشكالياً".

يشار إلى أن المحاولات الأولى لصناعة أنف إلكترونية التي توصل إليها الباحثون بهذا الخصوص كانت بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وهيئة الغداء والدواء الأميركية عام 2016، حيث صنع فريق الباحثين أنفاً إلكترونياً على غرار أنف أنثى كلب صيد من فصيلة "ليبرادور". ومن خلال تحريك الهواء عبر المجرى الاصطناعي للأنف الإلكترونية، استطاع العلماء تقليد عملية التشمم النشط التي تقوم بها الكلاب البوليسية، بحسب موقع "ساينس ديلي" العلمي.

وحينها وضع الباحثون الأنف الإلكتروني أمام أجهزة لاكتشاف المتفجرات لقياس قدرته على التعرف على الروائح المثيرة للشبهات. وتبين من خلال التجربة أن الأنف الصناعي يستطيع تحسين إمكانيات التعرف على الروائح بواقع 18 مرة حسب المسافة من مصدر الرائحة.

تقنية "التحكم" في الشم للجراد

وفي سياق السباق التكنولوجي ذاته، كانت من بين أحدث التقنيات التي سعى الباحثون لتطويعها لخدمة المسافرين، هي تلك المتعلقة بـ"التحكم" بحاسة الشم لدى الجراد لجعله قادراً على الكشف عن المتفجرات وكذلك الفيروسات.

ففي أغسطس (آب) الماضي، وبحسب موقع "ساينس ديلي"، نجح باحثون بكلية ماكيلفي للهندسة بجامعة واشنطن الأميركية في زراعة أقطاب كهربائية في فص المخ المسؤول عن استقبال الإشارات الخاصة بحاسة الشم لدى الجراد، للتعرف على الروائح المختلفة التي تستقبلها هذه الحشرات بعد أشهر من اكتشاف الفريق البحثي ذاته، أن الجهاز العصبي لهذه الحشرات يستجيب بشكل مختلف لدى تعريضه للروائح المتركزة في المتفجرات، ما يعني أن للجراد القدرة على كشف هذه المتفجرات والتمييز بينها.

ونقلت المجلة العلمية عن أستاذ هندسة الطب الحيوي بارني رامان، قوله "استطعنا أن نرى بوضوح أن الجهاز العصبي للجراد يستجيب بشكل مختلف لمادة تي أن تي، ودي أن تي وغيرهما من روائح المتفجرات الكيماوية".

ولتطوير تقنية التحكم بحاسة الشم لدى الجراد، أجرى الفريق البحثي جراحة لتثبيت مستقبلات إلكترونية داخل الجراد، بحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، وهو ما تبعه تمكن الباحثين من استقبال النشاط العصبي للجراد لدى تعريضه لروائح المتفجرات وتحويل تلك الروائح لأمر يمكن إدراكه وتتبعه مع السماح للجراد بالطيران بحرية من دون الحد من حركته.

وفي الدراسة التي نشرتها دورية "بيو إلكترونيكس" أوائل أغسطس (آب) الماضي، تمكن الباحثون من تطويع نظام حاسة الشم للجراد للكشف عن الروائح المتفجرة المختلفة والتمييز بينها، وذلك في فترة زمنية لا تتجاوز بضع مئات من الألف من الثانية من التعرض للروائح. كما استطاعوا أيضاً تحسين نظام استشعار بيولوجي طُور سابقاً يمكنه اكتشاف الخلايا العصبية الحارقة للجراد ونقل هذه المعلومات بطريقة تخبرهم عن الروائح التي يستشعرها الجراد.

يشار إلى أن لجوء الباحثين والعلماء إلى استخدام تقنية التحكم بحاسة الشم لدى الجراد ليست بجديدة، إذ بدأت قبل سنوات بسعي العلماء نحو "تزويد الجراد بوشم حراري سيسمح بإرشادهم إلى المناطق الخطيرة والمعزولة". حيث تعتبر حاسة الشم لدى الحشرات من أقوى حواسها، وبمقدور الجراد التعرف على رائحة معينة وإن كانت ممزوجة بروائح أخرى، وفق "ديلي تيلغراف" البريطانية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير