Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السجن مدى الحياة للمدان بقتل رفيق الحريري

ينتمي سليم عياش إلى "حزب الله" الذي رفض تسليمه للمحكمة الدولية

أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكماً الجمعة، 11 ديسمبر (كانون الأول)، على عضو بجماعة "حزب الله" مدان بالتآمر لقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في تفجير وقع العام 2005 بخمس عقوبات بالسجن المؤبد.

وحوكم عياش (57 سنة) غيابياً ودين في أغسطس (آب) الماضي لدوره في التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة الحريري و21 شخصاً آخرين.

لا يزال سليم عياش طليقاً، إذ رفض الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصر الله تسليمه مع ثلاثة متهمين آخرين بُرّئوا في نهاية المطاف.

أقصى عقوبة

وقال القاضي الأسترالي ديفيد ري أثناء قراءة قرار المحكمة، "كان الهجوم يهدف لإثارة الرعب في لبنان وهو ما حدث بالفعل... استقرّ في يقين هيئة المحكمة أنه ينبغي تطبيق أقصى عقوبة وهي السجن المؤبّد عن كل من الجرائم الخمس على أن يجري تنفيذها في نفس التوقيت". وأضاف أن "المخالفات على درجة كبيرة من الخطورة إلى حد أن الظروف التي يمكن اعتبارها تخفيفية وتسمح بتخفيض العقوبة، نادرة".

وأدى اغتيال الحريري إلى دخول لبنان في أسوأ أزماته منذ الحرب الأهلية التي دارت بين 1975 و1990، ممّا مهّد الطريق لسنوات من المواجهة بين القوى السياسية والطائفية المتناحرة.

وكان ممثلو الادعاء قد طالبوا بتطبيق عقوبة السجن المؤبد عن كل جريمة من الجرائم الخمس التي أدين بها عياش.

وقال فريق الدفاع عن عياش في وقت سابق إنه سيستأنف الحكم أياً ما كان. وحضر فريق الدفاع ومحامو ضحايا الانفجار الجلسة عبر رابط الفيديو بسبب القيود الناجمة عن تفشي فيروس كورونا.

وأصدرت المحكمة، التي يقع مقرّها بالقرب من مدينة لاهاي الهولندية، مذكرة توقيف جديدة واستصدرت نشرة حمراء من الشرطة الدولية (الإنتربول) بشأن عياش.

عياش في حماية "حزب الله"

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي رأي منفصل مرفق بالحكم، أشار ري الذي يرأس هيئة المحكمة، إلى "كلمات قوية" صدرت من قادة "حزب الله" لدعم عياش بعد الكشف عن لائحة الاتهام الموجّهة له في عام 2011، وإلى أن عياش لم يُعتقل في السنوات التالية.

وقال ري، "من وجهة نظري يقودنا ما سبق إلى استنتاج قوي بشأن من كان يحميه من العدالة طوال هذه السنوات".

وطالب ضحايا الانفجار الهائل، الذي أسفر أيضاً عن إصابة 226 شخصاً، بعضهم بإصابات خطيرة، بإصدار أمر من المحكمة بدفع تعويضات.

وقال القضاة إن النظام الأساسي للمحكمة لا يسمح لهم بالأمر بدفع تعويضات سواء من المتهمين أو الدولة اللبنانية، لكن المحكمة أوصت بوضع برنامج وطني لتعويض الضحايا.

"الحكم الوحيد العادل والمناسب"

وخلال جلسة استماع في نوفمبر (تشرين الثاني)، قال المدّعون إن السجن المؤبد هو "الحكم الوحيد العادل والمناسب" لسليم عياش، معتبرين أن الأمر يتعلق بـ "أخطر هجوم إرهابي على الأراضي اللبنانية"، كما طالبوا بمصادرة أملاكه.

وكان رفيق الحريري رئيساً لوزراء لبنان قبل استقالته في أكتوبر (تشرين الأول) 2004. قُتل في فبراير (شباط) 2005 عندما فجّر انتحاري شاحنة مليئة بالمتفجرات أثناء مرور موكبه المدرّع.

أدلة كافية

اعتبر القضاة في 18 أغسطس (آب) في ختام محاكمة استمرّت ست سنوات أن هناك أدلة كافية لتحديد أن عياش كان في قلب شبكة من مستخدمي الهاتف المحمول تجسّست على الحريري في الأشهر التي سبقت اغتياله، وقالوا في حكمهم إن عياش "مذنب على نحو لا يشوبه أيّ شك معقول" بالتهم الخمس التي وجهت إليه وهي "تدبير مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي، وارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجرة، وقتل الحريري عمداً باستعمال مواد متفجرة، وقتل 21 شخصا آخرين عمداً باستعمال مواد متفجرة ومحاولة قتل 226 شخصاً عمداً باستعمال مواد متفجرة".

في المقابل برّأت المحكمة المتهمين الثلاثة الباقين أسد صبرا وحسين عنيسي وحسن حبيب مرعي الذين ينتمون إلى "حزب الله" وحوكموا غيابياً لعدم تمكن السلطات اللبنانية من إلقاء القبض عليهم وتسليمهم للمحكمة وبسبب رفض الحزب تسليم أي من عناصره إلى محكمة يعتبرها "مسيسة" ويرفض الاعتراف بها.

وقالت المحكمة في بيانها حينذاك، "غرفة الدرجة الأولى ستفرض الآن عقوبة في ما يتعلق بكل تهمة دانت بها عياش، أو ستفرض عقوبة واحدة تشمل سلوكه الجرمي بأكمله. ويمكن أن تصل العقوبة المفروضة على شخص مدان إلى السجن مدى الحياة".

الحكم مهم

بحسب القضاة، ليس هناك دليل على وجود صلة بين الهجوم وقيادة "حزب الله" أو حلفائه في دمشق، وقال خبراء إن هذا الحكم مهم حتى لو أنه صدر غيابياً.

في 2007، وافق مجلس الأمن الدولي على إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان في لايدسندام بهولندا، وقدمها على أنها أول محكمة دولية في العالم تهدف إلى التحقيق في الجرائم الإرهابية.

وسيكون سليم عياش في قلب محاكمة أخرى في المحكمة نفسها، تتعلق بثلاثة اعتداءات دموية أخرى ضد سياسيين لبنانيين في العامين 2004 و2005.

تحقيق العدالة

واعتبر كريستوف بولوسان، الباحث في معهد آسر في لاهاي، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، أن "المحاكمات الغيابية ليست الطريقة المثلى لتحقيق العدالة".

وقال إن المحاكم الدولية تشبه "عملاقاً بلا أذرع أو أرجل" لأنها تعتمد على الدول في اعتقال المشتبه بهم وليست في وضع يمكّنها من تنفيذ أيّ قرار بنفسها.

واضاف، "لكن على الرغم من هذا العائق، نجحت المحكمة الخاصة بلبنان على الأقل في تشكيل ملف قضائي مقنع حول ما حدث قبل 15 عاماً، ما ساعد المجتمع اللبناني على الانتقال من ثقافة الإفلات من العقاب إلى ثقافة المساءلة".

المزيد من العالم العربي