Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة الجزائرية تعيد رسم المشهد الإعلامي من جديد

وضعت شروطاً جديدة لأصحاب المواقع الإلكترونية وسط هواجس من مقص الرقابة 

القانون المنظم لعمل المواقع الإعلامية في الجزائر لم ينجح في تحقيق الإجماع لدى العاملين في القطاع (أ ف ب)

تستعد الحكومة الجزائرية، لإعادة رسم المشهد الإعلامي، بالتزامن مع مطالب مهنية وسياسية برفع التضييق عن الصحافة ومنحها الاستقلالية في ممارسة نشاطها بما يضمن أداء المهام بكل موضوعية وحيادية بعيداً عن أي وصاية.

وبعد سنوات من الغموض الدائر بشأن نشاطها، صدر "المرسوم التنفيذي المحدد لممارسة نشاط الإعلام عبر الإنترنت ونشر الرد أو التصحيح عبر الموقع الإلكتروني"، في الجريدة الرسمية، لكن مضمونه لم ينجح في تحقيق الإجماع لدى العاملين في القطاع.

وتضمن هذا القانون، شروطاً يجب أن تتوفر في الراغبين في إنشاء مواقع إخبارية، وكذلك معايير تخص المحتوى والتفاصيل المتعلقة باستضافة الموقع والنطاق الإلكتروني الذي يعمل منه.

التمويل الأجنبي

في بند التمويل، اشترط المرسوم الحكومي، على المؤسسة المالكة للموقع أن تُصرح وتبرز مصدر الأموال المكونة لرأسمالها والأموال الضرورية لتسييرها، وذكرت المستفيدين من دعم مادي مهما كانت طبيعته أن يكون له ارتباط عضوي بالهيئة المانحة للدعم، ويجب بيان هذه العلاقة مع "منع" الدعم المادي المباشر وغير المباشر الصادر عن أي جهة أجنبية.

ويفرض القانون على الموقع، أن تكون استضافته "مُوَطَّنة حصرياً، مادياً ومنطقياً، في الجزائر بامتداد اسم النطاق "dz"، ما يعني منع كل أنواع النطاقات الأخرى المعتمدة في المواقع.

إلى ذلك يشترط، نص القانون ضرورة خلو السجل القضائي لمالك المؤسسة الإعلامية من أي حكم بعقوبة سابقة من جرائم القذف أو السب أو الشتم أو الإهانة أو التمييز أو الكراهية والتحريض عليها، في حين يلتزم بمكافحة المحتوى غير القانوني، لا سيما كل محتوى يتضمن التحريض على الكراهية أو العنف أو التمييز على أساس الانتماء الجهوي أو العرقي أو الديني.

في المقابل، يجب على المدير إخطار الجهات المعنية بكل محتوى غير قانوني، والتقيد والالتزام بالتوصيات في مجال أمن تكنولوجيا المعلومات، والالتزام بالنشر المجاني للردود والتصحيحات الضرورية.

قيود أم تنظيم؟

وتسود حالة من الترقب بين ملاك المواقع الإلكترونية في الجزائر بعد صدور النص القانوني، وسط تساؤلات إن كان سيضع حداً لحالة الفوضى في القطاع. مع العلم أن المهنيين لا يزالون ينتظرون تنصيب سلطة ضبط الصحافة الإلكترونية وإصدار قانون الإشهار.

ويُوضح مدير الموقع الإخباري "سبق برس"، محمد رابح، أن "المرسوم المحدد لكيفيات ممارسة النشاط الإعلامي عبر الإنترنت هو استكمال لقانون الإعلام الصادر عام 2012 الذي لم يضبط الإطار القانوني لممارسة الصحافة الإلكترونية. هذا التأخر الذي تُسأل عليه الحكومات السابقة خلّف فوضى وربما صعب من خطط التطوير في المجال، والمرسوم الجديد جاء في الأصل لإنهاء هذه الحالة وتحديد الإطار القانوني لممارسة الإعلام عبر الإنترنت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تعقيباً على مُحتواه، يرى رابح أن النص "لا يخلو من عيب سواء في الشكل أو المضمون، غير أن المكاسب الموجودة في المرسوم يمكن تعزيزها من خلال إنشاء السلطة المكلفة بالصحافة الإلكترونية التي وردت في المادة 22 لتكون الجهة الوحيدة التي تمنح شهادات التسجيل وحكماً في أي تجاوزات لأخلاقيات المهنة أو مظالم يمكن أن تقع على الناشرين".

ويشير إلى أن تعزيز هذا المرسوم بإصدار قانون الإشهار، يجعل من معايير المنافسة حول الإعلانات أكثر شفافية، وفي المحصلة سيكون للجزائر إن توفرت هذه الظروف منصات رقمية لها صيتها في الداخل والخارج تحاكي بها التجارب المشرفة التي كانت الجزائر سباقة فيها من خلال إنشاء الصحف الخاصة بداية التسعينيات.

من الناحية التقنية، يرى الصحافي الجزائري محمد عبد المؤمن، أنه من الجيد أن القانون يمنح المواقع التي تمارس نشاط الإعلام عبر الإنترنت مهلة سنة للامتثال للشروط الجديدة للنشر، خصوصاً وأن النص يلزم المواقع الإخبارية المستضافة من خلال خدمات دولية بالانتقال إلى خوادم محلية، على أمل أن تكون هذه المهلة كافية لتبديد أي قلق بشأن قدرات الاستضافة الوطنية للمواقع الإخبارية المؤثرة التي أصبحت تسجل مئات الآلاف من الزيارات يومياً. 

من جهة أخرى، من الواضح وفق عبد المؤمن، أن "النص الجديد يقيد ممارسة نشاط الإعلام عبر الإنترنت في الجزائر بشرط الموافقة المسبقة، التي تتوقف على تلبية شرط التوطين التقني للموقع إلى جانب شروط بسيطة أخرى، بدلاً من الاكتفاء بمجرد التصريح بالنشاط مثلما سيكون عليه الحال بالنسبة للصحافة الورقية بموجب التعديل الدستوري الأخير، خصوصاً إذا علمنا أن القانون لا ينص صراحة على اعتبار عدم الرد على طلب تسجيل الموقع الإخباري بعد مرور المدة الزمنية المنصوص عليها (60 يوماً) بمثابة الموافقة التلقائية على ممارسة النشاط، مثلما هو الحال بالنسبة لاعتماد الجمعيات مثلاً.

تخوفات من الدخلاء والرقابة

صدور قانون الإعلام الإلكتروني في الجزائر خطوة مهمة طال انتظارها لكنها جاءت منقوصة، وفق اعتقاد الصحافي فاروق حركات "بسبب ما نص عليه المرسوم على غرار إنشاء موقع إلكتروني من قبل إعلاميين الذين لا تقل خبرتهم عن 3 سنوات" وهي مدة قليلة قد تُواصل فتح الباب أمام الدخلاء على عالم الصحافة.

ويرصُد أن "القانون قد أجحف في حق مديري النشر الذين حُكم عليهم بعقوبة عن جرائم القذف أو السب أو الشتم أو الإهانة أو التمييز أو الكراهية والتحريض عليها، وهي قضايا يواجهها عادة الصحافي في عمله".

وبينما تتعهد السلطة عزمها على شرعنة تقنين عمل المواقع الإخبارية، إلا أن ذلك لا يُبدد المخاوف من إمكانية ممارسة الرقابة على مضامين المواقع الإخبارية المحلية. وتعليقاً على ذلك يضيف حركات "التخوف يعتبر أمراً مشروعاً خصوصاً في ظل حجب عدة مواقع دون سابق إنذار وتنصل الجهات الوصية من تحمل مسؤولية ذلك ورفع الحجب عنها كأن شيئاً لم يحدُث".

ويبدو محتوى الصحافة الإلكترونية في الجزائر مختلفا تماماً عن الصحافة التقليدية ومنافسا قوياً لوسائل الإعلام المسموعة والمرئية والورقية، ما يُثير حفيظة السلطات التي تتعامل بحذر مع نشاط المواقع الإخبارية، إذ تلجأ إلى "آلية الحجب" من فترة إلى أخرى، كان آخرها في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، حيث تم حظر العديد من المواقع الإخبارية الناطقة بالفرنسية والعربية على الإنترنت، بما في ذلك "قصبة تريبيون" و"طارق نيوز" و"TSA" و"مغرب إيمرجون" و"راديو أم" و"توالى دوت إنفو"، إضافة إلى "شهاب برس" و "ألترا صوت".

ووفق المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين، تحصي الجزائر وجود نحو 150 موقعاً إلكترونياً. ومع كشف وزارة الاتصال، عن نيتها في تنظيم عمل الصحافة الإلكترونية، ارتفعت أعدادها بنية حصول أصحابها على الاعتماد الرسمي بشكل يضمن لها النشاط في إطار قانوني مقابل تراجع رهيب للصحافة الورقية، وفق متابعين للمشهد الإعلامي.

وسيمكن القانون الجديد للصحافة الإلكترونية، المواقع من الوصول إلى الإعلانات العامة، مع وعود الرئاسة الجزائرية بالتعامل مع هذه الوسائل الإعلامية مثل باقي الصحافة الوطنية المكتوبة والمرئية في تغطية النشاطات الوطنية والرسمية، والنظر في إمكانية استفادتها من الإعلان الرسمي، في حدود ما يسمح به القانون.

ويشتكي الصحافيون في الجزائر من ضعف الرواتب وحرمان في الحصول على حقهم من التغطية الإجتماعية ببعض المؤسسات الإعلامية، غير أن أكثر ما يؤرقهم هو الصعوبة الكبيرة التي يواجهونها في النفاذ إلى المعلومة، إذ تبدو الحكومة مترد

دة في الانفتاح على السلطة الرابعة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير