Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يصطدم قطار سباق لقاحات كورونا بـتحدي "الأعراض الجانبية"؟

قلة المعلومات بشأن التجارب الروسية والصينية تثير التساؤلات بشأن فاعلية منتجاتها

أربكت تصريحات المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس التي أدلت بها يوم الجمعة 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بشأن مراجعة الأعراض الجانبية التي قد تسببها بعض لقاحات كورونا الجاري الإعلان عنها تدريجاً، بنسب فاعلية متفاوتة، من قبل شركات عالمية، تقديرات المتفائلين بشأن قرب إحكام السيطرة على الجائحة التي لا يزال عدّاد ضحاياها يتزايد، في خضم الموجة الثانية من تفشي الفيروس المستجد حول العالم.

وفي ظل تحذير الهيئة البريطانية الرسمية المنظِمة للدواء، "لمَن لديهم تاريخ مَرَضي في فرط الحساسية تجاه دواء أو طعام معيّن بتجنب الحقن بلقاح فايزر – بيونتيك"، أحد أبرز اللقاحات العالمية الواعدة"، نبهت هاريس إلى أن "أحد اللقاحات قد لا يكون مناسباً لأفراد معينين"، مشيرةً في الوقت ذاته إلى "لقاحات مرشحة مقبلة في الطريق"، ما أعاد التساؤلات بشأن آثار هذه اللقاحات على المدى الطويل، لا سيما مع كشف تقارير ودراسات علمية وطبية عن تعدد الأعراض الجانبية للقاحات سارعت بعض الدول إلى الإعلان عن استخدامها ضمن برامجها لـ"الطوارئ الوطنية".

فماذا عن أبرز الأعراض الجانبية لتلك اللقاحات وفي مقدمتها، لقاحات شركات "فايزر- بيوتنيك" و"موديرنا" و"لقاح أكسفورد- أسترازينيكا" واللقاحات الصينية التي بدأت بلدان عربية وآسيوية باستخدامها و"سبوتنك في" الروسي، علماً أن منظمة الصحة العالمية أعلنت أن 51 لقاحاً مرشحاً يتم اختبارها حالياً على البشر، وصل 13 منها إلى مرحلة الاختبارات الأخيرة واسعة النطاق.

لقاح "فايزر - بيونتيك"

وبعد إعلان بريطانيا الثلاثاء الماضي، كأول دولة تطرح لقاح "فايزر – بيونتيك"، الذي قالت الشركتان المصنعتان له أن نسبة فاعليته تتجاوز الـ90 في المئة، للاستخدام العام كأحد اللقاحات الواعدة لمواجهة ذلك الوباء الذي ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان بمقاطعة هوباي الصينية أواخر العام الماضي، جاء إعلان "الهيئة المنظمة للدواء في بريطانيا" أن أي شخص لديه تاريخ من الحساسية المفرطة تجاه دواء أو طعام ما ينبغي عدم حقنه باللقاح، بعد الإبلاغ عن حالتين شهدتا آثاراً جانبية، ليعيد الجدل بشأن أعراض اللقاح الجانبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق مجلة "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين" الأميركية، فهناك "مشكلات صغيرة" في البيانات، خصوصاً "جهل قدرة اللقاح على منع الإصابة بنوع من المرض غير المصحوب بأعراض"، مشيرةً في الوقت ذاته إلى أن "نتائج تجارب اللقاح رائعة بما فيه الكفاية". وبحسب الدراسة ذاتها، فإنه "على الرغم من سلامة اللقاح، لكن كثيراً ما تظهر أعراض جانبية مثل الألم حول نقطة الحقن في الذراع والتعب وآلام الرأس"، موضحة أنه "لم يتمّ تسجيل أي مشكلة خطيرة في التجربة السريرية التي شارك فيها حتى اليوم 44 ألف شخص".

وفي وقت سابق، كانت الولايات المتحدة أول بلد يعطي الضوء الأخضر لاستخدام لقاح "فايزر- بيونتيك"، إلا أنها لم تستخدمه بعد. والخميس الماضي، أيّدت لجنة مستشارين من خارج إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، بغالبية ساحقة الاستخدام الطارئ للقاح، أي بعد يومين من إعلان بريطانيا استخدامه.

ووفق تصريحات وزير الصحة الأميركي أليكس عازار، تعليقاً على حالات الحساسية التي قد يسببها استخدام اللقاح، فإن "إدارة الغذاء والدواء الأميركية ستدقق في كل التفاصيل المقدمة من قبل فايزر قبل أن توافق على منح تصريح الاستخدام الطارئ".


لقاح موديرنا

من جهة أخرى، سجل اللقاح الذي أعلنت عنه "موديرنا" منتصف الشهر الماضي، أكبر نسبة فاعلية، وفق الإعلانات الرسمية للشركات المتنافسة في هذا المجال، بنسبة تجاوزت الـ94 في المئة.

لكن بحسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، نقلاً عن اللجنة التي شكلها البيت الأبيض بهدف تسريع تطوير اللقاحات ضد كورونا، فإن الخبراء لاحظوا أعراضاً جانبية واضحة لدى ما بين 10 و15 من متطوعي اللقاحات، مشيرةً إلى أن هذه المضاعفات قد تستمر إلى يوم ونصف اليوم لا أكثر، أي أن الأمر يتعلق بفترة قصيرة جداً.

وذكرت "واشنطن بوست" أن الأشخاص الذين أصيبوا بأعراض جانبية أبلغوا عن احمرار وألم في مكان تلقي الجرعة، إضافة إلى الحرارة وألم في العضلات. لكن غالبية المتطوعين في تجارب اللقاح السريرية لم تظهر عليهم أعراض تدعو إلى القلق، ما يعني وفق الصحيفة، أن "مؤشرات اللقاح على المستوى القصير مطمئنة، أما مؤشرات الأمد المتوسط فأصبحت واضحة، لكن سلامة اللقاح على الأمد البعيد غير محددة حتى الآن".

من جانبها، وبحسب ما نقلته شبكة "سي أن أن" الأميركية عن مشاركين في تجارب لقاح "موديرنا"، والآثار الجانبية التي عانوا منها، ذكر أحدهم أن ألماً أصاب جسده على مدار أربع ساعات بعد تلقي جرعتَي اللقاح. وقالت سوزان فروليش للشبكة إنها استيقظت وهي تعاني من صداع وآلام شديدة في المعدة، ووصفت الأعراض كما لو أنها "بدايات أعراض عدوى إنفلونزا شديدة".

وكانت "موديرنا"، الشركة الأميركية الثانية التي تعلن توصلها إلى لقاح الشهر الماضي، بنسبة فاعلية بلغت 94.5 في المئة، ويتكون من نسخة صناعية من المادة الوراثية لفيروس كورونا المستجد، تسمى "الحمض النووي الريبوزي المرسال" لبرمجة خلايا الإنسان لتنتج نسخاً لجزء من الفيروس، وتطلق هذه النسخ إنذارات إلى جهاز المناعة، وتحفزه على الهجوم في حال محاولة الفيروس الحقيقي الغزو.

ويُعطى اللقاح على جرعتين تفصل بينهما 4 أسابيع. ويجب نقله في درجة حرارة تبلغ 20 درجة مئوية تحت الصفر (مقابل 70 درجة مئوية تحت الصفر للقاح "فايزر") على أن يخزّن لاحقاً في ثلاجة بحرارة (2 إلى 8 درجات مئوية) لمدة 30 يوماً.

وقالت "موديرنا" في معرض إعلانها عن اللقاح إن بيانات تجاربها كشفت عن أن غالبية الأعراض الجانبية كانت من متوسطة إلى بسيطة، وأن نسبةً من المتطوعين شعروا بأوجاع أكثر شدة بعد أخذ الجرعة الثانية، 10 في المئة منهم عانوا من حالات إعياء كافية لتعطيل نشاطهم اليومي، و9 في المئة عانوا من أوجاع شديدة في الجسم. وأكدت الشركة أن معظم هذه الشكاوى لم تدم طويلاً.

4 لقاحات صينية

ومن بين السباقات الدولية المتسارعة الساعية لاكتشاف لقاح لمواجهة كورونا، تدخل بكين بـ4 لقاحات، قالت منظمة الصحة العالمية إنها باتت في مرحلة التجارب الأخيرة التي يعتبرها المعنيون ضرورية قبل إعطاء اللقاح إلى عدد كبير من الأشخاص وترخيص استخدامه بشكل طارئ. ويأتي على رأس اللقاحات الصينية لقاحَي "سينوفاك" و"سينوفارم"، وبدأ استعمال الأخير في عدد من الدول العربية أبرزها الإمارات ومصر، فضلاً عن دول شرق آسيوية. كما وزِّع "سينوفارم" على نحو مليون شخص في الصين بموجب برنامج للطوارئ مثير للجدل.

ووفق معطيات الشركات المصنعة ذاتها، فإن اللقاحات الصينية التي تعمل بالأساس على استخدام جزيئات فيروسية ميتة لتعريض النظام المناعي في الجسم إلى الفيروس من دون حدوث رد فعل خطير، لم تقترب بعد نسب فاعليتها من حاجز الـ 90 في المئة، الذي تجاوزته لقاحات "موديرنا" الأميركية (94.5 في المئة)، و"فايزر" الأميركية و"بيونتيك" الألمانية (90 في المئة).

وفي وقت تأمل الدول النامية أن تكون اللقاحات الصينية إحدى بوابات النجاة لمصابيها من الوباء، لا سيما مع ما توفره من ميزات نسبية للدول النامية، من إمكانية تخزينه في ثلاجة عادية في درجة حرارة تتراوح بين 2 و 8 درجات مئوية، مثل "لقاح أكسفورد"، ذكرت دراسة علمية نشرتها دورية "ذي لانست" (إحدى أبرز الدوريات العلمية البريطانية)، إن "الفاعلية الحقيقية للقاحات الصينية المرشحة ومن بينها سينوفاك، لا تزال غير محددة بدقة"، مرجعةً الأمر إلى قلة المعلومات المتوافرة بشأن نتائج تجارب المرحلة الأولى والمرحلة الثانية لتلك اللقاحات.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قالت شركة "سينوفاك" إن الاختبارات شملت أكثر من 1000 متطوع، "أظهر بعضهم إجهاداً بسيطاً أو شعوراً بعدم الراحة... لا تتعدى نسبتهم الـ 5 في المئة". وذكرت الشركة لاحقاً أنها بدأت المرحلة الأخيرة من التجارب في البرازيل في أوائل شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلا أن هذه التجارب تم وقفها لفترة قصيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) بحسب وزارة الصحة البرازيلية، بعد وفاة أحد المتطوعين، وذلك قبل أن تستأنف نشاطها بعدما اتضح أن تلك الحالة لا علاقة لها باللقاح.

وفيما تتوقع تقارير أن تنشر الشركات الصينية نتائج تجارب لقاحاتها قريباً، ومن بينها شركة "سينوفاك"، التي قال معهد "بوتانتان" البرازيلي، أحد شركائها، أن من المتوقع نشر النتائج منتصف الشهر الحالي.

"سبوتنيك في" الروسي

أما بالنسبة إلى اللقاح الروسي، أول اللقاحات المعلنة عالمياً، منذ أغسطس (آب) الماضي، الذي على الرغم من إعلان منظمة الصحة العالمية حينها أنه لم يخضع "للخطوط التوجيهية والإرشادات الواضحة" الخاصة بتطوير هذا النوع من المنتجات، مضت موسكو في طرحه بالأسواق بدايةً للعاملين الاجتماعيين والفرق الطبية والمدرسين في أكثر من 70 مركزاً فُتحت لهذا الغرض في العاصمة. وحددت مذكرة نقلتها وكالة "نوفوستي" الروسية بشأن التطعيم في موسكو، أن الأعراض المحتملة التي يمكن أن تظهر بعد تلقي اللقاح الروسي، هي الحمى والقشعريرة والضعف وآلام في الجسم والعضلات.

ووفق المذكرة التى نقلتها الوكالة الروسية، فإن واحداً تقريباً من كل عشرة مرضى تم تطعيمهم بأول لقاح مسجل لفيروس كورونا في العالم، قد يشعر بالحمى أو القشعريرة أو الضعف أو الغثيان، وقد يعاني 1.5 في المئة من انسداد في الأنف أو الحلق. ونصحت المذكرة الذين يعانون من الضعف والتوعك والتعب العام والغثيان بتقليل النشاط البدني ومنح أنفسهم بعض الراحة.

وذكرت المذكرة كذلك أن نحو 5.7 في المئة من المرضى يعانون من آلام في الجسم والعضلات أو قشعريرة أو حمى أو صداع أو ارتفاع في الحرارة عن 37 درجة. وأضافت أن 4.7 في المئة ممَن تم تطعيمهم يعانون من ألم وحكة وتورم واحمرار في موقع الحقن. ولا توجد عادةً حاجة إلى علاج، ولكن يمكن تناول مضادات الهيستامين لتقليل التورم والانزعاج. وقد يعاني أقل من واحد في المئة من المرضى من زيادة معدل ضربات القلب أو ارتفاع ضغط الدم.

في السياق، ووفق ما نقلته صحيفة "إزفيستيا" الروسية عن أحد مديري مستوصفات موسكو المعنية بتوزيع اللقاح، فقد "تظهر علامات وهن في الجسم وزيادة النعاس، وقد تصل درجة حرارة الجسم إلى 37 درجة في اليوم الأول بعد تلقي اللقاح ضد كورونا"، مشيرةً إلى أنه "يجب على المرء مراقبة حالته الصحية دائماً، بخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالتطعيم بلقاح ضد فيروس كورونا".

المزيد من صحة