Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تباين الموقف التركي من اتفاقات السلام  بين الازدواجية وكسر العزلة

بعد أربعة أشهر من الهجوم على الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي بدا رأي أنقرة مغايراً تجاه استئناف العلاقات بين تل أبيب والرباط

أردوغان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت عام 2008 (رويترز)

في منتصف أغسطس (آب) الماضي، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بسحب سفيره من الإمارات وتعليق العلاقات بين البلدين، رداً على إعلان أبوظبي وتل أبيب عن اتفاق سلام ينطوي على إقامة علاقات ثنائية مباشرة بينهما.

وهاجمت، وقتها، الحكومة التركية الاتفاق؛ فوصفه إبراهيم قالن، المتحدث باسم الرئاسة التركية، بالخيانة، قائلاً في تغريدة على حسابه في "تويتر"، "بلا شك أن التاريخ سيسجل هزيمة الأطراف التي خانت الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة". وكذلك نشر ياسين أقطاي، مستشار أردوغان، سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي تنتقد الاتفاق.

حرية العلاقات

وبعد أربعة أشهر من هذه الانتقادات، بدا الموقف التركي مغايراً تجاه استئناف العلاقات المغربية - الإسرائيلية، حيث أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أن إسرائيل والمغرب اتفقا على استئناف علاقاتهما، لتصبح الأخيرة سادس دولة عربية تقيم علاقات رسمية مع تل أبيب بعد مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان، في حين ستكون المغرب الوحيدة بين دول المغرب العربي التي تعلن إقامة العلاقات الثنائية مع إسرائيل بعد قطع موريتانيا علاقتها معها عام 2010 احتجاجاً على عملية عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وبحسب وكالة الأناضول التركية الرسمية، فإن وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو أبلغ نظيره المغربي ناصر بوريطة أن "كل بلد لديه حرية إقامة العلاقات مع أي بلد يريده"، وأنه أكد ضرورة ألا يكون ذلك على حساب القضية الفلسطينية، وهو موقف مغاير تماماً "للإدانة" التي وجهتها أنقرة للإمارات، على الرغم من أنها لم تنفذ تهديدها بسحب سفيرها في أبوظبي.

ملف الغاز

بحسب مراقبين، فإن الموقف التركي المتضارب يتعلق بالمصالح الذاتية و"العداء" لدولة الإمارات، التي تعد منافساً صاعداً للنفوذ التركي في عدة بقاع من المنطقة، أكثر من كونه ازدواجية معايير. ووسط عزلة إقليمية متزايدة يبدو أن تركيا تسعى إلى تقارب جديد مع إسرائيل، وسط تطلع تركي واسع لسحب الأخيرة بعيداً من تحالفها الذي يزداد ترابطاً مع قبرص واليونان في ما يتعلق بملف غاز شرق المتوسط.

ولعبت قضايا الطاقة محوراً أساسياً في جهود تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل بعد التوتر الذي شابها على أثر اعتداء الجيش الإسرائيلي عام 2010 على سفينة "مافي مرمرة" التركية أثناء توجهها ضمن أسطول الحرية لفك الحصار المفروض على قطاع غزة.

وتقول ميليها ألتونشيك، الزميلة لدى معهد الشرق الأوسط في واشنطن وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، إنه بعد أن اعتذرت إسرائيل عن الاعتداء ووافقت على دفع تعويضات لعائلات القتلى في مارس (آذار) 2013، سعى البلدان إلى إيجاد أرضية مشتركة. وفي يونيو (حزيران) 2016، وقعت تركيا وإسرائيل اتفاقية مصالحة، وأصبح التعاون في نقل الغاز الطبيعي جزءاً من المفاوضات الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه، حيث زار وزير الخارجية الإسرائيلي تركيا للمرة الأولى منذ عام 2010، للقاء وزير الطاقة التركي، آنذاك، بيرات البيرق.

فيما كان الطريق عبر لبنان وسوريا الأكثر فعالية من حيث التكلفة لنقل الغاز الإسرائيلي إلى تركيا، لكن هذا لم يكن ممكناً من الناحية السياسية، لذا أصبح البديل هو المرور عبر المياه الإقليمية لقبرص، وهو بمثابة إنهاء للصفقة بين أنقرة وتل أبيب، كما أنها تعني إدخال النزاع القبرصي في المعادلة. وفي نهاية المطاف، لم يتمكن الطرفان من التوافق على الشروط الاقتصادية، ونتيجة لذلك لم يتم اتمام الاتفاق. وبعد فشل المفاوضات التركية - الإسرائيلية، تم إحياء فكرة خط أنابيب شرق البحر المتوسط ​​(إيست ميد) الذي يمر عبر جزيرة كريت.

وإضافة إلى مشروع "إيست ميد"، كان التطور الرئيسي الأخير في سياسات الطاقة الإقليمية هو إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، ​حيث أطلقت سبع دول وهي إيطاليا وقبرص واليونان وإسرائيل ومصر والأردن وفلسطين، في يناير (كانون الثاني)، بهدف إنشاء سوق غاز إقليمية. وتشير ألتونشيك إلى تطلعات تركية للانضمام لدول شرق المتوسط من خلال علامات انفتاح على إسرائيل وربما مصر، حيث أن العلاقات الاقتصادية مع البلدين لم تتأثر إلى حد كبير بالتوترات السياسية.

رسائل تركية لإسرائيل

ويبدو أن تركيا بدأت في بعث رسائل المصالحة مع إسرائيل، حيث أفادت تقارير صحافية بتعيين تركيا أوفوك أولوتاس، سفيراً جديداً لها في تل أبيب. وأولوتاس، الذي عمل رئيساً لمؤسسة "سيتا" للأبحاث ودرس العبرية، هو أحد المقربين جداً من الرئيس التركي، وهو ما اعتبره مراقبون خياراً سياسياً وليس دبلوماسياً، حيث يفتقر السفير الجديد للخلفية الدبلوماسية.

ويشير سيث فرانتزمان، الكاتب الإسرائيلي والزميل لدى منتدى الشرق الأوسط في بنسلفانيا، إلى محاولات تركيا خلال الأشهر الماضية لبث رسائل حول المصالحة مع إسرائيل عبر جماعات الضغط والمقالات في الصحف الأجنبية، محذراً من أن مثل هذه المصالحة ستكون على حساب علاقات إسرائيل مع دول شرق المتوسط. ويقول "ستكون مصالحة عن طريق التنازل عن سنوات من العمل الإسرائيلي في تطوير الغاز في البحر عبر عملها مع قبرص واليونان ومصر. يرتبط العمل مع اليونان أيضاً بالسلام الجديد مع الإمارات، لأنهما تعملان على زيادة التعاون".

ويضيف أن الصحف الأجنبية تغذى بمعلومات من أنقرة حول "المصالحة"، حتى أنها دفعت بمقال في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، يجادل بأنه يجب على إسرائيل تجاهل حقوق المياه القبرصية والمطالبات المتعلقة بالغاز وإنشاء اتفاقات بحرية مباشرة مع تركيا. وهذا من شأنه أن يمنح أنقرة كل شيء ولن يعطي تل أبيب شيئاً ويمثل انتهاكاً للاتفاقيات مع قبرص والقانون الدولي.

العقوبات الأميركية

هناك بُعد آخر يلفت إليه بعض المراقبين في التودد التركي من إسرائيل وتناقض موقفها من توقيع بعض الدول العربية اتفاقات سلام معها، يتعلق بالسعي إلى استرضاء واشنطن التي تنتظر رئيساً جديداً في البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، بخاصة أن أردوغان نجح في تقديم نفسه للرئيس الأميركي المنتهية ولايته كشرطي للمنطقة يمكنه التدخل في سوريا وليبيا وحتى في القوقاز ضد الأرمن. يضاف إلى ذلك فحسب، فرض واشنطن، أمس الاثنين، عقوبات ضد أنقرة لشرائها نظام الصواريخ الروسية "أس-400" المضادة للطائرات.

ويقول الكاتب الإسرائيلي تسفي بارئيل، في مقال في صحيفة "هآرتس"، إن هناك علاقة بين تحول الموقف التركي وموافقة مجلس الشيوخ الأميركي، بغالبية كبيرة، على قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2021، الذي يتطلب من الرئيس فرض عقوبات ضد تركيا لشرائها النظام الصاروخي الروسي، وذلك في غضون 30 يوماً من تمرير القانون في الكونغرس.

وفي حين قال ترمب إنه سيستخدم حق النقض (فيتو) ضد القانون بسبب خلاف حول الحماية الفيدرالية لشركات الإنترنت، حيث دعا إلى إلغاء المادة 230، التي توفر حماية لمالكي أي "خدمة كمبيوتر تفاعلية" من المسؤولية عن أي شيء يتم نشره بواسطة أطراف ثالثة، لكن من المتوقع أن يقاوم الكونغرس بشدة نوايا الرئيس المنتهية ولايته.

وإضافة إلى الشواهد الماضية من إرسال سفير جديد لإسرائيل وإظهار تفهم للاتفاق بين المغرب وإسرائيل، يشير بارئيل إلى أن مجموعة "يلدريم" التركية تدرس تقديم عطاء لشراء ميناء حيفا في صفقة تخوضها ضد شركة إماراتية وشركات أخرى. ويقول إن فرص الاستثمارات التركية غير واضحة، لكن تحسين العلاقات بين إسرائيل وتركيا شرط أساسي لزيادة تلك الفرص. ويشير إلى تقارير تفيد بأن رئيس الاستخبارات التركية، هاكان فيدان، زار إسرائيل في نوفمبر (تشرين الثاني) في ما يبدو أنها بداية صداقة جديدة، على الرغم من أن إسرائيل لا تبدو في عُجالة من أمرها.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات