Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رغم التحديات... الحياة تدب في خيوط عرائس الماريونيت

فن يدوي مميز يعتمد على المهارة ونقل الخبرات من شخص إلى آخر

فنان مسرح العرائس محمد فوزي بكار (إندبندنت عربية)

بخيوط وأجسام خشبية وأيدي فنانين مميزين استطاعت عرائس الماريونيت إبهار الكبار والصغار على مدار السنين، كما احتلّت حيزا عزيزا من ذكرياتهم، فمَنْ منّا لا يذكر مسرح العرائس وأوبريت "الليلة الكبيرة"، الذي أصبح جزءا من ثقافة المصريين بتجسيده الشخصية المصرية الشعبية من خلال عرائس ماريونيت شديدة التميز. وعلى الرغم من ظهور وسائل وفنون أخرى مختلفة إلا أن هناك مَنْ لا يزال حريصاً على الحفاظ على هذا الفن وتعليمه لآخرين ليكملوا المسيرة لتبقى عرائس الماريونيت فناً مبهرا ًدائما.

 

صناعة لها تاريخ ورسائل غير مباشرة

وقد ظهر مسرح العرائس قديماً عند المصريين القدماء وفي الصين واليابان وبلاد ما بين النهرين وتركيا، وكانت العروض تُقدّم للجماهير إما للترفيه أو لنقد أوضاع سياسية أو اجتماعية بشكل مستتر وغير مباشر من خلال العرائس، فمسرح العرائس كان له أدوار مختلفة ومتعددة على مرّ العصور، وأوصلت العرائس- إضافة إلى نشرها للبهجة والسعادة بين الناس- رسائل سياسية واجتماعية من قلب المجتمع الذي جاءت منه.

من الفكرة حتى الجمهور

فنان مسرح العرائس محمد فوزي بكار يقول لـ"اندبندنت عربية" إن "صناعة عروسة الماريونيت فن يعتمد على مراحل متعددة، فالبداية تكون من الفكرة التي تتحول إلى سيناريو، وبناء عليه معطيات معينة يحددها النص المسرحي وهي الشخصية والديكور والأصوات والأداء الحركي، وبالتالي تُصمّم وتُنفّذ العروسة بناء على الشخصية المطلوبة بمواصفاتها الشكلية التي تلائم النص، وتبقى الشخصية طوال عمرها لتنفيذ هذا الدور فقط، فكل عروسة لما صُممت له، وبعد التصميم تأتي مرحلة التصنيع، ويمكن الاعتماد على خامات متعددة لصنع العروسة، ولكن عرائس الماريونيت تُصنع من الخشب بالأساس، حيث يتم تقطيع الأجزاء المختلفة لجسم العروسة وتركيبها لتعطي الشكل النهائي، لتأتي من بعدها مرحلة الألوان لرسم تفاصيل وملامح الوجه بحسب طبيعة الشخصية المطلوبة، فالعروسة هي الوسيلة التي سننقل من خلالها الفكرة أو القيمة التي نرغب في توصيلها للجمهور، ويجب أن يتلاءم شكلها مع الدور الذي تلعبه".

الحياة تدبّ في الخيوط

ويضيف "بعدها تأتي مرحلة تصميم وتنفيذ الأزياء والإكسسوار والشَعْر، ويمكن في هذه المرحلة الاعتماد على أشخاص آخرين غير صانع العرائس لحياكة الملابس المناسبة للشخصية وتنفيذ الإكسسوارات المطلوبة، والمرحلة الأخيرة لصناعة العروسة تكون بتركيب الخيوط وميزان التحريك، وهما الوسيلتان اللتان تتحرك بهما عروسة الماريونيت، وهذه المرحلة تحتاج إلى دقة وخبرة في العمل حتى يتم تركيب الخيوط بشكل جيد وحتى يمكن تحـريك العروســة بسهولة وسـلاسة ليتسلمـها من بعدها الفـنان الذي سـيقوم بالتـحريك وأداء العــرض، وجدير بالذكر أن معظم مراحل التصنيع تُجرى يدويا ويُعتمد فيها على مهارة صانع العروسة".

علاقة خاصة بين الفنان وعروسته

وعن العلاقة بين الفنان وعرائسه التي ينفذها، يقول "تختلف الفترة التي يقضيها الفنان في صناعة العروسة بحسب التفاصيل والخامات والميزانية وطاقة صانع العروسة، فهناك عروسة تحتاج إلى يوم وعروسة تأخذ أكثر من شهر في صناعتها، وخلال هذه الفترة تنشأ علاقة بين الفنان والعروسة التي يعاملها ويعتني بها مثل طفل صغير يحتاج إلى العناية بملابسه وأشيائه ويحتاج إلى أن يهتم شخصٌ ما بنظافته ويحافظ عليه، والعناية بعرائس الماريونيت يجعلها تحافظ على رونقها وتبقى بنفس الشكل الجميل الذي أنتجه الفنان".

الاستمرارية تتطلب شغفا

أخيرا بدأت بعض ورش العمل التي تسعى إلى تعليم فن صناعة عرائس الماريونيت من فنانين مهتمين بهذا المجال وحريصين على استمراره من خلال آخرين لديهم نفس الشغف والاهتمام. وعن هذا الأمر يقول الفنان محمد فوزي بكار "فن العرائس كل حياتي وأسعى إلى تعليمه لآخرين لأسباب متعددة، منها الحفاظ على استمراره من خلال أشخاص مهتمين بنفس المجال، إضافة إلى خلق منافسين، فوجود العديد من الفنانين العاملين في صناعة العرائس سيخلق منافسة وسيثري الفن، لأن الجودة سترتفع وبالتالي سيزدهر فن العرائس، أما في حالة وجود عدد محدود من العاملين في أي مجال، فهذا سيؤدي إلى حالة من الركود وإلى عدم وجود أفكار جديدة في العرائس وفي العروض وفي الأفكار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "بشكل عام أتمنى أن يكون هناك مجال أوسع لمسرح العرائس، فمصر كلها لا يوجد بها غير مسرح واحد للعرائس، إضافة إلى بعض الجهود الفردية، وبالطبع هذا غير كافٍ، فأتمنى أن يكون هناك مسرح عرائس في كل محافظة وأن يكون هناك مكان أكاديمي مختص بتعليم فن مسرح العرائس بجميع تخصصاته، من صناعة العرائس إلى الديكور وكتابة السيناريو، فالمسرح يعلّم ويربّي وينمّي المهارات ويرتقي بالسلوكيات، وخاصة بالنسبة إلى الأطفال، كما أن المسرح يخلد الحضارة والثقافة، فثقافتنا وحضارتنا العظيمة نقلت عن طريق الفنون مثل الرسم والنحت، وحتى الآن الفنون بجميع أنواعها ناقلة للتراث والثقافة، ولدينا حضارة عظيمة يمكن أن يُستوحى منها أفكار لا نهائية لعروض مسرحية للكبار والصغار، على السواء".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة